السوشيال ميديا.. هل تقودك إلى “تعفن الدماغ”؟
تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT
حمزة، طالب في الصف الأول الثانوي، وجد نفسه أسيرًا لمقاطع الفيديو القصيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يُعرف بـ”الريلز”. أخذته هذه الفيديوهات بعيدًا عن عالمه، وحرمته من خوض تجارب جديدة قد تفتح له آفاقًا أوسع.
يقول حمزة: “أشعر أحيانًا أنني أضيع ساعات طويلة على الإنترنت دون فائدة حقيقية، ولا أستطيع التركيز في دراستي بعد قضاء وقت طويل على السوشيال ميديا.
ورغم ذلك، لا أستطيع أن أمنع نفسي منها”.
يومًا بعد يوم، خلا جدول الشاب الصغير من أي عمل مثمر، حتى دراسته التي تتطلب ساعات من التركيز أصبحت عبئًا ثقيلًا، إذ تفرض عليه الابتعاد عن هاتفه، وهو الأمر الذي لم يعد قادرًا على تحمله.
حول هذا، أوضحت د. ريهام عبد الرحمن، الاستشارية التربوية والأسرية، في تصريح خاص لـ”بوابة روزاليوسف”، أن مشاهدة الأطفال والمراهقين لمقاطع الريلز بشكل مستمر قد تسبب تضاربًا في المشاعر بسبب تنوع المحتوى بين الجاد والهزلي والترفيهي.
وأضافت أن الإفراط في مشاهدة هذه المقاطع يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية، مثل ضعف العواطف، تراجع الذكاء العاطفي، وحدوث حالة من البلادة.
هذه الحالة، التي يُعاني منها حمزة، والتي أشارت د.ريهام إلى بعض أعراضها، وصفها خبراء جامعة أكسفورد بمصطلح”تعفن الدماغ”، الذي أصبح ظاهرة عالمية تستحق التوقف عندها .
“تعفن الدماغ” مصطلح العام
اختارت دار نشر جامعة أكسفورد مصطلح تعفن الدماغ، كـ”كلمة لعام 2024″. وذلكبعد أنلاحظ خبراء اللغة تزايد استخدام المصطلح بنسبة 230% مقارنة بالعام الماضي.كما حصل المصطلح على 37 ألف صوت من مجتمع الجامعة حول العالم.
ضبابية وخمول ذهني ..ماذا يعني “تعفن الدماغ”؟
“تعفن الدماغ” مصطلح يشير إلى التدهور العقلي أو الفكري الناتج عن الاستهلاك المفرط للمحتوى الرقمي التافه أو غير المفيد، عبر وسائل التواصل الاجتماعي. كما يُستخدم لوصف حالة الضبابية والخمول الذهني التي تصيب الأفراد نتيجة قضاء فترات طويلة في استهلاك محتوى سطحي أو سريع، الذي يفقدهم القدرة على التحليل والتفكير العميق.
وحسب جامعةأكسفورد، يعود أول استخدام مسجل لهذا المصطلح في عام 1854 في كتاب “والدن” للكاتب هنري ديفيد ثورو، حيث استخدمه لوصف التراجع الفكري الناتج عن قلة التحفيز العقلي. وفي العصر الرقمي، يشير المصطلح إلى الاستهلاك المفرط للمحتوى الرقمي التافه وتأثيره على القدرات العقلية.
وبالرغم من عدم وجود دليل علمي قاطع يثبت ما يسمى بـ “تعفن الدماغ”، بحسب عالم النفس وأستاذ جامعة أكسفورد، أندرو بىزيبيلسكي، إلا أن المصطلح يعكس المخاوف من تأثير الاستهلاك المفرط للمحتوى الرقمي غير المفيد على الصحة العقلية.
“تعفن الدماغ” أثار نفسية وسلوكية
تشدد د. ريهام عبد الرحمن، الاستشارية التربوية، على خطورة ظاهرة “تعفن الدماغ” ، مشيرة إلى ضرورة تحمل المسؤولية تجاه عقولنا وإعادة النظر في طريقة استخدامنا لمواقع التواصل الاجتماعي، بما يضمن تحقيق الفائدة منها.
وتوضح “عبد الرحمن”، أن متابعة الأطفال والمراهقين للمحتوى السطحي عبر مواقع التواصل بشكل مفرط يؤدي إلى تشتت الذهن، وصعوبة التركيز أثناء المذاكرة، وتجاهل المسؤوليات اليومية بسبب الانشغال الزائد بتلك المواقع.
وأضافت أن المحتوى التافه المنتشر على مواقع التواصل يؤثر سلبًا على الدماغ، مما يضعف قدرة الأفراد على التركيز والتحليل العميق.
ومن جانبها، أكدت د.شام مختار، استشاري الصحة النفسية، في تصريح لـ”بوابة روزاليوسف”، أن المحتويات السطحية على وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على وظائف الدماغ. وأوضحت أن التعرض المستمر لتلك المحتويات قد يؤدي إلى زيادة مشاعر القلق والتوتر، مما ينعكس بشكل مباشر على القدرة على التركيز والاحتفاظ بالمعلومات.
وأضافت “مختار”: “في العصر الرقمي، أصبحنا نواجه صعوبة في الانغماس في المهام اليومية نتيجة الانشغال المستمر بالمشتتات الرقمية، مثل الإشعارات والتطبيقات، وهو ما أدى إلى انخفاض ملحوظ في مستوى إنتاجيتنا”.
أعراض تعفن الدماغ
بينما يُعتبر “تعفن الدماغ” مصطلحًا غير طبي، إلا أن هنا مجموعة من التأثيرات السلبية الناتجة عن الاستهلاك المفرط للمحتويات التافهة على السوشيال ميديا، التي تؤثر على قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية، يقول المتخصصون إن هذه الأعراض تشمل:
التشتت العقلي: حيث يشعر الفرد بصعوبة في التركيز على المهام لفترات طويلة.
ضعف الذاكرة: حيث يؤدي التعرض المفروض للمحتويات التافهة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تدهور القدرة على تذكر المعلومات الأساسية.
الإرهاق الذهني: والشعور المستمر بالتعب والضيق بعد استهلاك محتوى رقمي لقترات طويلة.
العزلة الاجتماعية: فالأشخاص اللذين يفرطون في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، يعانون من تراجع في التفاعل الفعلي مع الأفراد والأحداث الاجتماعية.
تقلبات المزاج: فالتعرض المستمر لمواقع التواصل الاجتماعي، قد تزيد من التغيرات العاطفية المفاجئة غير المفسرة، التي تؤثر على الاستقرار النفسي.
تباطؤ في التفكير:حيث يجد الأشخاص صعوبة في التفكير بسرعة، أو تنظيم الأفكار والتعبير عنها بوضوح.
كيف نحمى أدمغتنا من التعفن الرقمي؟
ومن جانبها، قدمت د.شام مختار، مجموعة من الاستراتيجيات؛ للحد من تأثير المحتوى الرقمي، منها:
1. تحديد أوقات الاستخدام: وضع جدول زمني محدد لاستخدام الهواتف والتطبيقات يساعد في تقليل الاستخدام المفرض للأجهزة الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي.
2. إنشاء مناطق خالية من التكنولوجيا:تخصيص أماكن معينة في المنزل، مثل غرفة النوم أو مائدة الطعام، كمساحات خالية من الأجهزة الرقمية، يعزز التواصل الشخصي ويقلل التشتت.
3. أخذ فترات راحة رقمية: ويمكن تطبيق ذلك عن طريقة تقنية “البومودورو” للعمل المركز لمدة 25 دقيقة متبوعة بـ5 دقائق راحة،هذا يساعد في تقليل الإرهاق الرقمي وزيادة الإنتاجية.
4. استبدال الأنشطة الرقمية بأنشطة بديلة: تخصيص وقت لهوايات مثل القراءة، أو الرياضة، أو الأنشطة الفنية. أو تعلم مهارة جديدة. كما يمكن ممارسة التأمل أو اليوغا لتقليل التوتر وتقليص الاعتماد على الأجهزة الرقمية.
5. تعزيز التفاعل الاجتماعي الواقعي: كالانخراط في تفاعلات حقيقية مع الآخرين، والتفاعل خارج االإنترنت لتحفيز العقل على التفكير العميق.
تحذير خاص للأطفال والمراهقين
ومن جانبها، تحذر د. ريهام عبد الرحمن، من خطورة تعرّض الأطفال دون سن الثالثة لمحتويات مواقع التواصل الاجتماعي، موضحة أن استخدام هذه المنصات في هذا العمر قد يزيد من احتمالية الإصابة باضطراب طيف التوحد. وتشير إلى أن هذا الاضطراب يؤثر سلبًا على سلوكيات الطفل، مما يؤدي إلى صعوبات في التواصل الطبيعي مع الآخرين.
كما تنصح د. ريهام، بضرورة تشجيع الأطفال والمراهقين على ممارسة أنشطة مفيدة مثل القراءة، الكتابة، والرياضة، مع تقليل الوقت الذي يقضونه على الأجهزة الرقمية.
وتؤكد أهمية تنمية مهارات حل المشكلات لديهم من خلال إشراكهم في مواجهة التحديات الأسرية، وإتاحة الفرصة لهم لاقتراح حلول .
وتشير إلى أن هذه الممارسات تسهم في الحد من سطحية التفكير التي تنتج عن التعرض المحتويات التافهة على مواقع التواصلالاجتماعي.
وختامًا.. “تعفن الدماغ” ليس مجرد مصطلح، أو ظاهرة عابرة، بل ناقوس خطر يهدد مجتمعنا الرقمي الذي نعيشه اليوم. الأمر الذي يتطلب اتباع أسلوب حياة أكثر توازنًا،بعيدًا عن فخ الاستهلاك الرقمي المفرط.
التوازن بين الاستخدام الرقمي وممارسة الأنشطة المفيدة هو الحل لاستعادة التركيز والإنتاجية، وحماية العقول من التدهور الفكري.
داليا عبدالمعز – بوابة روز اليوسف
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: مواقع التواصل الاجتماعی الاستهلاک المفرط تعفن الدماغ عبد الرحمن یؤدی إلى
إقرأ أيضاً:
إنجاز عربي أردني جديد.. “فرصة” تفوز بجائزة المحتوى الرقمي العربي من الإسكوا لعام ٢٠٢٥
فازت منصة “فرصة” بجائزة الإسكوا للمحتوى الرقمي العربي للتنمية المستدامة 2024-2025، وذلك عن فئة المؤسسات، تقديراً لدورها الريادي في إنتاج محتوى رقمي عربي يعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالأخص الهدف الرابع “التعليم الجيد” والهدف الثامن “العمل اللائق ونمو الاقتصاد” مما يسهم في تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم للمستقبل الذي بدوره يُحدث أثراً إيجابياً في المجتمعات العربية.
ويأتي هذا التتويج في وقت يشهد فيه العالم العربي تحديات متسارعة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، مما يُبرز الحاجة الملحّة إلى حلول رقمية مبتكرة تسهم في تمكين الشباب من بناء قدراتهم وتطويرها وكسب المهارات التي يحتاجونها لتعزيز فرصهم في سوق العمل المستقبلي، وذلك بعيداً عن نخبوية التعليم وبغضّ النظر عن دراستهم ومكان إقامتهم أو ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية. وهذا ما بدأت المنصة العمل عليه في عام ٢٠١٢، ففي صميم عملها، تحمل “فرصة” رسالة بسيطة لكنها مهمة وقيّمة: الفرص حق للجميع. لذلك، تعمل المنصة كجسر يربط بين المؤسسات المقدّمة للفرص من جامعات مرموقة، مراكز تدريب، منظمات دولية، وشركات خاصة وبين الشباب الطموح الباحث عن تطوير مهاراته وعن الفرص التي تمكنه تحقيق ذاته والمنافسة في سوق العمل العالمي.
ولتحقيق ذلك، تقدم المنصة مجموعة من الخدمات المتكاملة تشمل نشر فرص أسبوعية متنوعة باللغتين العربية والإنجليزية في مجالات مثل المنح الدراسية، الزمالات، التدريبات، فرص العمل، التطوع، والمسابقات. كما توفر مدونة “تعلّم” التي تضم مقالات باللغة العربية تسهم في زيادة وعي الشباب، وتساعدهم على التقديم للفرص وتطوير مهاراتهم الشخصية والمهنية. وتقدم “فرصة” أيضًا دورات تدريبية رقمية تغطي مهارات أساسية وتمنح شهادات مجانية للمشاركين.
بالإضافة إلى ذلك، توفر المنصة دليل التخصصات ودليل الوظائف لمساعدة الشباب على اختيار تخصصاتهم الجامعية ومساراتهم المهنية بوعي ومعرفة.
مقالات ذات صلة إشارة من الفضاء.. علماء يرصدون أول دليل قوي على وجود حياة خارج الأرض! 2025/04/17كما تقدم اختبار تحليل الشخصية والمهارات وتحديد التخصص الجامعي والذي يدعم الطلبة في اكتشاف ما يناسبهم أكاديميًا ومهنيًا. وأخيرًا جلسات استشارات فردية مع خبراء مختصصين، لدعم المستخدمين في اختيار التخصصات المناسبة لهم ومساعدتهم في دخول سوق العمل.
ولإيمان منصة فرصة بأن الفرص متاحة، لكنك تحتاج لمن يرشدك إليها، فقد تم تصميم وتطوير الموقع الإلكتروني والتطبيق لمنصة “فرصة” ليكون مرجعية شاملة وموثوقة للشباب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. مع تطور احتياجات المستخدمين، قام فريق “فرصة” بتحديث الموقع ليواكب أحدث تقنيات واجهات المستخدم (UI/UX)، مما يتيح تجربة تصفح سلسة وسريعة على جميع الأجهزة. وقام بتوظيف الذكاء الاصطناعي لتوفير اختبارات وتقييم أكثر دقة ولزيادة عدد الفرص وتنوعها وتوفير فرص أكثر ملائمة للمستخدم.
ما يميّز “فرصة” أنها خلال السنوات الماضية نشرت عشرات الآلاف من الفرص التعليمية، والتدريبية، والمهنية، مواكبةً بذلك تطورات العصر واحتياجات الشباب المتغيرة. وبحسب إحصائيات موثوقة من مؤسسات بحثية، فقد تمكن آلاف الشابات والشبان من الوصول إلى فرص غيّرت مسار حياتهم. بعضهم حصل على منح دراسية مرموقة، وآخرون انضموا إلى برامج تدريب وتأهيل مهني فتحت أمامهم أبواب سوق العمل، ليصبحوا أكثر تنافسية وقدرة على صناعة مستقبلهم بأنفسهم. هذه النتائج ليست أرقامًا فحسب، بل قصص نجاح حقيقية تؤكد الأثر الفعلي لـ”فرصة” في تمكين الشباب وبناء مساراتهم بثقة واستقلالية.
وفي تعليق على هذا الإنجاز، قال د.سامي الحوراني المؤسس لمنصة “فرصة”:
“يشرفنا هذا التكريم بعد 13 عامًا من العمل المستمر على تطوير محتوى رقمي عالي الجودة يهدف إلى تمكين الشباب العربي وزيادة قدراتهم التنافسية على الصعيدين المحلي والعالمي. فمع معدلات بطالة تتجاوز 40% في بعض مناطق العالم العربي، نحن نؤمن أن بناء القدرات وصقل المهارات المستقبلية وتوفير الفرص هو الطريق لدخول سوق العمل وزيادة تنافسية الشباب العربي في سوق الكفاءات العالمي. لدينا اليوم أكثر من 5 ملايين مستخدم، ونؤمن دائماً أن الفرصة هي الأمل وبداية تحقيق الطموح”.