سواليف:
2025-04-17@17:51:33 GMT

الحياة المكثّفة أسلوب حياة متكامل

تاريخ النشر: 19th, December 2024 GMT

الحياة المكثّفة أسلوب حياة متكامل
د #امل_نصير
مذ كتب الفيلسوف الفرنسي تريستان غارسيا كتابه: الحياة المكثّفة، هوس الإنسان الحديث
وكثير منا ينظر عميقا في أسلوب حياته في السنوات الأخيرة كيف يعيشها، وكيف تمضي.
تُشير الحياة المكثفة إلى أسلوب حياة يتميز بالتركيز على استغلال كل لحظة؛ لتحقيق أقصى استفادة من التجارب اليومية، ويُستخدم هذا المفهوم لوصف حياة أشخاص يسعون باستمرار إلى تطوير أنفسهم، وتوسيع مداركهم، واستكشاف جوانب جديدة من الحياة.

ومع أن عددا من الأفراد قد يربطون هذا الأسلوب بالعيش المتسارع أو المشتت، إلا أن الحقيقة مختلفة تمامًا؛ فالحياة المكثفة تدور حول العيش بوعي عميق، واستغلال الوقت بفعالية؛ لتحقيق التوازن المثالي بين العمل، والعلاقات، والتطور الشخصي، والراحة.
يعدّ النمو الشخصي المستمر من اهم عناصرالحياة المكثفة،فهي تعتمد على تطوير الذات بشكل دائم، والأفراد الذين يتبعون هذا النمط من الحياة يسعون لتحسين مهاراتهم، واكتساب معارف جديدة باستمرار، سواء بواسطة التعليم الرسمي، أو المشاركة في الدورات التدريبية، أو القراءة، أو حتى من خلال التعلم من التجارب اليومية.
ومن عناصر الحياة المكثفة استكشاف العالم، وهذا لا يعني استكشافه بواسطة السفر فحسب، بل يشمل ايضا استكشاف الأفكار الجديدة، والثقافات المختلفة، وحتى استكشاف أعماق الذات، وهذا النوع من الحياة يتطلب فضولًا دائمًا، واستعدادًا للخروج من منطقة الراحة.
ومن عناصرها ايضا: التواصل العميق مع الآخرين، ففي الحياة المكثفة، تُعتبر العلاقات جانبًا محوريًا، والهدف لا يقتصر على التفاعل الاجتماعي السطحي، بل يشمل بناء علاقات قوية، وذات معنى مع أفراد الأسرة، والأصدقاء، وزملاء العمل.
التركيز على الصحة البدنية والعقلية هو أيضا من عناصر الحياة المكثفة؛ لذا يولي من يعيشون حياة مكثفة اهتمامًا خاصًا بصحتهم البدنية والعقلية، ويشمل ذلك ممارسة الرياضة، وتناول الغذاء الصحي، واعتماد تقنيات التأمل واليقظة؛ لتحقيق التوازن الداخلي.
اما تحقيق الرضا بين الاستمتاع والمسؤولية، فهو احد ركائز هذا الأسلوب من العيش، مثل تحقيق التوازن بين العمل والاستمتاع. فالوقت المخصص للعمل يجب أن يكون منتجًا وموجّهًا نحو تحقيق الأهداف، بينما يُخصص وقت آخر للراحة والاستمتاع بالحياة.
للحياة المكثفة فوائد جمة منها: الإحساس بالإنجاز، فهي تمنح الأشخاص الذين يعيشون بهذا الأسلوب شعورا بأنهم يحققون أهدافهم، ويعيشون حياة مليئة بالمعنى، كما تمنحهم زيادة بالسعادة والرضا، فالتركيز على العلاقات العميقة، والنمو الشخصي، والاستمتاع باللحظات الصغيرة يساهم في رفع مستوى السعادة والرضا.
كذلك يُمنح من يمارس هذا النوع من الحياة فرصة لتحسين صحته العامة، فالاهتمام بالصحة البدنية والعقلية يُحسّن من جودة الحياة، ويُقلّل من فرص الإصابة بالأمراض المزمنة.
لكن لا تخلو الحياة المكثفة من تحديات، فرغم المزايا العديدة لها قد تواجه تحديات مثل الإرهاق أو التوتر الناتج عن محاولة تحقيق أهداف متعددة في وقت قصير؛ لذلك، من الضروري وضع أولويات واضحة، وتخصيص وقت كافٍ للراحة لتجنب الضغط الزائد.
ان الحياة المكثفة هي أسلوب حياة يُركز فيها من يختاره على تحقيق التوازن بين الالتزامات الشخصية والمهنية مع الاستمتاع بكل لحظة، وتعتمد على العيش بوعي كامل، والنمو المستمر، وبناء علاقات ذات مغزى، إنها رحلة لاستكشاف الذات، وتحقيق التوازن بين العمل والمتعة، وهي دعوة لكل شخص لإعادة التفكير في كيفية استغلال وقته وطاقته ليعيش حياة مليئة بالإشباع والمعنى.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تحقیق التوازن أسلوب حیاة من الحیاة حیاة ی

إقرأ أيضاً:

الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء: الإسلام يقدِّم نموذجًا متكاملًا للتضامن الاجتماعي

أكد الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أن التراحم والتضامن الاجتماعي في الإسلام ليسا مجرد فضيلتين عابرتين، وإنما هما ركيزتان أساسيتان في المنظومة الأخلاقية والاجتماعية التي جاء بها الإسلام لبناء مجتمعات متماسكة قادرة على مواجهة تحديات العصر، مشددًا على ضرورة استدعاء هذه القيم في زمن يعاني فيه العالم من مشكلات الفقر والعنف والتفكك المجتمعي والصراعات المتعددة.

جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر الدولي "المواطنة والهُويَّة وقيم العيش المشترك"، الذي تستضيفه العاصمة الإماراتية أبو ظبي بمشاركة نخبة من العلماء والمفكرين وقادة المؤسسات الدينية من مختلف دول العالم.

وأوضح الدكتور نجم أن الإسلام قدَّم تصورًا متكاملًا للتراحم والتضامن لا يقتصر على الجانب العاطفي أو المادي فحسب، بل يرتبط بالأخلاق والإيمان والعمل الاجتماعي المؤسسي، مضيفًا أن مفهوم التراحم ينبثق من الجذر اللغوي "رحم" الذي يدل على الرقة والعطف والشفقة، ويتجاوز في معناه الإسلامي حدود الشعور إلى فعل إنساني فعَّال يخفف معاناة الآخرين ويعزز الألفة والمودة.

وأشار إلى أن الحديث النبوي الشريف: «مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى»، يُجسِّد هذه المعاني العميقة، ويؤكد أن التضامن والتكافل مسؤولية جماعية ملزمة، وليس مجرد إحسان فردي أو طوعي.

وبيَّن الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم أن السيرة النبوية الشريفة تمثل نموذجًا تطبيقيًّا حيًّا لهذه القيم، لافتًا النظر إلى تجربة "المؤاخاة" بين المهاجرين والأنصار، وموقف الصحابي سعد بن الربيع مع عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وغيرها من المواقف النبوية التي أرست معاني الرحمة والإنصاف والمؤازرة.

وأكد الدكتور نجم أن هذه القيم ليست حكرًا على التاريخ، بل ينبغي تجديد الحديث عنها وتفعيلها في مجتمعاتنا المعاصرة، مشيرًا إلى أن مؤسسة الوقف في الحضارة الإسلامية، مثل الأزهر الشريف، تُعدُّ نموذجًا رائدًا للتضامن الاجتماعي المستدام، يسهم في تمكين المحتاجين، وتعزيز التعليم، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأوضح أن العالم اليوم أحوج ما يكون إلى إعادة إحياء هذه القيم الإسلامية الأصيلة، في مواجهة الأزمات المعاصرة والتحديات الأخلاقية والاجتماعية، داعيًا إلى تعزيز الخطاب الديني والفقهي الذي يربط بين الإيمان والعمل الإنساني، ويجعل من التراحم والتضامن أدوات فاعلة في بناء السلم المجتمعي والوحدة الإنسانية.

كما أكد د. نجم أهمية تعزيز قيم التراحم والتضامن الاجتماعي في المجتمعات الإسلامية في مواجهة التحديات المعاصرة. وأكد أن المجتمعات الإسلامية قد أثبتت قدرتها على تحويل هذه القيم إلى واقع ملموس، مما ساهم في تحسين ظروف الفئات المحتاجة والمهمشة.

وأشار إلى أن المؤسسات الدينية الكبرى مثل الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية تلعب دورًا محوريًّا في نشر وتعزيز هذه القيم، مشيرًا إلى أن الأزهر يعمل من خلال الفتاوى، والتوجيهات الشرعية، والتعليم، والمبادرات الخيرية لتحقيق التكافل الاجتماعي. كما أضاف أن دار الإفتاء المصرية تساهم بشكل كبير في تعزيز الوعي المجتمعي من خلال الفتاوى المتخصصة، حملات التوعية، ومواجهة الفكر المتطرف، مما يعزز من التراحم والتضامن في المجتمع.

ولفت د. نجم إلى أن الابتكار في استراتيجيات التعليم والإعلام يعد جزءًا أساسيًّا في تعزيز هذه القيم في العصر الحديث، مؤكدًا أهمية استخدام وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي لنشر ثقافة التضامن بين الأجيال الجديدة. كما أكد أهمية الدور الكبير للتعليم التفاعلي والمسابقات التعليمية التي تشجع الشباب على المشاركة الفاعلة في مبادرات اجتماعية تهدف إلى معالجة قضايا المجتمع مثل الفقر والإقصاء الاجتماعي.

 ذكر د. نجم أن من أبرز التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ضعف الوعي الاجتماعي، وضعف الكفاءات الإدارية في المؤسسات الخيرية، بالإضافة إلى التحديات التي تطرأ من استغلال العمل التضامني لأغراض سياسية أو فكرية.

وشدد على ضرورة تطوير استراتيجيات واضحة لمواجهة هذه التحديات، من خلال تعزيز الوعي المجتمعي، تقوية المؤسسات الاجتماعية، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة بشكل فعال لضمان استدامة التراحم والتضامن في المجتمعات الإسلامية.

كما أكد د. إبراهيم نجم أن تعزيز قيم التراحم والتضامن المجتمعي يتطلب تقديم رؤية إسلامية واضحة ومتكاملة تتجاوز التحديات الحالية. وقال: "من الضروري أن نعيد التفكير في مناهج التعليم الديني والاجتماعي. يجب على المؤسسات التعليمية أن تعتمد منهجًا تربويًّا متطورًا يزرع قيم التراحم والتضامن في وجدان الطلاب منذ المراحل الأولى."

وأضاف: "الأنظمة التشريعية في الدول الإسلامية بحاجة إلى مراجعة لتسهيل عمل المؤسسات الاجتماعية وتوفير إطار قانوني يُحفِّز المشاركة الفعّالة في الأعمال التضامنية، مثل جمع وتوزيع الزكاة والصدقات، وتنظيم عمل الأوقاف."

وأشار إلى أهمية تأسيس مراكز ومؤسسات متخصصة في تعزيز هذه القيم، قائلًا: "المجتمعات الإسلامية بحاجة إلى مراكز اجتماعية تساهم في تطوير استراتيجيات مبتكرة، وتقدم التدريب اللازم للمؤسسات والكوادر التي تعمل في هذا المجال."

وأوضح أيضًا أن تعزيز الشراكات الاجتماعية بين مختلف القطاعات يعد أمرًا ضروريًّا لتحقيق التكامل، وقال: "بناء شراكات استراتيجية بين القطاع الحكومي والخاص والمجتمع المدني يعزز من فاعلية المبادرات ويضمن استدامتها."

وفيما يخص استخدام التكنولوجيا، أضاف د. نجم: "من المهم الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة لبناء منصات رقمية تساهم في تعزيز قيم التضامن الاجتماعي، وتحسين الشفافية والكفاءة في إدارة الموارد."

كما شدد على ضرورة تمكين الشباب في قيادة العمل التضامني، قائلًا: "الشباب هم عماد المستقبل، ومن خلال توفير برامج تدريبية وتحفيزهم إلى الابتكار في المشاريع التضامنية، يمكننا ضمان مستقبل أكثر تماسكًا وتضامنًا."

في ختام تصريحاته، أشار الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم إلى أن هذه الرؤية المستقبلية تهدُف إلى بناء مجتمع إسلامي قوي ومتضامن، قادر على مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل، مشددًا على ضرورة إحياء جوهر القيم الإسلامية من الرحمة والتكافل والتضامن.

مقالات مشابهة

  • برلماني: قانون العمل الجديد نقلة نوعية لحفظ التوازن بين الطرفين
  • الرئيس السيسى يؤكد دعم مصر الكامل لجهود البرلمان العربى فى تحقيق أهدافه
  • الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء: الإسلام يقدِّم نموذجًا متكاملًا للتضامن الاجتماعي
  • ما دلائل معاودة شن الطائرات الأمريكية غارتها المكثفة على كمران اليمنية
  • حازم المنوفي: قانون العمل الجديد خطوة نحو التوازن والاستقرار في السوق
  • انطلاق الدورة التدريبية المكثفة لمفتشي مديرية أوقاف القاهرة
  • المواد الغذائية بالإسكندرية: قانون العمل الجديد خطوة نحو التوازن والاستقرار في السوق
  • أبطال وصنّاع الفيلم يتحدثون عن تجربتهم: «استنساخ» يتناول تأثير الذكاء الاصطناعى على حياة البشر
  • النواب يستقبل أعضاء هيئة التدريس وطلاب من كلية الإدارة والمعاملات الدولية بجامعة الحياة
  • "إم سكويرد" تطلق أحدث مشروعاتها "MIST" بشرق القاهرة.. مجتمع متكامل يعزز مفاهيم الحياة المستدامة والرفاهية