الإتيكيت.. مفتاح العلاقات المتينة والأعمال الناجحة
تاريخ النشر: 13th, December 2024 GMT
إن الانطباع الأول الذي نتركه لدى الآخرين يتشكل من خلال مظهرنا الخارجي، وكيفية استقبالنا لهم، وحديثنا معهم واختيار الكلمات التي تتناسب مع مقام كل فرد في المجتمع، والإتيكيت كما يوضح الدكتور يوسف الحسني خبير الإتيكيت والبروتوكول الدولي بأن الإتيكيت هو السلوك الراقي الذي يضمن علاقات أفضل في الحياة الاجتماعية والعملية، وبالتحديد في الحياة العملية، حيث يصبح الأمر ملزما للجميع لما فيه المصلحة العامة للأفراد والمنظمات، مضيفًا أن أهمية الإتيكيت في الحياة اليومية والأخلاق الحميدة هي ضرورة واجبة وليست رفاهية.
الإتيكيت في بيئة العمل
الإتيكيت لا يقتصر على الحياة اليومية فحسب، بل يمتد أهميته ليشمل بيئة العمل أيضًا، وفي هذا السياق، تحدث د. يوسف عن أهمية الإتيكيت في العمل، حيث أكد أن بيئة العمل تشكل مجموعة من القواعد والأعراف الاجتماعية التي تحكم سلوك الأفراد وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض، وهذه القواعد تؤثر بشكل كبير على جو العمل، وكذلك على الإنتاجية والعلاقات بين الزملاء. وأضاف أن التعامل الراقي في بيئة العمل يعد بمثابة الوقود المحفز للاستمرارية والإبداع، وذلك لأن البشر يتأثرون بمشاعرهم ونفسياتهم التي ترتبط بالسيكولوجية الأخلاقية.
على سبيل المثال، من أصول إتيكيت التعامل في بيئة العمل أنه من الأفضل للموظف أن يتجنب إلغاء الآخرين أو محاولة جذب الأنظار من قبل المسؤولين بهدف الهيمنة على القسم، حيث إن هذا التصرف يمكن أن يخلق نوعًا من الاستفزاز والغيرة المهنية، مما يؤدي إلى تصادمات وشحناء بين الزملاء. بدلًا من ذلك، يُفضّل أن يُظهر الموظف احترامًا لزملائه من خلال الاستماع إليهم والتعلم منهم بكل ذوق وأدب، مع التأكيد على أنهم جزء من المنظومة التي تساهم في النجاح الجماعي، وليسوا ضدًا له، كما أن إطلاق الأحكام المسبقة على الزملاء أو المديرين بناءً على آراء غير دقيقة هو أمر غير مقبول، كما ينبغي العمل بروح النية الحسنة، والتحقق من صفات الأشخاص الذين نتعامل معهم بأنفسنا.
من الجوانب المهمة الأخرى لإتيكيت العمل هو احترام الخصوصية بين الجنسين، خصوصًا في الثقافات العربية والإسلامية، حيث توجد حدود معينة للمسافات بين الأفراد أثناء الحديث، ويُفضل عدم التطرق إلى مواضيع تتجاوز حدود الزمالة، مثل جمال الملابس أو العطور؛ لأنها تُعتبر مسائل شخصية، أما ما يمكن التطرق إليه في بيئة العمل فهو الإبداع في الأداء المهني والنجاح في المهام.
إضافة إلى ذلك، تُعد اللباقة في الحديث والاستماع الفعّال من أهم قواعد التعامل بين الزملاء، وكذلك الالتزام بالمواعيد والاجتماعات، وإنجاز المهام الوظيفية المطلوبة في الوقت المحدد. وأخيرًا، يجب تقدير العمل الجماعي والاعتذار عند حدوث خطأ، مما يساهم في خلق بيئة عمل صحية ومثمرة.
الإيجابيات
من إيجابيات تطبيق الإتيكيت في بيئة العمل أنه يسهم بشكل كبير في بناء علاقات قوية وطيبة بين الزملاء، حيث يشعر الموظفون بأنهم محترمون ومقدرون من قبل زملائهم ومسؤوليهم، وهذا الشعور يعزز التعاون والعمل الجماعي بشكل أفضل، ويحفز الجميع على التفاعل الإيجابي، كما يساهم الإتيكيت في تعزيز التواصل الفعّال بين الموظفين، حيث يتم الحديث بينهم بأسلوب مهذب ولائق، مما يقلل من الصراعات والشحناء ويخلق بيئة عمل أكثر هدوءًا وانسجامًا.
بالإضافة إلى ذلك، يسهم الإتيكيت في زيادة الإنتاجية، حيث يشعر الموظف بالراحة والأمان في بيئة عمله، مما ينعكس إيجابيًا على أدائه، وتعتبر المؤسسة التي تعتمد على أساليب الإتيكيت نموذجًا يحتذى به؛ إذ تنقل صورة حسنة وسمعة طيبة عنها، مما يعزز ثقة الموظفين والمستفيدين على حد سواء، ومن الطبيعي أن يتحدث الأفراد عن تجاربهم في التعامل مع المؤسسات، وبالتالي تتشكل الصورة الذهنية عن المؤسسة في أوساط المجتمع بناءً على أسلوبها في التعامل مع موظفيها وشركائها.
تأثير التكنولوجيا
حول سؤال كيف أثرت التكنولوجيا على الإتيكيت المهني والتواصل المباشر بين الموظفين، قال: "أصبحت التكنولوجيا جزءًا أساسيًا في هذا المجال، وقد أثرت بشكل كبير على الإتيكيت المهني من حيث تغيير أساليب الإتيكيت التقليدية، ومن المؤكد أن الإنترنت له ضوابطه الخاصة في مجال الإتيكيت، حيث بدأت مدارس "نت إتيكيت" في عام 1996 بتأسيس قواعد ذوقية على الإنترنت، بدءًا من مراسلات البريد الإلكتروني وكيفية التعامل معها بلطف واحترام، ومن ثم تطورت هذه المدارس لتشمل اختيار الأسماء في الحسابات الإلكترونية الرسمية والشخصية، بالإضافة إلى تحديد مستوى الطرح في شبكات التواصل الاجتماعي والصور والفيديوهات المستخدمة، مما جعل العالم بمثابة برلمان مفتوح للجميع، وهنا تكمن أهمية الإتيكيت في كيفية تعامل المرسل والمستقبل مع المعلومات، وطريقة نقلها بشكل لائق، وبالتالي، يمكننا القول أن التكنولوجيا تؤثر تأثيرًا مباشرًا على الإتيكيت، حيث أصبح من الضروري اتباع قواعد ذوقية للتفاعل في هذا الفضاء الرقمي".
غرس الإتيكيت في الأبناء
حول الطريقة الصحيحة لتعليم الأبناء فن الإتيكيت وأساليبه في التعاملات الاجتماعية، أوضح الدكتور أن غرس القيم والأخلاق يبدأ من المنزل والعائلة أولًا، ففي بعض الدول، يتم تعليم الأبناء منذ سن الرابعة بكيفية مناداة الأهل بلقب مثل "عمي" أو "خالي" أو "جدي"، ومن ثم يبدأ تعليمهم آداب الطعام، لتليها المدرسة والإعلام والأصدقاء والمجتمع في نشر ثقافة الأخلاق الحميدة، فعندما يمارس المعلم في المدرسة الإتيكيت في تعامله مع الطلاب، فإنه يزرع في نفوسهم قيمة المحاكاة والاقتداء، كما أن للإعلام بأنواعه دورًا مهمًا في غرس قيم الإتيكيت من خلال تسليط الضوء على أهمية السلوك الحسن، واستعراض نماذج تمثل هذه القيم.
وأضاف الحسني أن العمانيين يتميزون بالسمت والذوق الرفيع، والهدوء، والتسامح، وهو ما يعكس الطبيعة الراقية التي يتحلون بها، ومع ذلك، يجب وضع ضوابط وثقافة عامة تضمن الالتزام بتلك الذوقيات ومواصلة العمل بها؛ لأن الحفاظ على الصدارة في أي مجال يتطلب تعزيز هذه الثقافة والإصرار عليها، وجعلها عدوى إيجابية في بيئة العمل.
التحديات
تواجه أساليب الإتيكيت في الوقت الراهن بعض التحديات، ومن أبرزها كما أشار الحسني، الانفتاح على العالم بشكل قد يكون خاطئًا، سواء عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو من خلال السفر إلى الخارج. فيعتقد البعض أن التمسك بالهوية والأخلاق هو نوع من التخلف، بينما الحقيقة أن الانفتاح على العالم يجب أن يتم مع الحفاظ على نشر الأخلاق الإنسانية، فالأخلاق هي ركيزة مشتركة بين جميع البشر، بغض النظر عن دياناتهم أو أعراقهم.
ومن هنا تأتي أهمية التوعية بضرورة الحفاظ على قيم الإتيكيت والأخلاق في جميع المواقف. يجب على الأفراد أن يدركوا أن الانفتاح على الثقافات الأخرى لا يعني التخلي عن قيمهم الإنسانية، بل يمكن دمجها بأسلوب يعزز الاحترام المتبادل والتفاهم. إن الحرص على تطبيق أسس الإتيكيت في التعاملات اليومية يعكس صورة إيجابية ويعزز العلاقات الإنسانية السليمة، ويؤكد على أن الاحترام المتبادل هو اللغة العالمية التي يفهمها الجميع.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی بیئة العمل الإتیکیت فی فی التعامل من خلال
إقرأ أيضاً:
المشاط: تكليفات رئاسية بتعزيز وخلق بيئة عمل ملائمة للمرأة في المؤسسات الحكومية
إلتقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ المستشارة أمل عمار، رئيسة المجلس القومي للمرأة، وذلك لبحث جهود تمكين المرأة المصرية.
وفي بداية اللقاء؛ توجهت الدكتورة رانيا المشاط بالتهنئة إلى المستشارة أمل عمار على توليها منصب رئيسة المجلس القومي للمرأة، مؤكدة أن قضية تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا تعد نقطة أساسية في كل محاور وبرامج رؤية الدولة المصرية، وذلك وفقًا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتنفيذًا لأهداف الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030.
وأشارت "المشاط" إلى دعم الدولة للسيدات من خلال كل المبادرات، ومنها مبادرة "حياة كريمة" ودورها في تحسين الأحوال المعيشية للمرأة في الريف، من خلال ما توفره المبادرة من خدمات التعليم والصحة والصرف الصحي والسكن اللائق وفرص العمل وغيرها من المجالات.
ولفتت إلى أن المشروع يعد الأكثر إنسانية على مستوى العالم، حيث يستهدف خفض الفقر متعدد الأبعاد، ومعالجة الفجوات التنموية بين المحافظات، حيث تستحوذ محافظات الصعيد على 68% من مخصصات المرحلة الأولى بعدد مستفيدين يشكلون 61% من جملة المستفيدين من المرحلة الأولى، ويُحقق المشروع كافة أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، كما أن نسبة الاستثمارات الموجهة لبناء الإنسان تتجاوز 70% من مُخصصات المرحلة الأولى.
وأوضحت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، أنه يتم من خلال المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية تعزيز جهود تحسين وضع المرأة والارتقاء بجودة حياة الأسرة المصرية من خلال محاوره الشاملة، وذلك بهدف تمكين المرأة اقتصاديًا من خلال توفير الخدمات المالية وغير المالية لمشروعات المرأة، وبرامج التدريب من أجل التشغيل.
وأشارت إلى أن دمج وزارتي التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ساهم في تعزيز الجهود المبذولة لتنفيذ هذا المشروع على المستوى الوطني بالتكامل مع الشراكات التنموية القائمة على المستوى الدولي الثنائي ومتعدِّد الأطراف، والتي تَصُب جميعها في سبيل مواصلة تنفيذ المشروع على النحو الأمثل والحفاظ على المكتسبات التي تحققت من إدارته في الأعوام الثلاثة الماضية، حيث رصدت الوزارة نحو 2 مليار جنيه لتنفيذ المشروع بالتعاون مع جهات التنفيذ وشركاء النجاح في هذا المشروع؛ وفي مقدمتهم وزارة الصحة والسكان ووزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للمرأة، وبناءً على الجهود المبذولة في تنفيذ ومتابعة المشروع بمحاوره المختلفة، فقد حقق المشروع عددًا من النجاحات وأوجه التقدم في مستهدفاته خصوصًا فيما يتعلق بضبط معدلات النمو السكاني، والتمكين الاقتصادي للمرأة.
وتابعت الدكتورة رانيا المشاط، أن مبادرات مواجهة التغيرات المناخية لم تغفل دور المرأة، مشيرةً إلى تخصيص فئة للمشروعات التنموية المتعلقة بالمرأة بالمبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية، كما تم تخصيص فئة بجائزة التميز الحكومي تحت مسمى تكافؤ الفرص وتمكين المرأة، وذلك تنفيذًا لتكليفات رئيس الجمهورية، والتي تهدف إلى تعزيز وخلق بيئة عمل ملائمة للمرأة في المؤسسات الحكومية.
كما أكدت "المشاط"، أن تمكين المرأة يعد محور رئيسيًا من محاور التعاون مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، حيث يتم تنفيذ العديد من البرامج التي تحقق أهداف تمكين المرأة بشكل مباشر، بالإضافة إلى إدراجه كهدف فرعي في العديد من المشروعات في مجالات التنمية المختلفة مثل المياه والتنمية الزراعية والريفية وغيرها، حيث يتم تنفيذ العديد من الشراكات في هذا الصدد من بينها برنامج التمكي الاقتصادي والاجتماعي للمرأة مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومحفز سد الفجوة بين الجنسين، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي.
من جانبها؛ ثمنت المستشارة أمل عمار، جهود وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في ملف تمكين المرأة، مشيرة إلى تعاون المجلس مع الوزارة في عددٍ من البرامج الناجحة لتمكين المرأة المصرية في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحة أن المجلس يواصل جهوده الحثيثة لتحقيق تقدم فعلي في ملف تمكين المرأة بمحاورها.
وأكدت المستشارة "أمل عمار" على أن المرأة تعيش الآن عصرها الذهبي في ظل وجود قيادة سياسية داعمة ومؤمنة بأهمية تمكين المرأة، وفي ضوء استكمال الدولة لجهودها في تعزيز المساواة وحقوق المواطنة فى ظل الجمهورية الجديدة، حيث حظيت المرأة المصرية بمكتسبات فريدة وغير مسبوقة خلال السنوات الماضية، علاوة على حرص الدولة المصرية على إطلاق الاستراتيجيات والمبادرات والبرامج المجتمعية الداعمة للمرأة، مما يسهم في بناء قدراتها وتمكينها فى جميع المجالات، وإدماجها كعنصر فاعل ورائد في خطط التنمية المستدامة، فضلاً عن الحفاظ على تلك المكتسبات من خلال وضع إطار تشريعي ومؤسسي داعم لحقوقها، مع الحرص على الارتقاء بدورها في شتى المجالات.
كما لفتت رئيسة المجلس القومي للمرأة إلى برنامج "تمكين" الذي تم إطلاقه من قبل المجلس القومي للمرأة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والوكالة الإيطالية للتعاون من أجل التنمية والوكالة الإسبانية للتعاون والتنمية بالشراكة مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي والذي يهدف إلى تعزيز القدرات المؤسسية والفردية للنساء والفتيات، ورفع الوعي حول القضايا المتعلقة بتمكين المرأة وخدمات الحماية التي تقدمها الدولة، مشيرة كذلك إلى مبادرات الشمول المالي وميكنة الخدمات والتحول الرقمي والبرامج التدريبية المختلفة لبناء القدرات.
وأكدت "عمار" تقديرها لاستمرار وجود مكون خاص بتمكين المرأة والفتاة في استراتيجية الشراكة مع الأمم المتحدة 2023-2027 ، واكدت على أهمية دعم الاستراتيجيات والخطط الوطنية الخاصة بتمكين المرأة والفتاة وخاصة التمكين الاقتصادي للمرأة وأهمية التركيز عليه خلال الفترة المقبلة بجانب ملف تأثيرات التغير المناخي مما يسهم في دعم التنمية المستدامة وزيادة مساهمة المراة في دعم الاقتصاد المصري.
كما تطرقت المستشارة أمل عمار أيضًا الي أهمية العمل على مؤشرات الدولة الخاصة بالمرأة لتعكس التطورات الخاصة بتمكين المرأة على الأرض؛ معربةً عن اهتمامها بالتعاون مع كافة الوزارات من أجل المزيد من تمكين المرأة في كافة المجالات خلال الفترة القادمة.
وتطرق الجانبان إلى مناقشة تطورات تنفيذ "محفز سد الفجوة بين الجنسين"، الذي أطلقته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والمجلس القومي للمرأة، بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، والقطاع الخاص، بهدف خلق نموذج للشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، والجهات الدولية، والمجتمع المدني والأكاديمي، من أجل تعزيز جهود الدولة في مجال تمكين المرأة اقتصاد وتم مناقشة كيفية تعزيز البرنامج خلال الفترة القادمة وضم المزيد من الشركات للبرنامج ووضع محفزات للشركات للانضمام للمحفز، بالإضافة إلي تدريج البرنامج بإعطاء الشركات درجات مختلفة من الأقل فالأعلى حسب استخدام تلك الشركات لدرجات أعلي من سياسات تخدم تمكين وتنمية المرأة.