الإفتاء: رعايـة الأطفــال في أول حيــاتهم تخــرجهم أســوياء بدون عقــد نفــسية
تاريخ النشر: 12th, December 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، أن حفظ النسل ورعايته والاهتمام به في التربية والنشأة خاصة في مرحلة التكوين هي أحد منطلقات تحقيق الأمن الفكري للفرد والمجتمع.
وتابعت الإفتاء أن رعايـة الأطفــال في أول حيــاتهم تخــرجهم أســوياء النفــوس لا يعــانون مــن عقــد نفــسية وأمــراض اجتماعيــة، وهــو في الأســاس مرتكــز تحقيــق الأمــن الفكــري، ومن ثم يتحقــق الأمــن المجتمعي؛ فأطفال اليوم شباب الغد، ورجال المستقبل الذين تُقام بهم الدول.
حقوق الطفل في الإسلام
للطفل في الإسلام حقوق يجب على الآباء مراعاتها، بعضها واجب وبعضها مستحب. ويجب أن يُعطى هذه الحقوق لتحقيق ما افترضه الله على الوالدين، وكذلك لضمان أن يكون الولد صالحًا، كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «حق الولد على والده أن يحسن اسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إن أدرك» (أبو نعيم في "الحلية").
اختيار الزوجة:من أهم الحقوق التي يجب على الوالدين مراعاتها عند تربية الطفل هو اختيار الزوجة الصالحة، لأنها تؤثر بشكل كبير على تربية الأبناء. فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ» (رواه البخاري).
حفظ الطفل من الشيطان:من حقوق الطفل أن يُحفظ من الشيطان، ويستحب أن يقول الزوج عند المعاشرة: "بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا"، كما ورد في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
حق الطفل في النسب:يجب على الأهل عدم حرمان الطفل من نسبه الصحيح. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في "صحيح البخاري" أن رجلًا شك في نسب ابنه بسبب لون بشرته، فردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذا قد يكون نتيجة لاختلاف في الأصول الوراثية، مؤكداً على إثبات النسب.
فرحة الولادة:بعد ولادة الطفل، سنّ النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين أن يفرحوا بقدومه، ويذبحوا شاتين عن الغلام وشاة عن البنت، ويسمّوه بأسماء حسنة. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح أنه قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته حتى يذبح عنه يوم السابع» (رواه الترمذي وأبو داود).
حق الطفل في الحياة:الطفل له الحق في الحياة منذ لحظة الحمل، وقد حث الإسلام على عدم قتل الأطفال خشية الفقر، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا﴾ [الإسراء: 31].
الرضاع وحق الطفل فيه:للطفل الحق في الرضاعة الطبيعية، كما ورد في قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: 233].
غرس الإيمان في قلب الطفل:من حقوق الطفل أن يُغرس فيه الإيمان بالله ورسله وكتبه، ويُعد تعليم الطفل أساسيات الدين وتوجيهه للطاعة من أبرز مسؤوليات الوالدين. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6].
تأديب الطفل وتربيته:من واجب الوالدين تأديب وتربية الطفل تربية حسنة، فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا مِنْ نَحْلٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ» (رواه الترمذي).
حق الطفل في الحضانة والنفقة:للطفل الحق في أن تُحسن أمه رعايته في فترة الحضانة، كما جاء في الحديث: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» (رواه أبو داود). وأيضًا يجب على الأب النفقة على الطفل حتى يبلغ.
حق الطفل في الإرث:للطفل الحق في الإرث بمجرد ولادته حياً، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وُرِّثَ» (رواه أبو داود).
حق اليتيم:من حقوق الطفل اليتيم الحفاظ على ماله ورعايته حتى يبلغ، وتوفير الرعاية الاجتماعية له. وقد ورد في الحديث: «أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا»، وأشار بأصبعه السبابة والوسطى (رواه الترمذي).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الطفل حق الطفل حقوق الطفل في الإفتاء دار الافتاء المصرية النبی صلى الله علیه وآله وسلم حق الطفل فی حقوق الطفل فی الحدیث الحق فی یجب على
إقرأ أيضاً:
حكم الصيام في رجب وما هي صحة الأحاديث الواردة عنه.. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما مدى جواز العمل بالأحاديث الواردة في صيام شهر رجب؟ حيث يقول بعض الناس إن الفقهاء الذين استحبوا الصيام في شهر رجب قد جانبهم الصواب، وإنهم استندوا في قولهم هذا على أحاديث ضعيفة وموضوعة، ومنهم فقهاء الشافعية، فهل هذا صحيح؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن مما ورد في صيام شيء من شهر رجب من السُنَّة: ما رواه الإمام أبو داود عن مُجِيبَةَ الباهليَّة، عن أبيها، أو عمها، أنَّه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ انطلق، فأتاه بعد سنة، وقد تغيَّرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «وَمَنْ أَنْتَ؟» قال: أنا الباهلي، الذي جئتك عام الأول، قال: «فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟»، قال: ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟»، ثم قال: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»، قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: «صُمْ يَوْمَيْنِ»، قال: زدني، قال: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قال: زدني، قال: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها، ثم أرسلها.
ومنها ما رواه الإمام البيهقي في "فضائل الأوقات" عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ».
وروى الإمام البيهقي عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: "في الجنة قصر لصُوَّام رجب". قال الإمام أحمد: "وإن كان موقوفًا على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي، وبالله التوفيق".
وذكرت دار الإفتاء أن تلك الأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنَّها ممَّا يُعْمَل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك، كما نقله الإمام النووي وغيره؛ قال الإمام النووي في كتابه "الأذكار" (ص: 8، ط. دار الفكر): [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا] اهـ.
وقال في "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث" (ص: 48، ط. دار الكتاب العربي): [ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى، والأحكام؛ كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالقصص، وفضائل الأعمال، والمواعظ، وغيرها مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم] اهـ.
وحتَّى لو لمْ يرد في الباب هذه النصوص الضعيفة فإنَّ النصوص الصحيحة الأخرى العامَّة التي تُرَغِّب في الصيام التطوعي مطلقًا تكفي في إثبات المشروعيَّة؛ إذ إن القاعدة عندهم أنَّ العام يبقى على عمومه، والمطلق يجري على إطلاقه حتى يأتي مُخَصِّص أو مُقَيّد. انظر: "البحر المحيط" للعلامة الزركشي (5/ 8، ط. دار الكتبي)، و"التلويح على التوضيح" للعلامة التفتازاني (1/ 117، ط. مكتبة صبيح).
ومن هذه النصوص الصحيحة: ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».
وما رواه الإمام أحمد عن صدقة الدمشقي أن رجلًا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن الصيام، فقال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ صِيَامَ أَخِي دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا».
وما ذُكِر في السؤال من كون الشافعيَّة قد استدلوا على استحباب صوم رجب بحديثٍ موضوعٍ: فغير صحيح؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 54): [رُوِي في فضل صومه أحاديث كثيرة موضوعة، وأئمتنا وغيرهم لم يُعَوِّلُوا في ندب صومه عليها، حاشاهم من ذلك] اهـ.
وأوضحت أنه ينبغي أن يَحْرِص المسلمُ على العمل بفضائل الأعمال التي منها صيام رجب سواء كله أو بعضه، ولو مرّة واحدة في العمر؛ ليكون من أهل ذلك الفضل؛ قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 8): [اعلم أنَّه ينبغي لمَن بلغَهُ شيء في فضائل الأعمال أن يعملَ به ولو مرّة واحدة؛ ليكون من أهله، ولا ينبغي أن يتركه مطلقًا، بل يأتي بما تيسر منه؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المتفق على صحته: «إذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فأْتُوا مِنْهُ ما اسْتَطعْتُمْ»] اهـ.