في خطوة لافتة نحو تنظيم المسؤولية الطبية وحماية حقوق المرضى، أحالت الحكومة مشروع قانون جديد بشأن المسؤولية الطبية ورعاية المرضى إلى مجلس النواب، الذي بدوره أحاله إلى مجلس الشيوخ لاستطلاع الرأي حوله. ومع بدء مناقشات القانون، ظهرت تساؤلات ومخاوف حول طبيعة المسؤولية الجنائية التي قد تترتب على الأطباء نتيجة الأخطاء الطبية.

النظم المقارنة تفتح آفاق النقاش

ما أثار الجدل هو ما ذهب إليه البعض من أن النظم المقارنة تخلو من تجريم الأخطاء الطبية، بينما أظهرت الدراسات والمقارنات أن العديد من الدول قد أدرجت نصوصًا واضحة في قوانينها لمعالجة هذه المسألة. الملفت أن بعض الدول لم تكتف بإدراج النصوص في قوانينها الجنائية فحسب، بل أصدرت تشريعات مستقلة تتناول المسؤولية الطبية بشكل شامل ومتكامل.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك:

إيطاليا: أصدرت قانونًا خاصًا يُعرف باسم "جيلي بيانكو" (القانون رقم 24 لسنة 2017)، الذي يضع إطارًا محددًا للمسؤولية الطبية والقانونية للعاملين في المجال الصحي.

الإمارات العربية المتحدة: أصدرت القانون الاتحادي رقم (4) لسنة 2016 بشأن المسؤولية الطبية، والذي يُعد نموذجًا متقدمًا لتنظيم العلاقة بين الممارس الطبي والمرضى.

الأردن: جاء القانون الأردني للمسؤولية الطبية والصحية رقم (25) لسنة 2018 ليضع أسسًا واضحة للتعامل مع الأخطاء الطبية.

أما في الجزائر، فقد تناول قانون الصحة رقم (18-11) لسنة 2018 هذه القضية بوضوح، حيث نص على أن كل خطأ طبي يرتكبه الممارس الطبي أثناء عمله ويتسبب في أضرار جسيمة، كالإعاقة أو التهديد المباشر للحياة، يُعرضه للمساءلة الجنائية بموجب قانون العقوبات.

توازن دقيق بين المساءلة والحماية

الواقع يُظهر أن المسؤولية الجنائية للأطباء باتت أمرًا معترفًا به في العديد من النظم القانونية، لكنها تختلف في الشكل والنطاق بما يتلاءم مع خصوصيات كل دولة. ما يميز هذه التشريعات هو التوازن الذي تحاول تحقيقه بين حماية حقوق المرضى من جهة، وضمان بيئة عمل آمنة ومطمئنة للأطباء من جهة أخرى.

مشروع القانون الجديد في مصر يبدو خطوة جادة نحو تحقيق هذا التوازن. فهو لا يهدف إلى تحميل الأطباء أعباءً زائدة، بقدر ما يسعى إلى وضع معايير عادلة للمساءلة، تمنع الإهمال وتحمي أرواح المرضى دون أن تنال من ثقة الأطباء في ممارسة مهنتهم النبيلة.

مع انطلاق نقاشات مجلس الشيوخ حول هذا المشروع، يبقى الأمل أن يكون القانون المرتقب نموذجًا يحتذى به، يجمع بين العدالة والمسؤولية، ويُعلي من قيمة الممارسة الطبية الآمنة في خدمة الإنسانية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المسئولية الطبية الممارسة الطبية مجلس الشيوخ مشروع قانون المسؤولیة الطبیة قانون ا

إقرأ أيضاً:

تأجيله وارد.. الكشف عن ثلاثة مسارات أمام قانون تقاعد الحشد الشعبي - عاجل

بغداد اليوم – بغداد

كشف النائب ياسر الحسيني، اليوم الخميس (13 آذار 2025)، أن هناك ثلاث مسارات تضغط باتجاه قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، مشيراً إلى أن عدم تمريره خلال الدورة الحالية أمر وارد.

وقال الحسيني، في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "المسار الأول يسعى إلى تمريره بهدف السيطرة على الهيئة قبيل الانتخابات، والثاني يطالب بإقراره إيمانا بضرورة إنصاف المجاهدين، والثالث يتمثل بوجود جهة أخرى تعارضه لإبقاء الإدارة الحالية على رأس الهيئة".

وأضاف أن "الحكومة سحبت القانون بحجة رغبتها في إرسال هيكلية جديدة للحشد الشعبي، لكن هذه الخطوة تبدو في إطار تأخير تشريعه، مما يُبقي الإدارة الحالية في موقعها"، مضيفًا أن "عدم وجود ضغط سياسي كافٍ سيجعل تمرير القانون صعبًا، خاصة وأن التوافق السياسي بشأنه يحتاج إلى مزيد من الوقت".

وأشار الحسيني إلى أن "قانون الحشد الشعبي، بكل تفاصيله وبنوده، مهم جداً لإنصاف مجاهدي الحشد الذين قدّموا أنهاراً من الدماء في معارك التحرير بعد 2014، ولا يزالون يمسكون قواطع مهمة في شرق وشمال شرق وغرب وشمال البلاد"، لافتا إلى أن "هذه القوة تستحق المضي في تشريع قانون الخدمة والتقاعد الذي يتضمن العديد من النقاط الجوهرية".

وختم بالقول، "وفق المعطيات الحالية، فإن القانون قد يتأخر، ونأمل أن يكون هناك توافق سياسي يضمن ضغطًا أكبر لتسريع حسم الإشكالات، لكن إذا لم يحصل ذلك، فقد يتم تأجيله إلى الدورة البرلمانية المقبلة، وهذا احتمال وارد جدًا".

وفي الشأن ذاته، كشف النائب عن الإطار التنسيقي مختار محمود، أمس الأربعاء، أن "الخلافات السياسية بشأن قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي لا تزال قائمة، وهي السبب الرئيسي في تعطيل جلسات مجلس النواب". 

وأضاف أن "هذه الخلافات أدت إلى سحب القانون من مجلس النواب من قبل مجلس الوزراء، مع عزم الحكومة إرسال مسودة قانون جديدة إلى البرلمان، خالية من أي مواد وفقرات خلافية، خاصة المتعلقة بسن التقاعد لرئيس الهيئة وقادة الهيئة من الصف الأول". موضحاً أن "البرلمان ينتظر وصول المسودة لمراجعتها ودراستها من قبل اللجنة البرلمانية المختصة

كما أعلنت كتلة الصادقون النيابية التابعة لحركة عصائب أهل الحق، يوم الجمعة الماضي، مقاطعتها جلسات مجلس النواب في حال عدم إدراج قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد الشعبي في جدول أعمال الجلسات.

 وأكد النائب عن الكتلة، أحمد الموسوي، في تغريدة على منصة (إكس)، أن موقف الصادقون ثابت في هذا الشأن، معبراً عن إصرارهم على المطالبة بحقوق الحشد الشعبي وتقدير تضحياتهم.



مقالات مشابهة

  • القانون يحدد شروط الحصول على الرخصة الذهبية.. تعرف عليها
  • زعيم الأقلية بالحزب الديمقراطي يدعم مشروع قانون الإنفاق الجمهوري
  • نقيب العلوم الصحية: القانون الجديد ينظم كافة العلاقات داخل العمل
  • الجنح والجنائي.. متى تنقضي الدعوى الجنائية بمشروع القانون الجديد؟
  • بشكل رسمي| موعد زيادة الإيجار القديم بنسبة 15%.. على من تطبق؟
  • تأجيله وارد.. الكشف عن ثلاثة مسارات أمام قانون تقاعد الحشد الشعبي - عاجل
  • مدير صحة قنا يتابع الخدمات الطبية داخل مستشفى الحميات
  • ضوابط تنظيم الإضراب وفقا لمشروع قانون العمل
  • مجلس النواب الأمريكي يقر مشروع قانون لتمويل الوكالات الفيدرالية حتى سبتمبر
  • «النواب الأميركي» يقر مشروع قانون لتجنب إغلاق حكومي