في عالمنا المعاصر، حيث تزداد الضغوط اليومية وتتنوع المسببات المقلقة، يزداد الحديث عن "الضغط العصبي" كأحد أخطر التهديدات الصحية التي تواجه الإنسان اليوم. هذا الاضطراب الذي قد يبدو للبعض مجرد حالة عابرة من التوتر أو القلق، أصبح يُنظر إليه من قبل العديد من الأطباء والخبراء كأحد الأمراض الأكثر خطورة في عصرنا الحديث.

 لا يقتصر تأثيره على الحالة النفسية فحسب، بل يمتد ليشمل الجهاز العصبي والقلب والأوعية الدموية، بل ويُعد أكثر فتكًا من أمراض مثل السكري، أمراض القلب، وارتفاع الكوليسترول.

الضغط العصبي: مشكلة صحية غير مرئيةمرض العصر

في تصريحات لـ صدى البلد، حذرت الاستشارية في القلب والأوعية الدموية، الدكتورة أمل محمد، من أن الضغط العصبي يُعد من الأمراض القاتلة الصامتة التي قد لا يلاحظها الإنسان بسهولة، ولكن تأثيراتها على الصحة الجسدية والنفسية يمكن أن تكون مدمرة للغاية.

 على عكس الأمراض المزمنة المعروفة مثل السكري أو أمراض القلب، التي تظهر أعراضها بشكل ملموس، فإن الضغط العصبي يظل "غير مرئي" في البداية. في كثير من الحالات، قد لا يدرك الفرد أنه يعاني من ارتفاع في ضغطه العصبي حتى يحدث تأثير بالغ على صحته.

ما هو الضغط العصبي؟

الضغط العصبي هو الحالة التي يتعرض فيها الجسم لمستوى عالٍ من التوتر والقلق بشكل مستمر. هذا التوتر لا يقتصر على لحظات معينة من القلق، بل قد يكون جزءًا من نمط الحياة اليومية. من ضغوط العمل إلى المشاكل الأسرية، مرورًا بالقلق المفرط بشأن المستقبل أو حتى التحديات المالية، يصبح الفرد عرضة لهذا التوتر المستمر. يتسبب الضغط العصبي في استجابة فسيولوجية من الجسم، مما يرفع مستويات هرمونات التوتر مثل "الأدرينالين" و"الكورتيزول"، التي تؤثر بشكل مباشر على وظائف الجسم الحيوية.

عندما يستمر هذا الضغط لفترات طويلة، يبدأ في التأثير على الأنسجة والأعضاء، بما في ذلك القلب، الكبد، والأوعية الدموية. وقد يتسبب في التوتر المستمر في عضلات الجسم، مما يسبب ألمًا جسديًا مزمنًا، ويعزز تطور العديد من الأمراض المزمنة.

كيف يؤثر الضغط العصبي على الجسم؟

أحد الأسباب التي تجعل الضغط العصبي يعتبر أكثر خطورة من الأمراض المزمنة الأخرى هو تأثيره الشامل على الجسم. في البداية، قد يبدو تأثيره غير ضار، مثل الشعور بالتوتر أو الإرهاق، لكن مع مرور الوقت يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة. إليك بعض الآثار الرئيسية التي يسببها الضغط العصبي:

أمراض القلب والأوعية الدموية: أظهرت الدراسات أن التوتر العصبي المستمر يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بشكل كبير. يؤدي الضغط العصبي إلى ارتفاع مستويات هرمونات التوتر في الدم، مما يؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية وزيادة ضغط الدم. هذا بدوره يمكن أن يسبب مشاكل في القلب مثل تصلب الشرايين، زيادة احتمالية الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتات الدماغية.

بحسب الدكتورة أمل محمد، "الضغط العصبي يعد أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع ضغط الدم، وأحيانًا يكون أكثر فتكًا من العوامل التقليدية مثل ارتفاع الكوليسترول أو التدخين".

ضعف المناعة: الضغط العصبي يؤثر أيضًا على جهاز المناعة، مما يجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض. فمع استجابة الجسم المستمرة لهرمونات التوتر، يتم قمع جهاز المناعة، مما يقلل من قدرته على محاربة الالتهابات والأمراض.

مشاكل في الجهاز الهضمي: يعاني العديد من الأشخاص الذين يعانون من الضغط العصبي من اضطرابات هضمية، مثل القرحة المعدية، والانتفاخ، والإسهال المزمن. الضغط العصبي يؤثر على آلية عمل الجهاز الهضمي، مما يسبب تباطؤ أو تسريع حركة الأمعاء ويؤدي إلى مشاكل هضمية مزمنة.

تأثيرات على الجهاز العصبي: التوتر العصبي المستمر يمكن أن يتسبب في تقلبات مزاجية حادة، مثل القلق والاكتئاب. كما يسبب التوتر المزمن مشاكل في النوم مثل الأرق، مما يزيد من الشعور بالإرهاق ويضعف قدرة الجسم على التعافي.

زيادة الوزن: التوتر المستمر يمكن أن يؤدي إلى زيادة الوزن، حيث يعمل الضغط العصبي على تغيير طريقة استجابة الجسم للأطعمة. قد يزداد ميل البعض لتناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات كطريقة للتعامل مع التوتر، مما يعزز من خطر الإصابة بالسمنة.

الضغط العصبي والتوتر المستمر: خطر مضاعف

ما يجعل الضغط العصبي أكثر فتكًا هو أنه لا يقتصر على حالة طارئة، بل هو حالة مستمرة. العديد من الأشخاص يعيشون مع ضغط عصبي مزمن نتيجة لظروف حياتهم اليومية، مثل العمل تحت ضغط عالٍ، مشاكل مالية، أو حتى العلاقات الشخصية المضطربة. ومع تكرار هذه الضغوط، لا يُتاح للجسم وقت كافٍ للتعافي، مما يضعف قدرة الأجهزة الحيوية على الأداء بشكل طبيعي.

وفي هذا السياق، تضيف الدكتورة أمل محمد: "في المجتمعات الحديثة، نرى أن الضغط العصبي أصبح جزءًا من الروتين اليومي لكثير من الناس. لا يدرك البعض مدى تأثير هذا التوتر على صحتهم، لكن في الواقع، إنه يعد أحد الأسباب الرئيسة للإصابة بأمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، وحتى السرطان".

كيفية التخفيف من الضغط العصبي؟

لحسن الحظ، يمكن إدارة الضغط العصبي والتخفيف من آثاره من خلال بعض التغييرات في نمط الحياة. إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في تقليل مستويات التوتر:

ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: التمارين البدنية هي واحدة من أفضل الطرق لتخفيف التوتر. تساعد الرياضة على إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، مما يعزز الشعور بالراحة والاسترخاء.

التأمل وتمارين التنفس العميق: تقنيات التأمل والتنفس العميق تساعد في تقليل مستويات التوتر، وتساعد في تهدئة الأعصاب وتهيئة الجسم للاستجابة بشكل أفضل للتحديات.

الحفاظ على نمط حياة صحي: التغذية السليمة والنوم الكافي من العوامل المهمة في تقليل الضغط العصبي. التغذية الجيدة تدعم وظائف الجسم الطبيعية، في حين أن النوم الجيد يساعد في تجديد الطاقة وتحسين المزاج.

الاسترخاء والراحة: تأكد من تخصيص وقت للاسترخاء وممارسة الأنشطة التي تحبها، مثل القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى. هذا يساعد على تخفيف الضغوط اليومية وتحسين حالتك النفسية.

إن الضغط العصبي قد يبدو للبعض مجرد حالة نفسية أو شعور مؤقت بالتوتر، لكنه في الواقع يُعد أحد أخطر التهديدات الصحية التي تواجه الإنسان في العصر الحديث. يمكن أن يكون له تأثيرات مدمرة على الجسم والعقل، ويُعتبر تهديدًا أكثر خطورة من أمراض مثل السكري، الكوليسترول المرتفع، وأمراض القلب. لذا، من الضروري أن نولي اهتمامًا أكبر لهذا "العدو الصامت" الذي قد يسلبنا صحتنا وحياتنا إذا لم نتمكن من التحكم فيه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السكري مرض السكر الضغط الضغط العصبي العصبي أمراض القلب القلب والأوعية المزيد المزيد والأوعیة الدمویة التوتر المستمر الضغط العصبی ی أمراض القلب العدید من یؤدی إلى یمکن أن

إقرأ أيضاً:

بشرى سارة من مجدي يعقوب لمرضى صمامات القلب

أعلن جراح القلب المصري د. مجدي يعقوب، عن إنجاز طبي جديد في مجال زراعة الصمامات بالقلب، من شأنه أن يمنح مرضى الصمامات أملاً جديداً بالحصول على صمامات قلب طبيعية، تنمو بشكل طبيعي داخل الجسم.

 


وقال يعقوب إن مجموعة أولية تضمّ أكثر من 50 مريضاً، سوف يخضعون لعمليات زراعة صمامات مصنوعة من الألياف، يمكن زراعتها لتتكامل مع خلايا الجسم، وتترك مع مرور الوقت صماماً حياً، يتكون بالكامل من أنسجة المريض، وهو ما ينهي للأبد عمليات استبدال الصمامات التي يجري العمل بها حالياً، والتي لا تخلو من عيوب كثيرة.

أمل كبير للمرضى وخاصة الأطفال

 


والتقنية الجديدة التي توصل لها يعقوب مع فريقه البحثي تتميز باستمراريتها؛ إذ إن الصمامات المأخوذة من الحيوانات أو الأنسجة البشرية، التي يتم زرعها في قلب المريض، لا تدوم أكثر من عقد من الزمان أو نحو ذلك، ومن الممكن أن يرفضها جهاز المناعة في الجسم، بينما تتطلب الصمامات الميكانيكية من المرضى تناول الأدوية طوال حياتهم، بحسب مقال نشر أمس الاثنين بصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.

 

كما قال يعقوب، إن التقنية الجديدة، تمثل أملاً كبيراً لمرضى الصمامات، وبخاصة الأطفال الذين يولدون بعيوب في القلب، والذين يخضعون لعمليات استبدال الصمامات عدة مرات قبل وصولهم إلى مرحلة البلوغ، مشيراً الى أن الصمامات الجديدة يمكن أن تنمو مع نمو الطفل، بحيث تصبح واحدة مع جسم المريض.


ويقود البروفيسور مجدي يعقوب، فريق البحث العلمي الخاص بهذا الإنجاز العلمي، حيث من المقرر أن تتلقى مجموعة أولية تضم أكثر من 50 مريضًا، صمامات مؤقتة مصنوعة من ألياف تعمل بمثابة "سقالة" يمكن زراعتها لتتكامل مع خلايا الجسم.

صمام حي من أنسجة المريض نفسه


وبمرور الوقت تذوب هذه السقالات، تاركة وراءها صمامًا حيًا يتكون بالكامل من أنسجة المريض نفسه، موضحة أن الأزمة تبدأ عندما تصبح صمامات القلب مريضة فقد تتصلب أو تصبح مُسربة، وهو ما يزيد خطر الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبات القلبية أو قصور القلب، وهنا تكن خيارات استبدال الصمامات المتاحة للمرضى لها عيوب كبيرة.

وبشكل عام قد تؤدي الصمامات الحية الجديدة إلى تغيير حياة هؤلاء المرضى من خلال القضاء على الحاجة إلى العمليات الجراحية المتكررة وتقليل خطر الرفض.

ويعد ابتكار الصمامات الحية خطوة مهمة في عالم جراحة القلب، من خلال هذا التطور، قد يصبح العلاج أكثر أمانًا وفعالية، ويقلل من معاناة المرضى. مع بدء التجارب السريرية، سيكون عالم الطب على موعد مع تطور كبير قد يعيد الأمل لكثير من المرضى، ويمنحهم فرصة لحياة أفضل.

 

مقالات مشابهة

  • المدافئ أشهر مصادره.. تجمع حائل الصحي يحذر من القاتل الصامت “أول أكسيد الكربون”
  • كيف يضر التوتر والقلق بصحة القلب؟
  • كيف يؤثر الضغط النفسي العصبي على صحة القلب؟.. استشاري أمراض قلبية يجيب
  • التوتر العصبي وقلة النوم يسبب حرقة المعدة
  • إنجاز مجدي يعقوب الجديد.. ماذا نعرف عن صمامات القلب التي تنمو بالجسم؟
  • وداعا للشيخوخة بتناول الفجل
  • استشاري يكشف الفرق بين عسر الهضم والقولون العصبي.. فيديو
  • هل التوتر يؤدي إلى الإصابة بحساسية الجلد؟.. دراسة تجيب
  • بشرى سارة من مجدي يعقوب لمرضى صمامات القلب
  • التوتر النفسي.. سبب خفي لزيادة حساسية الجلد