في ظل الفرص الكبرى والتحديات الراهنة التي تواجه العالم العربي والإسلامي، يبرز سؤال محوري: كيف يمكن أن يكون خطاب الحركات الإسلامية الذي يحمل مشروع استئناف الحضارة الإسلامية: مؤثرا، وجامعا، ومحققا لطموحات الأمة، ومتجنبا لسلبيات الخطاب السابق؟ الإجابة تكمن في تصميم خطاب جديد يعكس قيم الإسلام الأصيلة، ويربط بين العدالة، والحرية، والمقاومة والاستقلال، والوحدة، والتنمية، والهوية الإسلامية، والشراكات والتحالفات، في مسار متكامل يعالج تحديات الحاضر ويصوغ رؤى المستقبل.
فالخطاب الجديد هو الخطاب الذي يعيد تموضع الحركات الإسلامية في إطار التمهيد لمشروع استئناف الحضارة الإسلامية، كما يجب أن يكون شاملا ومتكاملا، يعكس القيم الأصيلة للأمة الإسلامية، ويواجه تحديات العصر برؤية مستقبلية واضحة. إنه خطاب يرسخ الكرامة الإنسانية، ويربط بين الهوية الإسلامية والشراكة الإنسانية، ليضع الأمة الإسلامية في موقع يتناسب مع تاريخها وإسهاماتها ودورها في تشييد الحضارية الإنسانية. هذا الخطاب له محددات يلزم التمسك بها مثل: وضوح الرسالة، والتركيز على القيم الأساسية، والتكامل بين الفكر والعمل، واستهداف الفئات المؤثرة:
الخطاب الجديد هو الخطاب الذي يعيد تموضع الحركات الإسلامية في إطار التمهيد لمشروع استئناف الحضارة الإسلامية، كما يجب أن يكون شاملا ومتكاملا، يعكس القيم الأصيلة للأمة الإسلامية، ويواجه تحديات العصر برؤية مستقبلية واضحة
- إنه الخطاب الذي يُبرز "العدالة" كقيمة محورية في نسق القيم الإسلامية، فالعدالة هي قلب المشروع الحضاري الإسلامي، وهي ليست مطلبا محليا فحسب، بل قيمة عالمية يتطلع الجميع لتحقيقها. الإسلام يقدم نموذجا يؤكد حقوق الإنسان، ويدعم الحرية، والمساواة في مواجهة الظلم والعنصرية والاستعمار، وفي هذا الإطار يجب أن يركز الخطاب الجديد على تقديم الإسلام كنظام عالمي ينشد تحرير الإنسان من كل أشكال الاستعباد والظلم.
- إنه الخطاب الذي يعلن ويعلي من شأن "المقاومة" كطريق للتحرر، فالمقاومة في الخطاب الجديد ليست مجرد عمل عسكري، بل هي تعبير حضاري شامل لتحرير الشعوب من الاحتلال والعنصرية والاستبداد. كما يجب وضع مقاومة المشروع الصهيوني العنصري ودعم الشعب الفلسطيني في إطارهما الصحيح، فهي ليست قضية خاصة بالعرب أو المسلمين فقط، بل هي قضية إنسانية لأنها تمثل أبرز وأشرف نماذج المقاومة دفاعا عن كرامة الإنسانية جمعاء. ومن هذا المنطلق، يصبح دعم المقاومة جزءا لا يتجزأ من إنسانية الشعوب، فضلا عن أنه ركن أساسي من مشروعنا للنهضة.
- التأكيد على قيم "الوحدة الإسلامية" في زمن تسود فيه الانقسامات الطائفية والعرقية، وتتسع مساحات تفكيك الدول والحروب الأهلية، حيث يحتاج الخطاب الجديد إلى الدعوة "لوحدة الأمة"، وهي الوحدة التي لا تلغي التنوع، بل تؤكد الهوية الإسلامية الجامعة، التي تركز على القضايا الكبرى مثل مكافحة الهيمنة ورفض التبعية والدعوة للاستقلال وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحرير فلسطين، وهو بالضرورة الخطاب الوطني الجامع الذي يحاصر الاستقطاب السياسي والأيديولوجي ويؤسس للتحالفات الوطنية، متجاوزا الخلافات الفرعية التي تستغرق الجهد وتشتت التركيز على الغايات الكبرى.
- إنه الخطاب الذي يرمم الصفوف ويلملم الخلافات والجراح ويقضي على الفتن والنزاعات في مهدها، وخاصة وقد أصبحت منطقتنا مفتوحة على مصراعيها لتحولات كبرى، كما تتميز مشكلاتها بالتقاطع الحاد والشديد، في ظل تناقضات عديدة، سياسية، وفكرية، واستراتيجية، فضلا عن العرقية، والطائفية، والتي أعد لها خصوم أمتنا مخططات كاملة لتفجيرها، والعمل على استغلالها في إطار استكمال مشروع هيمنتهم حتى نهاية التاريخ! علما بأن أخطرها هو التناقض الشيعي السني، الذي وُضعت مخططات تفصيلية لتفجيره، كما يعول عليه المشروع الأمريكي الصهيوني في إصابة المنطقة بالشلل، وذلك لإحكام القبضة على كل مداخلها ومخارجها!
- إنه الخطاب الذي يستخرج بُشريات المستقبل من بين أنياب مرارات الواقع، ويؤكد على الأمل برغم الألم، ويحاصر اليأس، ويطارد الإحباط، وينتصر على الأوجاع، ويستنهض الشعوب، ويستثمر كل طاقاتها.
- إنه الخطاب الذي يحض على "التكامل" بين الحركات الحية، فلا يمكن أن يتحقق المشروع الحضاري الإسلامي إلا بتكاملها بدلا من تناحرها وتآكلها، وهو ذات الخطاب الذي يحض على انخراط الحركات الإسلامية في نسيج مجتمعاتها والانغماس في مشكلاتها وهمومها، وذلك بتضافر وتكامل الجهود بين الشعوب والحركات الإسلامية. هذا التكامل يعكس رؤية تجمع بين مجهودات وأنشطة ومجالات عمل الحركات الإسلامية، وبين تطلعات المجتمعات وأهدافها باعتبارها جزءا أصيلا من النسيج الشعبي.
- إنه الخطاب الذي يقدم الإسلام كقوة للبناء وطاقة للعمران، فالإسلام ليس دينا للعبادات فحسب، بل هو دعوة شاملة لبناء الإنسان والمجتمع، ولهذا يجب أن يُبرز الخطاب الجديد الإسلام كقوة تدفع نحو النهضة والعمران والتنمية الشاملة، التي تعالج مشكلات الفقر، والتعليم، والصحة، فالتنمية ليست خيارا، بل شرطا أساسيا لتحقيق الكرامة الإنسانية.
- كما يجب ربط التنمية بالمقاومة، فالتحرر والتنمية هما وجهان لعملة واحدة، ولهذا فمقاومة الاحتلال والاستبداد تمهد الطريق لتحقيق تنمية مستدامة تضع المجتمعات على طريق التقدم، وهنا يصبح من الضروري تقديم مشاريع عملية تجمع بين دعم المقاومة وبناء المجتمعات.
- لا بد من استعادة خطاب الإسلام كحضارة إنسانية، فالإسلام يقدم نموذجا حضاريا يعالج مشكلات الإنسان، بعيدا عن الهيمنة والاستغلال، ويجب أن يتوجه الخطاب الجديد للعالم من هذا المنطلق، ويركز على القيم الإنسانية المشتركة مثل: العدالة، السلام العالمي، وحقوق الإنسان.
- ضرورة بناء الشراكات الدولية، فالحركات الإسلامية قادرة على أن تكون شريكا عالميا يدافع عن القضايا العادلة في مناطق العالم المختلفة، وهذا يتطلب دعوة القوى والحركات والأحزاب العالمية المناهضة للصهيونية والهيمنة الغربية إلى تحالفات نوعية، مما يستعيد موقع الإسلام كحاضنة للتعاون المدني والسياسي الدولي لمكافحة الظلم.
- ضرورة التجديد لمواكبة المستجدات والتصدي الكفؤ للتحديات، فالخطاب الجديد يجب أن يكون مرنا، يعالج القضايا المستجدة بأسلوب يناسب العصر، كما أن الشباب باعتبارهم الجمهور المستهدف الأكبر، يحتاجون إلى لغة حديثة تجمع بين الأصالة الإسلامية ومواكبة هموم العصر ومشكلاته.
- الوسطية والاعتدال كقيمة أساسية، فالإسلام دين وسط بين الأديان، كما أنه دين يوازن بين القيم الروحية والاحتياجات الواقعية. والخطاب الوسطي يعكس القيم الحقيقية للإسلام، بعيدا عن التطرف والغلو الذي يحاول الخصوم الصاقه بالإسلام لمحاصرة فاعليته، كما أن الوسطية تقدم الصورة الإيجابية الحقيقية للإسلام كقوة بناء لا هدم، وهو ما يلزم تبني موقف واضح تجاه الحركات المسيئة والمنسوبة زورا للإسلام مثل داعش.
الشعوب هم أهم شركاء التغيير، بل هم أصحاب هذا الحق الحصري، ولا يمكن أن يتحقق أي مشروع حضاري دونهم، وعلى هذا يجب على الحركات الإسلامية أن تقدم نفسها كممثلة لتطلعات الشعوب، وداعية إلى مشاركة الجميع في تحقيق العدالة والتنمية، وهذا الخطاب يجب أن يدعم قوة المجتمعات ويعيد إحياء دورها في قيادة التغيير
- الشباب كقادة المستقبل، هم أهم المستهدفين بالخطاب الجديد، فالشباب هم العمود الفقري لأي مشروع حضاري، ويجب أن يتوجه إليهم الخطاب الجديد بلغتهم، ويربطهم بالمشروع الحضاري من خلال الثقافة، والتعليم، والتدريب، وإشراكهم في صنع القرار، فتمكين الشباب يعني تمكين الأمة.
وكما لا يمكن أن ينهض مجتمع بدون شبابه فلا يمكن أن ينهض بدون المرأة، وعلى هذا يجب أن يؤكد الخطاب الجديد على مكانة المرأة في المشروع الحضاري، ويبرز دورها كقوة دافعة للتغيير وبناء المجتمع.
- الهيمنة الصهيونية ليست خطرا على العالم الإسلامي فحسب، بل هي خطر على الإنسانية والسلم العالمي، فيجب أن يكشف الخطاب الجديد مخاطر الصهيونية على العالم، كما يكشف مدى ازدواجية المعايير الغربية في دعم العنصرية والعدوان الصهيوني. ويجب أن يستخدم لغة علمية وإعلامية لفضح هذه السياسات، كما يجب العمل على بث الوعي بالمخططات العدوانية الكبرى الموضوعة لأمتنا، حتى لا تستغرقنا التفاصيل ونجد أنفسنا نعمل على تنفيذها دون وعي، أو نكون مجرد أدوات لتمزيق أمتنا دون قصد.
كما يجب في هذا المقام طرح الرواية الفلسطينية باعتبارها رواية تحرر عالمي، وليست مجرد رواية تحرر قُطري، ويجب أن يتبنى الخطاب الجديد نهجا إعلاميا وثقافيا يدعم ذلك، ويربط قضايا أمتنا بقضايا التحرر الأخرى في العالم.
كما يجب التأكيد على أن الشعوب هم أهم شركاء التغيير، بل هم أصحاب هذا الحق الحصري، ولا يمكن أن يتحقق أي مشروع حضاري دونهم، وعلى هذا يجب على الحركات الإسلامية أن تقدم نفسها كممثلة لتطلعات الشعوب، وداعية إلى مشاركة الجميع في تحقيق العدالة والتنمية، وهذا الخطاب يجب أن يدعم قوة المجتمعات ويعيد إحياء دورها في قيادة التغيير.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه خطاب مشروع الحضارة الهوية التغيير اسلامي خطاب حضارة مشروع هوية مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرکات الإسلامیة المشروع الحضاری إنه الخطاب الذی الخطاب الجدید الإسلامیة فی لا یمکن أن أن یکون کما یجب ویجب أن هذا یجب یجب أن
إقرأ أيضاً:
قراءة في خطاب النصر!
حيان نيوف
بعد ثلاثة أيام من وقف العدوان “الإسرائيلي” على لبنان بموحب الاتفاق الذي اعلن عنه بعد مفاوضات ماراتونية طويلة وشاقة تأثرت بشكل رئيسي بالواقع الميداني والبطولات التي كان يسطرها مجاهدو المقاومة الأبطال على أرض الميدان، ألقى الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم خطابه في هذه المناسبة، معلناً النصر الكبير لحزب الله ولبنان في هذه المواجهة مع العدو الصهيوني.
تميّز خطاب الأمين العام بالحكمة البالغة والواقعية الشديدة والتعابير الرصينة والدقيقة، وهو ما يعكس حالة الاطمئنان والرضا التي يشعر بها حزب الله كنتيجة منطقية للتضحيات الكبيرة التي قدمها والنتائج العظيمة التي أحرزها على الصعيدين الإقليمي والدولي.
من إسناد غزة إلى الحرب المفتوحة:
بدأ الأمين العام خطابه بالحديث عن مواقف المقاومة – حزب الله منذ اليوم الثاني لطوفان الأقصى في 8/أكتوبر 2023، حيث ذكّر سماحته بأن خيار المقاومة منذ البداية كان إسناد غزة بدوافع وطنية وقومية وإسلامية وإنسانية، وبأن الحزب لم يكن يريد حرباً مفتوحة مع العدو لكنه كان مستعداً لها في حال قرر العدو الصهيوني الذهاب إليها، والحقيقة أن الإسناد وتحديداً على الجبهة اللبنانية أعطى نتائج مهمة للغاية، ومكن المقاومة الفلسطينية في غزة من الصمود لأشهر طويلة بفعل تشتيت قوات العدو وفرقه العسكرية وألويته واضطراره لتخصيص جزء كبير منها للتحشيد على الحدود الشمالية، ولاحقاً لذلك كان من أهم نتائج الإسناد تهجير المستوطنين من شمال فلسطين المحتلة بمقابل التهجير القسري للفلسطينيين في القطاع.
ثم تحدث سماحته عن انتقال العدو “الإسرائيلي” إلى مرحلة العدوان المفتوح والحرب الشاملة على لبنان، والتي بدأها بالعمل الأمني من خلال تفجيرات البيجر واغتيال قادة كبار في المقاومة، ثم اغتيال الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) ، واستهداف منظومة التحكم والسيطرة، ليسارع بعد ذلك نتنياهو إلى طرح سقف أهدافه الجديدة والتي حددها بإبادة حزب الله وإعادة سكان الشمال، وبناء شرق أوسط جديد، والشيخ نعيم يريد بذلك أن يشير إلى النوايا الخبيثة لنتنياهو الذي انتقل للهجوم البري على لبنان.
وعليه، فإن حزب الله بات ملزماً بالدخول في المعركة بكل أدواته ووفق الخطط المسبقة التي وضعها الشهيد القائد السيد حسن نصر الله بعد أن أعاد تنظيم بنيته وبناء منظومة التحكم والسيطرة والخروج من حالة الإرباك والانتقال من الإسناد إلى الإيلام إلى الحرب المفتوحة، وبدلاً من أن ينجح نتنياهو في تحقيق أهدافه كما كان يظن، وجد العدو “الإسرائيلي” نفسه في موقع الدفاع، حيث تقصف جبهته الداخلية وصولاً لـ”تل أبيب”، وأعداد المهجرين ارتفعت من 70 ألفاً إلى مئات الآلاف وشرقه الأوسط الجديد بقي حبيس أوهامه وظنونه، وكما بين سماحته فإن العدو وصل إلى مرحلة انسداد الأفق إلى جانب العجز الميداني وتشتت الجبهة الداخلية وفشل محاولاته بالقتل والتهجير، وكذلك فشل محاولاته لبث الفتنة الداخلية في لبنان، وهو ما اضطره أخيراً للقبول بوقف إطلاق النار والتنازل عن أهدافه أمام قوة وعظمة حزب الله الذي فرضت عليه الحرب ولم يكن يريدها، لكنه حقق فيها انتصاراً كبيراً.
عوامل النصر وصوره
تحدث سماحته عن سبب تأخيره لخطاب النصر مدة ثلاثة أيام، فقال، إنه تعمّد ذلك لئلا يكون خطابه تعبوياً، بل أن يكون انعكاساً لواقع البيئة الحاضنة التي سارعت مع لحظات وقف إطلاق النار الأولى إلى العودة إلى قراها و منازلها حتى لو كانت مهدمة، وهؤلاء هم أنفسهم من راحوا يتحدثون عن النصر الكبير ويحتفلون به بكل ثقة وعزة و شموخ متفاخرين بما قدموه من شهداء وأبناء وبيوت وأرزاق على طريق تحقيق هذا النصر، وفداءً لسيد هذا النصر الشهيد الأقدس حسن نصر الله رضوان الله عليه.
بينما على المقلب الآخر كان نتنياهو مضطراً للكذب والتضليل في محاولة منه لإقناع الجمهور “الإسرائيلي” بإنجازاته الوهمية الكاذبة، بينما لم يجرؤ مستوطنو الشمال على العودة إلى مستوطناتهم على الرغم من وقف إطلاق النار.
” انظروا إلى صورة عودة الناس عندنا وصورة عدم عودة النازحين عندهم، انظروا إلى البهجة والفرحة والسعادة التي لا يمكن وصفها في مقابل البكاء والإحباط والجو المأساوي الموجود عند العدو الإسرائيلي، الهزيمة تُحيط من كلّ جانب بهذا العدو”.
استناداً لهذه المقارنة و لجميع عوامل النصر، وصوره التي لا يمكن حصرها، اختار الشيخ نعيم قاسم أن يعلن النصر في هذا التوقيت واصفاً إياه بالنصر الكبير:
“لذا قررت أن أعلن كنتيجة لمعركة أولي البأس بشكل رسمي وواضح أنّنا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في تموز 2006 بسبب طول المدّة، وشراسة المعركة، والتضحيات الكبيرة، وأيضًا كان هناك جحافل من الأعداء مع كل الدعم الأمريكي والغربي، ومع ذلك استطاع المقاومون أن يقفوا سدًا منيعًا وأن يحققوا هذا الإنجاز”.
مضمون الاتفاق:
أوضح سماحته أن الاتفاق ليس معاهدة جرى التوقيع عليها، وأنه لم يخرج عن سقف القرار 1701، بل إنه تضمن برنامج إجراءات تنفيذية له، متعلقة بجنوب نهر الليطاني، وهو يلزم الجيش “الإسرائيلي” بالخروج من الأماكن التي احتلها، ويدخل الجيش اللبناني إلى كل الجنوب.
وأكد سماحته على دور الجيش اللبناني وأهمية انتشاره، وعلى التنسيق عالي المستوى معه، واصفاً عناصره بالأبناء، ومهمته بالمقدسة، والشيخ قاسم يوضح بذلك لمن تسول له نفسه ويظن أنه يستطيع خلق فتنة بين الجيش المقاومة بأن هذا الباب مسدود بالمطلق، ومن جانب آخر يمكن القول إن كلام الأمين العام يثبت معادلة الجيش والشعب والمقاومة، وكذلك يؤكد على دستورية الحزب واحترامه للدستور والمؤسسات اللبنانية كما كان على الدوام.
كلمة شكر لشركاء النصر:
كان لافتاً حرص سماحة الأمين العام على أن يكون شكره خصيصاً لمن يستحقه بعيداً عن مجاملة أي طرف، فهذا الانتصار الكبير والعظيم يستحق أن يرفع رايته كل من كان شريكاً به بالفعل أو بالقول، أو بكليهما، ومحرم على أعداء المقاومة وعلى المنافقين والمحرضين والمتخاذلين أياً كانوا، ولا يحق للمتلونين أن يركبوا موجة النصر.
من هذا المنطلق وبعد الشكر لله تعالى، وجه سماحته شكره للمجاهدين المرابطين الأطهار، وللشهداء الأبرار، وللجرحى المقدسين، لعوائل الشهداء والجرحى والمقاومين على خط النار، للرجال والنساء والأطفال، نعتز بكم يا أهلنا في الجنوب الأبي والبقاع الوفي وضاحية العز وبيروت قبلة الأحرار وجبل الشموخ وشمال النصر. للسياسي والمفاوض المقاوم الرئيس نبيه بري، ولرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لحركة أمل شقيقة حزب الله، وللجمهورية الإسلامية الإيرانية وقائدها الإمام الخامنئي و الشعب الإيراني، لليمن قيادة وشعباً، للعراق وشعبه وحشده، لسورية قيادة وشعباً.
هؤلاء شركاء النصر وأهله إلى جانب المقاومة الإسلامية – حزب الله.
خلاصة المشهد:
بعد أن أكد سماحته أن قضية فلسطين ستبقى القضية المركزية والمحورية للمقاومة، ولمحور المقاومة، حدد ملامح خطة الحزب في المرحلة القادمة بخمس نقاط طمأن من خلالها الداخل اللبناني وجمهور المقاومة إلى أن الحزب لن يترك دوره السياسي كما ظن خصومه في الداخل والخارج، بل إنه سيكون أكثر مشاركة والتفاتاً للقيام بالدور المنوط به وأكثر في الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان، وشملت تلك النقاط الخمس: إعادة الإعمار، وانتخاب رئيس للجمهورية، والنهضة الحقيقية على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، والتعاون مع القوى السياسية في لبنان. وأخيراً، العمل على الوحدة الوطنية وحفظ السلم الأهلي وتعزيز قدرة لبنان وقوته في وجه العدو “الإسرائيلي” إلى جانب الجيش اللبناني.