د. منجى على بدر يكتب: الدعم النقدى والمواطن
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
تناولت معظم وسائل الإعلام وأصحاب الفكر والسياسة والاقتصاد، خلال الفترة الماضية، قضية تحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى، واختلفت الآراء، وإن كان الميزان يميل لصالح تفضيل الدعم النقدى على الدعم العينى، ولكن لم نمنح الفرصة الكاملة للمواطن المصرى لكى يعبر عن رأيه، وهو المقصد والمبتغى لحسم النقاش حول الأفضلية للدعم النقدى أو العينى.
ودون الدخول فى تفاصيل سوف يرجِّح معظم الاقتصاديين الدعم النقدى، وكذا قطاعات من المجتمع، لأهميته فى المعاونة بسرعة الوصول للشمول المالى والرقمنة وزيادة وعى وتعامل المواطنين مع الجهاز المصرفى وقلة تكاليفه الإدارية وتجنب الفساد ومنح حرية اتخاذ القرار للمواطن، وأيضاً زيادة وعى المواطن بأهمية مرحلة الانطلاق التى يمر بها الاقتصاد المصرى حالياً لإعداد المواطن بشكل مناسب للتحديات المستقبلية، خاصة جوانبها التكنولوجية، ونرى أن التعايش مع متطلبات المستقبل يحتاج أدوات جديدة ترتكن على بنية تحتية متكاملة من كافة الوجوه.
إن القيمة التى سيتم تقديرها ستكون وفقاً لنصيب المواطن من الدعم المخصص للسلع التموينية ودعم الكهرباء والمواد البترولية، وهى خطوة تأخرت بسبب حجم فواقد الدعم العينى وعدم وصوله كاملاً للمستحقين، كما أن للتحول للدعم النقدى فوائد اقتصادية وللمواطن أيضاً، ويمثل الدعم النقدى أهمية كبيرة لتقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة.
ونشير لضرورة توعية المواطن بأهمية التحول للدعم النقدى وشرح فوائده وبيان عيوبه مع ضرورة توفير قاعدة بيانات دقيقة للمستحقين للدعم النقدى، ومن مزايا منظومة الدعم النقدى أنها تتضمن رفع وصاية الدولة على المواطن، ومنحه الحق فى اختيار السلع الخاصة باحتياجاته، إضافة إلى مواجهة الفساد فى تطبيق منظومة الدعم العينى، وأهمها وجود سعرين مختلفين للسلعة الواحدة.
إن توفير النقود للفقراء مطلب عادل ويلبّى احتياجاتهم التى لا يحق لأحد أن يفرض وصاية عليها أو يحدد لهم أولويات إنفاقهم، ولكن الدولة أيضاً يجب أن يكون لها أولويات فيما يتعلق بالأمن الغذائى للمجتمع وتحديد مستهدفاته، لينعكس إيجاباً على الصحة العامة للمواطنين، ويقلل من فاتورة الرعاية الصحية لاحقاً.
ونوضح أنه فى المرحلة الأولى للتحول للدعم النقدى يكون الدعم بصرف كوبونات لشراء ما يحتاجه المواطن من محلات تعطى فاتورة للمستهلك عند الشراء، ومن ثم ننشط قطاع الاقتصاد الرسمى من جهة ونشجع القطاع غير الرسمى على الانضمام للقطاع الرسمى من جهة أخرى.
ونؤكد أنه قبل اتخاذ قرار التحوُّل إلى الدعم النقدى، يجب أن يكون الهدف هو التحسين والتطوير لمنظومة الدعم وصولاً للعدالة الكاملة، وأن الأمن الغذائى هو عامل مهم من عوامل الأمن القومى، والدول التى تدعم المنتجات الغذائية فى العالم كثيرة، وهناك عدد من التجارب الآسيوية لدعم المنتج الغذائى الضرورى، وتمتلك الهند شبكة كبيرة من المنافذ التى تقدّم منتجات غذائية مدعّمة للمواطنين، لأن الغذاء المتوازن هو عنصر مهم للصحة العامة فى المجتمع، ووقاية ضد الأمراض للصغار والكبار وتحسين إنتاجية العامل فى الأجل الطويل.
كما نرى ضرورة توافر مجموعة من الضوابط لإنجاح التحول للدعم النقدى تتضمن تحديد فئة المستحقين للدعم ومَن سيحصل عليه هل الأسرة أم كل فرد على حدة؟ وتحديد قيمة الدعم، وهل سيتم ربط القيمة النقدية بمعدل التضخم؟ مع ضرورة تشكيل لجنة من الحكومة والمجتمع المدنى لمراجعة قيمة الدعم بشكل دورى، طبقاً لتطور أسعار السلع الأساسية فى الأسواق. وحول آليات حساب قيمة الدعم النقدى سيتم تقديرها وفقاً لنصيب الفرد من الدعم المخصص للسلع التموينية ودعم الكهرباء والمواد البترولية.
وقد يُرى دراسة تجارب الدول التى طبقت منظومة الدعم النقدى، حيث إن معظم الدول التى شهدت إصلاحات اقتصادية هيكلية طبقت الدعم النقدى، مثل تركيا والبرازيل والهند، ويمكن الاستعانة بخبرات مكاتب التمثيل التجارى فى هذا الشأن.
ونظراً لفوائد منظومة الدعم النقدى، فقد يُرى أن تعلن الحكومة فى أقرب فرصة عن ذلك بمنتهى الوضوح فى التحول للدعم النقدى بحيث تقوم وزارة التنمية المحلية بكل أدواتها وأجهزتها فى المدن والقرى بإعداد استقصاء رأى للمواطنين فى هذا الشأن، وكذا الأحزاب المصرية، ويتم رفع البيانات إلى الجهة التى ستدرس نتائج الاستقصاء على المستوى القومى تمهيداً للتنفيذ اعتباراً من الموازنة المقبلة 2025/2026 أو بداية من 1 يناير 2026 لتجنب مزايدات البعض فى الانتخابات البرلمانية فى نوفمبر المقبل.
* الوزير المفوض
وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الدعم النقدى الدعم العينى السياسة الاقتصاد الدعم النقدى الدعم العینى للدعم النقدى منظومة الدعم
إقرأ أيضاً:
القس رفعت فكري سعيد يكتب: بداية وقيمة الإنسان
فى إطار الاهتمام ببناء الإنسان المصرى وفى ضوء توجيهات رئيس الجمهورية تأتى مبادرة «بداية جديدة لبناء الإنسان المصرى»، فمنذ تولى الرئيس السيسى مسئولية الحكم تركز اهتمامه على تنمية الإنسان المصرى، إذ أكد أن مصر الجديدة تعطى أهمية قصوى لبناء الإنسان صحياً وعلمياً وثقافياً.
المبادرة الجديدة هى أحد محاور المشروع المستدام للتنمية البشرية، والذى يهدف لبناء الإنسان المصرى، والاستثمار فى رأس المال البشرى من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية من خلال تعزيز الجهود والتنسيق والتكامل بين جميع جهات الدولة فى مختلف أقاليم الجمهورية. وترتكز المبادرة على بناء الوعى، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية، والحفاظ على مقدرات الوطن والمشاركة بفاعلية فى عملية التنمية الشاملة، بهدف الاستثمار فى رأس المال البشرى من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية من خلال تعزيز الجهود والتنسيق والتكامل بين جميع جهات الدولة فى مختلف أقاليم الجمهورية، وعلى رأسها الوزارات المعنية، مثل: التربية والتعليم والصحة والأوقاف والثقافة والتضامن الاجتماعى والشباب والرياضة وغيرها، لتحقيق مستهدفات المبادرة، بحيث يشعر المواطن بمردود إيجابى خلال فترة وجيزة، إلى جانب اهتمام المبادرة بالأسرة المصرية عبر برنامج متكامل، وترتكز المبادرة أيضاً على بناء الوعى، وإعداد أجيال جديدة تترسخ لديها قيم الانتماء والولاء للدولة المصرية، والحفاظ على مقدرات الوطن والمشاركة بفاعلية فى عملية التنمية الشاملة.
فهناك قيمة عظمى وهبها الله للإنسان حيث إنه مخلوق فى أبهى صورة، وأن الأديان جاءت من أجل سعادة الإنسان وليس لشقائه، وأن الإنسان له كرامة خاصة بغض النظر عن دينه ومعتقده وجنسه وجنسيته ولونه ومستواه الاجتماعى والاقتصادى، وأنه يجب الحفاظ على الكرامة الإنسانية التى أقرتها جميع الأديان، وأن حقوق الإنسان من حرية وكرامة هى أساس تقدم المجتمعات وازدهارها وأن حرية التفكير والضمير والتعبير هى حق أصيل من حقوق الإنسان، وأن الإنسانية هى التى تجمعنا كبشر رغم تنوعنا الثقافى والدينى والاجتماعى.
ويتبنى هذا النوع من المبادرات المفهوم الشامل لبناء الإنسان، الذى يحتاج لعمل جادٍّ مخطَّط منظم وواسع تشارك فيه كل مؤسسات الدولة المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والتشريعية والدينية، ومنظمات المجتمع المدنى، فضلاً عن أن بناء الإنسان فى دولة ديمقراطية مدنية حديثة لا يقتصر فقط على تنمية وعيه وغرس القيم الإيجابية فى نفسه، قيم الحق والخير والجمال والمواطنة والعيش المشترك واحترام الآخر والانتماء الوطنى، وإنما يقتضى الارتقاء بالإنسان فى كل جوانب حياته؛ الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية والتعليمية والصحية، بل والترفيهية أيضاً، مع منح اهتمام خاص للشباب ورعاية مضاعفة للأشخاص ذوى الإعاقة. ولابد من دعم دور مؤسسات المجتمع المدنى فى بناء الإنسان، مع ضرورة التوسع فى دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية (مثل الأسرة، والمدارس، ودور العبادة) لتنسيق الجهود فى تنشئة أجيال قادرة على البناء والتقدم، وكذلك تعزيز المسئولية الاجتماعية للإعلام والثقافة فى تشكيل وعى الأفراد ونشر قيم التسامح والمواطنة فيما بينهم، وتعزيز رسائل الفن بأشكاله المختلفة فى عملية بناء الإنسان. وكذلك تضافُر جهود الدولة للوقوف أمام التأثيرات الخارجية التى تهدف إلى تدمير النشء، مع وضع آليات ترتكز على وجود بدائل سريعة ومفيدة لجذب النشء والشباب، ومخاطبتهم بالطرق وعبر الوسائل التى يقبلون عليها.
تحية تقدير لسيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى على هذه المبادرة وغيرها من المبادرات الوطنية التى تهدف للرقى والسمو بالإنسان المصرى، آملاً أن تتكاتف الحكومة ومؤسسات المجتمع المدنى وكافة المؤسسات الدينية للقيام بدورها المنوطة به من أجل مستقبل أفضل لخير الإنسان المصرى.