سودانايل:
2025-01-31@00:11:29 GMT

المؤتمر الوطني والتمادي في التمادي

تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT

بقلم حاتم أبوسن

في سياق النقاش الوطني حول دور الجيش السوداني في المرحلة الراهنة ومستقبل البلاد، تظهر رؤيتان فكريتان بارزتان تسلطان الضوء على هذه المسألة الحساسة. يرى الدكتور عبد الله علي إبراهيم أن حزب المؤتمر الوطني يمثل عبئًا على الجيش السوداني، مشددًا على ضرورة أن يتخلى الحزب عن محاولات استغلال الجيش لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، حتى يتسنى للجيش أن يصبح مظلة جامعة تمثل جميع السودانيين دون استثناء.


في السياق ذاته، يشير الدكتور الواثق كمير، نظرًا لوضع الدولة الهش، إلي إمكانية أن يكون للجيش  دور في العملية السياسية  و تأسيس الدولة و دعا إلي حوار واقعي بهذا الخصوص.
دمج هاتين الرؤيتين يُظهر أن الحل يكمن في الموازنة بين تحرير الجيش من الأجندات السياسية وتمكينه من أداء دوره الوطني كحامٍ للسيادة والاستقرار. هذا التفاهم يعزز من فرص السودان في بناء دولة تتجاوز إرث الماضي وتعمل لصالح جميع مواطنيها بلا انحياز أو تمييز.
بالمقابل و في خضم الحرب المدمرة التي تمزق السودان وتهدد بقاء الدولة نفسها، تظهر أخبار عن اجتماعات وصراعات داخلية بين قيادات المؤتمر الوطني، حيث يتنافسون على النفوذ ويتصارعون حول مستقبل الحزب. هذه الاجتماعات، التي يُقال إنها جرت في أماكن مختلفة داخل البلاد، تكشف عن مستوى صادم من الأنانية وعدم المسؤولية. بينما يواجه الشعب السوداني أزمة وجودية، وبينما تُراق دماء الأبرياء وتُهدم المؤسسات، ما زال هؤلاء يسعون للسيطرة على البلاد، متجاهلين تمامًا الحاجة الملحة لإنقاذ الوطن. إن إصرارهم على إعادة نفس النهج القديم الذي دمر السودان يشكل خطرًا هائلًا على مستقبل البلاد و على المؤتمر الوطني أن يدرك أن السودان لم يعد يحتمل الألاعيب السياسية، وأن الوقت قد حان للاستيقاظ وتحمل المسؤولية قبل فوات الأوان.
إن التمسك بالأوهام بأن الأمور يمكن أن تظل كما كانت هو ضرب من الكارثة. استمرار المؤتمر الوطني في التمسك بنهجه القديم، مع تجاهله للواقع الجديد الذي يعيشه السودان، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار. إذا كان هناك أي أمل في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل للبلاد، فيجب أن يكون هذا المستقبل لكل السودانيين دون استثناء، وليس حكرًا على فصيل سياسي أو جماعة بعينها. الجيش السوداني هو المؤسسة الوطنية الوحيدة القادرة على أن تكون المظلة الجامعة لكل أبناء الوطن، وهو الوحيد المؤهل لحماية سيادة السودان ووحدته. أي محاولة لتجاوز هذه الحقيقة أو للعودة إلى لعبة السيطرة الحزبية ستكون انتحارًا سياسيًا وأخلاقيًا. على المؤتمر الوطني أن يكون ذكيًا ويدرك أن الشعب السوداني قد تجاوز مرحلة الخداع، وأن أي استمرار في السياسات الأنانية سيجلب عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها. الوقت ما زال متاحًا لتصحيح المسار، ولكن النافذة تضيق سريعًا، وما يُتخذ اليوم من قرارات سيحدد مصير البلاد.
إن قيادات هذه الحركة  أمام مهمة  تاريخية لإعادة تعريف دورهم في السودان فبدلاً من أن يكونوا عبئًا على البلاد، يمكنهم  أن يصبحوا جزءًا من الحل. ولكن لتحقيق ذلك، عليهم أن يتخلوا  عن طموحاتهم في العودة إلى السلطة، بالعكس عليهم أن يعملوا علي نقد تجربتهم  و أن يفسحوا المجال لقوي وأفكار جديدة تسعى لبناء السودان على أسس وطنية حقيقية بل الواجب عليهم التعاون لتصحيح ما أفسدوه خلال سنوات حكمهم الطوال حينها فقط، يمكن لهم أن يعوّضوا عن أخطائهم ويتركوا أثرًا إيجابيًا في مستقبل السودان.
لا يمكن تناول الأزمة السودانية دون الإقرار بأن هذه القوى السياسية، على الرغم من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها خلال فترة حكمها الطويلة، لا تزال تمثل واقعًا يحتاج إلى معالجة حاسمة. المطلوب منها الآن هو التوقف عن محاولات السيطرة على المشهد السياسي وإدراك أن السودان لم يعد يحتمل إعادة إنتاج السياسات التي قادت البلاد إلى هذه الأزمات.
يجب على هذه القوى أن تدرك أن المستقبل لا يمكن بناؤه بأساليب الماضي، وأن استمرارها في محاولات الهيمنة سيؤدي فقط إلى تعميق الانقسامات وزيادة معاناة الشعب السوداني. الحل يكمن في انسحابها من محاولات فرض نفوذها، وترك المجال أمام بناء مؤسسات دولة قوية وشاملة، تخدم مصلحة الوطن بأكمله بدلاً من المصالح الحزبية الضيقة.
بعد عقود من الأخطاء الاستراتيجية والسياسات الخاطئة التي أسهمت في تعميق أزمات السودان و البلاد الآن  أمام منعطف حاسم. لم يعد بالإمكان الاستمرار في لعب الدور ذاته الذي استمر لثلاثين عاما . وهي فرصة كاملة بلا شك، انتهت بنتائج  كارثية على البلاد والشعب بما يملي و يوجب  التعويض عن الأخطاء  والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للسودان و يتطلب ذلك ضرورة تغيير المسار،
الاعتراف بالأخطاء كخطوة أولى نحو الإصلاح
لا يمكن تحقيق أي تغيير إيجابي دون اعتراف واضح وصريح بأخطاء التجربة فيجب على المؤتمر الوطني أن يتبنى نهجًا شجاعًا يقرّ فيه بمسؤوليته عن الفشل في إدارة الدولة، بما في ذلك السياسات التي أدت إلى تدمير المؤسسات الوطنية، ونشر الفساد، وتفكيك النسيج الاجتماعي.
لقد حصل المؤتمر الوطني على فرصته في الحكم، لكنه فشل في استغلالها بشكل يخدم الوطن. الآن، عليه أن يدرك أن دوره في المستقبل لا يمكن أن يكون استمرارًا لنفس النهج القديم.

إنهاء الإحتكار
يجب على المؤتمر الوطني  أن يتوقف عن احتكار المشهد السياسي وأن يفسح المجال  لحركة سياسية و وطنية ومؤهلة تحمل رؤى جديدة للسودان بل عليه أن يعمل مخلصا لنشوء مثل هذه التنظيمات.
*يمكن تحقيق ذلك من خلال:
*دعم المبادرات التي تسعى لإعادة هيكلة النظام السياسي في السودان.
*الابتعاد عن محاولات العودة للسلطة بأي ثمن.
*توجيه موارده وخبراته نحو دعم مشاريع تنموية حقيقية.
يمكن للمؤتمر الوطني أن يتحول من حزب يسعى للسلطة إلى مؤسسة توعوية  استشارية تقدم الخبرة والدعم للأحزاب الأخرى، وتساهم في صياغة سياسات وطنية تخدم جميع السودانيين.
التوقف عن تحميل الجيش السودان تبعات الإرتباط به

•التوقف عن تسييس الجيش:
يجب على هذه القوي أيضا  أن تفهم و تدرك جيدا أن الجيش لا ينبغي أن يكون أداة لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، بل هو مؤسسة وطنية يجب أن تبقى فوق كل الصراعات الحزبية.
•تعزيز دور الجيش كمؤسسة وطنية جامعة:
•دعم الجيش في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجه السودان.
•الابتعاد عن خلق صراعات داخلية داخل المؤسسة العسكرية.
•الترويج لفكرة أن الجيش هو حامي الوطن والشعب، وليس حامي الأنظمة أو الأحزاب.
رؤية جديدة لبناء السودان
كما أسلفنا و بما أنه ليس بالإمكان أن نتغافل عن وجود هذا القوي في أرض الواقع فإن النصيحة لهم بواقعية و بما يخدم ما تبقي من مصالح و ثوابت وطنية أنهم   بحاجة إلى أن يعيدوا تعريف منظومتهم  ليست كحزب حاكم، بل ككيان يساهم في بناء الوطن بطرق جديدة.
•التركيز على التنمية بدلاً من السياسة:
بدلاً من التركيز على العودة إلى السلطة، يمكن للكيان  أن يركز على دعم مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
•الاستثمار في التعليم والصحة.
•المساهمة في إعادة إعمار المناطق المتضررة من الصراعات.
•دعم الشباب وتمكينهم ليصبحوا قادة المستقبل.
•تغيير الخطاب السياسي:
كما علي هذه القوي يجب علي هذه القوي تبني   خطابًا جديدًا يقوم على الوحدة الوطنية بدلاً من الانقسامات، وعلى دعم التعايش السلمي بين مختلف الأطياف السودانية.
إلهام جديد للسودان
السؤال هو هل يمكن لمن كان المشكلة أن يكون  جزء من الحل إذا ما قرر و ضع مصلحة البلاد  فوق كل اعتبار؟
•الاعتراف بالأخطاء وترك الساحة لرؤي جديدة  يمكن أن يؤدي إلي إصلاح الحياة السياسية في البلاد.
•دعم الجيش الوطني دعما حقيقيا من خلال رفده بعناصر متخلية عن ولائها الحزبي ليتحول الجيش لمؤسسة  جامعة والعمل على تعزيز دوره كحامي للوطن، لا كأداة للصراعات السياسية.
•المساهمة في بناء السودان من خلال مشاريع تنموية وبرامج نهضة حقيقية بعيدا عن نظرة حزبية ضيقة و تجربة دمرها التمادي في الخطأ و الظلم و الفساد.

habusin@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: على المؤتمر الوطنی الجیش السودان الوطنی أن أن یکون یجب على فی بناء لا یمکن

إقرأ أيضاً:

متري الراهب: المسيحية براء من الصهيونية وهما ضدان لا يمكن أن يلتقيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الدكتور القس متري الراهب، رئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم، إن المسيحية الصهيونية تعد قضية الساعة، مشيرًا إلى أن المؤتمر الدولي الذي انعقد في عمان حول فهم الصهيونية المسيحية وتأثيراتها على المسيحيين في الشرق الأوسط يعالج موضوعًا بالغ الخطورة، ليس فقط من الناحية الدينية، بل أيضًا من الجوانب السياسية والاقتصادية. 

وأوضح أن هذا المؤتمر يتزامن مع تولي حكومة أمريكية تُعد من الأكثر أصولية وتشدّدًا، وهي حكومة تحظى بدعم المسيحيين الصهاينة واللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية.

واضاف الراهب خلال تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز" أن التطرف اليميني والمسيحية الصهيونية تشهد اليوم تناميا وزخما وانتشارا هائلا في أمريكا وأوروبا والنصف الجنوبي من العالم، وبالأخص ألمانيا، إيطاليا ، فرنسا والدول الاسكندنافية أيضا، وهي تسند اليوم للتطهير العرقي في غزة والاستيطان الاحتلالي في الضفة الغربية.

وأشار “الراهب” إلى أن المسيحية براء من الصهيونية وهما ضدان لا يمكن أن يلتقيا، مؤكدا أن المؤتمر يتبنى نهجا مناهضا للاستعمار ويسلط الضوء على الكيفية التي نوفر بها المسيحية الصهيونية الإطار الأيدولوجي أي القوة الناعمة التي تسهل احتلال المستوطنين للأراضي الفلسطينية ويوفر الدعم العسكري الغربي للاحتلال وللقوة الاستعمارية الغاشمة مما يتيح المجال للتطهير العرقي والإبادة الجماعية ويجعل من الإسلاموفوبيا والعنصرية ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين جزءا لا يتجزأ من هذه الأيديولوجيا والتي غالبا ما تعتبر معاناة المسيحيين تحت الاحتلال الإسرائيلي على أنها أضرار جانبية لا بد منها. 

وكشف “الراهب” عن أن المؤتمر ركز على موضوع لم يدرس من قبل وهو تأثيرات الصهيونية المسيحية على المسيحيين في الشرق الأوسط، و تعريف مفهوم المسيحية الصهيونية التي لها عدة أوجه فلم تعد فقط المسيحية المحافظة وإنما هناك مسيحية صهيونية في الكنائس الرئيسية والكنائس الليبرالية.

وتابع: أن المؤتمر يتمتع بأهمية كبيرة لأنه ينعقد في الأردن في موع عماد السيد المسيح  لذلك ابتدأنا المؤتمر بمسيرة حج استمرت لثلاث ساعات لنترك للمكان أن يعمل أثره الروحي فينا.

وأشاد الدكتور القس متري الراهب، إلى الدور الذي تقوم به مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي والحكومة المصرية وبالأخص البيان الصادر عن الخارجية المصرية والذي شدد في  رفضه لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواءً كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل، وبما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها، والعمل على بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام 1967، وكذلك  العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني الذي ايضا يرفض اي سياسات للتطهير واعربه دائما وقوفه بجانب الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يعلن استعادته مدينة أم روابة بشمال كردفان جنوب البلاد
  • هل تعلم أن مغلي البقدونس يمكن أن يغير حياتك؟: إليك الفوائد التي لا تعرفها
  • سرقة السيارة التي« لا يمكن سرقتها»
  • مصرع 18 شخصًا في تحطم طائرة بولاية الوحدة في جنوب السودان
  • السودان.. مصرع 18 شخصا بتحطم طائرة جنوب البلاد
  • الوجه الآخر للحرب في السودان ..!!
  • متري الراهب: المسيحية براء من الصهيونية وهما ضدان لا يمكن أن يلتقيا
  • تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام إلى الإدارة الجديدة بدمشق
  • تركيا توجه فصائل الجيش الوطني السوري للانضمام للإدارة الجديدة بدمشق
  • كرم: التمادي في الاستفزازات لن يُعيد الأمور الى السابق