المؤتمر الوطني والتمادي في التمادي
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
بقلم حاتم أبوسن
في سياق النقاش الوطني حول دور الجيش السوداني في المرحلة الراهنة ومستقبل البلاد، تظهر رؤيتان فكريتان بارزتان تسلطان الضوء على هذه المسألة الحساسة. يرى الدكتور عبد الله علي إبراهيم أن حزب المؤتمر الوطني يمثل عبئًا على الجيش السوداني، مشددًا على ضرورة أن يتخلى الحزب عن محاولات استغلال الجيش لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، حتى يتسنى للجيش أن يصبح مظلة جامعة تمثل جميع السودانيين دون استثناء.
في السياق ذاته، يشير الدكتور الواثق كمير، نظرًا لوضع الدولة الهش، إلي إمكانية أن يكون للجيش دور في العملية السياسية و تأسيس الدولة و دعا إلي حوار واقعي بهذا الخصوص.
دمج هاتين الرؤيتين يُظهر أن الحل يكمن في الموازنة بين تحرير الجيش من الأجندات السياسية وتمكينه من أداء دوره الوطني كحامٍ للسيادة والاستقرار. هذا التفاهم يعزز من فرص السودان في بناء دولة تتجاوز إرث الماضي وتعمل لصالح جميع مواطنيها بلا انحياز أو تمييز.
بالمقابل و في خضم الحرب المدمرة التي تمزق السودان وتهدد بقاء الدولة نفسها، تظهر أخبار عن اجتماعات وصراعات داخلية بين قيادات المؤتمر الوطني، حيث يتنافسون على النفوذ ويتصارعون حول مستقبل الحزب. هذه الاجتماعات، التي يُقال إنها جرت في أماكن مختلفة داخل البلاد، تكشف عن مستوى صادم من الأنانية وعدم المسؤولية. بينما يواجه الشعب السوداني أزمة وجودية، وبينما تُراق دماء الأبرياء وتُهدم المؤسسات، ما زال هؤلاء يسعون للسيطرة على البلاد، متجاهلين تمامًا الحاجة الملحة لإنقاذ الوطن. إن إصرارهم على إعادة نفس النهج القديم الذي دمر السودان يشكل خطرًا هائلًا على مستقبل البلاد و على المؤتمر الوطني أن يدرك أن السودان لم يعد يحتمل الألاعيب السياسية، وأن الوقت قد حان للاستيقاظ وتحمل المسؤولية قبل فوات الأوان.
إن التمسك بالأوهام بأن الأمور يمكن أن تظل كما كانت هو ضرب من الكارثة. استمرار المؤتمر الوطني في التمسك بنهجه القديم، مع تجاهله للواقع الجديد الذي يعيشه السودان، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار. إذا كان هناك أي أمل في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل للبلاد، فيجب أن يكون هذا المستقبل لكل السودانيين دون استثناء، وليس حكرًا على فصيل سياسي أو جماعة بعينها. الجيش السوداني هو المؤسسة الوطنية الوحيدة القادرة على أن تكون المظلة الجامعة لكل أبناء الوطن، وهو الوحيد المؤهل لحماية سيادة السودان ووحدته. أي محاولة لتجاوز هذه الحقيقة أو للعودة إلى لعبة السيطرة الحزبية ستكون انتحارًا سياسيًا وأخلاقيًا. على المؤتمر الوطني أن يكون ذكيًا ويدرك أن الشعب السوداني قد تجاوز مرحلة الخداع، وأن أي استمرار في السياسات الأنانية سيجلب عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها. الوقت ما زال متاحًا لتصحيح المسار، ولكن النافذة تضيق سريعًا، وما يُتخذ اليوم من قرارات سيحدد مصير البلاد.
إن قيادات هذه الحركة أمام مهمة تاريخية لإعادة تعريف دورهم في السودان فبدلاً من أن يكونوا عبئًا على البلاد، يمكنهم أن يصبحوا جزءًا من الحل. ولكن لتحقيق ذلك، عليهم أن يتخلوا عن طموحاتهم في العودة إلى السلطة، بالعكس عليهم أن يعملوا علي نقد تجربتهم و أن يفسحوا المجال لقوي وأفكار جديدة تسعى لبناء السودان على أسس وطنية حقيقية بل الواجب عليهم التعاون لتصحيح ما أفسدوه خلال سنوات حكمهم الطوال حينها فقط، يمكن لهم أن يعوّضوا عن أخطائهم ويتركوا أثرًا إيجابيًا في مستقبل السودان.
لا يمكن تناول الأزمة السودانية دون الإقرار بأن هذه القوى السياسية، على الرغم من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها خلال فترة حكمها الطويلة، لا تزال تمثل واقعًا يحتاج إلى معالجة حاسمة. المطلوب منها الآن هو التوقف عن محاولات السيطرة على المشهد السياسي وإدراك أن السودان لم يعد يحتمل إعادة إنتاج السياسات التي قادت البلاد إلى هذه الأزمات.
يجب على هذه القوى أن تدرك أن المستقبل لا يمكن بناؤه بأساليب الماضي، وأن استمرارها في محاولات الهيمنة سيؤدي فقط إلى تعميق الانقسامات وزيادة معاناة الشعب السوداني. الحل يكمن في انسحابها من محاولات فرض نفوذها، وترك المجال أمام بناء مؤسسات دولة قوية وشاملة، تخدم مصلحة الوطن بأكمله بدلاً من المصالح الحزبية الضيقة.
بعد عقود من الأخطاء الاستراتيجية والسياسات الخاطئة التي أسهمت في تعميق أزمات السودان و البلاد الآن أمام منعطف حاسم. لم يعد بالإمكان الاستمرار في لعب الدور ذاته الذي استمر لثلاثين عاما . وهي فرصة كاملة بلا شك، انتهت بنتائج كارثية على البلاد والشعب بما يملي و يوجب التعويض عن الأخطاء والمساهمة في بناء مستقبل أفضل للسودان و يتطلب ذلك ضرورة تغيير المسار،
الاعتراف بالأخطاء كخطوة أولى نحو الإصلاح
لا يمكن تحقيق أي تغيير إيجابي دون اعتراف واضح وصريح بأخطاء التجربة فيجب على المؤتمر الوطني أن يتبنى نهجًا شجاعًا يقرّ فيه بمسؤوليته عن الفشل في إدارة الدولة، بما في ذلك السياسات التي أدت إلى تدمير المؤسسات الوطنية، ونشر الفساد، وتفكيك النسيج الاجتماعي.
لقد حصل المؤتمر الوطني على فرصته في الحكم، لكنه فشل في استغلالها بشكل يخدم الوطن. الآن، عليه أن يدرك أن دوره في المستقبل لا يمكن أن يكون استمرارًا لنفس النهج القديم.
إنهاء الإحتكار
يجب على المؤتمر الوطني أن يتوقف عن احتكار المشهد السياسي وأن يفسح المجال لحركة سياسية و وطنية ومؤهلة تحمل رؤى جديدة للسودان بل عليه أن يعمل مخلصا لنشوء مثل هذه التنظيمات.
*يمكن تحقيق ذلك من خلال:
*دعم المبادرات التي تسعى لإعادة هيكلة النظام السياسي في السودان.
*الابتعاد عن محاولات العودة للسلطة بأي ثمن.
*توجيه موارده وخبراته نحو دعم مشاريع تنموية حقيقية.
يمكن للمؤتمر الوطني أن يتحول من حزب يسعى للسلطة إلى مؤسسة توعوية استشارية تقدم الخبرة والدعم للأحزاب الأخرى، وتساهم في صياغة سياسات وطنية تخدم جميع السودانيين.
التوقف عن تحميل الجيش السودان تبعات الإرتباط به
•التوقف عن تسييس الجيش:
يجب على هذه القوي أيضا أن تفهم و تدرك جيدا أن الجيش لا ينبغي أن يكون أداة لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، بل هو مؤسسة وطنية يجب أن تبقى فوق كل الصراعات الحزبية.
•تعزيز دور الجيش كمؤسسة وطنية جامعة:
•دعم الجيش في مواجهة التحديات الأمنية التي تواجه السودان.
•الابتعاد عن خلق صراعات داخلية داخل المؤسسة العسكرية.
•الترويج لفكرة أن الجيش هو حامي الوطن والشعب، وليس حامي الأنظمة أو الأحزاب.
رؤية جديدة لبناء السودان
كما أسلفنا و بما أنه ليس بالإمكان أن نتغافل عن وجود هذا القوي في أرض الواقع فإن النصيحة لهم بواقعية و بما يخدم ما تبقي من مصالح و ثوابت وطنية أنهم بحاجة إلى أن يعيدوا تعريف منظومتهم ليست كحزب حاكم، بل ككيان يساهم في بناء الوطن بطرق جديدة.
•التركيز على التنمية بدلاً من السياسة:
بدلاً من التركيز على العودة إلى السلطة، يمكن للكيان أن يركز على دعم مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
•الاستثمار في التعليم والصحة.
•المساهمة في إعادة إعمار المناطق المتضررة من الصراعات.
•دعم الشباب وتمكينهم ليصبحوا قادة المستقبل.
•تغيير الخطاب السياسي:
كما علي هذه القوي يجب علي هذه القوي تبني خطابًا جديدًا يقوم على الوحدة الوطنية بدلاً من الانقسامات، وعلى دعم التعايش السلمي بين مختلف الأطياف السودانية.
إلهام جديد للسودان
السؤال هو هل يمكن لمن كان المشكلة أن يكون جزء من الحل إذا ما قرر و ضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار؟
•الاعتراف بالأخطاء وترك الساحة لرؤي جديدة يمكن أن يؤدي إلي إصلاح الحياة السياسية في البلاد.
•دعم الجيش الوطني دعما حقيقيا من خلال رفده بعناصر متخلية عن ولائها الحزبي ليتحول الجيش لمؤسسة جامعة والعمل على تعزيز دوره كحامي للوطن، لا كأداة للصراعات السياسية.
•المساهمة في بناء السودان من خلال مشاريع تنموية وبرامج نهضة حقيقية بعيدا عن نظرة حزبية ضيقة و تجربة دمرها التمادي في الخطأ و الظلم و الفساد.
habusin@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: على المؤتمر الوطنی الجیش السودان الوطنی أن أن یکون یجب على فی بناء لا یمکن
إقرأ أيضاً:
الأزمة التي يواجهها الجيش الإسرائيلي
منذ بداية العدوان على غزة بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ولمدة طويلة كان هناك خلاف علني في أروقة دولة الاحتلال الإسرائيلي على شكل اليوم التالي في قطاع غزة، حتى إن وزير الدفاع المقال يوآف غالانت قبل إقالته انتقد في مايو/ أيار الماضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل واضح متهمًا إياه بالمماطلة باتخاذ قرارات مهمة حول حكم غزة بعد الحرب.
وكان موقف غالانت يمثل الطرف الرسمي المناوئ لفكرة العديد من وزراء الحكومة الذين كانوا ينظّرون لفكرة الحكم العسكري، وقد أكد غالانت من موقعه كوزير دفاع أن كل الخطط العسكرية تتضمن إيجاد بديل لحكم غزة مدنيًا، وطالب غالانت، نتنياهو حينها بالإعلان أن إسرائيل لن تحكم غزة عسكريًا.
ووصف غالانت الحكم العسكري الإسرائيلي لغزة بأنه "دموي ومكلف"، وكان تقدير موقف غالانت أنه بدون إيجاد بديل محلي لحماس، فإن هناك خيارين سيئين من وجهة نظره، وهما: حكم عسكري إسرائيلي، أو عودة حركة حماس.
آنذاك دعم زعيم حزب المعسكر الوطني بيني غانتس والوزير في كابينت الحرب تصريحات غالانت، وقال حينها إن وزير الدفاع غالانت يقول الحقيقة، وكان رد نتنياهو، أن الحديث عن اليوم التالي غير واقعي ما لم يتم تحقيق حسم عسكري.
واليوم لم يعد غالانت وزيرًا للدفاع ولم يعد غانتس عضوًا في كابينت الحرب، حيث استقال غانتس واستبدل نتنياهو عبر خطة لئيمة التوقيت غالانت بالوزير يسرائيل كاتس الذي يعتبر وفق قناعة كثيرين وزيرًا يفتقد للصلاحيات المهنية لفهم الوضع العسكري، ويعجز عن مواجهة الحكومة بثبات.
وفي هذا السياق، قال اللواء احتياط تال روسو، وهو قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي سابقًا، إن كاتس سيكون مجرد دمية لنتنياهو، "وهو عديم المسؤولية لأنه قبل المنصب ولا مهارات لديه". بل إن بعض الكتاب مثل رون بن يشاي في يديعوت أحرونوت ذهب إلى القول إن وزير الدفاع الآن هو نتنياهو.
هاليفي في مواجهة نتنياهو
ومن المعروف أن القرار العسكري في دولة الاحتلال يؤثر فيه بدرجة أساسية 3 مواقف، هي: موقف رئيس الوزراء وله الكلمة العليا، وموقف وزير الدفاع، وموقف رئيس الأركان، ومع إبعاد غالانت عن وزارة الدفاع وتعيين كاتس بات موقف نتنياهو أكثر قوة، وبقي رئيس الأركان هرتسي هاليفي المغطى بعار 7 أكتوبر/ تشرين، الأول في مواجهة نتنياهو.
مع تزايد الحديث عن الحكم العسكري من وزراء الائتلاف ومن قادة في أحزابهم، ومنهم على سبيل المثال أوهاد تال، البرلماني الإسرائيلي عن حزب "الصهيونية الدينية" عضو لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، الذي طالب ببقاء الحكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة لسنوات عديدة، ترفض المعارضة الإسرائيلية وعدد من الشخصيات في الجيش فكرة الحكم العسكري لغزة.
وعليه تعوّل كافة هذه الأطراف التي ترفض فكرة الحكم العسكري لغزة على موقف رئيس الأركان هرتسي هاليفي في مواجهة الحكومة التي يتصدر فيها أشخاص، مثل: وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش اللذين يدعمان فكرة الحكم العسكري لقطاع غزة، بل يدعمان الاقتطاع منه لبناء مستوطنات جديدة.
ويعتقد الرافضون لفكرة الحكم العسكري أن هاليفي يمكنه رؤية الصورة بوضوح، بل إنه الشخص الوحيد، في ظل أن السياسيين الذين يقودون الحكومة تتعارض مصالحهم السياسية مع ما يسمى المصلحة العامة لدولة الاحتلال، وليس لديهم مشكلة أحيانًا في الانجرار إلى حرب ممتدة كبيرة التكاليف.
إن مشكلة المعولين على هاليفي أنهم متشككون في أنه يدرك أن مسؤوليته تتطلب منه الوقوف بحزم أمام دوائر صنع القرار السياسي، وأمام نتنياهو على وجه الخصوص. كما أن الواقع على الأرض يشير إلى أن الجيش يتصرف من جهة، وكأنه يتجاهل الأخطار الحقيقية، ومن جهة أخرى يبدو أنه تتنازعه قرارات متضاربة، وعلى رأس ذلك خُطة الجنرالات التي بدأ الجيش تطبيقها في شمال قطاع غزة دون تبنّيها رسميًا.
أزمة الجيش
لا شك أن الجيش سيكون الجهة الأساسية المسؤولة عن أي سيناريو لفكرة الحكم العسكري في غزة، ولكن من الواضح أن الجيش الذي ما زال يعاني وصمة 7 أكتوبر/ تشرين الأول، وما تبع ذلك من جرائم، يعيش أزمات متعددة، منها أن هناك حديثًا عن أنّ الانضباط في مؤسسة الجيش، لم يعد كالسابق.
وقد ذكرت شهادات لمؤسسات دولية أن كل مسؤول بالجيش يتصرف بشكل مختلف عن غيره من الضباط عند مرور شاحنات المساعدات من منطقته، كما أن هناك مؤشرات أخرى حصلت في جنوب لبنان وفي غزة، تؤكد ذلك.
يتحدث كتّاب إسرائيليون مثل عوفر شيلح نقلًا عن مصادر في الجيش عن أن هناك عصابات في الجيش تتصرف بشكل منفصل، وأن الانصياع للأوامر بات ضعيفًا، وأنه لا يوجد محاسبة، وأن الضباط يرتكبون المجازر دون أي رادع، وأن هناك مشكلة أكبر تتمثل في آثار 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يصعب على الضباط الذين فشلوا في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ولم يتعرضوا للمساءلة أو المحاسبة، أن يفرضوا أنفسهم أو يحاسبوا جنودًا أقل رتبة منهم. وفي هذا السياق، يتوقع أن حالة عدم الالتزام هذه ستزداد وتتعمق في حال ذهب الجيش نحو خيار الحكم العسكري.
أما الأزمة الأخرى، فهي الاستنزاف والتحدي في القدرة على تأمين 4 فرق لحكم قطاع غزة، وهو ما سيضطر الجيش لفتح ملف التجنيد مجددًا والذي كان أحد أسباب إقالة وزير الدفاع غالانت، وسيؤدي فتح ذلك إلى أزمة داخلية مع التيار الحريدي، وحتى لو تم تجاوز ذلك بمسارات تجنيد أخرى فستكون لها آثار اجتماعية واقتصادية، ستدفع كثيرين للتهرب من الخدمة بشكل أكبر مما هو واقع حاليًا.
تحديات أخرى
إن فكرة الحكم العسكري في غزة، كما قال غالانت، ستكون مكلفة على مستوى الضحايا وعلى مستوى النفقات، وإن كانت تكلفة الموارد البشرية التي كلفت خلال العام الماضي أكثر من ربع الإنفاق الحربي، ستكلف أكثر في حال ذهب الاحتلال إلى خيار الحكم العسكري لغزة، وستكون على حساب تعويض الخسائر في الآليات والتطوير العسكري، فضلًا عن أنها ستكون على حساب التوظيف في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والنمو في كافة القطاعات الأخرى بشكل عام.
ومع أن آخر ما تفكر فيه الفئة الرافضة للحكم العسكري في دولة الاحتلال، هو البعد الأخلاقي لهذا المسار، فهي في أغلبها تدعم التدمير والقتل والحصار، وترى أن المهمة اللازمة في غزة هي استعادة الأسرى، ولا مانع لديها أنه لو قررت دولة الاحتلال عدم تغيير النظام في غزة فإنها يمكنها الانسحاب، ثم العودة إلى أي مكان في غزة في الوقت الذي تريده.
صعوبات مستقبلية
يرى الرافضون في دولة الاحتلال لفكرة الحكم العسكري في غزة بل ولفكرة إمكانية الحسم العسكري الكامل، أن التجربة التاريخية تشير إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي بقيت في السابق في غزة، وفي جنوب لبنان لأعوام طويلة، ولم تستطع القضاء على المقاومة.
ويستدلون أيضًا بواقع الضفة الغربية الحالي، حيث تستمر عمليات الجيش الإسرائيلي على مدار 20 عامًا مع حرية الحركة دون القضاء على المقاومة هناك، وبالتالي يعد من الخطأ المضي نحو هذا الخيار مرة أخرى في غزة بعد أن ثبت فشله، وفي ظل صعوبات وتحديات أكبر، ومقاومة قادرة على التكيف، وتكبيد الاحتلال الكثير من الخسائر.
تحاول دولة الاحتلال في ظل تكلفة الحكم العسكري أن تموّه خيار الحكم العسكري بغطاءات مختلفة، مثل شركات أمنية لتوزيع المساعدات، ولكن هذه الأفكار لن تؤسس لحكم عسكري ولن تستطيع أن تكون بديلًا لحركة حماس في غزة، ولهذا من غير المرجّح أن يكتب لها النجاح.
ختامًا:
يمكن القول إن الحديث عن الحكم العسكري لغزة يزداد في أوساط الاحتلال، وإن واقع الجيش ضعيف أمام أكثر الوزراء تطرفًا تحت قيادة نتنياهو، وحتى فكرة ربط الحكم العسكري بمدة مؤقتة تمهيدًا لوجود سلطة مثل تلك الموجودة في الضفة، لن توفر للاحتلال ما يريده، هذا في حال افترضنا نجاحه.
وفي ظل هذه الصعوبات والتكلفة الكبيرة لا يمكن أيضًا استبعاد أن تكون كثافة الحديث عن الحكم العسكري مع بعض التحركات الميدانية من الجيش مع العمل على فصل جبهة لبنان عن غزة، هي مناورة من نتنياهو للضغط على حركة حماس.
على كل حال، وكما قال غالانت، فإن مسار حكم عسكري إسرائيلي لغزة، والذي يروّج له وزراء نتنياهو، لن يكون سوى خطوة كارثية أخرى على دولة الاحتلال تعمّق مأزقها، وتسير بها إلى تدهور آخر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية