مجلس النواب الجديد أمام اختبار الحرية: هل يصحح أخطاء الماضي؟
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
#سواليف
#مجلس_النواب الجديد أمام #اختبار_الحرية: هل يصحح #أخطاء_الماضي؟
بقلم: أ.د #محمد_تركي_بني_سلامة
عندما يشرع مجلس النواب قانونًا جديدًا، يفترض أن يكون الهدف الأساسي منه هو تعزيز العدالة والحرية، وترسيخ حقوق الإنسان. لكن الواقع يختلف كثيرًا عن هذا الهدف النبيل، كما تجلى في قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقره مجلس النواب السابق.
القانون الذي يُفترض أن يحمي المجتمع، تحول إلى أداة لتكميم الأفواه وقمع الأصوات الحرة. تقرير لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب أشار بوضوح إلى مخاطر النصوص القانونية الغامضة التي تحمل أكثر من تفسير، مؤكدًا أنها تشكل تهديدًا حقيقيًا لحقوق الإنسان. وهذا ينطبق بدقة على قانون الجرائم الإلكترونية، حيث أصبحت هذه النصوص وسيلة يستخدمها البعض بشكل تعسفي لترهيب المواطنين وتقييد حرية التعبير.
المأساة الكبرى أن هذا القانون لم يُصغ لحماية الناس من الجرائم الإلكترونية، بل لحماية الفاسدين الكبار الذين يتلاعبون بمقدرات الوطن. تحول القانون إلى درع يحتمي به هؤلاء الفاسدون لتكميم الأفواه التي تحاول كشف فسادهم. يعاني الشعب الأردني من قمع مزدوج: قمع الفساد الذي يستنزف الموارد ويعوق التنمية، وقمع حرية التعبير التي تُعد الوسيلة الأهم لمحاسبة الفاسدين وإيقافهم.
لقد بات المواطن الأردني يعيش في ظل تهديد دائم. الحديث عن الفساد أو المطالبة بالعدالة أصبح مغامرة محفوفة بالمخاطر. الفاسدون، الذين يتخفون خلف هذا القانون، نجحوا في جعله سيفًا مسلطًا على رقاب الشعب، يمنعهم من التعبير عن معاناتهم أو حتى مناقشة المشكلات التي تواجههم. الإنجاز الأكبر لهذا القانون لم يكن حماية المجتمع من الجرائم، بل تحصين الفاسدين وإضعاف ثقة الشعب بمؤسساته الوطنية.
أمام مجلس النواب الجديد مسؤولية تاريخية لا يمكن التهرب منها. يجب أن يكون هذا المجلس على قدر التحدي، وأن يدرك حجم الأضرار التي ألحقها هذا القانون بسمعة الأردن وكرامة شعبه. تعديل هذا القانون أو حتى إلغاؤه بالكامل ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة وطنية ملحة. الشعوب التي تُحرم من حريتها لن تتمكن من النهوض، والأردن الذي يسعى ليكون نموذجًا إقليميًا في الديمقراطية والانفتاح، لا يمكنه تحقيق هذا الطموح في ظل قوانين تقيد حرية التعبير وتشوه صورته عالميًا.
سمعة الأردن الدولية، التي كانت دائمًا مصدر فخر واعتزاز، باتت الآن على المحك. كيف يمكن لدولة كانت تُعرف بالاستقرار والانفتاح أن تُدرج ضمن قائمة الدول التي تقيد الحريات وتكتم أصوات شعبها؟ تقرير الأمم المتحدة أشار بوضوح إلى أن الدول التي تسير في هذا الاتجاه تفقد تدريجيًا مكانتها واحترامها على الساحة الدولية. مجلس النواب الجديد أمام فرصة تاريخية لاستعادة هذه السمعة المفقودة من خلال اتخاذ خطوات جريئة لتعديل هذا القانون.
الرؤية الملكية التي دعت إلى الإصلاح والتحديث السياسي باتت هي الأخرى على المحك. قانون الجرائم الإلكترونية لا يتماشى بأي شكل مع هذه الرؤية، بل يناقضها بشكل صارخ. مجلس النواب الجديد مطالب بأن يثبت أنه شريك حقيقي في عملية الإصلاح، وأن يتجاوز أخطاء الماضي بدلاً من الاستمرار فيها.
الشعوب لا تنهض إلا عندما تتوفر لها الحرية ولا تزدهر الا بالكرامة. القوانين التي تسلب المواطنين حقوقهم هي خنجر في قلب الوطن، تقوض تقدمه بدلاً من أن تعززه. تعديل هذا القانون هو اختبار حقيقي لمدى التزام مجلس النواب الجديد بمسؤولياته تجاه الشعب والوطن. الشعب الأردني يستحق قوانين تحترم حقوقه، وتُعبر عن طموحاته، وتمنحه مساحة للتعبير والمشاركة في بناء مستقبل أفضل.
إن الكرة الآن في ملعب مجلس النواب الجديد. هل سيكون على قدر التحدي ويصحح هذا الخطأ التاريخي؟ أم سيكرر ما حدث في الماضي ويترك الشعب الأردني يرزح تحت وطأة قانون جائر؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مسار الأردن في السنوات القادمة، وستحسم مكانة المجلس النيابي في ذاكرة الشعب. نحن نأمل أن يكون المستقبل مشرقًا، وأن تتحقق العدالة والحرية، فالأردن وشعبه يستحقان الأفضل.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف أخطاء الماضي محمد تركي بني سلامة الجرائم الإلکترونیة مجلس النواب الجدید الشعب الأردنی هذا القانون قانون ا التی ت
إقرأ أيضاً:
حصاد 2024| لجوء الأجانب أبرزها.. البرلمان ينتصر لملف الحقوق والحريات
أولت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي أهمية خاصة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، وكيفية تحقيقها في إطار تخطيط استراتيجي يعبر عن إرادة وطنية جادة، والتزام صادق بتعهدات مصر الدولية، من خلال جهودها الكبيرة المبذولة لتطوير القانون الدولى لحقوق الإنسان، وذلك من خلال مشاركتها في صياغة العديد من مشروعات القوانين التى انتصرت لملف الحقوق والحريات، نستعرض أبرزها في سياق التقرير الآتي .
مشروع قانون الإجراءات الجنائية
وافق مجلس النواب وبصفة نهائية علي مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن قانون الإجراءات الجنائية.
يأتي مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، ليكون نقطة تحول جادة في مسار تحقيق العدالة الناجزة والانتصار لبنود الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وأكد أعضاء بالبرلمان أن مشروع القانون الجاري مناقشته في اجتماعات اللجنة التشريعية بمجلس النواب، يتضمن مكاسب عدة تحقق المحاكمة العادلة والناجزة وفق متغيرات العصر الحديث، كما أنه قفزة مهمة في طريق الالتزام بالمعايير الدولية الحقوقية والأخص فيما تتعلق بملف الحبس الاحتياطي.
ويعد مشروع قانون الإجراءات الجنائية من أهم القوانين المكملة للدستور، حيث ينظم الإجراءات التي يجب اتباعها في التحقيق والمحاكمة والفصل في القضايا الجنائية، وتتصل أهميته بأنه يحمي الحقوق والحريات.
قانون لجوء الأجانب
وافق مجلس النواب، خلال جلساته العامة 2024 برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، على مشروع قانون لجوء الأجانب.
ويهدف مشروع القانون إلى وضع تنظيم قانوني لأوضاع اللاجئين وحقوقهم والتزاماتهم المختلفة في إطار الحقوق والالتزامات التي قررتها الاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إليها، وذلك لضمان تقديم جميع أوجه الدعم والرعاية للمستحقين، من خلال إنشاء اللجنة الدائمة لشؤون اللاجئين، لتكون هي الجهة المختصة بكافة شؤون اللاجئين بما في ذلك المعلومات والبيانات الإحصائية الخاصة بهم، وذلك في إطار استمرار تقديم الدعم والمساندة الكاملة للاجئين.
توصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي
وعلى جانب آخر ..جاءت وجيهات الرئيس السيسي للحكومة بسرعة تنفيذ توصيات الحوار الوطني المتعلقة بالحبس الاحتياطي والعدالة الجنائية، والتي عكست تفاعلا كبيرا واستجابة سريعة من القيادة السياسية نحو تعزيز حقوق الانسان وما تم من توصيات بخصوص الحبس الاحتياطي.