"ورقة سياسات" تناقش لوبي القطاع الخاص في البرلمان المغربي عقب قرار للمحكمة الدستورية
تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT
نشر المعهد المغربي لتحليل السياسات، ورقة بحثية للباحثة الأكاديمية المتخصصة في القانون الدستوري والعلوم السياسية، مريم ابليل، تناقش من خلالها لوبي القطاع الخاص في البرلمان المغربي عقب قرار للمحكمة الدستورية المتعلق بالرقابة على النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأوضحت الباحثة أن « غياب إطار قانوني واضح ينظم استقبال اللجان الدائمة للفاعلين من القطاع الخاص، يؤدي إلى العمل في الظل وبشكل غير مؤطر، مما قد يؤثر سلبا على مبادئ الشفافية والمساواة ».
وناقشت الورقة قرار المحكمة الدستورية، الذي شدد على أهمية التزام مجلس النواب بالضوابط الدستورية في تنظيم عمله الداخلي، وقضت بمطابقة معظم مواده مع الدستور، إلا أنها أبدت ملاحظات ورفضت بعض المقتضيات التي رأت أنها تخالف المبادئ الدستورية، كما هو الحال بخصوص المادة 130 المتعلقة باستماع اللجان الدائمة لممثلي القطاع الخاص.
وقضت المحكمة في قرارها، موضوع الورقة البحثية، بعدم دستورية مقتضى من المادة 130 الذي يسمح للجان الدائمة بالاستماع إلى “فاعلين من القطاع الخاص”، ورغم أن المحكمة الدستورية استندت إلى عدم وجود نص دستوري واضح ينظم هذا التفاعل، إلا أن هذا القرار يثير تساؤلات كثيرة حول مدى انسجامه مع روح الدستور التي تدعو إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية، وحول مدى توافقه مع التوجهات العالمية ذات الصلة بتقنين عمل جماعات الضغط وتنظيم تفاعلها مع المؤسسات البرلمانية، وفق الباحثة مريم ابليل.
تقول الباحثة مريم اليل، إنه « من الواضح أن المحكمة الدستورية اعتمدت في قرارها على مبدأ التقيد الحرفي بالاختصاصات المنصوص عليها في الدستور والقوانين التنظيمية، بحيث ترى أن أي توسيع للاختصاصات يجب أن يكون بناء على نصوص تشريعية واضحة، وهو ما غاب في هذه الحالة ».
ورأت الورقة البحثية أن « رفض المحكمة الدستورية مرتبط بعدم وجود أساس دستوري أو قانوني ينص على إمكانية استماع اللجان الدائمة إلى فاعلين من القطاع الخاص، يدفع إلى طرح السؤال التالي: هل يجب أن تكون جميع المقتضيات المنصوص عليها في النظام الداخلي مذكورة صراحة في الدستور؟ أم فقط يمكن الاكتفاء بوجود قواعد عامة في الدستور تضع إطارا عاما، بينما يتم تفصيل هذه القواعد وتوضيحها من خلال الأنظمة الداخلية والقوانين الأخرى؟ ».
وتوقفت الورقية البحثية عند نماذج دولية تنظم عمل جماعات الضغط في البرلمان، منها الولايات المتحدة الأمريكية (قانون الإفصاح عن اللوبيات)، والاتحاد الأوروبي، (السجل الشفاف لممثلي المصالح)، ثم كندا (قانون تسجيل اللوبيات)، وأيضا أستراليا (مدونة قواعد سلوك اللوبيات)، وأخيرا المملكة المتحدة (قانون الشفافية في ممارسة الضغط).
وشددت الباحثة على أن « اللوبيات تلعب دورا رئيسيا في الأنظمة الديمقراطية المتقدمة عبر تقديم المعلومات والخبرات للمشرعين، والدفاع عن مصالح محددة »، مؤكدة أنه « لضمان نجاح هذه الخطوة، يجب وضع إطار قانوني وتنظيمي يضمن الشفافية والمساءلة، وتجنب تضارب المصالح، ويمكن للمغرب الاستفادة من التجارب الدولية وتطوير نظام لوبيات يساهم في تحسين جودة العملية التشريعية وتمثيل مصالح المجتمع بشكل أفضل ».
وترى مريم ابليل، أن « الدول التي سمحت بتفاعل مؤسساتها البرلمانية مع القطاع الخاص، لم تتعرض بالضرورة لتضارب المصالح، طالما أن هناك قواعد شفافة تنظم هذا التفاعل »، مضيفة أنه « لعل أهم عنصر لعدم رفض هذا المقتضى يتعلق بكون هذه الاستشارة غير ملزمة، لأن الاستماع إلى فاعلين من القطاع الخاص لا يعني أن البرلمان ملزم باتخاذ قرارات وفقا لمصالح هذا القطاع، إنما يمكن الاستفادة من آرائهم كمصدر إضافي للمعلومة والمشورة. وتبقى هذه الآراء استشارية فقط، وهو ما لا يمس بمبدأ استقلالية السلطة التشريعية ».
وحدد قرار المحكمة الدستورية عددا من الشروط لتنظيم علمية الاستماع لباقي الهيئات التي قضمت المحكمة بدستورية بالاستماع لها من قبل اللجان، وجاءت في هذه الشروط أن لا تعقد اللجان الدائمة جلسة الاستماع إلا بعد عرض طلب مكتب اللجنة المعنية على مكتب مجلس النواب، الذي يعود إليه البت فيه قبل إحالته على الجهة المقصودة بالطلب، وأن تظل الاستجابة لطلب الاستماع رهينة بالموافقة المسبقة للمعنيين بالأمر.
ويشترط أيضا، أن تكون آراء الخبراء وممثلي المنظمات أو الهيئات على سبيل الاستئناس والاستفادة مما اكتسبوه من تجربة، ليس إلا، وأن يتقيد أعضاء اللجان الدائمة بالحياد والموضوعية والنزاهة، وألا يستعملوا المعلومات التي يحصلون عليها أثناء جلسة الاستماع هاته إلا فيما يتصل بأداء مهامهم النيابية. مما يبين أن الفاعلين من القطاع الخاص كانوا كذلك سيخضعون للشروط نفسها.
ووفق الورقة البحثية، ذكر قرار المحكمة الدستورية في تعليله لضرورة وجود سند دستوري لأي مقتضى يتم تنظيمه من خلال النظام الداخلي، أن الفصل 102 من الدستور حدد المؤسسات التي يمكن الاستماع إليهم أمام اللجان الدائمة (مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية)، إلا أنه لم يحدد السند الدستوري للاستماع لمن صرح بدستورية الاستماع لهم أمام اللجان (خبراء أو ممثلي منظمات أو هيئات).
تضيف الباحثة، « لكن السؤال يبقى لماذا تم استبعاد فاعلي القطاع الخاص؟ وهل تحقيق الديمقراطية التشاركية لا يرتبط كذلك باعتماد التشاور والإشراك لكافة الفاعلين في المجتمع؟ وألا يمكن أن تشكل آراء الفاعلين من القطاع الخاص قيمة مضافة لتيسير وظائف أعضاء المجلس؟ ».
وترة ابليل أن « استبعاد الفاعلين في القطاع الخاص من جلسات الاستماع أمام اللجان الدائمة يبدو غير مبرر، خاصة وأن الديمقراطية التشاركية تقوم على إشراك كافة الفاعلين في المجتمع، بما في ذلك القطاع الخاص، إذ يشكل هذا القطاع جزءا أساسيا من عملية التشاور وصنع القرار، نظرا لدوره المحوري في الاقتصاد وتأثيره المباشر على السياسات العمومية ».
وخلصت الورقة البحثية إلى أن « قرار المحكمة الدستورية قد يكون مفرطا في الحذر، ويجب تطوير آليات قانونية تسمح بالتفاعل المنظم بين البرلمان والفاعلين من القطاع الخاص بما يتماشى مع مبادئ الشفافية والديمقراطية التشاركية، كما أن تفاعل البرلمان مع القطاع الخاص لا يشكل تهديدا لاستقلاليته إذا تم تنظيمه بوضوح ووفقا لقواعد شفافة، بل يجب أن يكون هذا التفاعل عنصرا من عناصر تطوير الممارسات البرلمانية بحيث تستجيب للتغيرات المجتمعية والرقمية ».
لقراءة النص الكامل للورقة: انقر هنا
كلمات دلالية "ورقة سياسات"، لوبي القطاع الخاص، البرلمان، المحكمة الدستوريةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: قرار المحکمة الدستوریة من القطاع الخاص الورقة البحثیة اللجان الدائمة
إقرأ أيضاً:
كيف يؤثر تشكيل الحكومة الجديدة على اقتصاد سوريا؟
أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع -السبت الماضي- عن أول حكومة انتقالية في البلاد عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول العام الماضي، وتضم 23 وزيرًا من خلفيات دينية وعرقية متنوعة.
وتهدف الحكومة الأحدث إلى قيادة البلاد خلال فترة انتقالية تمتد 5 سنوات، فضلا عن إعادة بناء المؤسسات العامة وتعزيز الاستقرار مع التركيز على الشمولية والشفافية.
وتواجه الحكومة الجديدة ملفات معقدة وتحديات في المجال الاقتصادي، لاسيما ملف تدهور البنية التحتية، والعقوبات الدولية المستمرة، وانتشال اقتصاد البلاد من حالة التدهور والفقر والبطالة.
100 يوم من الأداءحدد الإعلان الدستوري الذي صادق عليه الرئيس السوري أحمد الشرع، مدة الفترة الانتقالية للبلاد 5 سنوات، وهي الفترة التي من المحتمل أن تدير الحكومة الجديدة البلاد فيها.
ومن شأن المدة الزمنية المعلنة للحكومة أن تعطيها استقرارًا، وقدرة على وضع الخطط الإستراتيجية متوسطة وطويلة المدى، بما يضمن تحقيق تقدم على مستوى كافة القطاعات، وفق خبراء.
في هذا السياق، يقول الخبير في الإدارة الإستراتيجية، الدكتور عبدالرحمن الجاموس في تصريح للجزيرة نت إنه يُفترض أن تُمنح هذه الحكومة مهلة الـ100 يوم، أي ما يزيد قليلا على 3 أشهر كما هو الحال في سائر البلدان، لتقييم أدائها في القطاعات الخدمية التي تلامس حياة المواطنين، ومعرفة الخطة الاقتصادية التي تنتهجها الدولة.
إعلانويشير الجاموس، إلى أنه للمرة الأولى، سيكون رأس الدولة (رئيس الجمهورية) المسؤول الأول أمام عمل الوزارات بنجاحها وفشلها، مما يعني أنه يتحمل كل تبعات الفشل والنجاح، الأمر الذي يُحسب له.
ويرى الجاموس أن المسؤولية التي حملها الشرع بحد ذاته "تطوّر هائل بمعايير الشفافية السياسية، لأنه يُنهي لعبة توزيع الفشل أفقيًا على الوزراء، ويُدخلنا في زمن المساءلة العمودية التي غابت على زمن النظام المخلوع".
ويؤكد الجاموس على أهمية تأسيس بنية إدارية متماسكة، قادرة على إدارة مؤسسات الدولة، بما يمهد الطريق لإعادة بناء البلاد، وتحقيق تنمية مستدامة.
شرعية دوليةويوضح تقرير نشره موقع الجزيرة نت أن الحكومات المعترف بها رسميًّا تحظى بفرص لإبرام الاتفاقيات التجارية والاستثمارية، والوصول إلى الأسواق العالمية، ويعزز الثقة في التعامل مع المؤسسات الاقتصادية العالمية والدول.
ويشير التقرير إلى أن الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة هو بمثابة داعم ورافع لاقتصاد البلاد، عبر العمل على تشجيع الاستثمارات الأجنبية، والحصول على قروض مالية من الدول والمؤسسات المالية بفوائد مخفضة.
وتتيح الشرعية الدولية للحكومة المجال أمامها لتوقيع الاتفاقيات الدولية ذات الشأن الاقتصادي فيما يتعلق بعمليات الاستيراد والتصدير وتعزيز التجارة الخارجية، والانضمام إلى المنظمات الدولية الاقتصادية.
ويشير التقرير إلى أنه بملء الفراغ السياسي والتشريعي والقانوني في سوريا تستطيع الحكومة سنّ القوانين والإجراءات والإصلاحات التي تشجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاعات مثل البنية التحتية، والزراعة، والطاقة والصناعات التحويلية.
في هذا السياق، يؤكد المستشار في الاقتصاد السوري الدكتور أسامة القاضي على أهمية أن تولي الحكومة الأولوية لسن القوانين والإجراءات التي تشجع عملية الاستثمار في سوريا.
إعلانويشير إلى أن القبول الدولي بالتعاون مع الحكومة الانتقالية السورية هو أحد المؤشرات الإيجابية الهامة التي سيكون لها انعكاسات سياسية واقتصادية بالغة الأهمية على البلاد.
دعم القطاع الخاصأوضح وزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار في اجتماع إعلان الحكومة، أن خطة الوزارة ستركز على تشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
في السياق، يؤكد الباحث الرئيسي في مركز جسور للدراسات، خالد التركاوي على أهمية تشجيع استثمار القطاع الخاص، في الإعلام، والنقل، والسياحة، والطاقة والصناعات النسيجية، وأشار إلى أن القطاع الخاص كان يشكل أكثر من 50% من الناتج المحلي الإجمالي لسوريا.
وشدد التركاوي على ضرورة عدم انتظار الدعم الخارجي، والتركيز على الخطط الإستراتيجية القادرة على تأهيل سوريا عبر الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي في العادة تكون ضمن نطاق اهتمام القطاع الخاص.
ويشير إلى أهمية تحفيز القطاع الخاص من خلال تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال لدعم الاقتصاد المحلي وتوطين الصناعات وتنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل.
من جهته، يقول المستشار الاقتصادي أسامة القاضي إن الوضع الاقتصادي في سوريا لا يشجع أن تدخل الدولة في العملية الاقتصادية والإنتاجية، داعيا إلى دعم وتسهيل عمل القطاع الخاص، الذي يخلق فرص عمل، ويسرع من دوران العجلة الاقتصادية في البلاد.
وأوصت دراسة منشورة على موقع مركز عمران للدراسات المتخصص في الشأن السوري، بالتركيز على النشاطات الاستثمارية القادرة على توليد مضاعفات اقتصادية، إذ إن تعافي الاقتصادات المحلية مرتبط بقدرة القطاعات المختلفة على بناء بيئة اقتصادية تحقق تكامل الفعاليات الصغيرة مع تلك الكبيرة، لتشكل سلاسل قيمة وطنية قادرة على ربط الاقتصاديات المحلية المجزأة.
أولويات التعافيوأوصت الدراسة على نقاط من شأنها في حال تم التعاطي معها بكفاءة وفعالية، أن تسهم في مرحلة التعافي والإنعاش الاقتصادي في سوريا، منها:
إعلان استعادة الاستقرار النقدي وإصلاح السياسة المالية، عبر تثبيت سعر الصرف وما يتطلبه من ضبط السوق السوداء، وإصلاح النظام المصرفي وبالأخص البنك المركزي. جذب تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية بما يعزز الاحتياطات الأجنبية من العملات الصعبة. دعم المجتمعات المحلية لحمايتها من التضخم ومن انعكاسات التحول البُنيوي للتحرر الاقتصادي. تفعيل التمويل الدولي من خلال التفاوض مع مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، للحصول على قروض ميسرة مع ضمان استخدامها في مشاريع تعزز القدرات الإنتاجية للاقتصاد السوري. رسم خطة واقعية لإصلاح الاقتصاد السوري، وعدم التسرع في إصلاح القطاع العام وضمان تحول تدريجي لأولئك المُسرَّحين من مؤسسات الدولة كذلك الجنود العائدون للحياة المدنية ودمجهم في القطاع الخاص.ويعلق الدكتور الجاموس بالتأكيد على عدم تعويل الحكومة بشكل مفرط على الدعم الدولي، وعلى مشروع مشابه "لمشروع مارشال"، الذي لن يتحقق ما لم يكن البيت الداخلي متماسكًا.