بوابة الوفد:
2025-02-09@04:06:57 GMT

دور الحضانة .. بيزنس "اغتيال البراءة"

تاريخ النشر: 22nd, November 2024 GMT

تعامل غير آدمى.. أسعار مرتفعة وعدم وجود رقابة أهم المشكلات عدوى «السبلايز» انتقلت من المدارس إلى الحضانات.. وأولياء الأمور يدفعون الثمنالأمهات تطالبن جهات العمل بتوفير دور رعاية لأطفالهن خبير تربوى: حضانات «بير السلم» خطر على الأطفال.. والعاملون بها غير مؤهلين 

تعتبر دور الحضانة واحد من أهم المرافق فى مصر، فهى بمثابة المنقذ للأم العاملة والملاذ الآمن لها ولأطفالها، وأحد أهم روافد التعليم الأولى للصغار، ولكن العديد من هذه الدور التى تفتقد للرقابة من وزارة التضامن الاجتماعى أصبحت مرتعاً لكل الموبقات بدءاً من ضرب الأطفال والتعامل معهم بقسوة مثلما حدث فى حضانة بمحافظة الغربية، وانتهاء باستغلال الأمهات حيث ارتفعت أسعارها بشكل مبالغ فيه بما يفوق قدرات العديد من الأمهات العاملات، والأكثر من ذلك أن عدوى «السبلايز» انتقلت من المدارس إلى الحضانات أيضاً لتزيد من الأعباء المفروضة على الأسر.

واقعة مؤسفة شهدتها إحدى دور الحضانات الخاصة بمركز السنطة بمحافظة الغربية حيث قامت معلمة بضرب طفلة (3 سنوات) على رأسها بعصا خشبية، وانتشر الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعى ما دفع وزارة التضامن الاجتماعى للتحقيق فى الواقعة وفصل المعلمة من عملها وإغلاق الحضانة بشكل مؤقت لحين التأكد من تصاريحها.

هذه الواقعة جعلت «الوفد» تفتح ملف الحضانات، فالمرخص منها يتراوح اشتراكه بين 2000 جنيه ويصل إلى 10 آلاف جنيه فى بعض المناطق، أما غير المرخص فاشتراكاته مرتفعة أيضاً، ومع ذلك يتعرض فيه الأطفال للعديد من الانتهاكات، لذلك تطالب العديد من الأمهات العاملات مؤسسات العمل بتطبيق القانون الذى ينص على إنشاء دور حضانة للعاملات لمنع استغلال الحضانات لهن، حماية لهن ولأطفالهن بالإضافة إلى النفع الذى سيعود على المؤسسة نفسها بزيادة معدلات الإنتاج. 

بدأت «مريم» موظفة بمؤسسة خاصة حديثها قائلة إن لديها طفلتين 4 سنوات ورضيعة لا يتجاوز عمرها 5 أشهر، وراتبها لا يسمح بأن تشترك فى حضانة كبيرة، ما دفعها لترك طفلتها بحضانة غير مرخصة.

وتابعت أنه فى رابع أيام التحاق طفلتها بالحضانة جاءها اتصال يخبرها بأن الطفلة مريضة، وجهت فوراً للطبيب الذى أخبرها بأن الطفلة تعانى فيرس «الهيربس» وبعد فترة انتشر الفيروس فى جسدها واستمرت فترة العلاج لشهرين كاملين.

وقالت «هالة» موظفه أن لديها 3 أطفال، وأن دخلها وزوجها لا يكفى لسد احتياجاتهم الأساسية خاصة مع ارتفاع مصروفات المدارس والحضانات فضلاً عن الأدوات أو «السبلايز» التى أصبحت موضة تلهث وراءها الحضانات أيضاً لمص دماء أولياء الأمور.

وفى هذا الصدد أوضحت داليا الحزاوى مؤسس ائتلاف أولياء أمور مصر وخبيرة أسرية، أن بعض الحضانات انتهجت نفس سياسة المدارس الخاصة ورفعت أسعار الالتحاق بها مستغلين حاجة أولياء الأمور خاصة المرأة العاملة.

وتابعت «الحزاوى»: أنه نتيجة لهذا الارتفاع الرهيب فى مصروفات الحضانات، يلجأ ولى الأمر إلى الحضانات المنزلية غير المرخصة، التى تقدم الخدمة بأسعار معقولة، بالرغم من معرفته بعدم قانونية هذه الحضانات، وإدراكه أن هناك نوعاً من الخطورة لعدم وجود اشتراطات أمان كافية فى المكان.

وناشدت «الحزاوى»: الدولة أن تهتم بتوفير حضانات حكومية بشكل موسع بمصاريف رمزية مثل ما تفعل مع المدارس قائلة المرأة عضو منتج وفعال فى مجتمع لابد أن نساعدها.

 

قوانين مع إيقاف التنفيذ

وقالت الدكتورة إلهام المهدى، المحامية، إن المرأة العاملة تلعب دوراً حيوياً فى تنمية المجتمع وتقدمه، حيث تسهم فى تعزيز الاقتصاد وتسهم فى تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والعائلية، كما أن وجود المرأة فى مجالات العمل المختلفة يعكس التنوع ويعزز الابتكار، وبالتالى، فإن دور المرأة العاملة لا يقتصر على الجوانب الاقتصادية فحسب، بل يمتد ليشمل التأثيرات الاجتماعية والثقافية الإيجابية، لذلك حرصت الدولة على الاهتمام بحقوق المرأة، واختصت المرأة العاملة بقوانين بل امتدت لأطفالها أيضاً، ولكن هذه القوانين لا يتم تطبيقها على أرض الواقع بسبب عدم تشديد العقوبات بها.

وتابعت أن المادة ٩٦ من قانون العمل تلزم صاحب العمل الذى يستخدم مائة عاملة فأكثر فى مكان واحد أن ينشئ داراً للحضانة أو يعهد إلى دار حضانة برعاية أطفال العاملات بالشروط والأوضاع التى تحدد بقرار من الوزير المختص. 

كما نصت (المادة 73) من قانون الطفل الذى نظمه قرار وزير القوى العاملة رقم 121 لسنة 2003 على نفس الشىء، أما إذا كانت المنشأة تستخدم أقل من مائة عاملة، فتلتزم بالاتفاق مع المنشآت المجاورة لها على توفير خدمات الحضانة لأطفال العاملات، إما بالاشتراك فى إنشاء دار حضانة واحدة، أو أن تعهد إلى دار حضانة قائمة برعاية أطفال العاملات لديها.

كما حدد القرار الوزارى شروط المكان الذى تقام فيه دار الحضانة ومواصفات الدار ذاتها من حيث الموقع والمبنى والسعة والمرافق والتجهيزات والاشتراطات الصحية، كما حدد الاشتراك الشهرى الذى تدفعه العاملة للانتفاع بخدمات دار الحضانة وتتراوح بين 4% و5% من أجر العاملة عن طفلين، مع تحمل صاحب العمل باقى النفقات. وإذا زاد عدد الأطفال عن اثنين تتحمل العاملة تكاليف الإيواء الفعلية عن العدد الزائد.

وأضافت الدكتورة إلهام المهدى أن القانون لم يفرق فى شأن التزامات صاحب العمل بتوفير دور الحضانة لأبناء العاملات بين القطاع الرسمى والقطاع الخاص.

كما تقرر (المادة 74) من قانون الطفل عقوبة الغرامة التى لا تقل عن مائة جنية ولا تزيد على خمسمائة جنيه لكل من يخالف الأحكام الخاصة برعاية الأم العاملة، وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت فى شأنهم المخالفة، وفى حالة العود تزداد العقوبة بمقدار المثل ولا يجوز وقف تنفيذها. 

وأكدت أنه على الرغم من الحماية التى تقررها القوانين للمرأة العاملة، إلا أن الواقع العملى يشير إلى أنها لا تزال تعانى بشدة، بالمخالفة لكل الشرائع والقوانين والاتفاقيات الدولية التى تقر حقوق المرأة والتى صدقت عليها مصر فصارت جزءاً من نظامها القانونى، ومن أوجه هذه المعاناة أزمة اختيار دار الحضانة من حيث الكفاءة والنظافة والأمان وقرب المكان، ناهيك عن الأسعار الباهظة، رغم النصوص القانونية التى تحدد هذه الرسوم.

وطالبت المهدى بضرورة تغليظ العقوبات المقررة فى حال عدم الالتزام بتنفيذ نصوص القانون، وقيام الدولة بتفتيش دورى لبيان مدى التزام تلك المؤسسات بتطبيق القوانين التى تساعد على انتعاش الاقتصاد المصرى، مع الانتباه للتلاعب الذى ربما تقوم به بعض المؤسسات كنوع من التحايل على القانون مثل فصل العاملات تعسفياً واستبدالهم برجال حتى يتهربوا من التكلفة التى تقع على عاتقهم بقوة القانون، هذا بالإضافة إلى تشجيع الدولة للمؤسسات التى تحرص على تطبيق القانون وذلك بتسهيل إجراءات استخراج تصاريح إنشاء دور الحضانة وإعفاء هذه الدور من الضرائب وخفض فواتير المياه والكهرباء الخاصة بها.

 

وسيلة للتجارة

من ناحية أخرى أوضحت الدكتورة داليا نعمان المحامية بالنقض وعضو المجلس القومى للأمومة والطفولة أن الحضانة كيان فقد الكثير من المقومات التربوية والسلوكية وأصبح كغيره من دور الرعاية وسيلة للتجارة والتربح، فرغم أن هذه الحضانات تتعامل مع الأطفال من سن الميلاد حتى ما قبل المدرسة وهو السن الأخطر والأكثر احتياجاً للاهتمام من كل النواحى التعليمية والصحية والنفسية، إلا أنه لا توجد رقابة فعلية على معظمها.

وأضافت أن قانون العمل ساهم فى حماية المرأة ومساعدتها على القيام بعملها بأن ألزم صاحب العمل فى المادة ٦٠ من القانون بإنشاء دار للحضانة أو توفير دار قريبة لرعاية أطفال العاملات وذلك فى المنشأة التى بها مائة عاملة فأكثر، ولكننا على أرض الواقع لا نجد تطبيقاً لهذا القانون ولا تفعيلاً لنصوصه ما يضطر الكثير من العاملات للجوء إلى حضانات تبالغ فى أجرها لقاء رعاية أطفال المرأة العاملة، ما يرهق الكثير من السيدات فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها الدولة، كذلك نجد أن بعض هذه الحضانات قد تكون غير مرخصة الأمر الذى يمثل خطورة على الأطفال فى مثل هذا السن، لذلك لابد أن تنتفض الدولة وجميع الهيئات المختصة لمراقبة تنفيذ القانون وضرورة إحالة المؤسسات المخالفة إلى المحاكمة وإصدار أحكام بالغلق والغرامات بمبالغ كبيرة حتى يكون المخالف عبرة لكل من تسول له نفسه التلاعب بالقانون. 

وتابعت الدكتورة داليا نعمان أنه أصبح لزما على المؤسسات الحقوقية التى تهتم بشئون المرأة أن تهتم بدورها فى متابعة تلك الأمور بالتحدث عنها وعن معاناة السيدات العاملات، والوضع بعين الاعتبار أن المرأة التى تعمل وهى غير مطمئنة على أطفالها لن تكون ناجحة فى عملها.

 

ملامح الشخصية

التقط أطراف الحديث الدكتور مصطفى كامل، استشارى تدريب وتطوير دولى وخبير تربوى، مؤكداً أن علماء التربية اتفقوا على أهمية الحضانة فى تحديد ملامح شخصية الطفل، باعتبارها مرحلة مهمة فى حياته باعتباره وسيلته للاختلاط بالآخرين، فينشأ شخصاً اجتماعياً، كما تبعد عن الطفل شبح الانطواء والعزلة، كما أنها تكسب الطفل سلوكيات جيدة وتساعد الأسرة فى تربيته وتنشئته بطريقة سليمة، وتفيد الطفل بالتعرف على العالم الخارجى الذى يحيط به والتعامل معه، وبذلك ينشأ الطفل معتمداً على نفسه قادراً على القيام بكثير من الأمور بمفرده، كما يتعلم فيها احترام حقوق الآخرين.

وأضاف كامل أن قرار مجلس الوزراء رقم 86 لسنة 2005 حدد فى المادة 16 المواصفات الواجب توافرها فى دور الحضانة وهى: أن يكون مبنى الدار صحياً تتوافر فيه الإضاءة والتهوية المناسبة، أن يوجد بها فناء واسع وآمن للعب الأطفال، ويلزم تزويده بالألعاب والمظلات، وأن تتوافر مساحة بمعدل 2.2م2 للطفل الواحد، وأن يكون المبنى مجهزاً بوسائل التبريد والتدفئة ويشترط أن تكون من النوع الآمن، وأن تتوافر فى المبنى شروط الأمان والسلامة العامة وفقاً للقوانين المعمول بها، وأن يكون المبنى فى طابق أرضى أو الطابق الأول من البناية حيث يسهل الوصول إليه، وأن يكون الأثاث جديداً وخالياً من الزوايا والحواف الحادة، مع تجهيز ألعاب تساعد على النمو العقلى والنفسى والجسمى والاجتماعى للطفل، كما يجب أن تتوافر بدار الحضانة حقيبة إسعاف أولى، ويجب أن تزود دورات المياه بمراحيض تتناسب مع عدد الأطفال، وتكون من النوع الصغير المناسب لأعمارهم، مع توفير أحواض لغسل اليدين على ارتفاع معقول، وتوفير مياه صالحة للشرب، وأن يكون عدد الحنفيات مناسب لعدد الأطفال، وبعيدة عن دورات المياه وتخضع للرقابة البيولوجية والكيميائية وفق الشروط والمعايير الخاصة بوزارة الصحة، مع توفير مكان مناسب لتغيير الحفاضات مزود بوعاء خاص للتخلص الآمن منها، وتوفير مراحيض خاصة للمعاقين، وأدوات الإطفاء، مستلزمات النظافة والتعقيم، وتوفير وسائل الحماية للطفل من الإيذاء أو الحوادث داخل الحضانة.

 

حضانات بير السلم

وأشار كامل إلى أن هناك مشكلة كبيرة فى مصر تسمى بحضانات بير السلم، حيث يقوم عدد من الأشخاص بتخصيص شقة فى عمارة سكنية دون الحصول على التراخيص اللازمة، ثم يتولون تدريب الأطفال وتعليمهم أساسيات الحفظ والاستذكار، وهم غير مؤهلين للتعامل مع الأطفال فى هذا العمر الصغير. 

 ومن هنا يجب على المسئولين إعادة النظر فى الحضانات غير المرخصة والعمل على تفعيل القانون لضمان سلامة الأطفال وحمايتهم من أى خطر محتمل، حيث ان معظم العاملين فى تلك الحضانات غير مؤهلين لتعليم الأطفال، ما يؤثر سلباً على سلوكهم الاجتماعى والنفسى ومستواهم فى المراحل التعليمية.

وأضاف أن مثل هذه الحضانات يمكن أن تكون عائقاً وعنصرهدم لشخصية الطفل بدلاً من أن تكون مكاناً للتأهيل والتدريب، ومن الضرورى ألا تقتصر الرقابة على الحضانات على معرفة برامج التدريس، ولكن شروط المبنى إنشائياً، والشروط الصحية للحفاظ على صحة الأطفال، مع ضرورة التأكد من تأهيل المسئولين عنها علمياً وتربوياً لتجنب التأثير السلبى على فكر الأطفال.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الحضانة الحضانات الخاصة بمحافظة الغربية المرأة العاملة هذه الحضانات دور الحضانة دار الحضانة صاحب العمل وأن یکون أن یکون

إقرأ أيضاً:

مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تتمسك بمحددات تسوية القضية الفلسطينية.. ولم أشك لحظة في ردها الحاسم

قال السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إنّ مصر تتمسك بثوابت ومحددات لتسوية القضية الفلسطينية، وإنه لم يشك للحظة واحدة أن رد مصر سيكون حاسماً برفض التهجير.

وأضاف، خلال حوار لـ«الوطن»، أنّ مصر انتهجت منهج الدبلوماسية الهادئة ونجحت فى التأثير على الأحداث، لافتاً إلى أن القضية الفلسطينية لن تنتهى إلا بالحل العادل، ويجب أن نستعد لمعركة سياسة النفس الطويل، وأن وضع القضية الفلسطينية سيئ للغاية، فى ظل حكومة نتنياهو، ليس لأنها يمينية متطرفة وإنما لأنها جاهلة، ومصر أكبر من أن يُفرض عليها شىء، وخلال التاريخ لا يوجد أحد فرض علينا شيئاً، ونحن نتمسك بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية ونقف أمام اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.

وأوضح أن فوز «ترامب» فى عام 2017 كان حدثاً استثنائياً وغريباً، أمّا فوزه الثانى فيعبر عن شىء أكبر وأكثر، سيكون الأكثر استمراراً وتأثيراً على العالم حتى بعد نهاية ولايته، ففى ظل «ترامب» سنشهد عصراً جديداً صعباً وقاسياً، إضافة إلى أنه سيستمر فى دعم إسرائيل، وفق سياسة غربية أوروبية أمريكية ثابتة، وقال إن نابليون بونابرت أول من فكر فى زرع إسرائيل فى هذه المنطقة لفصل المشرق العربى عن المغرب العربى ولكى تكون «عسكرى المرور» الذى يحقق إرادته.

كيف ترى مخطط تصفية القضية الفلسطينية.. وما تفسيرك لتصريحات «ترامب» بشأن ضرورة استقبال مصر والأردن للفلسطينيين؟

- مصر تتمسك بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، ولم أشك للحظة واحدة فى ردها الحاسم ورفض تهجير الفلسطينيين، الذى جاء سريعاً وواضحاً، وبالمناسبة هذه ليست المرة الأولى، فقد كان هناك العديد ممن تحدثوا عن صفقات وعرضوا مليارات على مصر لقبول ذلك، ولكننى لم أصدق أن مصر ستقبل نهائياً بتلك العروض، وفى بداية عملى بالسلك الدبلوماسى فى الإدارة الثقافية بوزارة الخارجية، كنت مسئولاً عن رصد الدعاية ضد مصر وضد الإسلام والعرب، وخلال عملى فى إدارة إسرائيل بوزارة الخارجية، اكتشفت أننا دون أن ندرى نكرر لغة العدو، بسبب الترجمة الحرفية، فأصدرت قراراً بعدم استخدام لغة العدو، ومصر لن تقبل بأى وضع تصريحات «ترامب»، ليس لأننا لن نحتمل مهاجرين، فكما قال الرئيس السيسى إننا نستضيف بالفعل تسعة ملايين ضيف، ولم نعتبر السودانيين أو السوريين لاجئين أو هجرة، ولم نبلغ منظمة الهجرة العالمية، ونستطيع أن نستضيف أكثر وأكثر، لكن رفض ما صرح به «ترامب» نابع من رفض تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية، وسبق أن صرح الرئيس السيسى بأن التهجير القسرى تجاه مصر أو الأردن سنعتبره إعلان حرب، وأفضل شىء أن مصر تتبع الدبلوماسية الهادئة.

ماذا تعنى الدبلوماسية الهادئة؟ وكيف نجحت مصر فى اتباع هذا الأسلوب؟

- الدبلوماسية الهادئة تعتمد على التأنى فى التصريحات، مثلما تفعل مصر فى قضية غزة وإسرائيل، لا نتحدث كثيراً، وهذا مكّن مصر من التواصل مباشرة مع السلطات الإسرائيلية وأجهزتها لتمرير مساعدات إلى غزة من خلال الإسقاط الجوى، فما كان هذا ليحدث إلا بالتنسيق، فهناك من يريد لمصر أن ترفع صوتها وتعلن سحب السفير وقطع العلاقات، وهذا أمر غير جيد بالمرة، فهل نحن لدينا مشكلة مباشرة مع إسرائيل؟، الإجابة لا، وهذا يعود إلى ذكاء الرئيس السادات منذ معاهدة السلام، وأنه يستطيع أن يكسب بالسلام أكثر من القوة والحرب.

وهل يمكن أن تنتهى القضية الفلسطينية؟

- أرى أن القضية الفلسطينية لن تنتهى، فهناك ظاهرتان؛ الأولى أن معدل المواليد الفلسطينيين أعلى بكثير من معدل مواليد الإسرائيليين، والظاهرة الثانية التى حدثت منذ حرب 7 أكتوبر 2023، هى الهجرة العكسية لأكثر من نصف مليون يهودى من صفوة العقول الإسرائيلية قصدوا «تل أبيب» معتقدين أنها الأرض الموعودة، ولكنهم لم يجدوا ذلك على أرض الواقع، وفيما يخص «ترامب»، فإننى أمضيت ليلة من أسوأ ليالى حياتى يوم تنصيبه فى 20 يناير، وأنا إنسان بلغت من العمر الكثير، وقد التقيت العديد من الناس، منهم من يقول كلاماً عظيماً، ومنهم من هو غير متزن، لكننى لم أسمع حديثاً غير متزن مثل الذى سمعته من هذا الرجل، فلا يوجد أحد يعرفه أو لا يعرفه إلا وأغضبه بتصريحاته.

وما النقاط التى توقفت أمامها فى خطاب «ترامب»؟

- خطاب «ترامب» فى تنصيبه جاء مفاجئاً بقدر كبير، فقد خرق التقاليد والأعراف السياسية، بعدم ذكر الرئيس السابق بايدن بكلمة طيبة، بينما كان يجلس على بُعد خطوتين منه، ثم عدم الإعلان التقليدى عن مد يديه لمن صوتوا له أو ضده على حد سواء، بل كان خطاباً مليئاً بالتشفى والنية الواضحة فى التنكيل بخصومه، وهو ما يعبر عن فلسفة جديدة للحكم وتجاهل قواعد القانون الدولى التى شكلت الإطار الحاكم للعلاقات الدولية منذ منتصف القرن الماضى، بما فى ذلك مبدأ سيادة الدولة، وإعلانه نية الولايات المتحدة الانسحاب من المنظمات الدولية التى لا تأخذ مواقف متفقة مع سياساتها، كما أعلن العدول عن كثير من السياسات الداعمة للبيئة، والانحياز لتنشيط الصناعة واستخراج المواد الطبيعية دون اعتبار لمصلحة الإنسانية فى حماية البيئة، والعمل على تنفيذ السياسات الاقتصادية التى تحقق منافع مباشرة للولايات المتحدة بمنهج أمريكا أولاً، أياً كان أثرها السلبى على الاقتصاد العالمى وعلى التجارة والاستثمار الدوليين، والعدول عن منهج العولمة الذى قاد التفكير الاقتصادى العالمى منذ السبعينات، والانتقال بالولايات المتحدة من بلد جاذب للمهاجرين ومشجع لانخراطهم إلى دولة ذات أسوار عالية وبوابات منيعة لا ترحب إلا بمن له حاجة فى سوق العمل أو سيضيف للمجتمع والاقتصاد، والتعامل مع مبدأ سيادة القانون بشكل أقل قطيعة، ليس باعتباره أساس تنظيم المجتمع، بل واحد من أسس متعددة ومتصارعة لتنظيمه، مع القوة والسلطة والنفوذ المالى والاعتبارات العملية التى قد ترتفع فوق العدالة معصوبة العينين.

لكن كل هذا سبق أن أعلن عن الكثير منه أثناء حملته الانتخابية ومع ذلك تم انتخابه.

- الدعاية الانتخابية شىء، وخطاب التنصيب الذى يوضح منهجه الفعلى فى الحكم شىء آخر، فهذه أسس فكرية مختلفة جذرياً، ليس فقط عن تلك التى انتهجها الرئيس السابق، بل وعن الاتجاه العام الذى ساد مع الأنظمة الغربية حتى تحت حكم الحكومات اليمينية التى ربما انتهجت سياسات اقتصادية محافظة، ولكنها لم تتبنَّ بهذا الوضوح رؤية شاملة ومغايرة لأسس الليبرالية الغربية المستقرة، وهذا لا يعنى أن الرئيس «ترامب» مخترع هذه الأفكار أو أنه جاء بجديد، بل لعله كشف الغطاء أكثر من غيره عن عجز الليبرالية التقليدية عن مواكبة تغيرات العالم الجديد، وعن إخفاء تناقضات متراكمة بين الأفكار المثالية والحالمة لطبقة حاكمة استراحت فى مواقعها، فإن فوز «ترامب» فى عام 2017 كان يبدو حدثاً استثنائياً وغريباً وعابراً، أما فوزه الثانى فيعبر عن شىء أكبر وأكثر استمراراً حتى بعد نهاية ولايته، عن تغير حادث فى الولايات المتحدة وخارجها، نحو عالم أكثر قسوة وأقرب إلى الصدام على الموارد وأبعد ما يكون عن أحلام العولمة والتكامل والأمن والسلم العالميين، فاستعدوا لأننا على أبواب عصر جديد صعب وقاسٍ.

وما موقف المؤسسات الأمريكية من قرارات «ترامب» المتوقعة؟

- فى أمريكا توجد أربع مؤسسات تحكم السياسة الخارجية؛ الرئاسة والكونجرس والخارجية والدفاع، الرئاسة والكونجرس نتوقع منهما أى شىء، لأنهما يحتاجان إلى الصوت الإسرائيلى فى الانتخابات، أما الخارجية والدفاع فيقرآن الملفات جيداً، فأثناء عملى فى «الخارجية» لم أجد صعوبة فى الحديث مع أى دبلوماسى غربى، وقد خدمت مع سفراء لأمريكا وكانوا يقولون لى اطمئن، فأمريكا وقت اللزوم إذا قالت لإسرائيل اصمتى ستصمت، بدليل أنه عندما حدث الغزو الأمريكى للعراق، قالوا لإسرائيل اخرسى نهائياً، ولم تخرج رصاصة واحدة من إسرائيل، لماذا؟، لأن تقديرها للرأى العام أن إسرائيل إذا دخلت هذه الحرب، الرأى العام العربى سيرفض، وهؤلاء هم الدبلوماسيون، أما البنتاجون فيرى أن أمريكا تخسر كثيراً على الأرض، خاصة التأييد العربى، بسبب انحيازها غير العادل لإسرائيل، وبذلك نجد أن هناك مؤسستين تواجهان مؤسستين فى الداخل الأمريكى.

كيف يمكن تقييم تأثير السياسة الأمريكية فى عهد «ترامب» على القضية الفلسطينية؟ وكيف ترى الوضع الحالى؟

- وضع القضية الفلسطينية سيئ للغاية فى ظل حكومة «نتنياهو»، وقد التقيت العديد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية مثل رابين وشيمون بيريز، وكانت سياستهم وتصريحاتهم منطقية، وفى أوقات أخرى صريحة، حتى «شارون» انضبط فى آخر عهده، فما يقلقنى من حكومة «نتنياهو» ليس أنها يمينية أو متطرفة، وإنما لأنها حكومة جاهلة، فالقضية الفلسطينية لن تُصفّى، وحلها وارد، ويجب أن نستعد لمعركة سياسة النفس الطويل، لأن شكل القضية الفلسطينية فى عهد «ترامب» يتوقف على ما سنقبل به، وليس ما يريده «ترامب»، فلن يفرض علينا أحد شيئاً، والرئيس السيسى قال إن مصر أكبر من أن يفرض أحد شيئاً عليها، فعلى مدار التاريخ لا يوجد أحد فرض علينا شيئاً، فالأمريكان كانوا يقولون لنا إن 70% من التصويت المصرى فى الأمم المتحدة يكون عكس المواقف الأمريكية، وفيما يخص «ترامب» فلا تتوقع ما يقوله، لأنه يقول الشىء وعكسه.

وفى عهده هل سيستمر فى دعم المواقف الإسرائيلية؟

- سيستمر فى دعم إسرائيل دعماً مطلقاً، وفق السياسة الغربية والأمريكية، وأول من فكر فى زرع إسرائيل فى هذه المنطقة كان نابليون بونابرت، عندما فشل فى اقتحام عكا، فقرر دعوة الجاليات اليهودية الأوروبية إليها، لتسكنها بغرض فصل المشرق العربى عن المغرب العربى، وأن تكون «عسكرى المرور» الذى يحقق إرادته.

وماذا تريد أمريكا من هذا الدعم الدائم لإسرائيل؟

- نفس ما أراده «نابليون»؛ فصل المشرق العربى عن المغرب العربى، وأن تظل مسيطرة على الموقف فى المنطقة وتُنهك القوى، وتستولى على البترول، وسبق أن كتبت مقالاً بعنوان «أكبر سرقة فى التاريخ»، تناولت فيه اجتماعاً مع رئيس أركان حرب القوات البريطانية، وضم قامات دبلوماسية عديدة، وتحدث رئيس الأركان بتعالٍ، وطلبت التعليق بعد أن تحدث، وقُلت له عندما كنت فى أحد امتحانات السنة النهائية بالجامعة سألنى أستاذى سؤالاً: حلل المواقف البريطانية فى مختلف الأزمات السياسية والحروب اعتباراً من مؤتمر فيينا عام 1825 حتى الحرب العالمية الثانية؟ فلم أجد مواقف نهائياً، فهى دولة بلا مبادئ، فلدينا مبدآن فى الحكم؛ الأول حق الشعوب فى أن تحكم نفسها، والثانى، وهو ضد الأول، الحق الإلهى للملوك، فعندما قامت ثورة فى اليونان ضد الملك، رفضتها بريطانيا بسبب الحق الإلهى للملوك، وعندما قامت الثورة فى الصين ضد الإمبراطور، كان موقف بريطانيا هو حق الشعب فى تقرير المصير، إذاً بريطانيا تبحث عن مصالحها فقط، وهى سياسة الأنانية المطلقة، فهم مجموعة من اللصوص يبحثون عن الثروة فى كل مكان، وهذا هو مبدأ الفكر الغربى.

ما تقييمك لدور مصر تجاه القضية الفلسطينية؟

- مصر تواصل عطاءها ودعمها لفلسطين، ومنذ ألفى عام، عندما جاء الهكسوس وغزوا اللاذقية، خرج الجيش المصرى، بقيادة أحمس، وعقد معهم أقدم معاهدة فى التاريخ، وكذلك صلاح الدين الأيوبى خرج ومنع الحملة الصليبية من احتلال فلسطين، وفى العصر الحديث بداية من جمال عبدالناصر وحتى الآن ما زال الدور المصرى قائماً للحفاظ عليها، ولن يفرض أحد أمراً لا تقبله مصر لأنها تتمسك بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية وتقف أمام اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم.

كيف ترى تأثير الأحداث على المنطقة؟

- سيئ للغاية، ويعتبر استنزافاً للقدرات، وهناك ثلاثة أطراف مستفيدة من استمرار التوتر؛ الأول المجموعة المتطرفة فى إسرائيل بقيادة «نتنياهو» وأعوانه، والثانى أمريكا والغرب بسبب ما سبق وذكرناه، والثالث صناعة السلاح، ولست أنا من يقول بل أحد وزراء خارجية أمريكا السابقين، الذى كتب كتاباً بعنوان «حرب أو سلام»، أكد فيه أن إسرائيل قائمة على غير سند أو قانون أو منطق أو تاريخ، وتقوم بدور العميل، وأيضاً فى آخر خطاب لأيزنهاور، الرئيس الأمريكى الأسبق، قال احترسوا من التحالف بين صانع القرار السياسى فى الغرب وبين صانع السلاح، فصانع السلاح يرغب فى الحروب، وبالتالى لا يوجد إلا مناطق بعيدة عن الغرب ومنها المنطقة العربية.

هل «ترامب» قادر على إنهاء الصراع؟

- لا يوجد شىء مضمون على الإطلاق، وبالمناسبة «نتنياهو» لن يرغب فى وقف الحرب لأنه فى اللحظة التى تتوقف فيها الحرب، ستتم محاكمته لأنه مطلوب فى قضايا عديدة.

وكيف ترى تصريح «نتنياهو» بأنه سيغير شكل الشرق الأوسط؟

- سبق أن قُلت لشيمون بيريز إنكم تريدون السيطرة على العالم العربى، فضحك وقال لى إننا لا نستطيع أن نسيطر على أنفسنا، فإسرائيل تضم 72 جنسية، ولا يوجد ما يجمعهم، ولذلك يتعلمون العبرية ليجدوا ما يجمعهم، فاليهودى الروسى مثلاً لا يحب اليهودى الألمانى.

كيف ترى الانقسام وتداعياته على القضية الفلسطينية؟

- فى الموقف العربى عموماً يوجد عدد من الثقوب، من بينها «حماس» لأنها خرجت عن الشرعية الفلسطينية من وقت ياسر عرفات، وسبق أن قال لى وزير فلسطينى إن «حماس» لا تريد استقلال فلسطين وإنما هدفها إمارة إسلامية فى غزة، فماذا يستفيد الإسلام من إمارة بها 2 مليون مسلم فى ظل هذا الحصار؟ أما الثقب الثانى فهو حزب الله الذى يعتبر دولة داخل الدولة أيضاً، وكان يحارب دون تنسيق مع حكومته أيضاً، والثقب الثالث الحوثيون فى اليمن، وكذلك الوضع فى سوريا، الذى يعتبر أعقد مشكلة الآن.

كيف ترى منهج الدبلوماسية الهادئ فى ظل هذا الوضع؟

- الدبلوماسية المصرية هى الأنجح، ولا يوجد أحد اختلف مع السياسة الخارجية المصرية إلا وندم وعاد ليسير على نهجها حتى ولو بعد عشرين عاماً، والرئيس السيسى منحه الله القبول، فهو متواضع وخرج من مؤسسة وطنية محترمة، وبعد ثورة 30 يونيو العالم أجمع بات يخشى من مصر، لدرجة أن الاتحاد الأفريقى جمد عضويتنا، وذهب الرئيس فى بداية حكمه إلى «دافوس»، والتقى مع أنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية وقتها، وتحدثا معاً، فدعته إلى زيارة «برلين»، والسفير الألمانى المكلف بتنسيق الرحلة، قال لى فى لقاء إن المستشارة الألمانية معجبة بالرئيس السيسى، فالرئيس نقل الدبلوماسية نقلة كبيرة، كنا محرومين منها منذ أواخر عهد «مبارك»، فبعد محاولة اغتيال «مبارك» فى «أديس أبابا»، قرر، لأسباب أمنية، عدم دخول أفريقيا، وتوقف عن السفر، فحرمنا بسبب ذلك مما يسمى دبلوماسية الرئاسة، وهى من أهم أسلحة الدبلوماسية الخارجية، فحضور الرئيس يدفع العلاقات بشكل أكبر بكثير، وهذا ما أضافه الرئيس السيسى، حتى إنه زار غينيا الاستوائية، وكنت فيما مضى سفيراً غير مقيم فى هذه الدولة ووضعها كان سيئاً للغاية، من غياب الخدمات الأساسية، وانقطاع المياه، والكهرباء، فماذا فعل الرئيس السيسى فى هذا الأمر؟ أخذ معه فى أول زيارة شركة المقاولون العرب لمساعدتهم، فلا يوجد بلد لم يزره الرئيس، وهذا ينعكس علينا أمنياً وسياسياً واقتصادياً.

بصفتك أمين عام اتحاد المستثمرين العرب كيف ترى أهمية الدبلوماسية بالنسبة للاقتصاد؟

- سبق وحضرت اجتماعاً مع الرئيس مبارك، وكان يرغب فى متابعة تطور المفاوضات مع الاتحاد الأوروبى بشأن إحدى الاتفاقيات، وكان الاجتماع موفقاً فى تبادل المعلومات والآراء، رغم أن تساؤلاً غير معلن كان يدور فى أذهان بعض الحضور، حول الحكمة فى أن تدير وزارة الخارجية المفاوضات بشأن اتفاق يعتقد البعض أنه ذو طابع اقتصادى، وأوضحنا فى المناقشة أن الاتفاق ينظم العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية، ومسائل حقوق الإنسان، والبيئة وتقريب التشريعات، فضلاً عن الحوار البرلمانى، والجوانب القانونية لمحاربة الجريمة المنظمة، المتمثلة فى الإرهاب وتجارة المخدرات، والاتجار فى البشر والهجرة غير المشروعة، وغسيل الأموال، وفى الاجتماع أشار البعض لصعوبة المفاوضات، وكيفية بناء موقف يعبر عن عموم مصالح مصر، وعلق وزير الصناعة الأسبق المهندس سليمان رضا متعاطفاً مع موقف الجانب المصرى والصعوبات التى يقابلها فى التفاوض مع طرف أوروبى مؤهل ولديه إمكانات أكبر، ولم يعجب الرئيس بهذا الكلام.

وماذا فعل؟

- علق متسائلاً: هل نحن فى الجانب الغبى الذى لا يفهم؟ وأشار إلىّ طالباً رأيى، فقلت إننى مسئول أن أقرر أمام الرئيس حقيقة، وهى أن أصغر مفاوض فى الجانب المصرى متمكن من تفاصيل الاتفاق والمواقف حوله، أكثر من كبير المفاوضين الأوروبيين وزملائه، ذلك لأننا مجموعة من الوطنيين يتفاوضون مع مجموعة من الموظفين لا حول لهم ولا قوة، وتقف وراءهم 15 دولة أوروبية تختلف مواقفها ومصالحها، بينما ندرك نحن أن كل طن إضافى نصدره من المواد الزراعية يوفر أربع وظائف ويفتح أربعة بيوت، فقال الرئيس على الفور: أنا يعجبنى هذا الكلام، وقناعتى بأن الدبلوماسى، بل والمسئول عموماً، يجب أن يكون مستعداً لإدارة حوار إيجابى حول موضوعاته، ولا ينزعج من اختلاف الآراء، فالواقع أن اختلاف الرأى لا يجب أن يفسد الود بين المختلفين، بل قد يزيد المودة إذا أحسنت إدارته، وألاحظ، بعد سنوات طويلة من العمل فى السلك الدبلوماسى المصرى، أن الدفاع عن مصالح مصر والترويج لها ليس بالمهمة الصعبة على المحترف، فقد تعددت اختيارات مصر منذ القدم وحتى الآن.

مقالات مشابهة

  • 50 مليار دولار تُسرق من أجور العاملين في أمريكا سنويا (الحلقة الثالثة)
  • «المثالية».. مصدر التفكير الدينى
  • قلم رصاص
  • فقد إصبعه مدى الحياة| القصة الكاملة لإصابة طفل داخل حضانة دولية بالتجمع
  • «لا»
  • 17 فيلمًا يتنافسون على جوائز «النجوم الجديدة» بمهرجان الإسماعيلية السينمائي
  • ونحن فى انتظار شهر الرحمات.. انتى فين يا حكومه؟!
  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تتمسك بمحددات تسوية القضية الفلسطينية.. ولم أشك لحظة في ردها الحاسم
  • «كرسي السنوار».. مزار الأطفال لاستكمال مسيرة المقاومة الفلسطينية: سلاما على «يحيى»
  • «فتاة وبحيرتان».. رواية تُبحر فى أعماق النفس والقدر