400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
الاقتصاد نيوز — بغداد
يُحذر خبراء اقتصاد من خطورة استمرار تدهور قطاع الثروة السمكية في البلاد والمتواصل منذ نحو أربع سنوات بفعل شح المياه وتراجع مستويات نهري دجلة والفرات إثر تقليل حصة العراق من بلدي المصب إيران وتركيا، ما دفع السلطات إلى إعلان حالة طوارئ مائية أفضت إلى ردم أكثر من 10 آلاف بحيرة صناعية على ضفاف الأنهر والمخصصة لتربية الأسماك المحلية.
ونشرت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي) مطلع الشهر الحالي تقريرا قالت فيه إن “العراق يخسر نحو 400 مليون دولار سنويًا بسبب تدهور الثروة السمكية”، مردفة أن الوقت قد حان “لاتخاذ إجراءات فورية بشأن المناخ”.
وشددت على ضرورة اتخاذ إجراءات فورية بشأن المناخ، والحد من التدهور الحاصل في الثروة السمكية، داعيةً الحكومة العراقية لاتخاذ إجراءاتها بهدف الحد من هذه الخسائر.
وتشير الإحصائيات الرسمية، إلى أن العراق كان ينتج في العام 2021، نحو 84 ألف طن، لينخفض في 2023 إلى 56 ألف طن، بنسبة تراجع بلغت نحو 35%، ولا توجد إحصائية رسمية عن العام الجاري 2024، إلا أن التوقعات تشير إلى انخفاضها بنسبة تتجاوز 50%.
استيراد الأسماكوتوفر السوق العراقية حاليا الأسماك التي يتم استيرادها من دول مختلفة، أغلبها آسيوية، بينما تساهم البصرة المطلة على مياه الخليج العربي بتوفير أنواع مختلفة من الأسماك، لكن تبقى أقل جودة من الأسماك النهرية المعروفة في دجلة والفرات.
وتستمر هذه التحديات نتيجةً لتراكم المشاكل البيئية مثل التلوث، الإفراط في الصيد، والتغيرات المناخية التي تؤثر على بيئة الأنهار والبحيرات العراقية. هذه العوامل تسهم في تدهور إنتاج الأسماك، مما يزيد من الاعتماد على الواردات ويؤثر سلبًا على استدامة القطاع.
وللحد من هذه الخسائر، فقد اتخذت الحكومة العراقية عدة خطوات لتحسين الوضع، بما في ذلك إطلاق مشاريع تهدف إلى تحسين جودة المياه وتطوير ممارسات صيد أكثر استدامة.
ومنذ نهاية العام 2022، تم ردم وإزالة البحيرات المتجاوزة في بغداد والمحافظات والبالغ عددها نحو 10 آلاف بحيرة، في ظل وجود مخالفات قانونية وبيئية، اتخذت الحكومة بحقها الإجراءات قانونية تتعلق بالردم ومحاسبة المخالفين.
وفي السياق، قال مدير عام الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة العراقية، وليد الزرفي، إن إجراءات ردم بحيرات تربية الأسماك المخالفة للقوانين والضوابط المتجاوزة على الحصص المائية تسببت في تقليص حجم المعروض من الأسماك في السوق العراقية وانعكس ذلك التأثير على خسائر العراق الاقتصادية، وفق تقرير لـ"العربي الجديد"
وتحدث الزرفي، عن أن وزارته تعمل على إدخال الأنظمة الحديثة والمتطورة في تربية الأسماك من خلال الأنظمة المغلقة التي لا تتسبب في هدر المياه، وهناك مربو أسماك لا يريدون التوجه الى الأنظمة الحديثة خشية تحمل تكاليف مالية إضافية.
وطالب، بضرورة محاسبة ومحاكمة المخالفين لتعليمات وضوابط وزارتي الزراعة والموارد المائية، لأنهم تسببوا بهدر المياه من خلال حفر آبار تربية أسماك غير مُرخصة ولم يحصلوا على إجازات من الجهات المعنية.
وبين، أن العراق يعاني من الجفاف والتصحر بسبب تأثيرات التغير المناخي، مما يتطلب العمل الجاد والمتواصل من أجل الحد من عمليات هدر المياه وحفر الآبار بالطرق العشوائية.
وأضاف الزرفي، أن الوزارة مستمرة في دعم القطاع الزراعي وخاصة الثروة الحيوانية لما لها من أهمية كبيرة في توفير المنتجات، مبينا، أن الوزارة قدمت لمربي الأسماك الذرة الصفراء العلفية بأسعار مدعومة، فضلا عن تشجيعها المربين على تبني طريقة النظام المغلق في تربية الأسماك لأهميته الكبيرة.
قوانين الدعممن جانبها، قالت نائب رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي، زوزان كوجر، إن البرلمان العراقي أقر عددا من القوانين التي تدعم تحسين واقع الزراعة وتربية الثروة الحيوانية في العراق، ومن بينها الثروة السمكية التي تعتبر من القطاعات المهمة للاقتصاد الوطني العراقي.
وأضافت كوجر، أن تدهور واقع الثروة السمكية الذي يشهده العراق انعكس على الوضع الاقتصادي والمعيشي للكثير من العائلات التي تعمل وتتخذ من صيد وتربية الأسماك وسيلة للعيش والحياة.
وأشارت إلى أن تراجع مستوى إنتاج الأسماك وشحة المياه من العوامل التي أدت إلى قلة المعروض منها في الأسواق،وبالتالي ارتفاع أسعار الأسماك لأرقام قياسية قياساً عما كانت عليه في السنوات الماضية، مؤكدة أن هناك تحديات اجتماعية واقتصادية رافقت تدهور واقع الثروة السمكية في عموم البلاد، في ظل عدم وجود دعم حكومي كاف لمواجهة هذه الأزمة.
وأفادت كوجر، بأن التحديات الاقتصادية الكبيرة أدت إلى تراجع فرص العمل وتزايد معدلات البطالة، مبينةً أن لجنتها عملت بالتعاون مع الحكومة العراقية على توفير القروض الميسرة والمناسبة لمشاريع استشارات تربية الثروة السمكية، وتوفير الأعلاف بأسعار مدعومة وتقليص التعقيدات البيروقراطية واستخدام الطرق الحديثة في تربية الأسماك التي تقلل من هدر وتبخر المياه والحث على الاستفادة من خبرات دول المنطقة.
تأثيرات اقتصادية على العراقحول تأثير انخفاض إنتاج العراق من الثروة السمكية على الاقتصاد العراقي، أكد المختص بالاقتصاد الزراعي، خطاب الضامن، أن الثروة السمكية تعد أحد الفروع الحيوية في القطاع الزراعي، ويؤدي تدهور إنتاجها لأقل من 50%، وفقاً للتقديرات إلى تأثيرات اقتصادية سلبية متعددة.
وبين الضامن، أن من أهم التأثيرات هي تقليل مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي، مما يفاقم أزمة احادية الاقتصاد العراقي وزيادة الاعتماد على النفط بما هو مصدر أساسي للدخل، فضلاً عن زيادة الواردات الغذائية، ما يشكل ضغطاً إضافياً على العملة الصعبة وميزان المدفوعات العراقي.
وبين الضامن، أن تراجع إنتاج الثروة السمكية، يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة وغلاء الأسماك، لأن انخفاض العرض المحلي من الأسماك يؤدي إلى ارتفاع أسعارها في الأسواق المحلية، مما يضر بالقدرة الشرائية للمستهلكين.
وشدد الضامن على أهمية التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تبني استراتيجيات وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية وتقليل تأثيرها على الموارد المائية، وتعزيز إدارة المياه وحماية الأنهار من الجفاف والتلوث، وتحسين وسائل الإنتاج السمكي من خلال الاستثمار في إنشاء مزارع سمكية حديثة بتقنيات حديثة تستهلك كميات اقل من المياه.
كما شدد على ضرورة تقديم الدعم الفني والمالي للصيادين والمزارعين لتحسين الإنتاجية، وحماية الموارد الطبيعية وتطبيق قوانين صارمة للحد التجاوزات على الأنهار، والتعاون مع دول الجوار لإدارة الأنهار المشتركة بشكل عادل.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار الثروة السمکیة تربیة الأسماک من الأسماک من خلال
إقرأ أيضاً:
من النفط إلى التكنولوجيا.. صناديق الثروة الخليجية في سباق للتنويع
تشهد صناديق الثروة السيادية في منطقة الخليج العربي تغيرات كبيرة في القيادة والإستراتيجيات الاستثمارية، وهو ما يبرز دورها المتنامي في تشكيل الأسواق العالمية.
ووفقا لتقرير نشرته بلومبيرغ، فإن هذه التغييرات تشير إلى تحولات إستراتيجية عميقة تتجاوز قيمتها الإجمالية 2.5 تريليون دولار، مما يجعلها من بين اللاعبين الأكثر تأثيرا على مستوى العالم.
إعادة تشكيل المؤسساتوكانت دولة قطر قد أعلنت عن تعيين محمد السويدي رئيسا تنفيذيا جديدا لجهاز قطر للاستثمار الذي يدير أصولا بقيمة 510 مليارات دولار.
وجاء تعيين السويدي بعد فترة طويلة قضاها منصور المحمود في المنصب منذ 2018.
السويدي -الذي انضم إلى الجهاز في عام 2010- شغل منصب الرئيس التنفيذي للاستثمارات في الأميركتين، وساهم في تأسيس مكتب للجهاز بالولايات المتحدة.
وتوقعت بلومبيرغ أن تعيين السويدي يعكس استعداد قطر لمواجهة التغيرات العالمية، خاصة مع عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وصرح سالار قهرماني خبير صناديق الثروة السيادية في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية بأن "اختيار قائد يمتلك خبرة عميقة في السوق الأميركية يشير إلى استعداد قطر لمواءمة إستراتيجياتها مع الديناميكيات السياسية والاقتصادية المتوقعة".
جهاز قطر للاستثمار في السوق الأميركيةوتلاحظ بلومبيرغ أن جهاز قطر للاستثمار بدأ في السنوات الأخيرة في إعادة توجيه استثماراته نحو السوق الأميركية، وذلك لتقليل الاعتماد على الأصول الأوروبية.
وشمل ذلك توجيه الاستثمارات إلى قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والبنية التحتية، ومع التوسع الكبير في صادرات الغاز الطبيعي القطري يُتوقع أن تتضاعف أصول الجهاز في السنوات المقبلة، مما يمنحه مرونة أكبر لتعزيز وجوده الدولي.
وأشار التقرير إلى أن الجهاز بدأ يتحول بعيدا عن الاستثمارات التقليدية مثل العقارات الفاخرة نحو استثمارات تكنولوجية أكثر تطورا.
ومن المتوقع أن يسهم هذا التحول في إعادة التوازن إلى محفظة الجهاز الاستثمارية، خاصة مع التغيرات الاقتصادية العالمية.
تعيين السويدي يعكس استعداد قطر لمواجهة التغيرات العالمية خاصة مع عودة ترامب للبيت الأبيض (الجزيرة)
وفي الكويت، شهدت الهيئة العامة للاستثمار تغييرا مشابها مع تعيين الشيخ سعود سالم الصباح البالغ من العمر 35 عاما خلفا لغانم الغنيمان الذي تقاعد بعد سنوات طويلة في المنصب.
ووصفت بلومبيرغ الشيخ سعود بالرجل الذي يتمتع بخبرة تمتد لأكثر من عقد في إدارة الاستثمارات، بما في ذلك العمل مع شركة بلاك روك الأميركية المتخصصة في إدارة الاستثمارات، مما يشير إلى تحول في توجهات الهيئة نحو جذب استثمارات جديدة وقيادة أكثر شبابا.
تحول إستراتيجي في الاستثماراتوتشير بلومبيرغ إلى أن صناديق الثروة السيادية الخليجية تتبنى نهجا أكثر تقدما يعتمد على البيانات والتحليل الكمي، فعلى سبيل المثال يعمل جهاز أبو ظبي للاستثمار -الذي يدير أصولا بقيمة تريليون دولار- على تعزيز فريقه للتحليل الكمي لتسريع اتخاذ القرارات وتحسين العوائد، ويشمل ذلك زيادة الاستثمارات في الائتمان الخاص والأسهم الخاصة، إضافة إلى توسيع شراكاته مع صناديق التحوط.
وصرح قهرماني بأن "صناديق الثروة السيادية اليوم أصبحت أكثر استقلالية وإستراتيجية، إذ تتخذ قرارات استثمارية تتماشى مع أهدافها بعيدة المدى، سواء عبر تحسين شروطها مع مديري الصناديق الخارجية أو عبر إدارة الاستثمارات داخليا لتحقيق أفضل النتائج".
وحققت الأسواق المالية في الإمارات إنجازا تاريخيا بتجاوز القيمة السوقية للأسهم المدرجة حاجز التريليون دولار لأول مرة.
ويشمل ذلك أسواق دبي وأبو ظبي، مما يجعلها تتفوق على أسواق أوروبية كبرى مثل ميلانو ومدريد، وذكرت بلومبيرغ أن هذا النمو كان مدفوعا بارتفاع تقييمات الشركات الإماراتية.
ووفقا للتقرير "أصبحت صناديق الثروة السيادية أكثر وعيا بأهمية السياسة والجغرافيا السياسية في إستراتيجياتها، مما يعكس توجها جديدا يعزز دورها باعتبارها أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد العالمي".
صناديق الثروة السيادية صارت أكثر وعيا بأهمية السياسة والجغرافيا السياسية في إستراتيجياتها (رويترز)السعودية.. سباق لجمع السيولة
ويعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي اللاعب الرئيسي في تنفيذ رؤية 2030 السعودية، إذ يدير أصولا بقيمة تتجاوز 700 مليار دولار.
ومع انخفاض أسعار النفط وتزايد عجز الميزانية كثف الصندوق جهوده لجمع السيولة من خلال بيع حصص في الشركات المملوكة للدولة.
وفي هذا السياق، باع الصندوق حصصا من أرامكو بقيمة 12.4 مليار دولار هذا العام، بالإضافة إلى تخفيض حصته في شركات أخرى مثل شركة الاتصالات السعودية بقيمة مليار دولار.
وصرح غوكول ماني المدير الإداري لأسواق رأس المال في "جيه بي مورغان" بأن "الطروحات الثانوية للأسهم تتطور بوتيرة متسارعة في الشرق الأوسط، مما يوفر مرونة أكبر للصناديق في تحقيق أهدافها التمويلية".