قضايا المرأة تطلق حملة "قانون أكثر عدالة للكل"
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
أطلقت اليوم مؤسسة قضايا المرأة المصرية حملة بعنوان:" قانون أكثر عدالة للكل" تستمر الحملة ٦ أيام متتالية ،بهدف رفع الوعي المجتمعي حول مشروع القانون المقترح من قبل المؤسسة مشروع قانون أسرة أكثر عدالة لكل أفراد الأسرة، وتأتي الحملة إيمانًا من المؤسسة بأهمية الحوار المجتمعي للوصول إلى قانون عادل وشامل، يعكس إرادة فئات المجتمع ويحقق تطلعاتهم.
إطلاق الحملة
وأصدرت المؤسسة اليوم بيانًا بشأن إطلاق الحملة جاء نصه كالتالي:
"نؤمن في مؤسسة قضايا المرأة المصرية أن الأسرة ليست مجرد عقد زواج أو شهادات ميلاد لأبنائها، بل هي نسيج متماسك لا بد أن يحميه قانون عادل لكل فرد بداخلها، سواء كانت امرأة، رجل، أو طفل، وبفضل رؤية استشرافية بدأت منذ عام 2003، سعت المؤسسة إلى صياغة قانون يحترم حقوق الجميع، ويحتوي على كل الأبعاد النفسية والإجتماعية والإقتصادية، بهدف تحقيق التوازن والانسجام بين أفراد الأسرة الواحدة سواء أثناء العلاقة الزوجية أو حتى بعد الانفصال عن طريق الطلاق. حيث عملت مؤسسة قضايا المرأة المصرية منذ تأسيسها على تعزيز المساواة والعدالة لجميع أفراد الأسرة، ومع استمرار التحديات التي تواجه الأسرة بشكل عام والمرأة بشكل خاص في منظومة قوانين الأحوال الشخصية الحالية، وبنهاية 2023 أطلقت المؤسسة المسودة الأخيرة من مقترحها حول قانون أسرة أكثر عدالة والتي عملت على كتابته وتنقيحه من خلال لجنتها القانونية منذ عام 2003 وحتى الآن، بمشاركة آلاف المواطنين/ات، والمتخصصين وخبراء القانون وغيرهم من فئات المجتمع المختلفة وتجميع توصياتهم عبر الحوار المجتمعي الذي قامت به بمحافظات مصر، حتى تصبح هناك رؤية شاملة تهتم بإذابة العوائق الاجتماعية والمفاهيم المغلوطة، وتفكيك الشحن السلبي بين أفراد الأسرة في حالات الطلاق، والذي نسعى من خلاله إلى إيجاد منظومة جديدة للأحوال الشخصية، تضمن حماية حقوق الجميع. حيث نجح المقترح أن يعالج في نصوصه العديد من القضايا التي تواجه الأسرة مثل الخطبة والزواج، النفقة، الحضانة، حق الطرف غير الحاضن في اصطحاب الأطفال، ترتيب الأب في منظومة الحاضنين ليصبح الثاني بعد الأم مباشرة، حقوق الأبناء، والطلاق الشفوي، وتعويض الزوجة وتعدد الزوجات، وغيرها الكثير، بهدف توفير حماية قانونية شاملة لجميع الأفراد بغض النظر عن الجنس أو العمر، حيث نطمح من خلال هذا القانون إلى خلق نظام أسري أكثر توازنًا وعدلاً، ليحقق رفاهية الأسرة المصرية."
وأضاف البيان أن مشروع القانون المقترح
الذي أعدته المؤسسة قد تم تبنيه مرتين من قبل عضوتان بالبرلمان خلال دورتين برلمانيتين، المرة الأولى من قِبل النائبة عبلة الهواري عام 2017 ودخل اللجنة التشريعية بمجلس النواب ولكنه لم يناقش بسبب عدم وجود أولوية لإصدار تشريع خاص بالأحوال الشخصية خلال تلك الدورة البرلمانية، وفي عام 2022 تبنت النائبة نشوى الديب، مقترح القانون وحصلت على 60 توقيع من أعضاء البرلمان تمهيدا لدخوله ومناقشته في اللجنة التشريعية للبرلمان ولكن حتى الأن لم يتم دخوله اللجنة بالرغم من صدور تصريحات من رئيس الجمهورية بضرورة إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية عادل للأسرة، والذي بناء عليه قامت وزارة العدل في يونيو 2022 بتشكيل لجنة لصياغة قانون جديد للأحوال الشخصية والذي كان مستهدف إنهاء عملها خلال 4 شهور.
وفي ضوء ذلك قامت مؤسسة قضايا المرأة المصرية بإرسال مقترحها الى اللجنة بالإضافة لإرساله الى عدة جهات أخرى متمثلة في " رئاسة الجمهورية ، مجلس الوزراء ، المجلس القومي للمرأة " وعلى الرغم من مرور ال 4 شهور وما تلتها من تصريحات لوزير العدل خلال عام 2023 و2024 بأن اللجنة المشكلة من قبل وزارة العدل قد انتهت من صياغة 3 قوانين للأحوال الشخصية قانون للمسلمين وقانون للمسيحيين وقانون صندوق تأمين الأسرة ، الا أنه حتى الأن لم يخرج أيًا منها للنور.
و أشار البيان إلي أن الحملة تأتي استمرارًا لجهود المؤسسة من أجل صدور قانون أسرة أكثر عدالة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مؤسسة قضايا المرأة المصرية قانون أكثر عدالة الوعي المجتمعي قانون عادل مؤسسة قضایا المرأة المصریة للأحوال الشخصیة أفراد الأسرة أکثر عدالة
إقرأ أيضاً:
ناصر عبدالرحمن يكتب: التواطؤ والعشم.. الشخصية المصرية (15)
من ملامح الشخصية المصرية التعقيد، وامتزاج التناقضات فيها، تجد الألوان تتداخل وتخلق إعجازاً لونياً، هكذا الشخصية المصرية تتعاطى المتناقضات، وتستسيغ المتنافر، وتجذب الحر وتمطر فى الجدب، وتروى السراب وتستحضر الغيابات، لذلك تجمع الرضا بالشكوى والمرونة بالنفاق، والعبقرية بالجهل والأمل بالإحباط.
وهنا نستحضر تفاعلاً جديداً، مزيجاً آخر، وتلويناً بالرمال، وجمعاً بين التواطؤ وبين العشم.
قدَر الشخصية المصرية أن تكون وسط المتناقضات، وسط الأطراف، وبين طمع وغل، بين خيال ووهم، المركّب الحاصل بين التواطؤ وبين العشم، مركّب مصرى بامتياز، تتعايش معه الشخصية المصرية بسلاسة واعتياد.
التواطؤ تفصيلة مصرية قديمة من ملامح الشخصية المصرية القديمة، ظهرت بجلاء وسُجلت فى القرآن، ففى قصة سيدنا «يوسف» تتجلى ملامح الشخصية المصرية، فى صفة قديمة تسمى بالتواطؤ، والتواطؤ هو ما جعل الملوك على مر الأزمان يستفيدون منه، ويجعل حكمهم على الشعب بتغذية التواطؤ بين الناس، ففى قصة سيدنا «يوسف» تأكد الحكم ببراءته، لكن تواطأ الجميع مع زوجة العزيز التى فضحت المدينة كلها بنسائها ورجالها وحكامها بأن أشهدتهم وجه الجمال فى سيدنا يوسف، ليشهد الكل فى تواطؤ علنى بالبراءة، ورغم ذلك يُسجن بالتواطؤ.
التواطؤ جعل الكل يقرأ الخرطوش المزور ويصمت، عندما يمحو ملك إنجاز غيره ويكتب اسمه بدلاً من الملك الذى سبقه فهذا تواطؤ من الكهنة ومن المهندسين ومن الكُتاب ومن كل قارئ للاسم المزور. التواطؤ يتجلى فى حفر قناة السويس بأيدى الفلاحين، يُقتلون فى رمال الحفر، والعمال حول المقتول، تواطؤ بفعل الخوف.
التواطؤ تتوارثه الأجيال على مر الأزمان، وصل إلى المواصلات والأوتوبيسات، وصل داخل الأوتوبيس، حيث يتحرش رجل بامرأة والجميع فى تواطؤ، ليس الخوف وحده من يفرز التواطؤ، بدليل أنه فى كل مكان وزمن وفى كل تفصيلة وحالة، التواطؤ يغلب على الطابع، بسبب رغبته فى العيش، تجد السائق يقود «ميكروباص» وهو يتحرش بمن تجلس جانبه، تجد السائق يدخن المخدر والناس فى سوبيا التواطؤ لأجل وصولهم للموقف.
التواطؤ يجعل الموظف يتواطأ فى وظيفته وهو يعلم أن المدير مع سكرتيرته، التواطؤ يجعل المواطن يدفع ويدفع ويدفع، تواطؤ الناس رغبة منهم للفوز بمرادهم.. تواطؤ الطلبة مع المدرس حتى لا يُنقص درجاتهم، التواطؤ يجعل الدائرة تدور بغضّ النظر عن الثور، الزوجة تتواطأ على زوجها وتتواطأ من أجل بيتها، كل من فى مطبخ المطعم يتواطأ وهو يعلم بأن الطعام فاسد وأن الصلاحية انتهت وأن وأن وأن.
وكأن التواطؤ سمة لازمة، تدير ترس الحياة فى الشخصية المصرية، فى الفن تواطؤ، عندما يصبح النجم صاحب الأمر والنهى وسبب تنفيذ العمل، عندما يصبح من حق النجم أن يغير فى النص ويغير المخرج ويغير حتى ملابس الشخصية، عندما يصبح العمل يبتغى النجم ولا يبتغى المعنى، عندما يصبح النجم بشعره وبالبوتكس وبعمليات التجميل، عندما يصبح النجم فقاعة فارغة مصنوعة، عندما يصبح النجم آخر همه الشخصية، عندما يصبح الفن ينفر من الحقيقة ومن المصداقية، ومن ملامح مجتمعة ومن هموم الناس، عندما يصبح النجم يهوى والناس تصعد به، عندما يصبح الممثل لا يجسد غير رفعة حاجبه.
عندما يُنقش التواطؤ على القلب ويخفق بأعلى صوت: تواطؤ تواطؤ تواطؤ، عندما تأكل وتشرب الشخصية المصرية بالتواطؤ، تقبض مصارفها وتمر أيامها بالتواطؤ، يصبح التواطؤ جبلاً مسيطراً، وهواء يتنفسه الناس ونهراً يروى الشخصية ويطرح بعشم تفاصيل غير مفهومة.
كيف تنسى الشخصية المصرية حادثة فتاة العتبة، التى تواطأ الناس فى صمت وهى تُغتصب؟ كيف تنسى الشخصية المصرية خلع كوبرى أبوالعلا فى التسعينات ودفنه فى طين الشاطئ؟ كيف تنسى الشخصية المصرية هدم ركام الأوبرا المصرية الآثارية فى الثمانينات، وبناء جراج أقل ما يوصف أنه دميم؟ كل ما يحدث بما فيه طمس أسوار القاهرة الفاطمية، وطمس معالمها التاريخية فى الثمانينات؟
كل ما سبق فى كل تفصيلة حياتية يؤكد أن التواطؤ يسكن فى أعماق الشخصية المصرية، ليتجلى العشم، أبوعشم، عشم لم يمت، عشم يتكاثر وينتعش، عشم تفصيلة مصرية صنع تفاصيلها ونقش ملامحها، وأنبت ثمارها الجو العام المصرى، العشم سلاح ودواء الشخصية المصرية، العشم مرض مستوطن فى تلابيب الشخصية المصرية، العشم قديم قديم من قدم الصخر فى أسوان، العشم سلاح الأم المصرية، تتزوج مَن دونها بالعشم، تتزوج مَن لا يصلح لها بالعشم، الفتاة الصغيرة تتعشم بزوج غنى ولو كان عجوزاً، والأم تتعشم بأبنائها الخير وهى غير قادرة على تعليمهم، الزوج يذهب لعمله بالعشم، يُكمل الموظف شهره بالعشم، تُخلق أبواق الأفراح بالعشم، يصنع الأطفال ألعابهم بالأوراق والنوى والكازوز بالعشم، يركب المواصلات بالعشم، يُكمل طريقه بالعشم، يزيد دخله بالعشم، يقفز فوق البرك والمستنقعات ويمسك أسلاك الكهربة، ويستمع إلى خطبة الجمعة ويشاهد مذيع التوك شو بالعشم، حتى فريقه يشجعه بالعشم.
يتحد التواطؤ مع العشم فى أنهما دعاة للأمل، وفى أنهما من مشكاة الوهم، وفى أنهما إرادة وترصد وقصدية، هكذا الوهم يخلق متناقضات، وهكذا الشخصية المصرية تتبنى المستحيلات، بالعشم وحده يبتسم وجه الشخصية المصرية، وبالتواطؤ وحده يؤجل الألم.. اللهم فاشهد.