مؤمن الجندي يكتب: عميد في الزنزانة
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
نعيش في عالمٍ يتنازع فيه الضوء والظل، وحيث تتكاثر الخلافات كأمواجٍ لا تهدأ، تقف الأرواح العظيمة على مفترق الطريق بين الكبرياء والمصلحة، بين الخصومة والمغفرة.. هناك، في زاوية عميقة من الروح، يُدرك الإنسان أن الوطن أكبر من نزاعات الأفراد، وأن في التسامح عظمة تُنير القلوب قبل أن تَعبُر إلى العالم، لإنها لحظةٌ تتجسد فيها الحكمة، حين يختار العاقل أن ينحي سيوف الصراع جانبًا، ويمد يدًا بيضاء لمن كان في يومٍ ما خصمًا، ليدرك الاثنان أن عبور هذه الجسور معًا هو الطريق الوحيد لتُزهر الأرض، ولترتفع رايات السلام التي تعانق السماء.
من منا لا يتذكر فيلم "حب في الزنزانة" الذي جسد صراعًا ينشأ داخل السجن، ومعه تعلو ثنائية الأمل واليأس، حيث يمكن أن تكون قصة هذا الفيلم مرآة لمشهد العلاقة المتوترة بين حسام حسن، المدير الفني للمنتخب المصري الأول، وهاني أبو ريدة، الرئيس المرتقب لاتحاد الكرة المصري بعد الانتخابات المقبلة، ولكن هذه المرة بعنوان "عميد في الزنزانة".
إن حسام حسن، بجرأته وأسلوبه الصريح، كان قد أدلى بتصريحات ناقدة تجاه أبو ريدة سابقًا، وها هو اليوم، وهو يقود المنتخب المصري بنجاحات واضحة حتى الآن، كمن وجد نفسه حبيسًا في "زنزانة العميد"، حيث يبدو أن هذه النجاحات على أرض الملعب لن تكون كافية لمنع محاولات إبعاده عن المشهد، خاصة مع تولي أبو ريدة للمنصب المتوقع.
فهل سيستطيع حسام حسن كسر قضبان "الزنزانة" واستمرار نجاحاته؟، أم أن الانتقادات السابقة والتوترات التي أوجدها العميد بنفسه! ستجعل من وجوده على رأس المنتخب محط تهديد؟ تشابه هذه القصة في بعض أبعادها مع قصة فيلم عادل إمام، حيث الصراع بين التطلعات الشخصية ومصير العلاقات المعقدة، في انتظار ما سيكشفه القادم من أحداث في ساحة الكرة المصرية.
نجاح أو فشل العلاقات بعد هجوم أحد الأشخاص على الآخر يعتمد على عوامل عديدة تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل هذه العلاقة.. فالهجوم، سواء كان لفظيًا أو فكريًا، يترك آثارًا عميقة قد تكون جسيمة على الطرف الآخر، خاصة إذا كان الهجوم علنيًا أو أمام أطراف أخرى، هذا النوع من الانتقاد قد يُشعر الشخص المستهدف بالإهانة ويخلق حاجزًا من عدم الثقة والاحترام، وهما عنصران أساسيان لاستمرار العلاقات الصحية.
ورغم ذلك، يمكن لبعض العلاقات تجاوز الهجوم إذا توفرت الإرادة والوعي لدى الطرفين لمعالجة الأسباب الكامنة خلف الخلاف.. فالحوار الصادق والاستعداد لتحمل المسؤولية من قبل الشخص الذي قام بالهجوم قد يسهمان في إعادة بناء الجسور المقطوعة، خاصة إذا أُرفق باعتذار صادق ورغبة في تصحيح المسار.
ومن واقع تجاربي في الحياة أو تحديدًا مع الوسط الرياضي، رأيت حالات تفشل فيها العلاقات في الصمود أمام الهجوم، ويصبح من الصعب إصلاح ما تهدم.. في هذه الحالة، قد تتعمق الجروح وتتحول العلاقة إلى صراع دائم أو قطيعة، حيث يجد الطرف المستهدف أنه من الصعب التعايش مع من أساء إليه أو استهان بكرامته.
في النهاية، نجاح أو فشل العلاقة بعد هجوم يعتمد على نضج الطرفين ورغبتهما في تجاوز الخلافات، وقدرتهما على تقبل الاختلافات الشخصية، والالتزام بالقيم التي تُعزز من استمرارية أي علاقة، سواء كانت علاقة عمل أو صداقة أو حتى شراكة رياضية كما في حالة حسام حسن وهاني أبو ريدة، لأن مصر أكبر من أي شخص!.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: حسام حسن هاني أبو ريدة أبو ريدة الاتحاد المصرى لكرة القدم مؤمن الجندی یکتب حسام حسن أبو ریدة
إقرأ أيضاً:
الشيخ خالد الجندي يوضح الفرق بين الانتماء والولاء
تناول الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، في حلقة جديدة من برنامجه "لعلهم يفقهون" على قناة dmc، قضية جوهرية تتعلق بقيم الفرد تجاه مجتمعه، مركزًا على التمييز بين مفهومي الانتماء والولاء.
وأكد الجندي أن الانتماء فطري وولادة طبيعية، بينما الولاء اختيار والتزام حقيقي يظهر في أوقات المحن.
استهل الجندي حديثه بتعريف الانتماء بأنه "حالة طبيعية يولد بها الإنسان"، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما يكون جبريًا، نابعًا من الميلاد أو البيئة التي نشأ فيها. وأوضح: "لما تتولد في بلد، تلقائيًا تبقى منتمي ليه، ولما تتربى في عيلة، تبقى منتمي ليها، وده شعور فطري لا يحتاج إلى إثبات".
وبيّن أن الانتماء يتوزع على دوائر متعددة تشمل الانتماء الديني، الثقافي، اللغوي، المهني، الرياضي، والوطني، معتبرًا أن هذه الدوائر تعكس طبيعة الإنسان الاجتماعية، وأن النقابات والاتحادات تساهم في ترسيخ هذا الانتماء.
في المقابل، عرّف الشيخ الجندي الولاء بأنه مرتبة أعلى من الانتماء، لأنه ينبع من "الاختيار والاقتناع والالتزام"، وليس مفروضًا على الإنسان. وقال: "الولاء يعني إنك تدافع عن الكيان اللي بتنتمي ليه، تحميه وتضحي عشانه، سواء كان وطن، عيلة، مؤسسة أو جماعة".
وأكد أن الولاء الحقيقي لا يظهر في أوقات الرخاء، بل "يُختبر في الشدائد والظروف الصعبة"، مشيرًا إلى أن من يهاجم وطنه أو يخذله في الأزمات قد يكون منتميًا إليه، لكنه يفتقر إلى الولاء الحقيقي.
ولتقريب المفهوم، ضرب الشيخ الجندي مثالًا بـ"ولاء العائلة"، موضحًا "أن تكون ابنًا لعائلة، هذا انتماء، لكن أن تقف مع عائلتك وقت أزمتها، تحمي سمعتها وتدافع عنها، فهذا هو الولاء الحقيقي".
وأضاف أن الولاء يتطلب أفعالًا عملية مثل الإخلاص في العمل والدفاع عن القيم.
وفي ختام حديثه، شدد الشيخ خالد الجندي على أهمية التمييز بين الانتماء كـ"شعور داخلي" والولاء كـ"تصرف خارجي يعبر عن الالتزام الحقيقي". واستشهد بحكمة مفادها أن "الانتماء شعور بيربطك بالمكان، والولاء فعل يحمي المكان"، مؤكدًا أن الإسلام أكد على كلا القيمتين، مستدلاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن تكاتف المؤمنين.