علماء يكسرون قاعدة عمرها 100 عام ويصنعون جزيئات مستحيلة
تاريخ النشر: 13th, November 2024 GMT
تمكّن فريق من الكيميائيين بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس من تحقيق اختراق علمي غير مسبوق في مجال الكيمياء العضوية، إذ نجحوا للمرة الأولى في تحطيم قاعدة كيميائية عمرها قرن من الزمان عبر إنتاج فئة جديدة من الجزيئات اسموها "الأوليفينات المضادة لبريدت"، وأعلنوا عن هذا الإنجاز غير المسبوق في دورية ساينس العريقة.
ولفهم ما فعله الباحثون بقيادة نيل جارج الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، تخيّل دراجة بخارية تسير على جسر ضيق بين جبال شديدة الانحدار. إذا كان الجسر ضيقًا للغاية، فإن محاولة الدوران بالدراجة عند نقطة معينة من الجسر سيجعلها غير مستقرة وقد تسقط بسبب عدم وجود مساحة كافية للدوران أو الانعطاف.
في هذا التشبيه، الجسر الضيق يمثل الحلقة الصغيرة في المركبات الكيميائية (الجسر الحلقي)، والانحناء الحاد الذي تحاول الدراجة البخارية القيام به يمثل الرابطة المزدوجة. وفقًا لقاعدة بريدت، لا يمكن وضع الرابطة المزدوجة عند "رأس الجسر" إذا كانت الحلقة صغيرة جدًا لأنها ستتسبب في إجهاد كبير يؤدي إلى عدم استقرار المركب الكيميائي، مثل الدراجة التي تنقلب عند محاولة الانعطاف على جسر ضيق جدًا.
ورأس الجسر مصطلح يُستخدم في الكيمياء العضوية للإشارة إلى نقطة التقاء أو اتصال بين حلقتين من الذرات في جزيء ما، تشترك الحلقتان في ذرات معينة، وهذه النقاط المشتركة تُعرف بـ"رؤوس الجسر"، وتكون هذه الذرات في وضع مكاني خاص، حيث تتصل بباقي الذرات أو المجموعات في الهيكل الثلاثي الأبعاد للجزيء.
ووفقا لقاعدة بريدت، التي وضعها في عام 1924 العالم الألماني يوليوس بريدت، فإنه من الصعب للغاية أو غير ممكن تكوين رابطة مزدوجة بين ذرتين من الكربون في رأس الجسر بسبب الارتباك الذي يسببه هذا الترتيب البنيوي، والذي يجعل الجزيء غير مستقر للغاية ويزيد من احتمال تحلله أو تفاعله بسرعة مع مواد أخرى.
وطوال قرن من الزمن، كانت هذه القاعدة تشكل عائقا أمام إنتاج جزيئات معقدة، لكن فريق الدكتور جارج تمكّن من كسرها ونجح في إنتاج الجزيئات التي أسماها "الأوليفينات المضادة لبريدت".
تحتوي الجزيئات على رابطة مزدوجة واحدة على الأقل تربط بين ذرتين من الكربون، تقع كل منهما في المستوى الثنائي الأبعاد نفسه على حلقتين من الذرات.
ويقول جارج، في تصريحات للجزيرة نت، "في بداية مشروعنا، كان التحدي الرئيسي هو العثور على مادة أولية يمكن استخدامها لإنتاج الأوليفينات المضادة لبريدت تحت ظروف تفاعل معتدلة".
ويوضح أن: الاكتشاف الرئيسي الذي توصلنا له كان في اكتشاف أن نوعا من المركبات الكيميائية، يسمى "السيلل شبيه الهاليدات"، كانت مادة أولية فعالة لهذا التفاعل، فعند معاملة هذه المركبات بمركب يحتوي على الفلوريد، تمكنا من تحفيز التفاعل وتحويلها إلى الجزيئات الجديدة (الأوليفينات المضادة لبريدت).
ويضيف أن "المادة الأولية التي تم استخدامها في هذه التجربة تسمح بإنشاء الأوليفينات المضادة لبريدت التي تكون مشوهة هندسيا (أي أن هناك تواترا في شكلها يجعلها غير مستقرة جدا)، وهذا التشوه الهندسي يحدث بسبب قوة الروابط بين السيليكون والفلور التي تتكون خلال التفاعل، وهذه القوة هي التي تدفع التفاعل وتساهم في تكوين المركب المطلوب".
وأحد التحديات الرئيسية التي واجهها جارج كان التعامل مع التفاعل العالي للأوليفينات المضادة لبريدت، حيث كانت هذه الجزيئات شديدة النشاط وغير قابلة للرصد المباشر.
يقول جارج: لجأنا إلى استخدام ما يُعرف بـ"العوامل الماسكة"، وهي جزيئات يمكنها التفاعل بسرعة مع الأوليفينات المضادة لبريدت لتكوين مركبات أكثر استقرارا، وهذا التفاعل السريع بين الجزيئات ساعد الفريق في إثبات وجود هذه الجزيئات العالية التفاعل".
هذا الاكتشاف الذي توصل له الباحثون لا يقتصر على الجانب النظري فحسب، بل يفتح الباب أمام استخدام "الأوليفينات المضادة لبريدت" في تصميم أدوية جديدة.
وأحد التطبيقات الرئيسية التي أشار إليها الدكتور جارج، في تصريحه للجزيرة نت، هو "تصنيع هياكل ثلاثية الأبعاد معقدة، وهي أساسية في تطوير الأدوية الحديثة بسبب الطريقة التي تتفاعل بها مع البروتينات المستهدفة في الجسم".
ويقول جارج "من الصعب الآن تحديد مدى الثورة التي ستحدث في تصميم الأدوية الجديدة، لكننا نأمل أن تمهد هذه الجزيئات الطريق لاختبار فرضيات جديدة في هذا المجال".
وفي ضوء هذا الاكتشاف، يعمل فريق جارج الآن على توسيع نطاق أبحاثهم لاستكشاف جزيئات أخرى ذات هياكل غير تقليدية قد تبدو مستحيلة التكوين.
ويقول "نحن مهتمون بدراسة جزيئات أخرى ذات هندسيات غير معتادة، بما في ذلك تلك التي يُعتقد أنها مستحيلة التصنيع حتى اليوم".
ويشير إلى فائدة أخرى متوقعة تتعلق بـ"الكيمياء الخضراء"، فرغم أن هذا الاكتشاف قد لا يكون له تأثير مباشر على هذا التوجه الجديد بالكيمياء في الوقت الحالي، فإن جارج يرى أن هذه الجزيئات قد تساعد على تبسيط عمليات تصنيع الأدوية في المستقبل، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام مواد كيميائية ضارة ويختصر عدد الخطوات المطلوبة في عمليات التصنيع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذه الجزیئات
إقرأ أيضاً:
اتفاقية لتمويل معدات طبية متقدمة لمستشفى البريمي بـ250 ألف ريال
وقّعت مؤسسة الصحة الوقفية (أثر)، بالتعاون مع وزارة الصحة، اليوم اتفاقية شراكة مع مؤسسة الجسر للأعمال الخيرية لتمويل شراء أجهزة ومعدات طبية متطورة لصالح مستشفى البريمي، بقيمة إجمالية بلغت 250 ألف ريال عماني.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز البنية الأساسية الصحية لمستشفى البريمي، ورفع كفاءة الخدمات الطبية المقدّمة للمرضى، في إطار جهود "أثر" الرامية إلى دعم المؤسسات الصحية وتحقيق رعاية صحية شاملة ومستدامة.
وقّع الاتفاقية عن مؤسسة الصحة الوقفية (أثر) سعادة الدكتورة فاطمة بنت محمد العجمية الرئيسة التنفيذية للمجلس العماني للاختصاصات الطبية وعضو مجلس إدارة المؤسسة، بينما مثّل وزارة الصحة الدكتور ماجد بن راشد المقبالي المدير العام للخدمات الصحية بمحافظة البريمي، ووقّعت عن مؤسسة الجسر للأعمال الخيرية دينا بنت فوزي الخليلية، المديرة العامة للمؤسسة.
وثمّن هلال بن حمد الصارمي، المدير التنفيذي لمؤسسة الصحة الوقفية (أثر)، دعم مؤسسة الجسر للأعمال الخيرية، مؤكدًا أن هذه الشراكة تعكس روح التكامل المجتمعي، وتسهم في تلبية الاحتياجات الصحية الأساسية بمختلف محافظات سلطنة عمان.
وأضاف الصارمي: "ماضون في تنفيذ مشاريعنا الصحية التي تهدف إلى تحسين كفاءة المؤسسات الصحية وتوسيع نطاق خدماتها، ونتطلع إلى تعاون كافة أفراد المجتمع لتحقيق هدف الصحة المستدامة".
من جهتها، أعربت دينا بنت فوزي الخليلية عن فخرها بالشراكة مع وزارة الصحة ومؤسسة (أثر)، مشيرة إلى أن المشروع يعكس التزام مؤسسة الجسر بتعزيز جودة الرعاية الصحية في المحافظات، وأهمية تفعيل التعاون بين مختلف القطاعات لتحقيق أثر إيجابي ومستدام.
وعبّر الدكتور ماجد المقبالي عن سعادته بتوقيع الاتفاقية، مؤكدًا أنها تمثّل استثمارًا حقيقيًا في صحة المواطنين والمقيمين، وتعزيزًا للقدرات التشغيلية لمستشفى البريمي، الذي يُعد من المستشفيات المرجعية الهامة بحكم موقعه الاستراتيجي قرب الحدود، وخدمته لشريحة واسعة من السكان في محافظة البريمي والمحافظات المجاورة مثل شمال الباطنة والظاهرة ومسندم.
ومن المقرر أن يشمل الدعم توريد عدد من الأجهزة الطبية المتقدمة، من أبرزها جهاز مناظير جراحية متطور يُسهم في إجراء العمليات الدقيقة بتقنيات عالية، وجهاز مناظير للجهاز الهضمي لتشخيص وعلاج الأمراض الهضمية بفعالية، ما ينعكس بشكل مباشر على جودة حياة المرضى.
كما سيتضمن المشروع توفير جهاز لفحص هشاشة العظام، ووحدة طب أسنان محمولة مخصصة لغرف العمليات، بما يعزّز من تكامل الخدمات التخصصية داخل المستشفى ويتيح تقديم رعاية طبية متكاملة للحالات الحرجة.