تمكّن فريق من الكيميائيين بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس من تحقيق اختراق علمي غير مسبوق في مجال الكيمياء العضوية، إذ نجحوا للمرة الأولى في تحطيم قاعدة كيميائية عمرها قرن من الزمان عبر إنتاج فئة جديدة من الجزيئات اسموها "الأوليفينات المضادة لبريدت"، وأعلنوا عن هذا الإنجاز غير المسبوق في دورية ساينس العريقة.

ولفهم ما فعله الباحثون بقيادة نيل جارج الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، تخيّل دراجة بخارية تسير على جسر ضيق بين جبال شديدة الانحدار. إذا كان الجسر ضيقًا للغاية، فإن محاولة الدوران بالدراجة عند نقطة معينة من الجسر سيجعلها غير مستقرة وقد تسقط بسبب عدم وجود مساحة كافية للدوران أو الانعطاف.

في هذا التشبيه، الجسر الضيق يمثل الحلقة الصغيرة في المركبات الكيميائية (الجسر الحلقي)، والانحناء الحاد الذي تحاول الدراجة البخارية القيام به يمثل الرابطة المزدوجة. وفقًا لقاعدة بريدت، لا يمكن وضع الرابطة المزدوجة عند "رأس الجسر" إذا كانت الحلقة صغيرة جدًا لأنها ستتسبب في إجهاد كبير يؤدي إلى عدم استقرار المركب الكيميائي، مثل الدراجة التي تنقلب عند محاولة الانعطاف على جسر ضيق جدًا.

تحتوي الجزيئات على رابطة مزدوجة واحدة على الأقل تربط بين ذرتين من الكربون (بيكسابي) كيف كسرت قاعدة بريدت؟

ورأس الجسر مصطلح يُستخدم في الكيمياء العضوية للإشارة إلى نقطة التقاء أو اتصال بين حلقتين من الذرات في جزيء ما، تشترك الحلقتان في ذرات معينة، وهذه النقاط المشتركة تُعرف بـ"رؤوس الجسر"، وتكون هذه الذرات في وضع مكاني خاص، حيث تتصل بباقي الذرات أو المجموعات في الهيكل الثلاثي الأبعاد للجزيء.

ووفقا لقاعدة بريدت، التي وضعها في عام 1924 العالم الألماني يوليوس بريدت، فإنه من الصعب للغاية أو غير ممكن تكوين رابطة مزدوجة بين ذرتين من الكربون في رأس الجسر بسبب الارتباك الذي يسببه هذا الترتيب البنيوي، والذي يجعل الجزيء غير مستقر للغاية ويزيد من احتمال تحلله أو تفاعله بسرعة مع مواد أخرى.

وطوال قرن من الزمن، كانت هذه القاعدة تشكل عائقا أمام إنتاج جزيئات معقدة، لكن فريق الدكتور جارج تمكّن من كسرها ونجح في إنتاج الجزيئات التي أسماها "الأوليفينات المضادة لبريدت".

تحتوي الجزيئات على رابطة مزدوجة واحدة على الأقل تربط بين ذرتين من الكربون، تقع كل منهما في المستوى الثنائي الأبعاد نفسه على حلقتين من الذرات.

ويقول جارج، في تصريحات للجزيرة نت، "في بداية مشروعنا، كان التحدي الرئيسي هو العثور على مادة أولية يمكن استخدامها لإنتاج الأوليفينات المضادة لبريدت تحت ظروف تفاعل معتدلة".

ويوضح أن: الاكتشاف الرئيسي الذي توصلنا له كان في اكتشاف أن نوعا من المركبات الكيميائية، يسمى "السيلل شبيه الهاليدات"، كانت مادة أولية فعالة لهذا التفاعل، فعند معاملة هذه المركبات بمركب يحتوي على الفلوريد، تمكنا من تحفيز التفاعل وتحويلها إلى الجزيئات الجديدة (الأوليفينات المضادة لبريدت).

ويضيف أن "المادة الأولية التي تم استخدامها في هذه التجربة تسمح بإنشاء الأوليفينات المضادة لبريدت التي تكون مشوهة هندسيا (أي أن هناك تواترا في شكلها يجعلها غير مستقرة جدا)، وهذا التشوه الهندسي يحدث بسبب قوة الروابط بين السيليكون والفلور التي تتكون خلال التفاعل، وهذه القوة هي التي تدفع التفاعل وتساهم في تكوين المركب المطلوب".

وأحد التحديات الرئيسية التي واجهها جارج كان التعامل مع التفاعل العالي للأوليفينات المضادة لبريدت، حيث كانت هذه الجزيئات شديدة النشاط وغير قابلة للرصد المباشر.

يقول جارج: لجأنا إلى استخدام ما يُعرف بـ"العوامل الماسكة"، وهي جزيئات يمكنها التفاعل بسرعة مع الأوليفينات المضادة لبريدت لتكوين مركبات أكثر استقرارا، وهذا التفاعل السريع بين الجزيئات ساعد الفريق في إثبات وجود هذه الجزيئات العالية التفاعل".

يمكن إنتاج هياكل ثلاثية الأبعاد معقدة وهي أساسية في تطوير الأدوية الحديثة (بيكسابي) آفاق جديدة في تصميم الأدوية

هذا الاكتشاف الذي توصل له الباحثون لا يقتصر على الجانب النظري فحسب، بل يفتح الباب أمام استخدام "الأوليفينات المضادة لبريدت" في تصميم أدوية جديدة.

وأحد التطبيقات الرئيسية التي أشار إليها الدكتور جارج، في تصريحه للجزيرة نت، هو "تصنيع هياكل ثلاثية الأبعاد معقدة، وهي أساسية في تطوير الأدوية الحديثة بسبب الطريقة التي تتفاعل بها مع البروتينات المستهدفة في الجسم".

ويقول جارج "من الصعب الآن تحديد مدى الثورة التي ستحدث في تصميم الأدوية الجديدة، لكننا نأمل أن تمهد هذه الجزيئات الطريق لاختبار فرضيات جديدة في هذا المجال".

وفي ضوء هذا الاكتشاف، يعمل فريق جارج الآن على توسيع نطاق أبحاثهم لاستكشاف جزيئات أخرى ذات هياكل غير تقليدية قد تبدو مستحيلة التكوين.

ويقول "نحن مهتمون بدراسة جزيئات أخرى ذات هندسيات غير معتادة، بما في ذلك تلك التي يُعتقد أنها مستحيلة التصنيع حتى اليوم".

ويشير إلى فائدة أخرى متوقعة تتعلق بـ"الكيمياء الخضراء"، فرغم أن هذا الاكتشاف قد لا يكون له تأثير مباشر على هذا التوجه الجديد بالكيمياء في الوقت الحالي، فإن جارج يرى أن هذه الجزيئات قد تساعد على تبسيط عمليات تصنيع الأدوية في المستقبل، مما يقلل من الحاجة إلى استخدام مواد كيميائية ضارة ويختصر عدد الخطوات المطلوبة في عمليات التصنيع.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هذه الجزیئات

إقرأ أيضاً:

الصين تشكل فريقا للدفاع الكوكبي

الصين – أعلنت إدارة الدولة للعلوم والتكنولوجيا والصناعة للدفاع الوطني في الصين عن تجنيد أفراد لفريق الدفاع الكوكبي لمواجهة خطر اقتراب الكويكب 2024 YR4 من الأرض.

ووفقا للصحيفة South China Morning Post سيضم الفريق ثلاثة علماء متخصصين مهمتهم مراقبة ودراسة الكويكبات، وابتكار أساليب الإنذار المبكر من تهديدات الكويكبات.

ويقول العالم لي مينغ تاو، من المركز الوطني لعلوم الفضاء في أكاديمية العلوم الصينية: “يتعين علينا تشكيل فريق من الأشخاص الموهوبين المتخصصين في الحماية من الكويكبات واستخدام الحكمة والقوة الصينية لحماية أمن الأرض”.

ويذكر أن علماء الفلك اكتشفوا الكويكب 2024 YR4 في ديسمبر 2024. ومن المتوقع أن يصطدم بالأرض في أواخر عام 2032. ووفقا لتقديرات علماء الفلك الروس احتمال حدوث الاصطدام بنحو 6 بالمئة، في حين ذكرت وكالة ناسا أن فرصة حدوثه تزيد قليلا على 1 بالمئة. أما تقدير وكالة الفضاء الأوروبية فهو 2.3 بالمئة.

المصدر: نوفوستي

مقالات مشابهة

  • عمرها 700 عام.. قصة الساعة الرملية بعد ظهور روجينا بها في بوستر حسبة عمري
  • دراسة: النساء أكثر كرما من الرجال
  • عمرها ملايين السنين.. فرنسا تضبط شحنة أسنان ديناصورات متحجرة
  • أموريم: «الراحة مستحيلة» في مانشستر يونايتد!
  • الجميلة «فسبوتشي» ترسو في الإسكندرية.. عمرها قرن وتخلد ذكرى مكتشف الأمريكتين
  • الصين تشكل فريقا للدفاع الكوكبي
  • عالم آثار مصري يؤكد اكتشافه بردية لشعار الأهلي عمرها 3000 عام
  • الإفراج عن الصحفية الأردنية هبة أبو طه بعد انقضاء محكوميتها.. كتبت عن الجسر البري
  • الجسر الإغاثي السعودي.. عبور 85 شاحنة بمواد غذائية وطبية للشعب السوري
  • صورته ووالدته تحكي سنوات من الكفاح والشقاء.. طبيب المنوفية: لم أتوقع هذا التفاعل الكبير