ازدهار تجارة قطع جدار برلين رغم مرور 35 عاما على هدمه
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
كان جدار برلين الذي قسّم شطري ألمانيا لعقود رمزا للاستبداد، قبل أن يهدم قبل 35 عاما، ويبدأ المحتفلون باقتلاع قطعه كتذكارات تاريخية، لتباع أجزاؤه لاحقا للسياح المتعطشين لاقتناء قطعة من التاريخ. وحتى اليوم، يؤكد الباعة أن سوق هذه التذكارات لا يزال مزدهرا.
في تلك الليلة التاريخية، تدفق الناس على الجدار الذي قسم ألمانيا والعالم، واندفع الآلاف لعبوره وسط من الذهول والنشوة، في حين جاء آخرون يحملون المطارق.
"بدأ هذا العمل في تلك الليلة ذاتها"، تقول كورنيليا تيله من مؤسسة جدار برلين، "لدينا صور للجدار أمام بوابة براندنبورغ في ليلة التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 1989، حيث بدأ الناس اقتلاع أجزاء من الجدار بالمطارق والأزاميل وأخذها معهم".
كان سكان شرق ألمانيا ممنوعون من الاقتراب من هذا الحاجز الإسمنتي لعقود، وكان حراس الحدود مخولين باستخدام القوة القاتلة لمنع أي محاولة عبور. وفي تلك الليلة التاريخية، كان البعض يرغب في الاحتفاظ بقطعة من الحدث، بينما حوّل آخرون الجدار إلى عمل تجاري لا يزال مستمرا حتى اليوم.
ويمكن للسياح اليوم شراء قطع من الجدار ببضعة يوروهات، بينما تصدر بعض الأجزاء الكبيرة من الحدود السابقة. يدير الشقيقان سيباستيان ويوليان ساشا -وهما من غرب برلين سابقا- عملا تجاريا يعتمد على بيع أجزاء الجدار منذ بداية العام، بعدما ورثا العمل عن رجل يدعى فولكر بافلوفسكي ويُعرف بـ"محتكر الجدار"، الذي أدرك مبكرا أنه يمكن جني المال من بيع أجزاء الحائط بعد إعادة توحيد ألمانيا.
وبعد تقاعده، يقول الشقيقان إنهما يزودان نحو 40% من محال الهدايا التذكارية في برلين بأجزاء من الجدار عبر شركتهما لتجارة الجملة "برلين للهدايا التذكارية".
يتطلب هذا العمل جهدا شاقا، حيث يستخدمان المطارق والأزاميل وقاطعات المعادن والمناشير الدائرية لتحطيم الجدار إلى قطع صغيرة وتجميعها كهدايا تذكارية. وقبل ذلك، كانا يرممان الطلاء المتقشر لإضفاء جاذبية أكبر على القطع، ويسخنان صفائح "البليكسيغلاس" ويشكلانها بعناية لتغليف قطع الجدار.
يبيع الشقيقان ما يوازي "صندوق موز" من قطع الجدار يوميا لمحال الهدايا التذكارية في برلين والمتاجر العالمية عبر الإنترنت، وتأتي الطلبات من بلدان متعددة مثل مدغشقر والبرازيل وأستراليا، لكن معظم الطلبات الدولية تصل من الصين والولايات المتحدة.
ويعتقدان أن لديهما مخزونا يكفي لنحو 10 سنوات أخرى إذا استمر العمل بالوتيرة نفسها، رغم التراجع الطفيف في الآونة الأخيرة.
يمتلك الشقيقان ساحة في منطقة راينيكيندورف ببرلين، حيث يتم تخزين عدة قطع إسمنتية ضخمة من الجدار، التي تُعرف رسميا باسم "UL12.41″، ويزن كل منها 2.6 طن، ويبلغ ارتفاعها 3.20 أمتار، وعرضها 1.20 متر، وبعمق 2.1 متر.
أسلاك شائكة عند مدخل نفق الهروب من برلين الشرقية إلى الغربية في شارع بروننشتراسه والذي اكتشفته الشرطة السرية التابعة لألمانيا الشرقية في فبراير/شباط 1971 (رويترز) لماذا الإقبال على قطع جدار برلين؟تقول كورنيليا تيله، أمينة المجموعة والأرشيف في مؤسسة جدار برلين، إنها ترمز إلى لحظة تاريخية مميزة. فعند سقوط الجدار، رأى الكثير من سكان ألمانيا الشرقية لأول مرة فرصة حقيقية للحرية، وشعروا بالقوة الذاتية في الاقتراب من الحدود والمشاركة في هدمها.
بالنسبة للبعض، كانت قطع الصخور بمثابة رمز للنصر، "أعتقد أن فكرة التذكار لعبت دورا منذ البداية، كأن أحدهم يقول: أنا كنت هنا، شيء عظيم حدث هنا"، تضيف تيله.
وبدأ الباعة المتجولون في تلك الفترة بيع قطع من الجدار للسياح عند بوابة براندنبورغ ونقطة التفتيش الشهيرة "تشيكبوينت تشارلي" وسط المدينة. كما أبدت الشركات اهتمامها بشراء أجزاء من الجدار، وفقا لتيله، حيث تواصلت شركات وطنية ودولية مع السفارات الألمانية الشرقية ووزارة التجارة الخارجية وعرضت مبالغ كبيرة لشراء أجزاء منه.
وبدأت الحكومة الألمانية الشرقية -حينها- بيع أجزاء من الجدار بعد أن أدركت قيمتها، وأسست وكالة "ليمكس" التي نظمت مزادات، بما في ذلك مزاد موناكو. ولكن، مع تقلبات فترة إعادة التوحيد، من إصلاح العملة إلى توحيد الأمة، لم ينتشر بيع أجزاء الجدار بشكل كبير في ذلك الوقت.
وبحلول صيف 1990، تم هدم الجدار نهائيا، وغالبا ما استُخدمت أجزاؤه كمادة بناء. لكن لا يزال السياح يقفون في طوابير لشراء بقايا منه، حتى بعد مرور 35 عاما، سواء كانت مغلفة بالـ"بليكسيغلاس" أو داخل كرات ثلجية.
في الوقت الحاضر، تُباع قطع الحائط الكبيرة المغلفة بالـ"بليكسيغلاس" بحوالي 19 دولارا على موقع برلين للهدايا التذكارية، مع شهادة أصالة مكتوبة تقول: "اطلب قطعة من التاريخ الآن".
تدير ألكسندرا هيلدبراند متحف جدار برلين عند "تشيكبوينت تشارلي" في برلين، حيث تعرّف الزوار على قصص الأشخاص الذين هربوا من ألمانيا الشرقية وكيف تظاهر آخرون سلميا لنيل حقوقهم.
وتقول إن معنى الجدار تغير "عندما كان قائما، كان رمزا للانقسام. أما الآن، فهو رمز للحرية". وتوافقها تيله الرأي، قائلة إن الحدود أصبحت رمزا إيجابيا للتغلب على الصعاب.
كما أنه يكتسب دلالة جديدة وسط الحرب الباردة الجديدة والحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، مما يعزز تجارة الهدايا التذكارية بالجدار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات جدار برلین فی تلک
إقرأ أيضاً:
في 6 نقاط هل يشهد عهد ترامب ازدهار الاقتصاد الأميركي
قفزت مؤشرات أسواق الأسهم الأميركية بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة مما يلقي الضوء على احتمالين أولهما أن المتداولين يتوقعون أداء اقتصاديا قويا في عهد الرئيس العائد إلى البيت الأبيض، والثاني أن الأمر لا يتخطى ما عُرف إعلاميا بـ"تداولات ترامب" (Trump trade) مما يعني أنه رهان على أصول معينة يرجح ارتفاعها وفق برنامج المرشح الفائز.
وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي الأميركي 4.9% نهاية تعاملات أمس منذ إغلاق يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري عشية فوز ترامب بالرئاسة، في حين زاد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقًا بنحو 3.8%، وزاد مؤشر ناسداك بنسبة 4.66%، وفق حسابات الجزيرة نت المستندة إلى بيانات التداول.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل يحقق دونالد ترامب طموح إيلون ماسك باستعمار المريخ؟list 2 of 2فوز ترامب يرفع البيتكوين إلى قمة جديدة قرب 90 ألف دولارend of list رجل اقتصادويقول إستراتيجي الأسواق جاد حريري للجزيرة نت إن الفترة الرئاسية الأولى لترامب (2016-2020) أظهرت أنه رجل اقتصاد في الأساس داعم لأسواق الأسهم ويراها انعكاسا للأداء الاقتصادي، كما أنه يشجع الصناعة المحلية بالنظر إلى برنامجه الاقتصادي الذي يشمل في الأساس خفض الضرائب على الشركات المحلية لزيادة الاستهلاك والاستثمار، فضلا عن رفع التعريفات الجمركية على السلع المستوردة من الخارج.
وأضاف أن بعض المستثمرين يستغلون هذا البرنامج الاقتصادي في المضاربة على الأسهم مثلما حدث عام 2016 عندما كان ترامب يغرد على موقع تويتر (إكس حاليا) فيرفع الأسواق أو يخفضها.
وأوضح أن لكل إدارة أميركية نقاط قوة اقتصادية وضعف، فأداء الاقتصاد في عهد بايدن لم يكن ضعيفا بالنظر لمقاييس الناتج المحلي والتوظيف والنجاح في خفض التضخم.
نطاق أوسعويتطلع ترامب إلى تكرار سياساته الاقتصادية من فترته الأولى، لكن على نطاق أوسع هذه المرة، وفق ما ذكرت "وول ستريت جورنال" إذ يعتزم تطبيق تعريفات جمركية أكبر وأكثر شمولًا على الواردات، مع استهداف التخفيضات الضريبية بشكل محدود.
وحسب التوقعات فإن هذه الخطوات تؤدي إلى ضغط تصاعدي على معدلات التضخم وتعزيز النمو، مما قد يزيد العجز ويؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة.
وتوقعت الصحيفة أن تكون الخطوة الأولى لترامب هي رفع التعريفات الجمركية، خاصة على الواردات من الصين، التي قد تصل إلى 60%، مع فرض تعريفات تتراوح بين 10% و20% على الواردات من بقية الدول.
وهذا من شأنه رفع معدلات التعريفات الأميركية إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
ويتوقع بعض الاقتصاديين، مثل فريق مورغان ستانلي، أن ترفع التعريفات الجديدة أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 0.9%، مما يزيد من مخاطر التضخم.
ويذكر تقرير "وول ستريت جورنال" أنه مع ذلك فهناك ثمة عوامل قد تخفف من تأثير التعريفات. فعلى سبيل المثال، قد يتحمل المستوردون جزءا من هذه الزيادات على حساب هوامش أرباحهم.
كما يمكن أن يؤدي ارتفاع قيمة الدولار إلى موازنة ارتفاع أسعار الواردات (يعني تعادل نسبة زيادة القوة الشرائية للدولار مع نسبة ارتفاع أسعار السلع المستوردة) ووفق الصحيفة، يمكن أن يستخدم ترامب التعريفات كوسيلة ضغط في المفاوضات التجارية، مما يعني أن الزيادات الفعلية قد تكون أقل مما هو مهدد.
الضرائبمن جانب آخر، يسعى ترامب لتمديد بعض بنود قانون الضرائب لعام 2017، الذي يقدر بتكلفة 5 تريليونات دولار على مدار 10 سنوات، وفقا للجنة الميزانية الفدرالية المسؤولة.
وتشمل مقترحات ترامب تخفيضات إضافية في ضرائب الشركات واستثناءات ضريبية على الفوائد العقارية والضرائب المحلية.
لكن الخطة تواجه بعض التحديات، إذ يتوقع اقتصاديون أن تؤدي إلى زيادة العجز بمقدار 4 تريليونات دولار خلال العقد المقبل، مما يضع ضغوطا إضافية على عائدات سندات الخزانة الأميركية.
وتتوقع "جي بي مورغان" أن يؤدي العجز المتوقع في حال تمديد التخفيضات الضريبية وزيادة التعريفات إلى رفع العائدات على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بنسبة 0.4%، مما يزيد من تكاليف الاقتراض.
ويقدر المحلل جون باري أن وزارة الخزانة الأميركية ستحتاج إلى زيادة حجم إصدارات الديون لتمويل العجز المتزايد، وقد يؤدي ذلك إلى ضغط تصاعدي على معدلات الفائدة.
وإضافة إلى ذلك، تعهد ترامب بتخفيف اللوائح في قطاعات مثل الصناعة النفطية وعمليات الاندماج، مما يعتقد أنه سيعزز النمو والثقة في الأعمال.
ورغم أن آثار هذه التدابير قد تكون صعبة التحديد بالاقتصاد الكلي، فإن ترامب يسعى أيضا لتقليل الاعتماد على الصين في الصناعات الأساسية، مما يعزز استقلالية اقتصادية، كما أفاد سكوت بول رئيس تحالف التصنيع الأميركي الذي قال إن "هذه الخطوات قد تكون مكلفة، لكنها في بعض الحالات تستحق التضحية".
عوامل إضعافلكن "ذا صنداي تايمز" عددت بعض العوامل التي قد تضعف إدارة ترامب في السياسة الدولية من بينها زيادة العجز والحرب التجارية.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الدينُ الحكومي البالغ الآن 35 تريليون دولار (123% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي) قد يزيد مع خفض الضرائب.
ونظرا لأن سداد الفائدة على هذا الدين يستهلك بالفعل 17% من الإنفاق الحكومي، فإنّ رفعه إلى مستويات أعلى من شأنه أن يعرض كل شيء للخطر، بدءًا من تحسين الجاهزية العسكرية إلى تحفيز الشركات على إعادة المصانع، ويتحدث خبراء التمويل عن أحوال غير مسبوقة مع استمرار نمو الدين، ومعه احتمالات حدوث أزمة مالية عالمية.
ومن بين الدول التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة لتمويل ديونها الصين ودول الخليج، وإذا أضفنا إلى هذا ضعف النفوذ العسكري الأميركي وتزايد المديونية، سيتضح لماذا تتضاءل قدرة أميركا على اتخاذ القرارات في العديد من أجزاء العالم، وفق "ذا صنداي تايمز".
الحرب التجاريةوأضافت الصحيفة البريطانية أن احتمال أن تؤدي الحرب التجارية إلى إخراج برنامج ترامب بالكامل عن مساره محل تقييم، مشيرة إلى أن الوعود الانتخابية بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة قد تؤدي إلى عواقب اقتصادية من كافة الأنواع، فضلا عن ردود فعل انتقامية من جانب الآخرين، وقد تدمر سلاسل التوريد الأميركية.
وقد حذر الملياردير الأميركي إيلون ماسك -الذي ساعد ترامب في حملته الانتخابية- في بودكاست جو روغان قائلًا "أعتقد أنك بحاجة إلى توخي الحذر في فرض الرسوم الجمركية، وإلا فإنك ستصدم النظام وينهار".
دولار قويويقول عاصم منصور رئيس أبحاث السوق لدى "أو دبليو ماركتس" للجزيرة نت إن الدولار لن يضعف على عكس رغبة ترامب مع إبقاء الفائدة مرتفعة التي سيبقي عليها الاحتياطي الاتحادي في مواجهة التضخم على الأرجح، وسيجتذب في النهاية الاستثمارات إلى العملة "الخضراء".
وأشار إلى أن الاقتصاد الأميركي يعتمد بصورة كبيرة على القطاعين الخدمي والتكنولوجي، لذا من المرجح أن يكونا الأكثر دعما للنمو الاقتصادي الأميركي، مع ترجيح نمو قطاع الطاقة وسط تركيز ترامب على فائض إنتاج الخام وعدم الاكتراث بالأمور المناخية.
ويتوقع منصور أن زيادة الإنفاق المالي ستدفع إلى نمو الناتج المحلي الأميركي بزيادة الديون وليس الإنتاجية.