أعلن محمد الحجوي، الأمين العام للحكومة، اليوم الجمعة، عن إطلاق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية، لما تقتضيه مواكبة المنظومة القانونية الوطنية من درجة عالية من اليقظة والدقة وحرص شديد على تأمين إدماج سلس للقوانين الجديدة ضمن هذه المنظومة ».

وأفاد الحجوي في عرض لمشروع ميزانية الأمانة العام للحكومة لعام 2025، في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أنه تم الشروع منذ السنة المنصرمة في تنفيذ البرنامج الخاص بمواكبة القطاعات الوزارية على التدبير العملي لمبادراتها القانونية، ومدهم بإطارات منهجية تضع المبادئ والقواعد المرجعية الأساسية والتوجيهات والإرشادات التي يقتضيها الإعداد الجيد والمعقلن لمشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية ».

ويأتي في مقدمة هذا التوجه، يضيف الحجوي، « اعتماد دليل المساطر التشريعية والتنظيمية الذي شرعنا منذ أواسط هذه السنة في ترويجه في إطار اجتماعات بين وزارية دورية بهدف إدراجه رسميا ضمن مستلزمات العمل القانوني لمختلف القطاعات الوزارية ».

ولاحظ الحجزي، أن « التطور المضطرد الذي تعرفه المنظومة القانونية الوطنية، يعد مؤشرا قويا على مدى الدينامية الصاعدة لهذه المنظومة، وقدرتها على التحيين واستيعاب الأجيال الجديدة من التشريعات والتنظيمات ».

واستدرك المتحدث، « ومع ذلك، فقد خصصنا جزءا هاما من فقرات ومقتضيات دليل المساطر التشريعية والتنظيمية لمسألة تحيين النصوص القانونية، بغاية مد مختلف القطاعات الوزارية بإطار منهجي مشترك وموحد للعمليات المسترسلة والمتواصلة والمستمرة، التي يقتضيها على الدوام سن تشريعات وتنظيمات جديدة، أو تحيين المنظومة القانونية الوطنية وتجديد مقتضياتها في إطار من التناسق والتناغم بين مكوناتها ».

المد الإصلاحي

وأوضح الحجوي، أن « الأمانة العامة للحكومة، بالنظر إلى الاختصاصات المخولة لها، اتخذت من قضية نجاح هذا المد الإصلاحي وبناء منظومات قانونية متراصة هدفا لعملها ومحددا لطرق ووسائل اشتغالها ».

وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الأمانة العامة للحكومة، « تعمل، بتنسيق مع السلطات المعنية بالمبادرة التشريعية، على رفع تحدي المواكبة القانونية لمختلف الأوراش الإصلاحية قيد الإنجاز، كما تسعى، إلى جانب القطاعات المعنية، إلى التسريع من وتيرة إنفاذ النصوص التشريعية عبر إصدار النصوص التنظيمية المتخذة لتطبيقها ».

ومساهمة في رفع هذه التحديات وإنجاح المد الإصلاحي بالمواكبة القانونية الملائمة، يقول الحجوي، « عملت الأمانة العامة للحكومة على وضع تصور استراتيجي لعملها، وعلى اتخاذ تدابير بمثابة إجابات منهجية ومؤسساتية على التحديات المذكورة ».

ويتعلق الأمر بـ »وضع استراتيجية لعمل الأمانة العامة للحكومة على المدى المتوسط يمتد إلى سنة 2027، واعتماد منظام جديد يتميز بإيلاء أهمية خاصة لجودة القواعد القانونية، من خلال إحداث مديرية خاصة بجودة القانون، وتحسين الولوج إلى القانون عبر رقمنة الجريدة الرسمية ».

تحيين القوانين

من جهة أخرى، قال الحجوي، إن الأمانة العامة للحكومة، « أولت اهتماما خاصا لوضعية التشريعات النافذة التي تستوجب القيام بتحيينها »، مضيفا، « في هذا الصدد، فقد فتحنا نقاشا حول هذا الموضوع مع بعض القطاعات الوزارية المعنية بهذه التشريعات، وتعكف حاليا اللجنة التي سبق أن أحدثناها لهذا الغرض على القيام بجرد جديد لأهم النصوص التشريعية والتنظيمية التي تستدعي التحيين والمراجعة ».

وتحدث المسؤول الحكومي عن « تحيين ما يفوق 80 نصا قانونيا منها على الخصوص، ظهيرا الالتزامات والعقود والتحفيظ العقاري، وقوانين المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية والتعمير والملكية المشتركة، ومدونة التجارة ومدونة الشغل، وغيرها من النصوص القانونية لا سيما منها تلك الصادرة منذ فترة الحماية ».

وفضلا عن التحيين، يؤكد المتحدث، « فإن دليل المساطر التشريعية والتنظيمية يشكل أيضا إطارا منهجيا وتنظيميا لعمليات تنقيح النصوص التشريعية والتنظيمية والتي تهم، مشيرا إلى أن « بعض التشريعات التي مازالت تشملها مقتضيات أو أحكام أو مصطلحات أو تعريفات متقادمة، أو تحيل إلى هيئات أو مؤسسات ولت، أو تشير إلى وظائف أو قطع نقدية لم يعد لها وجود ».

وشدد الحجوي على أنه « ورغم أن مثل هذه المقتضيات لاينتج عن استمرار وجودها ضمن هذه التشريعات أي أثر قانوني، فإن تشطيبها ولو تدريجيا يعد أمرا ضروريا لصقل المنظومة القانونية الوطنية وتخليصها نهائيا من بعض الرواسب ».

وأفاد المتحدث بـ »وضع دليل المساطر التشريعية والتنظيمية القاعدة المتمثلة في ربط التنقيح بالتحيين على المستوى المسطري، أي قيام القطاعات الوزارية بتنقيح النصوص التي تندرج ضمن اختصاصاتها بمناسبة تحيينها أي أثناء عرض هذه النصوص على مسطرة المراجعة، وذلك اعتبارا لكون التحيين والتنقيح عمليتان متلازمتان، تمليه بكل تأكيد ضرورة التدبير المحكم للزمن التشريعي والزمن التنظيمي ».

المعلومة القانونية

وشدد الحجوي على أن « مسألة تيسير الولوج إلى المعلومة القانونية تحظى باهتمام بالغ، ضمن برنامج عمل الأمانة العامة للحكومة، أمام الارتفاع المتزايد لوتيرة تحيين النصوص القانونية ».

مضيفا، « مما حدا بنا إلى رسم الإطار المرجعي لتوطيد النصوص القانونية، بما يسمح بوضع رهن إشارة المواطنات والمواطنين والمستثمرين والمختصين والمتتبعين للشأن القانوني، الصيغة المكتملة والرسمية للنصوص القانونية التي تطالها تعديلات متواترة يتم إدراجها في أعداد متفرقة من الجريدة الرسمية ».

وقال الحجوي أيضا، « شرعنا خلال السنة الجارية، في تطبيق الإطار المرجعي السالف ذكره، وذلك بتوطيد ما يناهز 30 نصا قانونيا في مرحلة أولى، وهي منشورة على الموقع الإلكتروني للمؤسسة، شملت، بصفة خاصة، مجالات أساسية تتعلق بالحماية الاجتماعية والطاقة والنقل والتعمير ونزع الملكية والمجال المالي والبنكي ».

وأفاد المسؤول الحكومي، بأنه « من المقرر الرفع من وتيرة هذه التوطيدات لتشمل مجموعة جديدة من النصوص القانونية الأساسية »، مضيفا، « كما قمنا، في إطار نفس المحور بالشروع في تنفيذ المرحلة الثانية لبرنامج رقمنة الجريدة الرسمية والهادف إلى تحقيق رقمنة شاملة لأعداد الجريدة الرسمية ».

كلمات دلالية الحجوي، الأمانة العامة للحكومة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: الأمانة العامة للحکومة القطاعات الوزاریة النصوص القانونیة الجریدة الرسمیة

إقرأ أيضاً:

د. نزار قبيلات يكتب: «فوات الأوان».. توسّل النصوص وتفلّت الإجابات

منذ البداية لم يجعل الشاعر محمد أبو زيد عنوان كتابه هذا لغزاً مؤرّقاً للقرّاء، فأجاب بأن كل ما فهمناه كان بعد «فوات الأوان»، غير أن حالة الفهم هذه جاءت بعد عِراك مع أسئلة طرحها الشاعر في فصل من ديوانه عنوانه «بعد» فيقول: لا أفهم لماذا يكتب الشعراء قصائدهم.. بهذه الطريقة العروضية المتكلّفة، فالتفاصيل التي لا تتوقف عن اللجلجة لا يمكن سبكها في المقاطع العروضية ومحسناتها البديعية، لذلك جاءت كتابته مُنداحة لا تقف عند أي إطار تقييدي صلب بما في ذلك الأيديولوجيا، التي تكلّف الشاعر -أي شاعر- الكثير من أجل حراسة المبدأ بالشعر، فالتفاصيل شائكة، والحل عنده جاء في تَضخيمها بمِجهَر الشعر، فتجدها تطفو في كل الحيوات والطبقات، التي يشغلها فكر شاعر سؤاله الوجودي مازال متاحاً.
 يقول الشاعر: «فالنيزك سيضرب الأرض بعد قليل»، وهنا من الجنون أن نطلب من شاعر أن يبرهن ما يقوله، فهو قادر على منح حتى الملاعق والسكاكين والحشرات والحيوانات حيزاً للتحدّث في نصوصه عن البشر الذين لم يُطِق الشاعر الحديثَ معهم قبلاً، في هذا الديوان عودة لترميم العلاقة بين الشاعر وفضاء المقهى، فالشعراء يجدون في المقهى معبراً جديداً لمحاورة الإنسانية عبر اعتزال قيمتها المادية، لذا جاءت المواضيع غير تقليدية في الديوان، وهي مفارقات يجب ألّا يتألم القارئ لها: كالموت والحياة، وشأو الكتابة وجديتها، والحديث مع الجمادات حولنا، ومواجهة الحداثة غير المجدية.

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: هل الفكاهة مهارة أم فلسفة؟ د. نزار قبيلات يكتب: تأثيل الرّمسة الإماراتية وعام المجتمع

سوريالية المضمون الشعري هنا فَرضت شكلاً كتابياً عند أبي زيد، فمزجَه بالقليل من السخرية والكثير من الفلسفة الميتافيزيقية والعجيبة، كل ذلك جاء بشكل جَبري، فالشاعر يكشف بأنه لم يكن يحب الكلام كما أحبّ الصمت، لكن ثمة لجلجة قوية تحاصره بالكثير من الماورائيات المُتعِبة التي يمكن أن تكشف عنها في نصوص متعددة الأشكال لكنّها مؤرقة، فالنّص ذاته هائم بين أشكال القصيدة المعهودة وبين مضمونها غير المتعقل، يقول: «أستيقظ كل يوم على مجانين يمرون أمام السرير، على صاعقة تضرب رأسي لتضيء الطريق لأعدائي»، في الديوان تكثر الإشارات التي تحيل إلى خارج النص لكنها تلتقي مجدداً حين تعود لنقطة البدء في العنوان دون تشبيه أو مجاز تزويقي، لكن ما مصير الشعراء بعد فوات الأوان، كل هذا لا يقلق النصوص في هذا الديوان الشعري، إذ المقلق هو من سيجمع البَعثرة التي نظّمها هؤلاء الشعراء في فوضى العالم.
أبو زيد شاعر مسؤول، يحاول في هذا الديوان المتسع بالرؤى المديدة أن يُخيط دوائره بالمكاشفة تارةً وتارةً في اللّهاث مع الشهب التي تتقافز من حوله. يقول: «لأفهم نفسي، لأعرف ماذا تغيّر فيّ مع السنين التي ترتفع كجدران بئر حولي» هذه الحيرة ظلّت تحاصره حتى وصلت إلى نهاية غير متوقعة لهذا الديوان حين طغت الأسئلة في العناوين التي التهمت كل محاولات الإجابة في نص يعترف بأن الأوان فاته، وأن الأسئلة لم تنقذ الإجابات بعد، لأنها كما قال في قفلة ديوانه: «وأنا بلا يدين أمدهما إليك كي تنقذني».. هذا تحليق شاهق، يُنجزه أبو زيد ببصيرة مختلفة ولغة تجيد المناورة لكنها لا تخاف المصير.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

مقالات مشابهة

  • «صحة رقمية لمستقبل أفضل».. «الرعاية الصحبة» تطلق احتفالية يوم الطبيب
  • ملتقى لمناقشة مشروع قانون المنصة الوطنية للزكاة
  • «الوطني» يناقش قانون «منصة الزكاة»
  • رفع الجلسة العامة للشيوخ بعد إحالة طلبات مناقشة عن تسجيل الأراضي للجنة التشريعية
  • رفع جلسة الشيوخ بعد إحالة طلبات مناقشة عن تسجيل الأراضي للجنة التشريعية
  • د. نزار قبيلات يكتب: «فوات الأوان».. توسّل النصوص وتفلّت الإجابات
  • المحكمة الدستورية أنقذت قانون الإضراب فلننتظر ماذا ستفعل الأمانة العامة للحكومة
  • كيف اكتشف سيدنا إبراهيم أن هناك إلهًا واحدًا أزليًّا لا يتغير؟
  • سورتا الإسراء والكهف .. حين يكون القرآن دليلا للثبات في وجه الفتن| فيديو
  • العدالة والتنمية يطالب بالتحقيق في مشاركة رجال السلطة في توزيع مساعدات "جود"