ما حكم الشراء من منتجات الداعمين للكيان الصهيوني؟

الجواب المباشر عن هذا السؤال هو أن المقاطعة مما أرشد إليه هذا الدين الحنيف بأدلة في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيرته العطرة، أي المقاطعة الاقتصادية، ولذلك في نشوب حرب بين المسلمين وغيرهم من أهل الشرك والكفر من أهل العداوة والجبروت فإن من وسائل دفع العدو قطع سبل الإمداد الاقتصادي، وأصل ذلك في كتاب الله عز وجل في قوله جل وعلا: «مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ» وكان ذلك في مواجهة بين المسلمين واليهود، وتحدث اليهود أن محمدا وأصحابه صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أصحابه أنهم يفسدون في الأرض، فبين ربنا جل وعلا في كتابه الكريم أن ما كان من وسائل قطع الإمداد والتضييق على العدو المحارب، وأن في مثل هذا الصنيع الذي أذن الله عز وجل به خزي للفاسقين، وهذا ما سعى إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أن وطئت قدماه الشريفتان مدينته صلى الله عليه وآله وسلم،

فإنه سعى إلى قطع سبل الإمداد الاقتصادي عن قريش والمشركين واتخذ في سبيل ذلك كل ما يمكنه لمنع القوافل وتحويل التجارة إلى المدينة المنورة، وهذا ما صنعه أيضا في المدينة نفسها، حينما فتح سوقا للمسلمين كانت مستقلة عن سوق اليهود، وحينما قام في إجراء هذه السوق بأن جعلها سوقا حرة مفتوحة خالية من الضرائب، وحث أصحابه على الاتجار وعلى عرض ثمارهم وزروعهم وسلعهم فيها ليستقلوا عن اليهود الذين وقع معهم معاهدة، وكانت السيادة إليه -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك فإنه لم يغفل عن أهمية البناء الاقتصادي والتضييق على العدو إما أن يكون العدو كامنا أو أن يكون العدو قائما محاربا.

ومن سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام أيضا أنه أقر ما فعله أبو جندل وأبو بصير وكان إسلامهما في الفترة إبان توقيع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلح الحديبية، أما أبو جندل فكان قبيل التوقيع حتى أنه أتى ولمّا يوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصلح، ولكن مع ذلك تمسك مشركو قريش بما في الصلح من موعدة، فرد أبو جندل والتحق بسيفة البحر فكان يقطع القوافل عن قريش، ثم بعد ذلك أيضا أسلم أبو بصير ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، فبعثت إليه قريش برجلين يعيدانه تنفيذا لما كان فيه الصلح، فرجع معهما إلا أنه فعل فعلته بأحدهما، وليس هذا محل للبحث الآن، ثم التحق بصاحبه أبي جندل فكانا يقطعان طرق القوافل عن المشركين.

وهذا ما فعله ثمامة بن أثال وهو سيد قومه بني حنيفة في طرق القوافل من الشام خاصة فيما يتعلق بالحبوب والثمار، فلا يأتي اليوم أحد ويجادل في مشروعية المقاطعة، ولا يمكن أيضا أن يجادل في أثرها، فإن أثرها بالغ فهذه الشركات الداعمة للكيان الصهيوني التي لا يخفى أمرها على أحد، ليس حديثنا في بعض الشركات التي لم يتضح أمرها بعد، فمقاطعتها أولى وأسلم، وإنما الحديث عن الشركات التي صرحت وعلم حالها أنها مؤيدة داعمة وأنها تخصص نصيبا من أرباحها وأنها توفر لهم ما يحتاجون إليه من إمداد سواء كان ذلك في الأغذية أو في المشروبات أو في الملابس أو في العتاد العسكري أو في غيرها فإن كسر شوكتهم بالمقاطعة الاقتصادية التي يستطيعها الأفراد والتي يكون الأمر فيها إليهم، ليس بحاجة إلى إذن من جهة، وهذا فعل للأشخاص أنفسهم فيما يشترونه ويقتنونه وفي السلع التي يختارونها، فمرد هذا الأمر إليهم، فمقاطعة هذه الشركات هو من الجهاد بالمال من التضييق على العدو الغاشم الذي اعتدى بكل إجرام ووحشية على إخواننا في غزة وفلسطين وفي لبنان.

فهذه المقاطعة هي نكاية بالعدو وقطع لسبل الإمداد الاقتصادي وزعزعة لهيمنة هذه الشركات الداعمة للكيان الصهيوني وفيها رفع لمعنويات إخواننا المستضعفين وفيها بعث لرسالة للعالم أجمع، وأن هذه الأمة أمة حية، وأنها يشد بعضها بعضا، وأنها إزاء مواجهتها لعدوها فإنها تقف صفا مرصوصا ويدا واحدة، وأن يوقن الناس أن ذلك من أسباب استمطار رحمة الله عز وجل ونصره لعباده المستضعفين، فهذا مما هو متاح في أيدي الناس ويحمل كل هذه المعاني والدلالات ويستند إلى هذه الأدلة الشرعية، فلا التفات إلى ما يزعمه المثبطون والمتقاعسون والمتكاسلون.

فهذا الدين دين واقعي يتعامل مع هذه الأمور بواقعية لكنه يغلب المصالح العليا للأمة ويغتفر المضار الصغيرة فدعوة البعض بأن بعض هذه الشركات تشغل عددا من القوى العاملة الوطنية هذه مزاعم فارغة، لأن الصحيح أن هذه الشركات الكبرى لا تشغل من القوى العاملة الوطنية إلا نزرا يسيرا ونسبة قليلة منهم، وهذه حقيقة يدركها كل أحد من المطاعم والمقاهي بهذه العلامات التجارية المعروفة المؤيدة للشركات الكبرى في مختلف أنواع السلع والخدمات، فإنها لا تشغل قوى عاملة محلية وطنية إلا بمقدار يسير ولعلها في بعض الوظائف فقط ومع ذلك فما من شيء من التكاليف الشرعية ومما أمرنا الله عز وجل به إلا وفيه قدر من التكليف المقدور عليه المستطاع، وهذا ابتلاء لنا، فالحياة ابتلاء، فالله تعالى يقول: «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ» وقال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» هذه العبادة استقامة والتزام وتدين وصلاح وأمر بمعروف ونهي عن منكر، هذه كلها وراءها تكاليف لا بد أن يحمل المرء نفسه عليها، وأن يتحمل تبعاتها، وأن يوجد الحلول إذا كانت هناك منتجات محلية فينبغي أن تشجع، وأن تنشأ شركات وطنية لإيجاد البدائل المناسبة لهذه السلع والخدمات والمنافع، التي تعتبر فرصة مواتية لأرباب الأموال ولأصحاب العقول والمهارات ويبتكروا ويوجدوا صناعات وسلعا محلية وطنية، وأن يشغلوا فيها الشباب العمانيين والقوى العاملة الوطنية.

في قوله تعالى: «مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ» ما هو العبقري الحسان؟ الرفرف هو البسط عند كثير من المفسرين وقيل طرف الفسطاط، والفاضل من الفرش، والبسط ويقصد به ما يوشى به ويزين الفراش أو البساط، كناية عن وثارة ذلك الفراش أو البساط، والعبقري هذا الوصف يستعمل في العربية لوصف ما تناهى في الحسن، وفاق في الجمال، فيوصف بأنه عبقري، آخذا هذا الوصف مما كانوا يتصورونه بأن هذه الأرض هي أرض الجن فتأتي بالعجيب الغريب متناهيا في الدقة والجمال، فإنهم يصفونه بأنه عبقري من الماديات أو حتى من المعنويات فكأنه ينتسب إلى عالم بلغة المعاصرة، عالم من الإبداع والإتقان والحسن والجمال، فهنا الوصف أيضا للفرش والبسط في هذه الآية الكريمة والله تعالى أعلم.

يقول السائل: رغم المكانة السامية التي يتبوأها حامل العلم وصاحب الإيمان إلا أنه قد يكون هناك فراغ بينهم وبين مكارم الأخلاق وحسن المعاملة، أود من فضيلتكم أن تحدثنا عن أهمية اقتران العلم والإيمان بمكارم الأخلاق. أما اقتران مكارم الأخلاق بالعلم والإيمان فهذا ظاهر في أجل صوره فيما وصف به ربنا تبارك وتعالى نبيه الكريم حينما قال: «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ» فإن صاحب الرسالة صلى الله عليه وآله الذي بوئ هذه المنزلة جعل خلقه دليل صدق للقرآن، إلى هذا الحد أثر هذا الوصف الشريف الباذخ الذي وصف به ربنا جل وعلا نبيه محمد صلى الله عليـه وسلم في هذه الآية الكريمة، فهي شهادة من الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فيما يظهر معاني الإيمان وحقيقته وجوهره وحسن الاستقامة والتدين لله عز وجل فإنها تظهر للناس في حسن الخلق ولذلك وصف خلقه عليه الصلاة والسلام بأنه خلق عظيم، ثم جعل هذا الوصف دليلا على صدق القرآن نفسه فخلقه عليه الصلاة والسلام دليل صدق القرآن الكريم إذ لو وجد مطعن في خلقه لطعن في هذه الآية الكريمة وهذا يعني طعن في القرآن نفسه، ولكن لم يوجد عاقل منصف يقبل قوله طعن في خلق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولو من خصومه، فيكفينا أن نتبين هذه المنزلة العظيمة للخلق لمن كان في منزلة أعلى علما ودينا، فإن ذوي العلم هم أولى الناس أن يتمثلوا أخلاق القرآن الكريم وأن يتأسوا بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وربنا تبارك وتعالى وصف نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بوصف دقيق يبين أثر الخلق وهو النبي المسدد بالوحي، الذي يعرف أصحابه رضوان الله تعالى عليهم منزلته ومكانته فيهم ومع ذلك فإنه يقول: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذا قلب رحيم، وكان واسع الحلم، كان في الذروة من الأخلاق، ولذلك وصفه ربه بقوله «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ» كان لين الجانب لأصحابه صلى الله عليه وسلم، ثم بيّن ما يمكن أن يكون عليه الحال لو لم يكن هو عليه الصلاة والسلام على هذا الخلق العظيم وعلى لين الجانب ورحمة القلب بأصحابه وبأمته، فقال: «وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ» والحديث يطول في معنى لانفضوا من حولك، فمن يقرأ كلام الإمام الطبري في هذا الموضع، وكلام الإمام القرطبي في هذا الموضع لرأى أمرا عجبا في معنى الانفضاض عنه عليه الصلاة والسلام من أصحابه المذكورين، هنا أتذكر بعضا منها، ثم إلى آخر ما نتصور من الانفضاض عنه عليه الصلاة والسلام فبعضهم لطّف العبارة وقال: تفرقوا عنك، ولكن منهم من نص وقال: لتركوك وتركوا ما جئت به إلى هذا الحد. فالمسألة مسألة ذات شأن عظيم فقد يورث الخلق السيئ نفرة عن الدين كله، وقد يورث انكفاء عن الاستقامة والصلاح.

ولذلك بعد هذا الجزء في الآية الكريمة يذكرهم ربنا تبارك وتعالى بالأصول والمبادئ التي لا بد أن تراعى في إقامة أول مجتمع المسلمين، «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» الأعجب هو ما جاء بعد هذه الآية مباشرة قال: «إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» وها هو عليه الصلاة والسلام يقول: «إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، ويقول: «إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم» ويقول: «إنما بعثت لأتمم محاسن الأخلاق»، فأولى الناس بتمثل هذه الأخلاق العالية والسمت الرفيع والأدب الجم هم أولو العلم المنظور إليهم، وهم ذو المكانة التي يتأسى الناس بأقوالهم وأفعالهم ويتخذونهم قدوات ولا بد للمجتمع من قدوات حسنة تحرص على أن تكون في الذروة من الأخلاق الرفيعة العالية وأن يصبروا على أذى الناس، وأن يكظموا غيظهم، وأن يتجملوا بالحلم، وأن يوسعوا صدورهم للناس، حتى أن بعض المفسرين يقول: إن في قول الله تبارك وتعالى: «ألم نشرح لك صدرك» شرح الصدر هذا هو من إعدال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتحمل أعباء الوحي والتبليغ فإن من كان في هذه المنزلة لا بد أن يكون واسع الأفق، منشرح الصدر، محتملا لأذى الغير، صبورا حليما متحليا بأعلى الخلال وأجمل الفضائل، فهذا هو الرابط المتين الذي نجده بين العلم والأخلاق في ديننا الحنيف.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم رسول الله صلى الله علیه وسلم علیه الصلاة والسلام الآیة الکریمة تبارک وتعالى هذه الشرکات الله عز وجل الله تعالى هذه الآیة هذا الوصف أن یکون ذلک فی کان فی فی هذه

إقرأ أيضاً:

ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح؟.. لا تخالف السنة

لا شك أن ما يطرح الاستفهام عن ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح ؟ هو بحث الكثيرين ممن ينامون عن صلاة الفجر ولا يستيقظون إلا بعد طلوع الشمس ، بعدما صعبت عليهم تداعيات الحياة أدائها في أول وقتها ، وهو ما زاد معه الاستفهام عن ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟ ، حيث يدركون فضل صلاة الفجر وهي الصلاة الوسطى ، ويسعون لتعويض ما فاتهم، فمن هنا ينبغي معرفة ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟ لاغتنام فضل صلاة الفجر ، فحتى لا ينقص ثواب صلاة الفجر ويضيع معه فرصة الفوز بفضلها، ينبغي معرفة ماذا أصلي بعد طلوع الشمس ؟.

من نام عن صلاة الفجر ولم يؤدها.. هل بال الشيطان في أذنيه؟صلاة الفجر بعد الشروق.. 12 حقيقة ينبغي معرفتها إذا استيقظت الآنهل عدم صلاة الفجر غضب من الله؟.. 37 حقيقة لا يعرفها الكثيرونسمع أذان الفجر ولم يقم للصلاة.. الإفتاء تحذر من هذه العقوبةماذا أصلي بعد طلوع الشمس

ورد أنه من السنة أن يبدأ الإنسان بركعتي الفجر، ثم يصلى فرض الصبح؛ لأن القضاء عين الأداء، هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم – لما فاتته صلاة الصبح في أحد أسفاره، ولم يستيقظ هو الصحابة إلا بعد طلوع الشمس.

و روى أبو دواد وغيره عن أبي قتادة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سَفَرٍ له.....، فقال: "احفَظُوا علينا صلاتَنا" يعني صلاةَ الفَجرِ، فضُربَ على آذانِهم فما أيقَظَهم إلا حَرٌّ الشَّمس.....، فتَوَضَّؤوا، وأذَّنَ بلالٌ فصَلّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ صَلَّوُا الفَجرَ ورَكبُوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: قد فَرّطنا في صلاتِنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها..}، ففي الحديث دلالة على قضاء سنة الفجر قبله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- أمر بلالا بالأذان ثم صلى الراتبة (سنة الفجر) ثم أمر بإقامة الصلاة بعد ذلك فصلى الفريضة.

هل يجوز صلاة الفجر بعد طلوع الشمس

قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، إنه يجب على المسلم أن يكون حريصًا على أداء الصلاة في أوقاتها؛ لقوله – تعالى -: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، وأن يأخذ المسلم كافة الأسباب التي تجعله مؤديًا للصلاة في وقتها، فإذا أراد أن يصلى الفجر في وقته، فعليه بالنوم مبكرًا مع استحضار النية لأداء هذه الفريضة مستعينًا بمن يوقظه، أو ضابطًا للمنبه على وقتها.

وأوضحت “البحوث الإسلامية” ، أنه إذا سمع الأذان لصلاة الفجر عليه أن ينهض من فراشه، ويسارع إلى مرضاة ربه؛ لكي يستقبل يومه بالطاعة والجد والاجتهاد؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم- :{ يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ} متفق عليه .

وتابعت: فإذا لم يسمع النداء مع أخذه الأسباب المعينة على ذلك، واستيقظ بعد طلوع الشمس فليصلها، ولا إثم عليه؛ لقوله – صلى الله عليه وسلم: {مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا.. لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ، ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: 14].}. متفق عليه.

صلاة الفجر بعد شروق الشمس

ورد أنه على العبد في هذه الحالة أن يبادر إلى قضاء الصلاة عندما يستيقظ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك»، أما من يتهاون في أمر الصلاة وتعمد إخراجها عن وقتها؛ يأثم لأنه فوت وقت الصلاة، فالإثم متعلق بالأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة؛ من عدمه وان الله تعالى قال: « فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ...»التغابن، وقال أيضًا: « لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» البقرة، وأداء المسلم صلاة الفجر بعد الشروق الشمس تعد قضاءً وليست حاضرة.

وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه وأن يكون حريصًا على أداء الصلاة في وقتها وفي جماعة؛ فذلك هو الأحسن والأفضل، فإذا كان الإنسان مستيقظًا وسمع أذان الفجر يجب عليه النهوض للصلاة في وقتها، ويأثم إذا خرج وقتها وعليه بالتوبة، والعزم مع كثرة الاستغفار على عدم العودة إلى مثل هذا الفعل مرة ثانية، «ثم يصلي ما فاته؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه مسلم،أما إذا نام المسلم عن صلاة الفجر غير متعمدٍ فواتها، ولم يجد مَن يوقظه لأدائها، فلا حرج عليه في ذلك، وعليه في هذه الحالة الإسراع إلى أداء الصلاة متى استيقظ من نومه؛ فقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم العذر لمن غلبه النوم طبعًا أو جهدًا، لما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه في قصة حديث صفوان بن المعطل رضي الله عنه، وفيه قوله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: "فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ قَدْ عُرِفَ لَنَا ذَاكَ لاَ نَكَادُ نَسْتَيْقِظُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ"، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِذَا اسْتَيْقَظْتَ فَصَلِّ» رواه أبو داود.

حكم صلاة الفجر بعد شروق الشمس

ورد فيه أن الوقت بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس هذا وقت نهي لا يصلى فيه إلا سنة الفجر وفريضة الفجر أو تحية المسجد، وحيث إن أوقات النهي لا يجوز للمسلم أن يصلي فيها إلا الفرائض التي تفوته فيصليها في كل وقت، وهكذا فريضة الفجر تصليها مع سنتها بعد طلوع الفجر وهكذا ذوات الأسباب.

ورد أنه على المسلم أن يصلي صلاة الفجر بمجرد استيقاظه، فإذا كانت صلاته قبل الشروق فهي أداء، ولو بعد الشروق تكون قضاء، وتسمى صلاة الصبح وليس الفجر، ووقت صلاة الفجر يَبْدَأ من طلوع الفجر الصادق، وينتهي بطلوع الشمس، لحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَوَقْتُ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ»، أخرجه مسلم، وبناء عليه فإن وقت صلاة الفجر يبدأ من ظهور الفجر الصَّادق، ويمتدُّ إلى أن تطلع الشَّمس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من أدركَ من الصبحِ ركعةً قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ، فقد أدركَ الصبحَ» [رواه البخاري].

كم عدد ركعات صلاة الفجر بعد طلوع الشمس

قد فَرَضَ الله تبارك وتعالى على المُسلمين رِجالًا ونساءً أداء خمس صلواتٍ بشكلٍ يوميّ، وجَعَل الله تعالى الصلاة واجبةً في أوقاتٍ مُحدّدة، وتختلف الصلوات في عدد الركعات من وقت صلاةٍ لأخرى، وفرضُ صلاة الفجر أقلّ الصلوات عددًا ولكن هي أكثرها أهميّةً؛ فصلاة فرض الفجر ركعتان فقط، إلا أنّها تحتلّ الأهميّةَ والمَكانة الأكبر بين جميع الصّلوات لزيادة المشقّة فيها عن غيرها من الصلوات.

وتُعدّ سُنّة الفجر من أكثر السّنن تأكيدًا، فقد كان النّبي -صلى الله عليه وسلم- يُداوم عليها في الحضر والسفر، ويُصلّيها ركعتين قبل ركعتي الفرض. إنّ صلاةَ سنة الفجر هي عبارةٌ عن ركعتين خفيفتين يؤدّيهما المُسلم بعد أذان الفجر؛ بحيث يُصلّيهما قبل إقامة صلاة الفجر ، فعن أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- (أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان إذا سكت المؤذن من الأذان لصلاة الصبح، وبدا الصبح، ركع ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة).

وتُعدّ سنّة الفجر من أكثر السنن الرواتب تأكيدًا وأفضلها؛ حيث رَوت السيّدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- (أنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِل أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)، وكذلك ورد في الحديثِ الشّريف عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ) وقد كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يتركهما ولا يدعهما لا في الحضر ولا في السفر، وقد تميّزت ركعتا سنة الفجر أيضًا بالثواب والأجر، فهما خير من الدنيا وخيرٌ ممّا فيها، قال النبي -عليه الصلاة والسلام- : (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها).

متى تصبح صلاة الفجر قضاء

ورد أن أداء المسلم صلاة الفجر بعد الشروق تعد قضاءً وليست حاضرة، حيث إن صلاة الفجر فرض عَين على كل مسلم ومسلمة ذكرًا كان أو أنثى بالغًا عاقلًا، وهي من أهمّ الصلوات المكتوبة وأقربها إلى رب العزة تبارك وتعالى، كما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أخبرنا بفضل الصلاة في أول وقتها، كما نبهنا إلى أن صلاة الفجر تعد من الصلوات التي لها فضل عظيم، وينبغي اغتنامه وعدم تفويته أيا كانت الظروف.

و ورد فيها أنه لا يجوز تأخير صلاة الفجر عن وقتها بخروج الوقت بعد طلوع الشمس؛ لقول الله تعالى: «فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا (103)» النساء، ومن هنا فإن من أخذ بأسباب الاستيقاظ لصلاة الفجر؛ من النوم مبكرًا والقيام بالسنن المتعلقة بالنوم وإعداد المنبه أو الطلب من الأهل أن يوقظوه؛ ثم لم يستيقظ بعد ذلك، فلا إثم عليه؛ لأن ابن عباس روى أن رسول الله قال : « إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه » حديث حسن.

من أدرك الركعة الأولى من الفجر قبل الشروق

ورد أنه لا إعادة على من طلعت عليه الشمس وقد أدرك ركعة من صلاة الصبح، لأنها وقعت صحيحة، خلافًا للحنفية الذين ذهبوا إلى أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الصبح، فإن صلاته تبطل بذلك لأن الصلاة بعد طلوع الشمس منهي عنها، وهذا مذهب مرجوح لمخالفته حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» رواه البخاري (579) ومسلم (608) .

و ورد أن من طلعت عليه الشمس وهو يصلي الفريضة فإن صلاته صحيحة ولا تلزمه إعادتها، قال ابن قدامة في المغني: وقال أصحاب الرأي فيمن طلعت الشمس وقد صلى ركعة: تفسد صلاته، لأنه صار في وقت نهي عن الصلاة فيه، وهذا لا يصح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح». متفق عليه. وفي رواية: من أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته. متفق عليه.

ولأنه أدرك ركعة من الصلاة في وقتها فكان مدركا لها في وقتها كبقية الصلوات، وإنما نهي عن النافلة، فأما الفرائض فتصلى في كل وقت بدليل أن قبل طلوع الشمس وقت نهي ـ أيضا ـ ولا يمنع من فعل الفجر فيه.

طباعة شارك ماذا أصلي بعد طلوع الشمس أصلي بعد طلوع الشمس بعد طلوع الشمس بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح الفجر أم الصبح

مقالات مشابهة

  • تغلق كل شر.. علي جمعة: 3 أعمال تفتح لك أبواب الغفران والخير
  • ماذا أصلي بعد طلوع الشمس الفجر أم الصبح؟.. لا تخالف السنة
  • ما حكم ترديد الصلاة على النبي أثناء الصلاة؟.. الإفتاء تجيب
  • دار الإفتاء تكشف حكم سجود التلاوة بدون وضوء
  • هل الحج يغني عن الصلاة الفائتة لشخص كان لا يصلي؟.. الإفتاء ترد
  • ما هي الأعمال المستحبة عند زيارة مسجد النبي؟.. داعية يُوضح
  • حكم من ترك الجهر في الصلاة الجهرية.. هل يؤثر في صحتها؟.. أزهري يجيب
  • محمد مفقود... هل من يعرف عنه شيئاً؟
  • هل التأمين على السيارات حلال أم حرام؟.. الإفتاء تكشف
  • دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟