“اسكايبوس”… داء يفتك بأجساد الأسرى الفلسطينيين
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
#سواليف
في زوايا #السجون المغلقة، حيث يُحتجز #الأسرى في #ظروف_قاسية، تظهر معاناة خفية لا يراها إلا من عاش بين جدرانها، معاناة تجسدها أمراض كثيرة، وأبرزها اليوم مرض ” #اسكايبوس ” المعروف بـ” #الجرب” خلف هذه الأبواب، لا تقتصر #المعاناة على الحبس فقط، بل تتجسد في معاناة يومية مع مرض ينتشر كالنار في الهشيم، يحصد من أجساد الأسرى ضعفاً وإرهاقاً لا نهاية له.
وفي إحدى الغرف الصغيرة، التي بالكاد تتسع لاثني عشر أسيراً، يصاب ستة إلى ثمانية منهم بهذا المرض. الحكة الشديدة التي تسيطر على أجسادهم تمنعهم من النوم، وتزيد من ألمهم الجسدي والنفسي. يتحدث الأسرى المحررون عن الوضع المأساوي الذي كانوا يعيشونه قبل الافراج عنهم، في حين تتواصل معاناة من بقي قيد الاعتقال؛ فالغرف تفتقر إلى النظافة، ولا توجد لديهم غيارات كافية أو حتى وسائل شخصية للعناية بأنفسهم.
فقد كشفت الصور التي رافقت الإفراج عن عدد كبير من الأسرى مؤخرا جزءا بسيطا من الفظائع التي يعانون منها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، خاصة في ظل انتشار هذا المرض وإصابة الآلاف به نتيجة الإهمال الطبي من جهة، وانعدام النظافة الشخصية والعامة، ورفض تقديم العلاج للمصابين.
مقالات ذات صلة إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي بحاجة ماسة إلى 7 آلاف جندي 2024/11/04تجارب مريرة
يقول الأسير المحرر ماجد عبد اللطيف لـ”قدس برس”: “كان يأتينا الجنود بالشامبو كنوع من السخرية، لكنهم يستعيدونه بعد فترة قصيرة، وكأنهم يتلاعبون بنا. أما الأدوية، فلا وجود لها سوى بضع حبات من “البندول” لتسكين الألم، فيما يحتاج مرض إسكابيوس إلى مرهم خاص لعلاجه، غير متوفر لهم”.
ويصف كيف يتحول المرض على أجسادهم إلى دمامل مؤلمة، تفرز مادة سوداء وتزيد من تفاقم حالتهم. إذ أنه دون علاج مناسب، يستمر المرض بالانتشار داخل السجن، ويصيب الجميع، ما يفاقم الأزمة الصحية.
من جهته، يروي الأسير المحرر موسى إبراهيم دويكات تجربة اصابته بالمرض خلال اعتقاله الأخير، يقول “كنت أجلس لأيام وحيدا في زاوية غرفتي المظلمة ولا أحتك مع أحد خشية من نقل المرض له”.
ويتابع بلهجة عامية بسيطة “الحياة هناك مش بس سجن للجسد، لكن كمان سجن للألم. كنا نشعر بحكة بتقطع أجسامنا، ما في نوم، ما في راحة”.
ويشير إلى أن المرض ينتشر بشكل كبير بين الأسرى بسبب نقص أو انعدام النظافة الشخصية كون إدارات سجون الاحتلال ترفض إدخال أي مواد تنظيف للجسم، “تباعا أصبح نصف من هم بغرفتي التي تضم 12 أسيرا يعانون من المرض ذاته. الحكة المستمرة تؤدي إلى جروح ودمامل تجعل النوم أو الراحة أمرا مستحيلا… أجسامنا صارت مليانة دمامل، وكل محاولة لحكّ الجلد بتصير في تقرحات وبيزيد الوجع”، يصف أحمد بصوت مليء بالإحباط، الظروف التي عاشها هناك.
حالة صعبة
أما زوجة الأسير منتصر الشنار (30 عاما) وهو من مدينة نابلس فتعيش برفقة عائلته قلقا كبيرا بعد أن أبلغهم عدد من الأسرى المفرج عنهم قبل أيام من سجن “ريمون”، أن منتصر المعتقل إداريا منذ أكثر من 25 شهرا، أصيب بالمرض الجلدي منذ شهر أيار مايو الماضي عندما كان في سجن النقب، ويعد وضعه الصحي الأصعب بين الأسرى، حيث أن الطفح الجلدي يغطي جسمه بالكامل، وقد تحول إلى دمامل، الأمر الذي حوّل حياته داخل السجن إلى جحيم مضاعف.
تضيف والدموع تسابقها “لا يستطيع دخول الحمام لقضاء حاجته إلا بمساعدة اثنين من الأسرى، وإلى درجة انه لا يعرف النوم، ونحن أيضا منذ أن وصلنا الخبر لا يعرف النوم طريقه إلينا”.
حاولت عائلة الأسير الشنار التواصل مع كافة المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية ومع عدد كبير من المحامين لمساعدتهم في الحصول على أي معلومات تخصه دون جدوى”.
إهمال طبي
بدوره، أوضح أخصائي الأمراض الجلدية د . حسام خريم أن مرض “الجرب” ينتقل عن طريق التلامس المباشر مع الجلد، أو من خلال استخدام أغطية الفراش المشتركة، حيث يتسبب في حفر أنفاق تحت الجلد لوضع بيوض جديدة، ما يؤدي إلى حكة شديدة وانتشار الطفح الجلدي بشكل أكبر.
وأشار إلى أن “ظروف الاعتقال في سجون الاحتلال تسمح بانتشار المرض، حيث الازدحام وانعدام النظافة الشخصية، تساهم في انتشار المرض بشكل كبير”، محذرا من المضاعفات التي قد تترتب على المرض إذا لم يتم علاجه في الوقت المناسب، التي تشمل التهابات بكتيرية في الدم والتهابات الكلى، خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة بسبب قلة التغذية أو الأمراض المزمنة.
أما بشأن العلاج، فيمكن من خلال متابعة طبيب مختص والنظافة الشخصية واستخدام المراهم الطبية، وتجنب استخدام ممتلكات أشخاص آخرين، وهو الشيء الذي لا يقدمه الاحتلال للأسرى ما يؤدي إلى تفشي المرض.
وعن سبل تجنب العدوى يقول خريم إنه “أمر شبه مستحيل لعدم توفر العلاج، فلا ملابس بديلة، ولا توجد منظفات، ولا فرصة للتعرض للشمس، كما أن الطعام رديء وكمياته قليلة”. وقال إن “المرض لا يتوقف إلا بالعلاج وهو غير متوفر في السجون، سواء للمصابين بالجرب أو بأمراض أخرى”.
وفي هذا السياق، أكّد “نادي الأسير” الفلسطيني (حقوقي مقره رام الله) أنّ “الغالبية من الأسرى الذين يتم الإفراج عنهم، يعانون من مشاكل صحيّة، ومنها مشاكل مزمنة وبحاجة إلى متابعة طبيّة، وشكّل مرض الجرب أحد أبرز الأمراض التي خرج الأسرى وآثارها واضحة على أجسادهم، كما واثبتت الفحوص الطبيّة إصابتهم بمشاكل صحية أخرى نتيجة لذلك”.
وأضاف النادي، أن “إدارة السّجون تستخدم مرض الجرب أداة للتنكيل وتعذيب الأسرى كما حوّلت الحقّ بالعلاج على مدار عقود طويلة لأداة تنكيل، ووصل ذروة ذلك منذ بدء حرب الإبادة، حيث تابعت المؤسسات العديد من إفادات الأسرى داخل السّجون، وممن أفرج عنهم، عن كيفية استخدام إدارة السّجون المرض لتعذيبهم، والتسبب لهم بمشكلات صحيّة يصعب علاجها، ومنهم أطفال ومرضى، وكبار في السّن”.
وكانت آخر هذه الإفادات لأحد الأسرى المفرج عنهم، الذي رافق الشهيد محمد موسى في سجن (ريمون)، عن الآثار الخطيرة التي تركها المرض على الحالة الصحية للأسرى، وكيف وصفت إدارة السجن القسم الذي تواجد به الأسير (بالزومبي)، لما تركه المرض على هيئاتهم.
وقد أظهرت صورهم الأولى عقب الإفراج عنهم، كيف تغيرت هيئاتهم جرّاء ما تعرضوا له من جرائم ممنهجة مارسها الاحتلال بحقّهم، وتحديدا الجرائم الطبيّة وجريمة التّجويع، إلى جانب أساس هذه الجرائم، وهي جريمة التّعذيب.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف السجون الأسرى ظروف قاسية الجرب المعاناة النظافة الشخصیة من الأسرى یعانون من
إقرأ أيضاً:
محلل إسرائيلي: هذه التغيرات التي عجّلت بإنجاز صفقة تبادل الأسرى
بات واضحا أن مخطط صفقة تبادل الأسرى الحالية بين الاحتلال وحماس يعتمد على النسخة التي تم تقديمها بالفعل في شهر أيار/ مايو، لكن أشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك الحين، أهمها انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وانهيار المحور الإيراني، بجانب الاعتبار الحزبي داخل الاحتلال، حيث سيتم تمرير الصفقة عبر الائتلاف الحكومي بسهولة، فيما لا يمنح ترامب "إسرائيل" وحماس أي فرصة للتراجع.
نداف آيال مراسل الشؤون الدولية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أن "الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه بين إسرائيل وحماس لا يختلف بشكل أساسي عن اقتراح نتنياهو وبايدن في أيار/ مايو 2024، بل إن الخطوط العريضة متشابهة، حتى في الأرقام المذكورة: 33 مختطفًا سيتم إطلاق سراحهم معظمهم على قيد الحياة، لكن الفرق أنه منذ ذلك الحين مات العديد من المختطفين، وسقط أكثر من 120 جنديًا في المعارك، واتسع نطاق الدمار في غزة، وأسفر عن مقتل آلاف الفلسطينيين، وضعفت مكانة إسرائيل الدولية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" إن "الإنجازات العسكرية التي حققها الاحتلال كان يمكن أن تتحقق في وقت أبكر لو تم توجيه الاهتمام للاعتبارات الاستراتيجية، وليس لسباق القط والفأر في غزة، مع ما يعنيه ذلك من مصالح سطحية للحكومة، مما أظهر إخلاء محور نتساريم وعودة الفلسطينيين لشمال القطاع، على أنها إنجازات لحماس، لكن الحركة حينها لم توافق على الصفقة برمتها خشية ألا تؤدي لوقف الحرب".
وأشار إلى أنه "كانت هناك فرصة للتوصل لاتفاق مع حماس من قبل، وبالتالي فإن الاحتلال لم يحقق أي إنجازات كبيرة خلال الأشهر الماضية، مقارنة بالظروف التي تحدثنا عنها قبل أشهر قليلة، لكن الظروف تغيرت تماما، وبثمن باهظ للغاية، فيما تمثلت أمامنا ثلاثة مكونات رئيسية: أولاها أن ترامب الفائز في الانتخابات قرر وقف حرب غزة، وكان موقفه منها ثابتا طوال الوقت، وينبغي النظر بجدية لتهديده بـ"الجحيم" إذا ظل المختطفون، صحيح أنها في ظاهرها رسالة لحماس، لكنها أيضًا رسالة لإسرائيل".
وأشار إلى أن "مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف علم تفاصيل الصفقة بسرعة، وهو يتمتع بقدرة على عدم الاستماع لـ"الهراء، ولذلك لم يوافق على منح الوسطاء وإسرائيل وحماس لحظة من الراحة، وبسبب فعاليته، نشأ أساس للتقدم السريع، وإزالة أي شك".
وأوضح أن "التغير الثاني الذي عجّل بالصفقة هو الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمحور الإيراني، حيث لم يتبق الكثير منه، وتلاشت آمال حماس بأن يحرك الطوفان المنطقة بأسرها، وتحطّمت الحرب الشاملة ضد إسرائيل، التي رأت هي الأخرى خسائرها الفادحة، كما تعيش حماس في غزة وضعاً صعباً، تخسر مقاتلين بمعدل مرتفع للغاية، ومع ذلك فلم يكن ممكنا دفعها للتوصل إلى اتفاق عبر الضغوط العسكرية".
وأشار إلى أن "حماس لديها مصلحة علنية كبيرة بوقف القتال الآن، خاصة مع تسريب جيش الاحتلال بتحضيره لتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق إذا فشلت المفاوضات، وشعورها بأن ترامب قد يضرّ بالمساعدات الإنسانية المقدمة لغزة، وتضاؤل الاهتمام العالمي بما يحدث في غزة".
وأكد أن "العنصر الثالث لإبرام الصفقة يتعلق بالسياسة الإسرائيلية الداخلية، حيث يستمتع نتنياهو بالنجاحات في الشمال وضد إيران، وتم تعزيز مكانته بشكل كبير، وتوسّع ائتلافه بشكل كبير، مع إضافة كتلة غدعون ساعر، وبذلك فلا يمكن لاستقالة بن غفير الإطاحة به، وأصبحت تقديرات عدم اجتياز بتسلئيل سموتريتش لنسبة الحسم الانتخابي ثابتة في استطلاعات الرأي، ولذلك اعتقد نتنياهو أن معارضي الصفقة من اليمين المتطرف لن يقدموا على الانسحاب من الحكومة".
وكشف أن "تصريحات نتنياهو العدوانية كانت منسقة مع فريق التفاوض؛ بما فيها تلك المهدّدة بتجديد الحرب، ويكفي أن نلقي نظرة واحدة على استطلاعات الرأي التي كشفت أن الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي تريد وقف الحرب بالكامل لصالح عودة المختطفين".
وختم بالقول أن "نتنياهو يدرك جيداً أن صور قادة حماس وهم يرفعون أيديهم ويخرجون من الأنفاق ليست هنا، ولن تكون في المستقبل القريب، ويعلم أن إعادة المختطفين تحقيق لأهداف الحرب، وبالتالي فإن نافذة واسعة انفتحت للتوصل للصفقة، وإن تجاهل هذه الحقيقة الآن، في نظر الإسرائيليين، أمر مستحيل، ولا يغتفر".