انتهاكات حقوق المستهلكين في قطاع التوصيل
تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT
مع تزايد الاعتماد على شركات التوصيل في الحياة اليومية، ظهرت بعض الممارسات السلبية التي تنتهك حقوق المستهلكين. من بين هذه الممارسات، تتزايد شكاوى المستهلكين، حول التجاوزات التي تحدث عند رفضهم استلام الطلبيات. يتعرض العديد من العملاء لتصرفات غير لائقة من بعض مندوبي التوصيل، بدءًا من الشتائم والتعليقات المسيئة، وصولًا إلى تهديدات جسدية في بعض الحالات.
هذه السلوكيات تمثل انتهاكًا لحقوق المستهلك، في رفض الطلب، دون التعرض لأي ضغوط أو مضايقات.
السبب الرئيسي وراء هذه التصرفات، هو نظام العمولة، الذي تعتمده بعض الشركات، حيث يعتمد دخل مندوبي التوصيل، على عدد الطلبات التي يتم تسليمها بنجاح. عند رفض العميل استلام الطلب، يتأثر دخل المندوب، ممّا يدفع بعضهم، إلى محاولة إجبار العميل، على القبول بأي وسيلة كانت. هذه الوسائل، قد تشمل التحدث بلهجة عدائية، أو محاولة إيصال الطلب للجيران، دون مراعاة الخصوصية.
بالإضافة إلى ذلك، إذا قام العميل بإبلاغ الشركة برغبته في إلغاء الطلب، تبدأ مرحلة من الإزعاج عن طريق الاتصالات الآلية، والرسائل النصية، التي تهدف إلى الضغط عليه، لإعادة التفكير في قراره. هذه الممارسات، تشكِّل نوعًا من الابتزاز، وتعديًا على حق
المستهلك في اتخاذ قراره بحرية، تؤثر هذه السلوكيات سلبًا على سمعة قطاع التوصيل، وثقة المستهلكين فيه. إن استمرار هذه التجاوزات، يضعف من رغبة الناس في التعامل مع خدمات التوصيل، ويؤثر على صورة المملكة كوجهة لتقديم خدمات عالية الجودة. فالمستهلكون، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين، يشعرون بالإحباط، عندما تُنتهك حقوقهم دون أي رادع.
لتصحيح هذه الأوضاع، هناك حاجة ماسّة لتدخُّل الجهات المختصة، لوضع قوانين صارمة تنظم العلاقة بين شركات التوصيل والمستهلكين. يجب فرض عقوبات مالية رادعة على الشركات التي لا تحترم حقوق المستهلكين، وتطوير لوائح تحمي حق العميل في رفض الطلب، دون التعرُّض لأي إزعاج. كما ينبغي وضع آليات شكوى فعَّالة، وسريعة، تتيح للمستهلكين، تقديم بلاغات ضد أي تجاوزات يتعرضون لها.
تشمل الحلول المقترحة أيضًا، عدم تحّميل مندوبي التوصيل، المسؤولية المالية عند رفض استلام الطلب، ممّا يخفِّف من الضغط عليهم، ويجعلهم يتعاملون مع المواقف بروح رياضية. إلى جانب ذلك، من الضروري، تعّزيز التوعية بحقوق المستهلكين، وتدّريب الموظفين على التعامل المهني مع العملاء.
في النهاية، حماية حقوق المستهلك، يجب أن تكون من أولويات، أي مجتمع، يسعى إلى تقديم خدمات ذات جودة عالية. لا يجب السماح لشركات التوصيل بممارسة الابتزاز، أو المضايقات على العملاء. يجب أن يتخذ المشرعون إجراءات صارمة، لضمان احترام حقوق المستهلكين، وفرض عقوبات رادعة على المخالفين، حفاظًا على سمعة الخدمات في المملكة، وتحقيقًا لرؤية 2030، التي تسعى إلى تحّسين جودة الحياة، وتعّزيز الثقة في الاقتصاد والخدمات.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: حقوق المستهلکین
إقرأ أيضاً:
بعد مهلة الـ60 يوما.. انتهاكات الاحتلال مستمرة وحزب الله يلوّح بالرد
بيروت- مع انتهاء مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، أعلنت واشنطن عن التوصل لاتفاق لتمديد المهلة إلى 18 فبراير/شباط المقبل، وذلك بالتزامن مع رفض إسرائيل إتمام انسحابها من جنوب لبنان.
وخلال فترة الـ60 يوما انتهكت إسرائيل بنود وقف إطلاق النار من خلال خروقات يومية تجاوزت الـ1100 خرق، ما دفع وزارة الخارجية اللبنانية إلى تقديم عدة شكاوى إلى الأمم المتحدة بهذا الشأن، حيث شملت تلك الخروقات غارات وعمليات قصف وتوغلات برية.
بالإضافة إلى منع عودة النازحين إلى قراهم وصولا إلى عمليات التدمير الممنهج والتفخيخ في المناطق التي توغلت فيها، فضلا عن عمليات اختطاف ممنهجة وتجريف للأراضي الحدودية وتدمير مئات الوحدات السكنية.
ومع انتهاء المهلة المحددة، صعّدت إسرائيل تهديداتها حيث حذر متحدث باسم جيش الاحتلال من عودة السكان إلى قراهم، وفي المقابل، أعلن مسؤولون أميركيون، الأحد، أن إسرائيل ولبنان وافقا على تمديد وقف إطلاق النار حتى 18 شباط/فبراير، بعد انتهاء المهلة الأساسية التي دخلت حيز التنفيذ في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، وكان يفترض أن تنتهي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.
قوات الاحتلال تمنع السكان من العودة إلى منازلهم (وكالة الأناضول) ضغط دوليمن جهته، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن الموافقة على تمديد المهلة "يجب أن تقترن بضغط دولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة.
إعلانأما حزب الله فقد جدد رفضه التمديد، وشدد أمينه العام نعيم قاسم في كلمة متلفزة على أن "أي تأخير في الانسحاب تتحمل مسؤوليته الأمم المتحدة وأميركا وفرنسا وإسرائيل"، معتبرا أن "استمرار الاحتلال يمثل عدوانا واضحا يمنح المقاومة حق الرد وفق ما تراه مناسبا".
ويرى الكاتب والباحث السياسي هادي قبيسي أن المشهد السياسي العام شكّل مفاجأة للعدو الإسرائيلي وكذلك للجنة الخماسية التي تديرها الولايات المتحدة وذلك بسبب التحرك الشعبي اللبناني باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة، وقد دفع ذلك الأطراف المعنية إلى محاولة تعديل الاتفاق خلال ساعات قليلة حيث صدر بيان من البيت الأبيض عند منتصف ليل يوم الأحد بهدف فرض التعديلات على لبنان.
ويضيف قبيسي، في حديثه للجزيرة نت، أن جيش الاحتلال انسحب من القطاع الغربي ومعظم القطاع الأوسط بينما بقي متمركزا في القطاع الشرقي، ويظهر هذا التطور أن العملية العسكرية قد وصلت إلى منتصفها أو أكثر بقليل.
ويشير إلى أن الإسرائيليين سارعوا إلى استدراك الموقف بعدما لمسوا تجذّر ثقافة المقاومة في لبنان والتزام أهالي الجنوب الطبيعي بالدفاع عن أرضهم، لذلك حاولت إسرائيل تعديل إستراتيجيتها في التعامل مع الوضع.
نعيم قاسم يحمّل الأمم المتحدة وواشنطن وإسرائيل وفرنسا مسؤولية تأخير الانسحاب (رويترز) الجهة العازلةأما فيما يتعلق بالجيش اللبناني، فيرى قبيسي أنه يتكيف مع الظروف المحيطة ولا يسعى إلى تغييرها، بل يكتفي بلعب دور الجهة العازلة والمخففة للصدمات بين الأهالي وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ضمن نطاق محدود جدًا.
وفيما يخص المقاومة، يعتقد قبيسي أنها ستمنح الأهالي فرصة أوسع لخوض تجربة الاقتحام الشعبي للمناطق المحتلة نظرا لجدواها العالية في وقت قصير، فضلا عن آثارها السياسية التي تسهم في إبراز رؤية لبنان لمستقبله.
إعلانفي المقابل، يرى المحلل السياسي جورج علم أن المشهد السياسي في لبنان يتكون من بعدين رئيسيين، البُعد الأول يتعلق بعودة أهالي الجنوب إلى أراضيهم حيث يعتقد أن هذه العودة لم تكن في محلها.
ويشير إلى وجود فراغ بين الدولة والمواطنين المؤيدين للمقاومة، مما يعكس غياب التنسيق بين السلطة والمقاومة رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري.
قوات الاحتلال تعتقل مواطنين لبنانيين اقتربوا من نقاط تمركزها (رويترز) إدارة العودةويعتقد علم أنه كان من المفترض أن تتولى الدولة اللبنانية عبر الجيش إدارة عملية العودة بالتنسيق مع اللجنة الأمنية على أعلى المستويات لتجنب وقوع أي مشاكل كما حدث في بعض الحالات في القرى الحدودية.
ويوضح أن حزب الله "حاول استغلال هذه العودة، رغم التضحيات والشهداء، ليؤكد أن الجنوب هو بيئة مقاومة"، لكن علم يشير إلى أن هذا لا ينفي وجود أهداف شعبية حيث إن إسرائيل كلما رأت أن نفوذ حزب الله لا يزال قويا في الجنوب يحفزها ذلك للاستمرار في تمسكها بمواقعها العسكرية.
أما البُعد الآخر الذي يشير إليه علم فهو البُعد الدولي، حيث يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال تمسك بزمام الأمور حيث فرضت مهلة حتى 18 فبراير/شباط، وكان هناك توافق بين الثنائي الشيعي والدولة اللبنانية حول هذه المسألة.
لكن علم يحذر من خطورة هذا الوضع، معتبرا "أننا بذلك نسمح للإدارة الأميركية بالتعاون مع فرنسا -التي يبدو دورها شكليا أكثر من جوهري- بالتدخل المباشر".
لذلك، يرى أنه من الضروري أن يتم التوصل إلى تفاهم جاد بين المقاومة والسلطة السياسية حول الإطار الجديد في الجنوب لضمان استقلال لبنان بعيدًا عن المصالح الأميركية والأطماع الإسرائيلية، ويشدد المحلل السياسي على أهمية التنسيق مع الإدارة الأميركية لضمان مصداقية العهد الجديد دون أن تكون الكلمة الفصل للولايات المتحدة أو إسرائيل.
وفي ختام حديثه، يوضح علم أنه يجب اختبار المرحلة المقبلة حتى 18 فبراير/شباط لمعرفة كيف ستتبلور الأمور، محذرًا من أن الثغرات لا تزال كثيرة ما يثير العديد من التساؤلات.