نظام غذائي بسيط قد يُحدث فرقا في صحة الكلى
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
الجديد برس|
تعتبر أمراض الكلى المزمنة من الحالات الصحية المعقدة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، حيث يؤدي فقدان الخلايا الكبيبية الكلوية إلى تفاقم المرض وتطوره بشكل لا رجعة فيه.
وعلى الرغم من الجهود المبذولة في البحث الطبي، لا تزال هناك تحديات كبيرة في منع تلف هذه الخلايا والحفاظ على صحة الكلى.
وبهذا الصدد، كشفت دراسة جديدة أجرتها الدكتورة لورا بيرين، المديرة المشاركة لمختبر GOFARR في معهد Saban للأبحاث التابع لمستشفى الأطفال في لوس أنجلوس، بالتعاون مع الدكتور فالتر لونغو، الأستاذ في معهد طول العمر التابع لجامعة جنوب كاليفورنيا، عن نتائج واعدة بشأن تأثير نظام غذائي متخصص على صحة الكلى.
وفي الدراسة، قام فريق البحث بإطعام نماذج حيوانية تعاني من أمراض الكلى المزمنة، غذاء متخصصا منخفض الملح ويحاكي الصيام (LS-FMD) “يعادل المدخول اليومي الموصى به للمرضى البشر”. (تناول كميات منخفضة من السعرات الحرارية مع التركيز على الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية ما يؤدي إلى تغيرات في الأيض تشبه تلك التي تحدث أثناء الصيام).
وتبين أن 6 دورات من هذا النظام الغذائي تؤدي إلى إبطاء تدهور بنية الكلى ووظيفتها لدى القوارض. والأهم من ذلك، تحفز إعادة برمجة الخلايا الكبيبية واستعادة هياكل الترشيح في الكلى.
كما لوحظ انخفاض كبير في نسبة الألبومين إلى الكرياتين (ACR) ونيتروجين اليوريا في الدم (BUN) (مؤشرات هامة لتقييم صحة الكلى) بعد 4 و6 أسابيع من دورات النظام الغذائي، إلى جانب انخفاض ملحوظ في إصابات الكبيبات مقارنة بالقوارض التي تغذت بحرية.
وتقول بيرين: “عندما فحصنا هذه النماذج الحيوانية، وجدنا تحسنا في وظيفة الكلى وبنيتها على المدى الطويل. أصبح الملف النسخي للهياكل الكلوية الرئيسية مشابها لتلك الموجودة في الفئران السليمة، ما يدل على أن النظام الغذائي المحاكي للصيام يعزز إعادة برمجة الخلايا الكبيبية ويعيد وظائف الكلى في حالات اعتلال الكبيبات”.
كما أظهرت دراسة تجريبية أجريت على 13 مريضا يعانون من أمراض الكلى المزمنة، أن دورات النظام الغذائي المحاكي للصيام تؤدي إلى تأثيرات وقائية، بما في ذلك تقليل البروتين في البول وتحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية، مقارنة بالمرضى الذين لم يخضعوا للتدخل الغذائي.
وبشكل عام، تشير النتائج إلى أن هذا النظام الغذائي قد يحفز تغييرات في التعبير الجيني تساعد في إبطاء تدهور الكلى، ما يفتح آفاق جديدة للتدخلات العلاجية للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى المزمنة.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: النظام الغذائی صحة الکلى
إقرأ أيضاً:
“نظام التفاهة”: قراءة في ملامح الانحدار الثقافي والسياسي
” #نظام_التفاهة “: قراءة في #ملامح #الانحدار_الثقافي والسياسي
د #امل_نصير
يتناول كتاب “نظام التفاهة” للمفكر الكندي(آلان دونو) بنية المجتمعات الحديثة، وآليات عملها في ظل سيطرة منظومة التافهين على مفاصل الحياة السياسية، والثقافية، وهو عمل فكري جريء، مثير للجدل .
صدر الكتاب أول مرة باللغة الفرنسية عام 2015، وترجم إلى العربية، ليحظى بانتشار واسع في العالم العربي، اذ أثار كثيرا من النقاشات حول مفهوم التفاهة، وأثره على المجتمعات.
يرى مؤلف الكتاب أن النظام الاجتماعي والاقتصادي الحالي في العالم يشجع التفاهة، ويمنحها الأفضلية، حيث يتم تصعيد الأشخاص الأقل كفاءة، والأقل التزامًا بالقيم الأخلاقية والمهنية إلى مواقع السلطة والتأثير، فتصبح الجودة والاستحقاق في هذا النظام أمورًا ثانوية، بينما يتم تهميش الأفراد الذين يسعون لتحقيق الإبداع والجودة.
يشير المؤلف إلى أن النظام الرأسمالي الحديث يُكرّس “التفاهة” عبر آليات عدة، منها تهميش القيم الفكرية العميقة، وتقليص دور المثقفين والمبدعين الحقيقيين، وتحويل النجاح إلى مسألة تتعلق بالاتساق مع المعايير التجارية والاستهلاكية بدلاً من الإنجاز الحقيقي.
ولعل من اهم ملامح التفاهة كما يقدمها الكتاب سيطرة الرداءة على المجالات المهنية، ففي النظام التافه، لا يتم اختيار الأفراد بناءً على كفاءتهم أو قدرتهم، بل بناءً على قدرتهم على التماهي مع النظام القائم، بغض النظر عن قيمتهم الحقيقية، وتصبح المؤسسات خالية من العمق الفكري والمبادئ، فيسود من يفضلون إرضاء رؤسائهم بدلاً من تحديهم أو تقديم أفكار جديدة.
من ملامح التفاهة ايضا تهميش الثقافة والفكر اذ يوضح دونو أن الأنظمة الحديثة تعزز الإنتاج الثقافي السطحي الموجه للاستهلاك السريع، مع تهميش الإنتاج الثقافي العميق، فتصبح الثقافة مجرد أداة للتسلية بدلاً من أن تكون وسيلة لفهم العالم أو تغييره.
ومن ملامح التفاهة تحول القيم الإنسانية إلى سلع اذ يتم تسليع كل شيء، بما في ذلك القيم والأخلاق، فتصبح المعايير الأخلاقية والتفكير النقدي غير ذات قيمة إذا لم تترجم إلى ربح أو نفوذ.
ومن ملامحها ايضا صعود التافهين، فيقدم (دونو) مفهومًا صارخًا لصعود “التافهين”، وهم الأفراد الذين لا يتمتعون بأي مؤهلات حقيقية، لكنهم يتسلقون السلم الاجتماعي بسبب مهارتهم في مجاراة النظام القائم.
تكمن اهمية الكتاب في تشخيص الواقع المعاصر، فيقدم تشخيصًا دقيقًا للعديد من الظواهر التي نعاني منها اليوم، مثل انخفاض مستوى الحوار العام، وانتشار الأخبار المزيفة، وضعف المؤسسات الديمقراطية.
يعد كتاب نظام التفاهة دعوة للتغيير، فرغم سوداوية الطرح، يحمل الكتاب دعوة ضمنية لإعادة النظر في قيمنا المجتمعية ومؤسساتنا، والعمل على استعادة المبادئ الأساسية التي تجعل المجتمعات أكثر عدالة وكفاءة.
الكتاب مرآة للمجتمعات العربية أيضا اذ وجد صدى واسعًا في العالم العربي، حيث يرى كثيرون أنه يعكس واقعًا مألوفًا في العديد من الدول التي تعاني من تهميش الكفاءات وسيطرة الفساد والمحسوبية.
“لقد أصبحت التفاهة نظامًا عالميًا يستبعد الجودة والكفاءة، ويعلي من شأن الرداءة.
على الرغم من شعبية الكتاب، إلا أنه تعرض للنقد من بعض القراء والمفكرين، فراى هؤلاء أن (دونو ) قدم نظرة متشائمة دون تقديم حلول عملية لتجاوز “نظام التفاهة”. كما أن بعض النقاد رأوا أن الكتاب يفتقر إلى أدلة علمية واضحة تدعم أطروحاته، وانه يعتمد بشكل كبير على أسلوب الإنشاء الفكري.
“نظام التفاهة” ليس مجرد كتاب فكري، بل هو صرخة تحذير من أن النظام العالمي الحالي قد يؤدي إلى انهيار القيم الإنسانية الحقيقية لصالح تفاهة تملأ الفراغ. إنه دعوة لإعادة التفكير في مسار المجتمعات واستعادة المبادئ التي تجعل العالم مكانًا أفضل للعيش.
وأخيرا يبرز السؤال الآتي في ظل الانتشار الواسع للكتاب في العالم العربي: هل يمكن أن نواجه “نظام التفاهة” أم أننا سنظل عالقين فيه؟