ثلاثة أجيال تحت جسر الرئيس.. عمل روائي يؤرخ للثورة السورية
تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT
من أرشيف يحوي مقابلات شفوية وشهادات على ما حدث في سوريا منذ عام 2011، اجتمع 7 كتّابٍ هم: فوز الفارس وراما الحاج علي وهدى الجوادي ورافي ميناس وملاذ الزعبي ووائل ريحاني وجابر بكر، لكتابة مشروع رواية مشتركة تحمل اسم "ثلاثة أجيال تحت جسر الرئيس". والعمل من فكرة وإشراف الكاتب السوري جورج كدر.
الانطلاق من الأرشيفكانت فكرة كدر تقوم على عدم ضياع تفاصيل ما حدث للسوريين إبان وعقب الثورة السورية، وتوثيق الأحداث وتجسيدها من شهادات حقيقية لشخصيات من لحم ودم، لتقدم سردية الإنسان السوري العادي في مواجهة سرديات المعارضة والنظام وتقديمها في قالب روائي بعيدا عن قوالب الدراسات النمطية والمتشابهة الغالبة على الأعمال التوثيقية لمنظمات المجتمع المدني، سيما أن العمل الأدبي الإبداعي هو الأقدر على ملامسة مشاعر القراء والأكثر ديمومة عبر الزمن.
ولأن كل الأحداث من رحم الواقع فقد أُدرج في بداية العمل عبارة تقول إن "هذه رواية واقعية وأي تطابق لها الخيال محض صدفة" إشارة إلى أن ما حدث للسوريين ولسوريا يفوق الوصف والخيال، إضافة للفقرة التالية التي تشرح عن أبطاله "مسارات أبطال الرواية التقت مع مسارات كتّاب روايتهم، ليصبح الكاتب وبطله جزءا من الحدث الروائي. وإن كان لكل بطل مساره الخاص، إلا أنه سيشكل في النهاية قطعة في فسيفساء مشهد عام غلبت عليه روايات الفقد والاعتقال والشتات، وأمل خلاص لا يبدو قريباً، لكنه ليس مستحيل المقال".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأديبة الكويتية سعدية مفرّح: ممتنة للصحافة وكلنا خذلنا غزةlist 2 of 2الأديب الإيطالي باولو فاليزيو.. عن رواية "مملكة الألم" وأشعار لحظة غزة الطويلةend of listوأدار كدر المشروع من خلال "منظمة دولتي" وبحسب مديرة المنظمة رولا بغدادي، فقد استمع كدر لعدد كبير من الشهادات (نحو 400 شهادة) واتّفق على أن يكون الكُتّاب من فئة الشباب. وتم اختيارهم من قبل لجنة في "دولتي" بمشاركة كدر، بناء على أعمالهم الأدبية السابقة. وتقول بغدادي بهذا الصدد "كان هدفنا أن يكون العمل فرصة للمبدعين الشباب والشابات السوريين، الذين لديهم قصتهم وسرديتهم الخاصة بالحدث السوري، والتي عبروا عنها بعدة طرق عندما كتبوا الرواية". واستمع فريق الكتّاب للشهادات وكتبوا ما استوحوه من الأرشيف.
وتمثّل دور كدر -وفقا لبغدادي- في "ترتيب ما كُتب ضمن إطار رواية واحدة، إذ تركزت القصص حول قضايا اللجوء والاعتقال وانتهاكات حقوق الإنسان وفي القصة الأخيرة -التي تحمل عنوان الرواية- اجتمع أبطال العمل تحت جسر الرئيس بالمشهد الصادم في أبريل/نيسان 2022 عندما صدر عفو عام وذهب أهالي الضحايا لينتظروا إطلاق أبنائهم مفترشين الأرض لعدة أيام قبل أن يعلم الجميع أن العفو لم يشمل إلا عددا قليلا جداً من المعتقلين أو المخفيين قسراً، لا كما سوق له أنه عفو شامل وسيطلق على إثره أعداد كبيرة من السوريين".
وتأتي أهمية هذا العمل المشترك -بحسب بغدادي- من "أهمية توثيق سردية الفئات المهمشة، ضمن صراعٍ درجةُ الاستقطاب فيه عالية، وأطراف الصراع فيه يمارسون تغولا على السرديات العامة، وبالتالي تختفي سرديات الفرد، الذي يقدم نفسه بسرديته كممثل لسرديات الأفراد في منطقته أو الذين تحت سيطرته" وتتابع بغدادي "من هنا تشكل الأعمال الفنية والأدبية واحدة من أفضل الحوامل لسرديات هؤلاء الأشخاص ولإمكانية وصولها وإمكانية كسر السرديات السائدة".
الاختيارتقدم لمشروع الرواية الجماعية أكثر من 70 كاتبا وكاتبة وصحفيا وصحفية، وتم انتقاء 20 اسما منهم وفق نماذج أعمالهم السابقة وملاءمتها للفكرة، وبعدها أجريت لقاءات معهم اعتمد خلالها سبعة منهم وجد فيها المشرف على العمل مسارات تتقاطع إلى حد ما مع أبطال قصصهم.
وكان من بينهم الفارس وهي روائية وتحمل شهادة ماجستير في اللغة العربية وآدابها وتحديدا النقد الروائي، والتي تردّدت بخصوص المشاركة في البداية وخصوصا ضمن عمل يتحدث عن الثورة السورية -كما تقول- إلا أن ما دفعها للمشاركة هو استماعها لإحدى الشخصيات وما لمسته من تقاطع في قصتها الشخصية معها، فـ"الكتابة عن أشياء أو أحداث عشناها واختبرناها سيكون أكثر مصداقية فيما لو كتبنا عن أشياء سمعنا بها أو تخيلناها" مضيفة أن "الرواية بالأصل مبنية على شهادات حقيقية وواقع عاشه معظم السوريين تتشابه تفاصيله إلى حد بعيد.. "هل تستطيعون مثلًا تخيّل سورية تنزع ابنها من حضنها وتدفع به إلى حضن البحر الذي طالما سمعت عن غدره بأرواح عقدت الآمال عليه، فخذلها؟ هل تتخيلون أنها راهنت بمصير ابنها وهي تعلم أنّها كمن يقدم فلذة كبده قربانًا أو كبش فداء لنجاة عائلة بأكملها من مجهول إلى مجهول آخر تتوسّم أن يكون أفضل من الجحيم الذي تحياه في المكان الذي نزحت إليه؟".
شهادات أرشيف "دولتي" كانت أيضا الدافع الذي حفّز الكاتب ميناس للمشاركة بهذا العمل الذي اعتبره فرصة لتطوير المهارات، إضافة لإيمانه بـ"ضرورة توثيق وأرشفة الثورة السورية بكل الوسائل والأشكال الفنية بصفتها جزءا من العمل الثوري". ويرى ميناس أن "علاقة عميقة" نشأت في هذا العمل "بين الكاتب/ة وبين الشخصية شئنا أم أبينا" ويضرب مثلا على ذلك بشخصية راعي الغنم التي شعر ميناس بارتباط شديد مع البطل من حيث الوحدة التي يعيشها في صحرائه، والتي تشبه نوعاً ما الوحدة التي عاشها هو ككاتب لسنوات خلال انتقاله لكندا، وخسارة أحلامه والتحولات الكبيرة في حياته، ويقول "ارتباطي مع مازن (راعي الغنم) كان عاطفياً ووجدانياً، وهذا ما جعلني أكتب هذا الفصل بلغة شعرية إلى حد ما، وقمت بإضافة حادثة حصلت معي شخصياً، وجعلتها حادثة عاشها مازن ورواها على لسانه".
ويوضح ميناس عمله على بناء روايته بقوله إن خيال الراوي يعمل نفسه في الشخصيات والأحداث الحقيقية في الأصل، وإن هذه الرواية ما هي إلا "مزيج بين شخص روى الحكاية وشخص آخر أعاد روايتها وأضاف عليها شهادته، وروايته وخياله وأسلوبه. ليس هذا فحسب، بل تم نسج كل هذه الخيوط في رواية واحدة".
لم يكن لهذا العمل أن يرى النور لولا تكاتف كل من الكُتّاب ومنظمة "دولتي" وصاحب الفكرة الكاتب كدر الذي أجرى لقاءات فردية متعددة مع كتاب الرواية وأدار ورشة عمل جمعت عددا من الروائيين السوريين وكتاب الرواية، وكان الرابط وصلة الوصل بين جميع روائييها وأبطالها، متابعا مخاض العمل منذ البذرة الأولى وهو يعي تماما أن لكل كاتب وكاتبة شارك في الرواية قصة شخصية تتداخل مع قصص الشخصيات الموجودة بالأرشيف، وأن كلّا منهم سيستعيد ألما ذاتيا وسيكتب من وحيه.. وكانت كل الخيوط إذن جاهزة ولم يكن أمامهم سوى بدء النسيج.
ولكن عملية الكتابة الجماعية لم تكن بالأمر السهل على المشاركين، وخصوصا فيما يتعلق بأسلوب الراوي وربط الأحداث وإبراز الرابط بينها.
وفي سؤال الجزيرة نت عن الصعوبات التي واجهت تنفيذ هذا العمل رغم الخشية من ذوبان رؤية الراوي الواحد بالروايات المتعددة، يقول ميناس إن "المميز في الكتابة الجماعية هو استخدام أساليب وتقنيات سردية مختلفة، حتى التعاطي مع الفكرة والنص يكون مختلفاً، حيث للارتجال مساحة كبيرة في ورشة العمل، ونرى عملية بناء من جهة وهدم من جهة أخرى للوصول إلى صيغة مشتركة، هي أيضاً أشبه بعملية بناء لوحة بازل.
وإضافة إلى كسر الأنا المنفردة عند الكاتب أو الكاتبة، وهذا ليس بالأمر العادي عند "أهل الكار" وتطرق ميناس إلى فكرة الارتباط الكبير بين الكتابة والموسيقى من حيث مفهوم الزمن والشدّة والإيقاع والتناغم مقارنا بين هذين الشكلين الفنيين، ويتابع: في الكتابة العادية المنفردة، فإن ضبط وتحقيق التوازن الموسيقي في النص ليس بالأمر السهل، لكن يعود عاتقه على الكاتب أو الكاتبة بالكامل.
وفي تجربتنا هذه، كنّا أشبه بالأوركسترا، كل كاتب عزف على الحكاية (الشهادة أو الشهادات) بأسلوبه ومهارته، لكننا جميعنا اتّبعنا إيقاعاً واحداً والمايسترو أوجد التناغم الخاص بيننا، بين كل فصل وكل أسلوب. ويؤكد أن "المايسترو" ويقصد به "كدر" تمكن ببراعة من ضبط الأوركسترا لتبدو إيقاعا واحدا مع تعدد العازفين (الكُتّاب).
ومن ناحية أخرى اجتماعية، يرى ميناس أن هذه الرواية كسرت حواجز اجتماعية بين الكاتب وصاحب الشهادة.. فـ"عملية الذوبان أو لنقل المزج بين تجربة الراوي والشهادة، هي إنجاز بطريقة ما، لكسر هذه الطبقية الثقافية وتطبيق عملي لمفهوم وحدة الوجع السوري. فاليوم، مهمتي ككاتب سوري، الكتابة عن القضية السورية كفرد منها فاعل ومُتأثِر ومُؤثّر. فلا يجوز لي أن أكتفي بالقول: الثورة السورية، أو اللاجئين السوريين، قبل أن أقول أنا أيضاً كنت لاجئاً وثائراً..".
وأما الفارس فتؤكد أن العمل المنفرد يكون أكثر سهولة وانسيابية، في حين أن العمل الجماعي يخضع لضوابط وقيود.. فـ"ليس سهلًا على المبدع أن يؤطّر داخل نظام معين وينتظم في فريق" إلا أن ما ساهم في إنجاز الرواية كان بسبب "تكوين علاقات طيبة فيما بيننا وتشاركنا الهموم والأفكار والمقترحات والحماس والرغبة في إنجاز العمل".
قائد الأوركستراوإن كان عالم الرواية يتميز بفردانيته وأنانيته الشديدة، كما يقول الكاتب كدر "إلا أننا تحدينا هذا السائد، فالشهير في عالم الرواية إجمالا شرقا وغربا أن هناك عددا منها كتبها روائيون، منها في عالمنا العربي على سبيل المثال رواية "عالم بلا خرائط" للكاتبين عبد الرحمن منيف وجبرا إبراهيم جبرا، وهي تجربة تعرضت لكثير من الانتقادات، أما أن يشارك 8 كتاب في كتابة رواية واحدة كما حصل في روايتنا فأعتقد أنها من المرات النادرة كي لا أجزم بأنها الأولى من نوعها".
ويضيف كدر أن هناك فكرة سائدة يتندر بها حتى السوريون على أنفسهم وهي أنهم شعوب فردية فاشلة في العمل الجماعي، وهي في حقيقة الأمر سمة تميز الشعوب العربية عامة وبشكل أدق تلك الدول المبتلاة بالحاكم الفرد الدكتاتور، لا تلك المحكومة بقوة القانون "لذلك حاولنا في عملنا هذا أن نتحدى هذه الفكرة ونقتحم عالم الرواية بكل فردانيته وأنانيته، وقد أدى كتابنا مهمتهم بأعلى قدر من الاحترافية وسعة الصدر على كل ملاحظاتنا، حتى أن أحد الكتّاب ألغى تماما روايته الأولى التي استغرق في كتابتها قرابة الشهر وأعاد كتابتها من جديد".
وفي سؤال للجزيرة نت عن الحبكة الرواية لهذا العمل التي تتحدث عن أبطال لكل منهم سرديتهم المستقلة ثم يجتمعون في النهاية تحت جسر الرئيس بالعاصمة دمشق، يقول كدر "إن العمل يتضمن في حقيقة الأمر 9 روايات يمكن النظر إليها بصفة مستقلة ويمكن اعتبارها فصولا ومسارات لأبطال متعددين في رواية واحدة تماما كما يحدث في حياتنا الواقعية، وتمثلت طريقة تحقيق ذلك روائيا في جمع هؤلاء الأبطال في مكان له رمزيته الكبيرة في الحدث السوري تحت جسر الرئيس وهو مشهد استحضرناه من مشهد حقيقي لحشد بشري عفوي حدث في أبريل/نيسان 2022".
ويضيف كدر هذا الحشد الذي يشبه يوم القيامة جسدته ذروة الحبكات في العديد من الأعمال الروائية منها على سبيل المثال رواية "العطر" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند أو رواية "المئذنة البيضاء" للكاتب السوري يعرب العيسى وغيرهما، أما تجسيده في روايتنا فكان بناء على حدث واقعي حصل بشكل عفوي ولكنه كان حدثا مهيبا يظهر حجم الألم والقهر المختزنين في قلوب السوريين فخرجوا زرافات يبحثون عن أحبائهم الذي غيبهم النظام في سجونه ولم يخترعه خيال الروائي.
فصول الروايةتبدأ الرواية عبر صفحاتها الـ400، بمقدمة كدر بعنوان "مقدمة لحرب ليست أهلية" ثم تتوالى أحداثها بفصلين للكاتبة الفارس بعنوان "حروب صغيرة" يتحدث عن الحروب التي اشتعلت داخل الأسر السورية بعد الثورة والتي أدت لتمزقها من خلال صراع بين زوجة وزوجها التي امتدت لأسرتهما بين موالاة ومعارضة، وفصل "عدسة الروح" وفصلين للكاتب ميناس بعنوان "راعي المعز" عن شاب جامعي ترك دراسته للغة العربية واعتزل الناس ليعمل راعي غنم في مزرعة أبيه، و"برجه العاجي" عن دور المثقف في الثورة السورية من خلال شهادة أستاذ يروي الأحداث المهولة في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، وفصل الكاتب ملاذ الزعبي بعنوان "الشيخ دولار" عن شهادة كشفت حجم متاجرة بعض المجموعات المسلحة في الثورة بتقديم خدماتهم لمخابرات دول أخرى.
ثم الفصل بعنوان "صلاة لم تكتمل" للكاتب وائل ريحاني عن معاناة شاب من مدينة حمص في رحلة نزوحه من منزله في باب السباع ثم حي الوعر الشهير وكيف أضاع قبر أمه في جبال القلمون بعد سجنه وتعذيبه في سجون نظام الأسد، وآخر بعنوان "مُقلة عين" للكاتبة راما حاج علي التي تروي شهادة طفل ترك دراسته ليصبح قناصا في مجموعة مسلحة همه الثأر لأمه التي قتلت أمامه بقذيفة فقأت عينها وقتلتها، ولا يعير الثورة السورية أي أهمية، وفصل "الناجي الأخير" للكاتبة الجوادي عن شهادة صادمة لأحد الناجين من مجزرة التضامن، وتختم الرواية بفصل حمل عنوان الرواية وهو "ثلاثة أجيال تحت جسر الرئيس" للكاتب جابر بكر، يحمل فيه أبطال الرواية الذين يشتركون في آلمهم وحلمهم بالحرية والكرامة وبحثهم عن أحبائهم المفقودين أو المعتقلين خلال سنوات الصراع علهم يجدونهم، ويفتح هذا الحدث بابا لنتعرف على شهادات صادمة لضحايا الحرب السورية.
ويقدم الصحفي والكاتب رزق العبي رأيه في الرواية التي اطلع عليها مؤخرا وعنها يقول إن "اشتراك أكثر من اثنين في كتابة نصّ أو رواية ليس جديداً فقد بدأ ذلك عام 1936 حيث اشترك طه حسين وتوفيق الحكيم في تأليف رواية (القصر المسحور). وبعده عدد آخر من الكتّاب، حتى يومنا هذا. وقد جاء هذا العمل، بحسب العبي، في وقت "عزّ فيه التقاء السوريين وسط التفرق السائد".
ويضيف العبي: إن أهمية دور الأدب في التوثيق تأتي من أن كثيرين ممن يوثقون من غير الأدباء "قد يتورطون في المصالح السياسية، فيهضمون حق ضحية ويرفعون قدر مجرم، أما في الأدب فالمشاعر والأحاسيس هي القاعدة" كما أن "الأدب هو ذاكرة الشعوب التاريخية، من أدب السجون إلى أدب المهجر" مقترحا أن الرواية ستكون إحدى دعائم "أدب الثورة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الثورة السوریة روایة واحدة هذا العمل أن یکون إلا أن
إقرأ أيضاً:
أدب الأسرى بمؤتمر لرابطة الكتاب الأردنيين.. الرواية تقود المشهد وقصائد مسكونة بالهوية والحرية
عمّان- طالبت قامات أدبية وثقافية وفنية أردنية وفلسطينية وجزائرية ولبنانية وعراقية مشاركة في المؤتمر الأول لأدب الأسرى في سجون الاحتلال -الذي نظمته رابطة الكتاب الأردنيين- بإطلاق تسمية "أدب الحرية" بدلا من "أدب أسرى السجون الإسرائيلية".
وأيد الناقد رشيد النجاب مؤلف كتاب "فلسطين في النثر العربي الحديث" مقترح "أدب الحرية"، وقال إن الأسير كميل أبو حنيش ابتكر في روايته "الجهة السابعة" بأبوابها الثلاثة خروجا من نطاق الأسر وسعيا نحو الحرية وهو في الزنزانة، حيث عاش مع القارئ أيام الشباب والحب والدراسة والمقاومة خارج الأسر.
وقال النجاب للجزيرة نت إن "إخواننا الأسرى يسألون: رجاء، لا تعاملونا بعطف في توجيه النقد، بل بما من شأنه رفع قيمة ما يكتب في أدب الحرية، فروايتا باسم خندقجي السابقتان "مسك الكفاية" و"خسوف بدر الدين" تتسمان بالحداثة، فهما تتحدثان عن الإنترنت وما يحتويه، والأهم أنهما تتميزان بالمواجهة المباشرة بين السردية الفلسطينية والصهيونية".
ودعا النجاب إلى تدريس "أدب الحرية" في المدارس والجامعات كمادة أساسية في اللغة العربية.
ومن أبرز توصيات المؤتمر عقب 6 جلسات اختتمت الخميس وتناولت مواضيع الشهيد وليد دقة كرمز وأيقونة ودراسات في الأعمال الإبداعية والفنية ودور المؤسسات العربية والدولية في دعم الأسرى وتجليات السجن في أدب الأسيرات منح جائزة سنوية باسم "أدب الأسرى" تبرعا من الدكتور فتحي أبو عرجة، وتحديد يوم الأسير الفلسطيني "يوم الوفاء" في 17 أبريل/نيسان كموعد لعقد المؤتمر الثاني، واختيار اسم أسير عنوانا له، ومتابعة أعمال درامية من كتب الأسرى أو من وحيها، والتواصل مع اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية لتسليط الضوء على المنجز الإبداعي للأسرى، ومتابعة الجهود مع دول صديقة مثل فنزويلا وكوبا لتوفير منح دراسية لأبناء الأسرى.
إعلانمن جهته، أشار الأديب عفيف طاووق (لبنان) إلى خطأ شائع وقضية فكرية وسياسية لاقت استحسان المشاركين والضيوف مفادها "عندما نطلق على المعتقلين صفة الأسرى، فالأسير هو الذي يعتقل على أرض الغير، أما هؤلاء فالحقيقة أنهم ليسوا أسرى، بل مخطوفون على أرضهم ووطنهم، وقد احتجزت حريتهم وأودعوا المعتقلات".
حسن عبادي: لكل أسير كتابوأبلغ المحامي الحيفاوي حسن عبادي كما يحب أن ينسب إلى عروس البحر الأبيض المتوسط الجزيرة نت أنه بدأ التواصل مع "أسرى يكتبون" في نيسان (أبريل) 2019، وقد قام بـ400 زيارة تطوعية للأسرى الكتاب والأسيرات حتى 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وقال إنه لمس أن الكتابة بالنسبة للأسير تعد متنفسا والرئة التي يستنشق من خلالها الحرية، وقد وصفتها الأديبة المحررة عائشة عودة بأنها "فكرة ولادة".
وأضاف أنه استطاع أن يزودهم بآلاف الكتب تحت شعار "لكل أسير كتاب"، مشيرا إلى أن الأسرى كانوا يعتقدون أن الأدب توقف عند الراحل محمود درويش وغيره، نتيجة لانقطاع تواصلهم مع الكتاب خارج الوطن، ونتيجة لتعميم مبادرة "لكل أسير كتاب" بدأ كتاب من الوطن العربي يسألون عن كتابات الأسرى، مثل أحمد أبو سليم وصفاء أبو خضرة.
وأوضح عبادي أن فكرة "أسرى يكتبون" انطلقت من هنا بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، ومن خلالها عقدت 29 ندوة تناولت كتابات الأسرى بمشاركة أحد أقارب الأسير، إلى جانب مساعدة أسرى ليس لهم حاضنة في إصدار كتبهم، إذ موّل عبادي وزوجته طباعة 40 كتابا.
وفي رده على سؤال، قال عبادي "أدب الحرية في تطور مستمر، فقد انتقلوا إلى الأدب الحداثي بعد مغادرتهم قضبان المحتل، ولم يكتبوا عن جدران السجن فحسب، بل تناولوا وضع السجن برؤية فكرية متقدمة ومنفتحة، الكتّاب أصبحوا أكثر ثقافة وانفتاحا على القضايا المطروحة، والبنية الفنية أصبحت أقوى من حيث الموضوع والأسلوب، إنهم يقولون -أي الأسرى- لا نريد منكم شفقة، احكموا على كتاباتنا كي نتعلم ونتطور، لا تطبطبوا علينا".
إعلانواعتبر المحامي الحيفاوي المؤتمر خطوة كبيرة ورافعة لأدب الحرية، داعيا الكتّاب والناشرين إلى الاهتمام بقراءة مؤلفات الأسرى والكتابة عنها والحديث عنهم.
وتحت عنوان "الشهيد دقة رمز وأيقونة" تحدث رئيس نادي الأسير السابق عيسى قراقع عن الأبعاد الفكرية والفلسفية في كتابات الشهيد وليد دقة، فأطلق عليه لقب "فيلسوف الحرية"، إذ خط مشروعا ثقافيا وفكريا وإنسانيا ونضاليا طوال 3 عقود، مما شكّل مفارقة في أدب وثقافة المقاومة عندما ناضل من داخل معتقله من أجل تحرير الأحرار، قائلا "نحن سُجنا لنحرر لا لنتحرر".
وخاطب قراقع القامات الثقافية والأدبية قائلا "وليد اتخذ السجن خندقا وميدانا للمقاومة الثقافية، حيث تمحورت كتاباته حول السجن والوطن والحياة والمستقبل، وليد يبقى عصيا على التصنيف منظرا وباحثا سياسيا وروائيا رساما ومسرحيا"، وكما وصفه أحدهم "هنا جامعة اسمها وليد دقة".
ووصف قراقع الكتابة في السجن بأنها مقاومة قائلا "أكتب حتى أتحرر من السجن على أمل أن أحرره، إننا نكتب عن السجن لننفيه، نؤكده لننفيه، فتأكيده يظهر غياب الحرية، المعنى الجديد للسجن يمكن تلخيصه بالصمود في معركة: ثقف نفسك بنفسك لتصل إلى نتيجة: حرر نفسك بنفسك".
وعلى لسان الشهيد وليد يورد قراقع "إن التحرر هو السبيل الوحيد للحرية، وهو فعل خارجي (هدم)، في حين الحرية هي القيمة التي تسعى الشعوب لتحقيقها، وهي فعل داخلي، فإذا كان التحرر من الاحتلال شرطا ضروريا لتحقيق الحرية فإن الحرية هي الشرط الكافي للحفاظ على إنجازاته، فكم من بلد تحرر، لكن شعبه لم يحظ بالحرية بصفتها قيمة غير خاضعة لحسابات موازين القوى وغير قابلة للمساومة".
وتحدث وليد -وفق قراقع- عن مجتمع السجن، خاصة ظاهرة "الكابو" التي يدعمها المحتل، وهم الأسرى المتعاونون مع السجان ضد زملائهم، حيث نجحت سلطات السجون في صنع هذه الظاهرة وتحويل حياة الأسرى إلى إقطاعيات أو إمارات منفصلة تسودها الشللية والفردية والفساد وغياب النضال الجمعي والوحدوي، فالمفتاح الناظم بين الأسرى أصبح الجغرافيا والبلديات.
ويقول وليد "لا أريد العودة إلى فلسطين الماضي، فلسطين الانتدابية، أنا أريد فلسطين المستقبل التي لا بد أن تتطابق فيها الهوية الوطنية الجامعة مع جغرافيا الوطن الكامل، أوسلو تنازلت عن جزء من الوطن مقابل الدولة، واستعاض أصحابها عن العودة بحكاية العودة، وبهذا المعنى أصبحت العودة فلكلورية والدبكة الشعبية بديلا عن برنامج العودة، واختزل الوطن إلى ما يشبه الوطن".
وتطرق وليد في كتابه "حبر الوعي" إلى التعذيب الجسدي كما ورد في اتفاقية مناهضة التعذيب، فطالب مؤسسات حقوق الإنسان بتعريف جديد للتعذيب يشمل النظم غير الحسية وغير المباشرة التي تهدف إلى التدخل في تفكير الأفراد، في عملية "مسح دماغي زاحف ومتدرج"، في محاولة لما سماها "هندسة الجماعة والسيطرة عليها"، حيث يعيش الأسير حالة من الاغتراب تجاه الزمن الحقيقي، وتقاس الأشياء لا بعقارب الساعة، بل بالأحداث داخل جدران السجن، حيث يتعمد الاحتلال بناء ستار حديدي بين الأسير والزمن.
إعلانولم يغب الانقسام الفلسطيني عن نتاجات الشهيد وليد دقة، وفق ما طرحه قراقع "السجان إسرائيلي، ولكن من يصنع له المزيد من الأقفال هو الانقسام الفلسطيني، نقولها لمن ضلوا الطريق نحو الحرية: الحالة الفلسطينية المنقسمة سياسيا ألقت بظلالها الثقيلة على شقيقتها الأسيرة، الانقسام الذي طال أنتج اقتصاد الانقسام وثقافته، هناك تخوف حقيقي من أن تتحول هذه الثقافة إلى هوية".
صراع المفاهيم وتغيرهاوتحدث الأسير المحرر الدكتور عزمي منصور -الذي قضى 18 سنة في السجن بعد حكم بالمؤبد- عن إضرابات السجون وتغير المفاهيم بعد اتفاق أوسلو، متسائلا "ما هو الاحتلال؟ هل هو فلسطين التاريخية أم الضفة وغزة؟ ما هو التعذيب؟ ما هو الفصل العنصري؟"، مشيرا إلى المقولة "ما حصل في غزة لا نريده أن يحدث في الضفة الغربية" وإلى فتح مول في رام الله "والشعب يذبح في غزة"، معتبرا أن ما سماه "التنافر المعرفي" يقود إلى الفوضى في الأفكار والمفاهيم.
ووصف الشهيد وليد دقة بأنه من أبرز مفكري الحركة الأسيرة، وقال للجزيرة نت إن المحتل عمل من خلال نظرية "التنافر المعرفي" على نوع من غسل الدماغ وضرب الاتجاهات الفكرية وتفكيك مفاهيم الوطن والشعب والمقاومة والتضامن الاجتماعي وكسر عزة النفس، مما أوجد اتجاهين في الواقع الفلسطيني: الأول: لا يعترف بالعدو، ويعتبر فلسطين من البحر إلى النهر، ويرى الكفاح المسلح طريق التحرير.
والثاني -وفق منصور- يرى أن فلسطين هي "الضفة وغزة"، وبالتالي يعترف بالعدو ولا يقاومه إلا عبر المقاومة السلمية انطلاقا من تغيير بنود في الميثاق الوطني الفلسطيني، لذلك يميل إلى الاستكانة مع العدو تحت مسمى "إدامة التفاوض"، حسب تعبيره.
وفي قراءة لكتاب "صهر الوعي" لوليد دقة شهيد الوعي كما وصفه رامي ياسين في مداخلته قال "اعتبر شهيدنا الأسر فعلا ذاتيا داخل العقل، وتجرد من ظلال الأسر، وكتب بعين العارف بحثا علميا سياسيا فلسفيا يقدم فيه مفهوما جديدا لقضية الأسر وكيفية فهم الصورة الشمولية، ومهمته الأولى هي صهر الوعي الجمعي، وعي المقاومة، ليس فقط للأسرى، بل لنا جميعا كشعوب باعتبارنا جميعا أسرى".
إعلانولا يبحث وليد دقة عن الحرية كحالة رومانسية، بل كمعادلة شاقة ومعقدة، الحرية ليست فقط كسر القضبان، بل كسر الفكرة التي صنعت القضبان، لذلك، فليس أخطر أشكال الأسر تلك التي تمارس على المفاهيم والمواقف والرغبات، وليد لا يكتب من أجل الأسرى فقط، بل بهم، يكتب عن معنى أن تكون الذاكرة محاصرة، والمقاومة مصنفة على أنها خلل عقلي أو شذوذ أخلاقي أو مشروع انتحار جماعي.
ويقول الروائي رامي ياسين "وليد حوّل الزنزانة إلى مختبر فكري والتجربة القاسية إلى نص مقاوم، لا يتوسل العطف، بل يصفعنا بالفهم، ويقول للذين خارج القضبان إن حريتكم مشروطة بالوعي والقدرة على الرفض والنقد والفهم، المقاومة هنا ليست فقط بندقية، بل كلمة، فكرة، موقف، تنظيم، والأهم ألا نعتاد القمع، الإبادة، الاحتلال".
بدوره، يرى الروائي عبد السلام صالح أن كتابات الأسرى تنوعت، فمنهم من كتب عن تجربته الذاتية وظروف اعتقاله ومعاناته في التحقيق والسجن، ووصف بشكل تفصيلي ما يعيشه الأسرى، ومنهم من كتب الشعر والقصة، لكن الانفجار الإبداعي كان في الرواية، حيث اكتشف كروائي بين 8 و12 روائيا حقيقيا مبدعا يقدمون روايات ذات سوية عالية ومحققة لكافة الاشتراطات الفنية والإبداعية.
وقال صالح للجزيرة نت إن الرواية في كتابات زهدي شاهين وكميل أبو حنيش ووليد دقة وباسم خندقجي وعاهد نصاصرة وسائد سلامة تمتعت بلغة إبداعية عالية تنحو إلى السرد وتمتاز بالوصف الرائع والجميل وتقدم حوارات ذكية وبناء فنيا متينا ومتماسكا.
واستعرض مهدي نصير نماذج من قصائد الشاعرين ناصر الشاويش وأحمد عارضة، وقال إن الشعر هو القدرة على التعبير عن الأسير ومعاناته وهمومه وأحلامه وطموحه، وهو القوة السحرية التي تمنح الأسير قوة وعنفوانا وصمودا.
ومن قصيدة "أناشيد المعنى" لناصر الشاويش:
قذفت في وجه العدا أمعائي
حربا تقض مضاجع الأعداء
وجعلت أمعائي سلاح إرادتي
سيفا يعيد كرامتي وإبائي
ورفضت خبز الذل حتى أسترد
الحق بالأمعاء أو بالدماء
ومن قصيدة أحمد عارضة "الوردة البيضاء":
للوردة البيضاء جندي غريب
ولها من الحزن الكثير من النمو
ولها القليل من المياه المعدنية
ولها افتقار النازحين لبندقية
وحسب نصير، فإن القصائد عموما مسكونة بالهوية والتحدي والانتماء للأمة العربية التي وإن تخلت عن فلسطين لكنها هي وطن وانتماء.
إعلان أكتب كي أتحررمن جهته، أورد اللبناني عفيف طاووق ما قاله وليد دقة في روايته "سر الزيت" "أكتب كي أتحرر من السجن على أمل أن أحرره مني"، وفي هذا يلتقي مع الكاتب والأديب وليد الهودلي بقوله "إن أدب الحرية في السجون يرمي إلى تعزيز ثقافة الحرية"، في حين يقول الروائي رائد الشافعي "نحن نكتب حتى نتخلص من أعبائنا ما دمنا نعيش في حقل ألغام لا نعلم متى تصدر عنا كلمة تفجر لغما تحت أقدامنا، أو ننهي علاقتنا بالآخرين ممن يخشون الحرية والنقد والرأي الآخر".
وحسب رأيه، فإن بعض الكتّاب نجحوا في تقديم روايات مستوفية لشروطها الفنية، من حيث الحبكة أو تقنية الاسترجاع وتنوع أساليب السرد والشخصيات والموضوعات المثارة، مثل كميل أبو حنيش ووليد دقة وعائشة عودة.
وقد توج باسم خندقجي بجائزة البوكر العربية 2024 عن روايته "قناع بلون السماء"، كما تطرق إلى رواية "وهكذا أصبح جاسوسا" لوليد الهودلي، والتي تتناول انزلاق بعض الأسرى وسوء تقدير الثقة المفرطة بالآخر والإفصاح عن معلومات وطبيعة نشاطه.
وفي رواية "مريم.. مريام" لكميل أبو حنيش -التي تعالج إرباكات وطرحا فكريا وسياسيا- تتحول مريم الفلسطينية من مواطنة إلى لاجئة في بلدها، في حين تتحول مريام من شريدة أوروبية إلى مستوطنة ومغتصبة لبيت مريم الفلسطينية.
بدوره، ترى الأديبة ديمة جمعة السمان (فلسطين) أن الكتابة بالنسبة للأسرى ليست ترفا أو لتمضية الوقت، بل فعل مقاومة وشهادة وتمسك بالهوية والكرامة، وقد اتسمت كتاباتهم بالعمق والتنوع والرسالة الإنسانية والسياسية، كتب الأسرى عن الحب والأم والحنين والقهر، وحتى الحياة اليومية.
وقالت الروائية سامية عطعوط للجزيرة نت إن أدب الأسرى فعل مقاوم في مواجهة المحتل يمنح الأسير القوة والتواصل مع العالم لتخطي جدران السجن، داعية إلى نشره وترجمته، مضيفة "أقل ما يمكن تقديمه لمن ضحى بحريته وحياته من أجل وطنه".
إعلانوفي هذا الصدد، ترى الروائية صفاء أبو خضرة أنها استفادت من اطلاعها على أدب الأسرى ومكابدتهم أسوأ الظروف، ومع ذلك يصرون على صناعة نافذة في الظلام ليستنشقوا الحرية، وأن القضبان التي يحشرون خلفها هشة أمام حب الحياة والإرادة والحق.
وقالت للجزيرة نت "لمست من إبداعاتهم لغة جميلة خرجت بطريقة عجيبة كسرت أنف المحتل، إنه انتصار كبير"، معتبرة أن الكتابة هي متنفس وأكسجين، وتعلمت منهم أن الكتابات بمثابة تأريخ لما يحدث داخل السجون، وأن السجن مجرد وهم يكمن داخلنا، لذلك يكتبون لأن الكتابة حرية.
من جانبه، تحدث الدكتور علي أبو هلال عن دور التحالف الأوروبي في مساندة الأسرى الفلسطينيين، فقال "نعمل الآن على توسيع قاعدة التحالف ليضم دول أميركا اللاتينية والأفريقية، ونحضر لعقد المؤتمر التاسع في بروكسل في 3 أيار (مايو) المقبل بمشاركة جنوب أفريقيا ودول أفريقية"، مؤكدا أن "الحرية خير علاج للأسرى".
فنانون تحت الأرضأما نزار سرطاوي فتحدث نيابة عن صالح حمدوني تحت عنوان "فنانون تحت الأرض.. تجربة فنية من داخل الأسر" عن تجليات التحدي والصمود في أعمال زهدي العدوي، قائلا "لم يتمكن السجان من انتزاع إنسانيته، لذلك أصر على التعبير عن ذاته بالكتابة والفن والدراسة، إضافة إلى مواجهة السجان وسياسته القمعية وإهماله الطبي".
وأضاف "لقد أفرغ زهدي مشاعره وأحاسيسه على مناديل ورقية وتفل الشاي والقهوة ووجوه المخدات، تهرب خارج السجن وتروي حكاية السجن والحلم بالحرية، كما وقف أمام سؤال الحرية، وتقاطعت تجربته مع زميله محمد الركوعي ليشكلا تجربة فنية سمياها "فنانون تحت الأرض"، و"الرسم منفذ للتعبير والتحدي.. كنا نحيا ونحلم بالحرية".
وبشأن الفن التشكيلي، يرى الفنان غازي إنعيم أن "الأسير حاول الخروج من أسوار السجن، فكان الرسم المتنفس الذي يخلخل إيقاع الزمن، ويخرج للتأمل والبحث عن الذات في حركة تحرر من الزنزانة والسجان، الفن هو الحرية".
إعلان