لبنان ٢٤:
2024-11-01@05:41:06 GMT

هذا ما يحتاج اليه لبنان من تمويل للخروج من الأزمة

تاريخ النشر: 28th, October 2024 GMT

كتبت" الديار": قبل بدء معركة طوفان الأقصى، كان الاقتصاد اللبناني يعيش في وهم اقتصاد الكاش (Kayfabe Economy) حيث ان تَوَافرِ السيولة بالدولار الأميركي في الدورة الاقتصادية وبين أيدي المواطنين، أعطى الانطباع أن الاقتصاد بدأ باستعادة عافيته متخطّيًا بذلك الكارثة التي بدأت مع تعثّر الدولة اللبنانية عن دفع ديونها والمصارف عن سدّ الودائع واستمرّت مع تفجير مرفأ بيروت وأحداث الطيونة وغياب الإصلاحات.

.. وغيرها. 
أخفت «نشوة» الكاش الذي تدفق على اللبنانيين منذ العام 2022، خطر العزل المالي الدولي الذي تترجم مؤخّرًا بإدراج لبنان على اللائحة الرمادية. وجلبت هذا التدفّق السلام والطمأنينة للسلطة السياسية ولم تدرِ هذه السلطة أن الأمور ستنقلب عليها لاحقًا من خلال إدراج لبنان على اللائحة الرمادية ولاحقًا قد ندخل إلى اللائحة السوداء حيث البكاء وصرير الأسنان، إذا استمررنا على المنحى نفسه! 
يمكن تلخيص تداعيات إدراج لبنان على اللائحة الرمادية بثلاثة أنواع من التعقيدات: تعقيدات في عمليات الاستيراد، تعقيدات تتناول التحاويل من وإلى لبنان، وتعقيدات تشمل الاستثمارات والتمويل. وهذه التعقيدات ستؤدّي إلى زيادة معاناة الشعب اللبناني وإطالة فترة التعافي، وبالتالي هناك ضرورة قصوى للقيام بالإصلاحات والإجراءات اللازمة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي والنهوض بالاقتصاد اللبناني على أسس سليمة.  
يأتي إقرار مشروع استقلالية القضاء كأولوية لدى المجتمع الدولي وبالتحديد مجموعة العمل المالي الدولية التي أدرجت لبنان على اللائحة الرمادية حيث أصرّت المجموعة في تقريرها الصادر في كانون الأول 2023 على أن القضاء خاضع لضغوطات وبالتالي لا يقوم بمحاسبة الفاسدين الذين تعرفهم الأجهزة الأمنية جيدًا وتمتلك كل المعلومات عن فسادهم.  
وتُشكّل إعادة هيكلة القطاع المصرفي أولية من أولويات الحكومة اللبنانية لأنه بدون قطاع مصرفي فعّال، لا يمكن للبنان الخروج من اللائحة الرمادية ولا يمكن للاقتصاد النهوض من جديد.  
لذا المطلوب اليوم القيام بطرح مشروع يحفظ بالدرجة الأولى أموال المودعين وتفعيل عمل القضاء لمساءلة أصحاب الأموال غير المشروعة والارتكابات التي قد يكون قام بها البعض.  
وتأتي مكافحة الفساد والتهريب والتهرّب الضريبي والتعامل بالكاش بدون سقف في طليعة الإجراءات الواجب اتخاذها.  
بالإضافة إلى هذه الخطوات الجوهرية، هناك ضرورة إعادة إعمار ما خلّفه العدوان الإسرائيلي وتفجير مرفأ بيروت، وهذا الأمر يجب أن يساهم فيه المجتمع الدولي. وهناك تقديرات لحاجة البنية التحتية الى إعادة إعمارها، تتراوح ما بين المليار إلى مليار ونصف المليار دولار أميركي. 
أما على صعيد القطاعات الاقتصادية، فإن القطاع الزراعي هو الأكثر تضرّرًا، وهو يحتاج إلى الكثير من المال لتنظيف التربة من التلوّث، بالإضافة إلى تحديث بنية الريّ. ويأتي القطاع الصناعي أيضًا ليُشكّل عنصرا أساسيا في عملية النهوض الاقتصادي من خلال تخصيص صناعات لتلبية حاجة السوق المحلّية وخفض نسبة التعلّق بالخارج من أكثر من 80% إلى أقلّ من 50% في فترة لا تتجاوز ثلاث سنوات من تاريخ بدء الإصلاحات. 
 
أمّا على صعيد القطاع العام، فهناك حاجة كبيرة الى إعادة هيكلة القطاع العام وجعل مساهمته في الناتج المحلّي الإجمالي لا تتجاوز الـ 12% مع تركيز على فعّاليته، وهو ما يتطلّب إعادة الهيكلة الوظيفية والإدارية، وإغلاق العديد من المؤسسات التي لا جدوى اقتصادية منها. 
ان لبنان يحتاج إلى ما يقارب عشرة مليارات دولار أميركي على مدى السنين الخمس المقبلة، وذلك بهدف القيام بالإصلاحات اللازمة وإعادة هيكلة القطاع العام ومؤسساته، ودعم القطاع الخاص.  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لبنان على اللائحة الرمادیة

إقرأ أيضاً:

عملية الصنوبرة الكبيرة التي تحلم بها إسرائيل

هل تشبه الحرب الإسرائيلية الحالية على لبنان بظروفها وسياقاتها مرحلة الاجتياح الإسرائيلي عام 1982؟ سؤال يتبادر كثيرًا إلى أذهان المراقبين والمتابعين في الداخل اللبناني، لا سيّما بعد الضربات القوية التي تلقّاها حزب الله، خاصةً اغتيال قادته، وعلى رأسهم الأمين العام حسن نصر الله.

وعلى الرغم من استعادة المقاومة بشكل ملحوظ زخمَ عملياتها العسكرية، والتي تمثّلت بتكثيف وتيرة ونوعية ضرباتها الصاروخية، وتوسيع نطاقات الاستهداف عبر مسيّراتها، فإن المشروع الإسرائيلي ما يزال يشكّل خطرًا كبيرًا ليس فقط على حزب الله، بل على مستقبل لبنان ككل، وعلى دوره.

في مراجعة سريعة لسياق الأحداث بين التاريخَين، أي بين 1982 و2024، من السهل والبديهيّ ملاحظة أن إسرائيل ما تزال تعتمد العناوين نفسها، والمنهجية نفسها، وإن أدخلت عليها تعديلات حول كيفية تطبيقها.

في عام 1982، أعلنت إسرائيل عملية "الصنوبرة الكبيرة"، وهو الاسم العسكري لعملية "سلامة الجليل" حيث ادعت آنذاك أنها تهدف إلى القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة أمن المستوطنات الإسرائيلية في الشمال.

وللمفارقة، فقد شارك آنذاك وزير الدفاع السابق آرييل شارون خطته باجتياح لبنان قبل عام من تطبيقها مع فيليب حبيب الذي كان يشغل منصب المبعوث الخاص للرئيس الأميركي رونالد ريغان، تمامًا كما بدأ نتنياهو تصعيده الكبير أو حربه الموسّعة ضد لبنان، وهو ما يزال في الولايات المتحدة الأميركية.

وكما في 1982، أعلن نتنياهو أنّ العدوان على لبنان يهدف إلى القضاء على البنية العسكرية لحزب الله وإبعاده عن منطقة جنوب الليطاني لتأمين؛ عودة المستوطنين إلى الشمال، وتحقيق ما يعتبره "الأمن المستدام في الشمال، وإبعاد خطر صواريخ حزب الله".

نتنياهو المأزوم في الداخل الإسرائيلي، والذي كان قاب قوسين أو أدنى من الذهاب إلى المحاكمة الداخلية، ليس فقط بسبب فساده، بل أيضًا بسبب إخفاقه في "طوفان الأقصى"، وفي تحقيق الأهداف المعلنة في غزة ولبنان، أي استعادة المختطفين من غزة وإعادة المستوطنين إلى الشمال، يكاد أن يتحوّل إلى رمز في المشروع الصهيوني بعد سلسلة من الضربات العسكرية المباغتة التي نجح فيها ضد حزب الله وحركة حماس، على رأسها اغتيال نصر الله في لبنان ومعظم قادة الحزب، واغتيال هنية وقتل يحيى السنوار، وعدد آخر من قادة حماس.

وعلى الرغم من الأسئلة التي ما تزال تشكك في فاعلية سياسة نتنياهو، لا سيّما ما يقال حول عدم امتلاكه أي خطة "لليوم التالي" في غزة والآن في لبنان، ثمة قناعة في الشارع الإسرائيلي أن الأخير نجح بشكل كبير في تكريس الإجماع الشعبي حوله، خاصةً فيما يتعلّق بالحرب على لبنان، وهو مطلب إسرائيلي شعبيّ بالدرجة الأولى منذ دخول حزب الله الحرب في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

رغم الدعم الشعبي الكبير للحرب على لبنان، فإن أي اجتياح برّي طويل الأمد سيزيد من الخسائر البشرية الإسرائيلية، ما قد يفاقم الضغط الشعبي ضد نتنياهو ويعمّق الانقسام الداخلي

يعتقد الخبراء في إسرائيل أن قوات الاحتلال نجحت بشكل كبير في ضرب قوة حزب الله في لبنان، وقد ظهر ذلك جليًّا بالنسبة إليهم فيما يصفونه "بالردود المقيّدة نسبيًا" للحزب، مقارنة بالخسائر التي مني بها. هذا النجاح سوف يفتح "شهية إسرائيل" للتوسع أكثر في عمليّاتها، واغتنام هذه الفرصة التي قد لا تتكرر في ضرب ما يعرف بمحور المقاومة، بحيث يشكّل لبنان إحدى ساحاته الرئيسية.

يقول المحللون الإسرائيليون، لا سيما من يؤيّدون الحرب على لبنان، إن إسرائيل "لا تعرف أي حدودٍ ولا توقيتٍ للتوقف عن اعتماد الخيارات العسكرية، وبالتالي تثبيت مكاسبها لفترة طويلة من خلال القنوات الدبلوماسية".

بل على العكس، فهم يعتبرون أن "تاريخ إسرائيل المليء بالنجاحات في العمليات العسكرية، يفتح شهيتها على طلب المزيد"، وللأسف، تثبت مجريات الحرب على غزة، التي هي بالحقيقة إبادة جماعية بكل ما للكلمة من معنى، كما مجريات الحرب على لبنان، صحة هذه النظرية.

وفي مناقشة "شهيّة إسرائيل" في لبنان، لا بد من العودة إلى عام 1982 والإضاءة على عدد من النقاط التي تساعد في فهم سياقات وخطورة المرحلة التي يمرّ بها لبنان.

أولًا، من البديهيّ التذكير بأنه لا يمكن تشبيه حزب الله بمنظمة التحرير الفلسطينية، ذلك أن الحزب هو مكوّن لبناني، ورجاله هم أبناء القرى في الجنوب وفي البقاع وفي مختلف الأراضي اللبنانية. بالتالي، إن ادعاء قوات الاحتلال بأنها تريد القضاء على حزب الله ليس واقعيًا، بل على العكس، فحتى وإن استطاعت إسرائيل إضعاف القوة العسكرية لدى حزب الله، فإن أي عدوان عسكريّ من خلال القصف الجويّ أو الاجتياح البرّي لن ينجح في القضاء عليه.

من هنا، لا يمكن، بحسب العقلية الإسرائيلية، تأمين المستوطنات في الشمال من خلال عملية بريّة أو اجتياح بريّ محدود ومؤقّت، بل هم يعتبرون أنه في ظلّ رفض نتنياهو التوصل إلى تسوية سياسية، يجب إعادة التموضع في جنوب لبنان، وخلق منطقة عازلة قد تمتدّ إلى مناطق واسعة في لبنان.

ثانيًا، على المستوى العسكري، من الصعب أن تتمكن إسرائيل (أقلّه حتى كتابة هذه السطور) من تطبيق عملية "الصنوبرة الكبيرة" التي أطلقتها في عام 1982 لعدة اعتبارات، منها عدم وجود العدد الكافي من الألوية لاجتياح الأراضي اللبنانية بشكل واسع، لا سيّما بعد إنهاك القوات الإسرائيلية في غزة، والعدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوفها.

أيضًا، رغم الدعم العسكري الكبير والمستمرّ لإسرائيل من الدول الغربية بشكل عام، ومن الولايات المتحدة بشكل خاص، فإن عددًا من المسؤولين في قوات الاحتلال صرّحوا أكثر من مرة بوجود نقص متزايد في الأسلحة التي يرون أنها ضرورية لاجتياح لبنان بريًّا بشكل كليّ.

ومن جهة أخرى، وعلى الرغم من الدعم الشعبي الكبير للحرب على لبنان، فإن أي اجتياح برّي طويل الأمد، إذا ما حصل، من شأنه أن يزيد عدد الخسائر البشرية الإسرائيلية، الأمر الذي سيعيد زخم الضغط الشعبي الإسرائيلي ضد نتنياهو، ويزيد من الانقسام الداخلي الإسرائيلي. من هنا، فهم يعتبرون أن على إسرائيل أن تبحث عن صيغة للسيطرة على جنوب لبنان؛ لإبعاد خطر حزب الله دون تدخّل مباشر منها.

إن شكل وطبيعة الاعتداءات الإسرائيلية على قرى ومناطق جنوب لبنان يؤشران بوضوح إلى الهدف الأساسي للاحتلال الإسرائيلي، وهو سياسة الأرض المحروقة؛ لجعل هذه المساحة الجغرافية المستهدفة غير قابلة للحياة، وبالتالي إقامة منطقة عازلة.

في عام 1982، بعد انسحاب قوات الاحتلال من بيروت، ثمّ من صيدا ولاحقًا عام 1983 من المناطق الجبلية، أقامت إسرائيل منطقة أمنية أو عازلة في الجنوب، غير أنّها ولكي تحدّ من خسائرها آنذاك عمدت إلى استغلال ما عرف "بجيش لبنان الجنوبي" وهو مليشيا عسكرية مؤلفة من مجموعة من العملاء اللبنانيين.

اليوم، وحتى كتابة هذه السطور، يمكن القول إن جيش الاحتلال لم يبدأ بعد الاجتياح البرّي للجنوب، بل إن عمليّاته حتى الساعة تشي بأنه ما يزال في مرحلة استطلاع، واستكشاف لقدرات المقاومة، وأماكن إطلاق الصواريخ، بمعنى تحضير الأرضية لبدء الاجتياح البرّي الفعلي.

يظلّ لبنان وسط تحديات داخلية كبرى، منها الانقسام حول الحرب والانهيار الاقتصادي، وهي عوامل قد تستغلها إسرائيل والولايات المتحدة للضغط على حزب الله والدولة اللبنانية بأكملها

في سياق متصل، لا يمكن إغفال معارضة إسرائيل للتجديد لقوات اليونيفيل منذ أشهر عدة، ولاحقًا الاستهدافات المتكررة لها كوسيلة ضغط لإبعادها عن المنطقة التي تريد احتلالها، أو لتغيير طبيعة مهامها في الجنوب.

من هنا، فإن إسرائيل، إذا ما نجحت في إقامة منطقة عازلة في الجنوب في المدى القريب أو المتوسط، فإنها إما تهدف إلى نشر قوات دولية تحت الفصل السابع تؤمّن مصالحها، أو إلى احتلال مباشر لهذه المنطقة.

وتفتح فرضية احتلال منطقة جنوب الليطاني النقاش والأسئلة، وإن ما تزال نسبيًا مبكرة، حول الإستراتيجية التي ستتبعها إسرائيل، وما إذا كانت ستعيد مشهد عام 1982 من خلال تشكيل قوة عسكرية مؤقتة تتألف من أبناء وعائلات العملاء السابقين الذين فرّوا من لبنان إلى إسرائيل، والذين عبّروا في أكثر من مناسبة عن رغبتهم في الانتقام من حزب الله.

في هذا الإطار، ثمة تفصيل لا يمكن تجاوزه، وهو ظهور أحد العملاء في القرى الحدودية التي دخل إليها جيش الاحتلال منذ أيام، بالإضافة إلى سماع تردّد إذاعي في الجنوب بشكل مفاجئ باسم "جيش الدفاع الجنوبي"، أي إذاعة العملاء منذ مدة قصيرة.

ثالثًا، يصعب في لبنان فصل الأحداث السياسية عن السياقات الإقليمية، وهي مسلّمة أثبتها التاريخ منذ حكم السلطنة العثمانية، مرورًا بدولة لبنان الكبير عام 1920، ثم الاستقلال عام 1943 وحتى يومنا هذا. وكما يصعب الفصل عن الإقليم، تعمد القوى الإقليمية والدولية إلى استغلال الجبهة الداخلية لتحقيق أهدافها.

يعاني لبنان من تحديات كبيرة على المستوى الداخلي، بدءًا من الانقسام حول الحرب، إلى الانقسام الطائفي وإعادة استحضار مشروع التقسيم على المستوى الإعلامي، بالإضافة إلى الانهيار الاقتصادي والمالي والسياسي.

هذه التحديات الداخلية، قد تشكّل "العدّة" التي ستستخدمها كل من إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية للضغط أكثر ليس فقط على حزب الله، بل أيضًا على الدولة اللبنانية. وبالفعل، فقد بدأ العدوّ الإسرائيلي بمحاولة زيادة الانقسام الداخلي حول الحرب من خلال استهداف مناطق لا تقع ضمن ما يعرف ببيئة حزب الله، ومن خلال التهديد بشكل مستمرّ باستهداف أي منطقة يتواجد فيها عناصر من الحزب.

هذا الأمر خلق حالة من البلبلة والخوف عند المواطنين اللبنانيين، والأخطر أنه أدى إلى بعض الإشكالات والتوترات في مختلف المناطق اللبنانية.

في ثمانينيات القرن الماضي، كان الأميركيون يصرّحون بأنهم يدعمون سيادة لبنان، ويدعمون إنهاء كل المظاهر المسلّحة في لبنان، ودعم الجيش اللبناني. يكرّر الأميركيون اليوم هذه الشعارات بدعم من معظم الدول العربية والدول الأوروبية التي لطالما كانت حليفة للبنان، لا سيّما فرنسا.

وفي السنوات القليلة الماضية، تمّ بشكل ممنهج الربط بين انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان، تحديدًا منذ 2019، والفشل في بناء مؤسسات الدولة، وبين سلاح حزب الله وهيمنته على السياسة الداخلية. وفي حين أن هذا الربط يغفل بشكل كبير عوامل أساسية للانهيار السياسي والاقتصادي، فإن سياسة الحزب في حماية مكوّنات الطبقة السياسية التقليدية، ومنع المحاسبة من جهة، وبعض فائض القوة الذي انعكس بمحطات عدة من جهة أخرى، ساهما بتكريس هذه الفكرة عند شريحة كبيرة لا بأس بها من اللبنانيين.

هذا الأمر تلقفته الولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول العربية، إذ عمدوا إلى اشتراط تحقيق المحاسبة والإصلاحات ونشر الجيش كسلطة وحيدة في لبنان، قبل تقديم الدعم والمساعدة الفعلية للخروج من حالة الانهيار.

من هنا، إن فشل حزب الله، أو بمعنى آخر انغماسه في اللعبة السياسية الداخلية، وتحميله مسؤولية الانهيار من قبل قسم من اللبنانيين الذين أعلنوا مرارًا عن رفضهم الحرب، بالإضافة إلى ازدياد التحديات الاقتصادية والاجتماعية كلما طالت الحرب في ظلّ توسّع الاعتداءات الإسرائيلية لتطال مناطق لبنانية مختلفة، كل هذه العوامل قد تقلب حرب الاستنزاف التي يريدها الحزب ضده، وبالتالي تزيد من خطر فقدانه للحصانة الداخلية أو تماسك الجبهة الداخلية، والالتفاف الشعبي حوله عبر زيادة الانقسام الداخلي.

في عام 1982، أعلنت إسرائيل أنها لا تريد احتلال لبنان، بل اتخاذ إجراءات أمنية لحماية حدودها وتطبيع العلاقات. آنذاك، عقدت الحكومة اللبنانية تحت الضغط الأميركي اجتماعات مع الاحتلال؛ لمناقشة مطالبه في محاولة لوقف إطلاق النار. فشلت المفاوضات، وغرق الإسرائيلي في مستنقع لبنان لسبعة عشر عامًا قبل أن ينسحب في عام 2000، دون أن يحقق أهدافه في القضاء على المقاومة.

أما حرب يوليو/ تموز في عام 2006، فيمكن اعتبارها المرحلة الأولى التي أسّست للحرب القائمة اليوم، حيث أعلن الإسرائيلي والأميركي عن "مشروع الشرق الأوسط الجديد" الذي يهدف إلى القضاء على المقاومة، وتطبيع العلاقات مع لبنان. لم تكتمل ملامح هذه المرحلة، ومني الإسرائيلي بخسارة كبيرة بشرية واقتصادية دفعته إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، فكان اتفاق 1701 الذي أوقف الحرب.

وعلى الرغم من صورة النصر التي يروّجها نتنياهو في الداخل الإسرائيلي، كما لدى راعيته الولايات المتحدة الأميركية، فإن نجاح المقاومة في لبنان في تهجير المستوطنين في الشمال لأكثر من عام، وعدم إمكانية إعادتهم حتى هذه اللحظة، يعتبر الفشل الإستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل.

حتى كتابة هذه السطور، وفي ظلّ غياب أي مسعى جدّي لوقف الحرب، إن الكلمة الفصل هي لمجريات الميدان، بحيث يقف لبنان ومعه المنطقة أمام خيارين: إما توجيه ضربات موجعة بشكل مكثّف ومتتالٍ إلى الاحتلال من قبل حزب الله تدفعه إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض الجدي، وبالتالي إنهاء الحرب بأسرع وقت ممكن، أو حدوث تطوّر إسرائيلي شبيه بعملية التصعيد المباغتة ضد الحزب في استكمال لانكشاف المقاومة بعد خرق أجهزة الاتصال الخاص بها، وبالتالي دخول مشروع نتنياهو حيّز التنفيذ، ولو لمرحلة قصيرة.

بين سيناريو 1982 و2006، أين يقف لبنان اليوم؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • سلام: الوضع الراهن يحتاج إلى دعم فوري من المجتمع الدولي
  • «الأعلى للجامعات»: إعادة تشكيل لجان القطاع وتحديث القوانين المنظمة للتعليم العالي
  • المساحة الرمادية للفصائل المسلحة تضع العراق امام مفترق طرق خطير
  • بعد إعادة تشكيلها للانعقاد الخامس.. تعرف على اختصاصات لجنة "القيم" بمجلس الشيوخ
  • مباشر. اليوم الـ26 من الحصار الخانق على شمال غزة.. الأزمة الإنسانية تتفاقم ومفاوضات لإنهاء الحرب على لبنان
  • الأزمة اللبنانية.. والقرارات الدولية
  • عملية الصنوبرة الكبيرة التي تحلم بها إسرائيل
  • هذه هي العوامل التي ستحسم نتائج المفاوضات
  • القطاع المصرفي يشارك في تمويل فعاليات “أسبوع الخير” لدعم الفئات الأولى بالرعاية بمحافظة الإسكندرية
  • قانون العفو العام: هل هو خطوة نحو العدالة أم تسوية سياسية في العراق؟