لجريدة عمان:
2025-01-18@08:58:03 GMT

كتابٌ حول جماليات السّينما الوثائقيّة

تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT

كتابٌ حول جماليات السّينما الوثائقيّة

الجزائر "العُمانية": يتجاوز الفنُّ، في جوهره، حدود اللُّغة والمنطق ليخاطب الروح الإنسانية بمفاهيم أعمق من الإدراك العقلي السّطحي.

وفي هذا الإطار، يأتي كتابُ "جماليات السّينما الوثائقيّة: إضاءات فكرية ودراسات سيميولوجية" لمؤلّفه، د. توفيق ذباح، كدعوة إلى قراءة جديدة للفن السابع، السينما، والسيميولوجيا، من خلال عدسة الجماليات.

ويؤكد المؤلّف، في تقديم هذا الإصدار، بالقول "ليس هذا الكتابُ مُجرّد دراسة عن السّينما الوثائقيّة من حيث، التقنية أو الشكل، بل هو محاولة لفهم البنية الجمالية التي تتحرّك في خلفية الأفلام الوثائقيّة، متجاوزة ما نراه على الشاشة، لتكشف عن قوّة الفنّ في التأثير على وعي الجمهور. إنّه رحلة فكرية تأخذ القارئ إلى عمق المفاهيم الجماليّة، حيث تتلاقى الفلسفة والفن في مساحة تسمح بتجاوز التقاليد الجماليّة المألوفة، نحو آفاق جديدة من التحليل والتفسير".

ويضيفُ المؤلّف "الكتاب يطرح أسئلة حول طبيعة الجمال في السينما، وكيف يمكن للأفلام الوثائقية أن تُعبّر عن الواقع بأسلوب يتحدّى الخيال، ليمنحنا فهمًا أعمق للعالم من حولنا. هنا، يبقى السؤال حول طبيعة الجمال وتأثيره على الإنسان محورًا رئيسيًّا للنقاش الفلسفي والفني. ومن بين الفنون التي استطاعت أن تجمع بين الجمال والتعبير عن الواقع تبرز السينما الوثائقية كأحد أكثر الأشكال الفنيّة تأثيرًا وعُمقًا. ولا يُعتبر هذا الكتاب "جماليات السينما الوثائقية.. إضاءات فكرية ودراسات سيميولوجية"، مجرّد دراسة أكاديميّة حول الأفلام الوثائقيّة، بل هو رحلة فكرية عميقة في مفاهيم الجماليات وكيفية تداخلها مع السّرد السينمائي".

ينطلق الكتاب من تأصيل نظري لمفاهيم السّينما والجماليات، إذ يتمُّ وضع السّينما الوثائقية في إطارها التاريخي والفلسفي. ويعالج الفصل الأول من الكتاب المأسسة المفاهيميّة، مُستعرضًا الأبعاد المختلفة للسّينما كفن، بما في ذلك تطوُّرها، منذ بداياتها وحتى العصر الحديث. كما يناقش التمييز بين السّينما الروائية والسّينما الوثائقية، مع توضيح الخصائص الفنيّة والجماليّة التي تُميّز الأفلام الوثائقيّة عن غيرها.

كما يُركّز هذا الفصل أيضًا على مفهوم الجماليات، ليس فقط كتعريف فلسفي، ولكن كأداة تحليليّة لفهم الجوانب الفنيّة في السّينما الوثائقية، وكيف يمكن لفيلم وثائقي أن ينقل حقائق الحياة اليوميّة بأسلوب يجعل منها تجربة جماليّة فريدة؟ هذا التساؤل يُمثل نقطة انطلاق للكتاب في استكشاف العلاقة بين الواقع والجمال الفنّي.

ويتناول الكتابُ، في فصوله التالية، جوانب الجماليات السّينمائيّة من زوايا مُتعدّدة، بدءًا من الفكرة والعنوان، مرورًا بالصوت والموسيقى، ووصولًا إلى الديكور والإضاءة والألوان. وهنا يظهر تداخل الجماليات السّينمائية مع العناصر الفنيّة التي تُشكّل الفيلم الوثائقي، وكيف يمكن لهذه العناصر أن تتضافر لخلق تجربة حسيّة وجماليّة متكاملة. وهل يمكن للصورة أو الصوت في فيلم وثائقي أن يُعبّر عن أكثر من مجرّد تسجيل لحظات عابرة؟

ويجيب الكتابُ على هذه التساؤلات من خلال تحليل مُفصّل للأفلام الوثائقيّة وإظهار كيف أنّ التفاصيل الصّغيرة، مثل زاوية الكاميرا أو نغمة الموسيقى، يمكن أن تكون حاسمة في توصيل رسالة الفيلم.

بعد ذلك، ينتقل الكتاب إلى دراسة جماليات السّرد السّينمائي. ويعالج هذا الفصل كيفية استخدام السّينما الوثائقية للسّرد كأداة فنيّة، حيث لا يُنظر إلى السّرد على أنّه مجرّد تسلسل للأحداث، بل كعملية جماليّة تساهم في تشكيل التجربة السّينمائية. وكيف يمكن للسّرد أن يتحوّل إلى لغة جماليّة، وما هي الأدوات التي يستخدمُها المخرجون لتوصيل هذه اللُّغة؟

كما يُولـي الكتابُ اهتمامًا كبيرًا لجماليات المونتاج؛ فالمونتاج لا يُعتبر هنا مجرّد عمليّة تقنية لتنظيم اللّقطات، بل هو عملية جماليّة تُسهم في تشكيل بنية الفيلم وتحويله إلى عمل فنّي متكامل. ويناقش الكتاب أيضا كيفية تأثير اختيار اللّقطات وترتيبها على بناء الجمال السّينمائي، وكيف يمكن أن يكون المونتاج أداة لنقل الإحساس بالواقع بطرق تتجاوز ما هو مرئي.

وفضلًا عن ذلك كلّه، يُبَررُ الكتاب العلاقة بين السّينما الوثائقية والروائية، ويعرضُ التداخلات والتقاطعات بينهما، مُوضّحًا كيف يمكن للأفلام الوثائقيّة أن تستخدم أساليب روائيّة لخلق تأثير درامي وجمالي أعمق. هذا التداخل بين الواقع والخيال، بين الوثائقي والروائي، يُشكّل جزءًا مهمًّا من النقاش حول السّينما والجماليات.

ويفتح الكتاب أخيرًا بابًا للتأمُّل في مستقبل السّينما الوثائقيّة من منظور جمالي، وكيف ستتغيّر مفاهيم الجماليات مع تطوُّر التكنولوجيا واستخدام التقنيات الرقميّة في السّينما؟ وكيف سيستمرُّ المخرجون في استكشاف الجوانب الجماليّة للأفلام الوثائقيّة في ظلّ هذه التغيرات؟

ويُوجّه كتاب "جماليات السّينما الوثائقية.. إضاءات فكرية ودراسات سيميولوجية" دعوة للقارئ، سواء كان باحثًا في حقل الإعلام والاتصال، أو مخرجًا، أو ناقدًا، أو عاشقًا للفن، إلى إعادة النظر في الأفلام الوثائقية من زاوية جديدة، ويُقدّم أيضا دراسة عميقة للعناصر الجمالية التي تُميّز هذا النوع من السّينما، وتحليل كيفيّة استخدامها لتقديم الواقع بطريقة تتجاوز حدود التسجيل العادي للأحداث.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: للأفلام الوثائقی الأفلام الوثائقی وکیف یمکن ة التی ت جمالی ة الفنی ة

إقرأ أيضاً:

كتاب إسرائيليون: سيبقى السابع من أكتوبر جرحا غائرا.. لن تشفيه الحرب

رغم مضي قرابة خمسة عشر شهرا على هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر على مستوطنات غلاف غزة، لكن دولة الاحتلال لا زالت تستيقظ كل صباح على هذا الكابوس، وليس هناك من حلّ لجعل خسارة السابع من أكتوبر شيئا من الماضي، دون الحفاظ عليها كحاضر مستمر، وبالتالي فإن الزمن ليس كفيلا بأن يجعل الإسرائيليين يتعافون من هذا الجرح الغائر. 

نير كيبنيس الكاتب في موقع "ويللا" العبري، أكد أن "هجوم حماس في ذلك اليوم، حتى بعد إبرام صفقة التبادل، ما زال يجعل دولة الاحتلال بأكملها عالقة في حلقة مفرغة، وبسبب الحرب التي شنّتها على غزة ردّا على ذلك الهجوم ما زالت تعيش آثار العزلة العالمية التي بات يواجهها كل إسرائيلي يقيم في الخارج، بجانب المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية التي جعلت الباحثين الإسرائيليين حول العالم منبوذين بسبب الاشمئزاز منهم، وهكذا أصبح الطبق الرئيسي الذي نتناوله منذ السابع من أكتوبر غير قابل للهضم أبداً". 

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "ذلك الهجوم وقع تحت مسؤولية هذه الحكومة، المسؤولة عن الفوضى في غزة، وعدم القدرة على اتخاذ القرار، والتصريحات الكاذبة التي كلفتنا مزيدا من أرواح المختطفين والجنود، ورغم ما حققه الجيش من إنجازات عسكرية في أكثر من جبهة، لكن الشعور بأن السابع من أكتوبر لم ينته بعد لا يزال يتردد في أذهان الإسرائيليين، وهذا يعني أنه لا يوجد نصر، وباتوا يتأرجحون بين الأمل واليأس، والصراخ مرارًا وتكرارًا، والإنهاك والترقب المزعج للأعصاب، والشعور بالعجز عن التعبير عن مشاعرهم". 


وأشار إلى أن "الفشل الذي صاحبنا منذ صباح السابع من أكتوبر سييرافقنا طويلا، وسيكون أمراً صعباً للغاية على معنوياتنا، لكننا خسرنا نتيجة لسنوات من العمى السياسي، والفشل العسكري المخزي والفظيع، وهو ما يزال مستمراً حتى يومنا هذا، مما يجعل من تلك الخسائر مدفونة في دواخل الإسرائيليين جميعاً، ليس فقط في كوابيس من اختنقوا من الدخان في الثكنات، ونجوا من الجحيم، بل وفي الجزء الخلفي من عقول دولة بأكملها".  

وأوضح أن "ما عاشه الإسرائيليون منذ هجوم حماس ترسيخ لثقافة الكذب، لأنه حين يتفاخر المتحدث باسم جيش الاحتلال أمام المراسلين العسكريين بالعدد الهائل من المسلحين الذين تم القضاء عليهم أو اعتقالهم في الأيام الأخيرة، نكتشف لاحقاً أن الأرقام ليست حقيقية، بل تقديرات مبالغ فيها". 

وختم بالقول إنه "رغم اهتمام الإسرائيليين بعدد المقاومين الذين تم القضاء عليهم، فإنهم يتجاهلون عدد من لا زالوا يقاتلون من الفلسطينيين، وبعضهم من المجندين الجدد، حتى أن عدد من تم القضاء عليهم لم يتجاوز عشرة آلاف". 

وفي السياق، أكد الجنرال غادي شمني، الملحق العسكري للاحتلال بالولايات المتحدة، وعضو حركة "القادة من أجل أمن إسرائيل"، أن "الحرب التي يخوضها الجيش منذ خمسة عشر شهرا يدفع فيها جنوده حياتهم ثمناً لحرب استنزاف بلا أمل، وهذا الوضع القاتم ليس نتيجة لفشل عسكري فحسب، بل لفشل قيادي أيضاً، لأنه رغم التعبئة العسكرية الكاملة، لكن أهداف الحرب الرئيسية المحددة في البداية لم تتحقق بعد خمسة عشر شهراً من بدئها".  

وأضاف في مقال نشره موقع "ويللا" العبري، وترجمته "عربي21"، أن "نتائج حرب غزة قد تُخرج حماس أقوى، مما يفرض علينا مزيدا من الضغوط، لأنه تداعياتها خطيرة على وضع الضفة الغربية، لأن الإنجازات التكتيكية قد تؤدي لفشل استراتيجي، صحيح أن الجيش ربما تعافى من فشله الخطير في السابع من أكتوبر، لكن عند الوصول للمستويات الاستراتيجية والسياسية، تظهر صورة قاتمة للإدارة الفاشلة، لأن الحكومة تتجنب تحديد خطة استراتيجية واضحة ترتكز على مناقشة معمقة وشاملة لأهداف الحرب، ووسائل تحقيقها". 


وحذر من أن "إلقاء الشعارات الفارغة حول "النصر الكامل" في الهواء، يقابله ممارسة عملية للدولة دون بوصلة استراتيجية، وباتت الفجوة بين الحكومة والجيش مردّها إلى العمل انطلاقا من مصالح سياسية ضيقة تسعى للحفاظ على الائتلاف، أما كبار قادة الجيش فلا يتحدون الحكومة على الإطلاق رغم أن سياساتها تشكل تهديداً خطيراً على الدولة، خاصة تجنب مناقشة اليوم التالي بغزة، ومواصلة القتال دون هدف واضح، والترويج لقانون إعفاء المتدينين من الخدمة العسكرية". 

وأكد أن "كل ذلك من شأنه الإضرار بثقة الجمهور، وقدرة الجيش على العمل، وزيادة الثمن الباهظ الذي تكبده نتيجة لحرب الاستنزاف بغزة، مما يعني أن الدولة وقعت فعلياً في فخّ باهظ التكاليف ومؤلم، حيث يقتل عشرات الجنود شهريا، وبدلا من التركيز على تحقيق الأهداف الاستراتيجية، أصبحت الحرب أداة سياسية، وفيما يدفع الجنود الذين سقطوا في المعركة الثمن الأغلى، تركّز القيادة السياسية على الحفاظ على سلطتها". 

مقالات مشابهة

  • الإثنين.. دار العين تطلق كتاب "الصوفية وفن القيادة المؤسسية" لـ مصطفى سرهنك
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب "حقائق إسلاميَّة في مُواجَهةِ حملاتِ التَّشكيكِ"
  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزوَّاره كتاب حقائق إسلاميَّة في مُواجَهةِ حملاتِ التَّشكيكِ
  • "تاريخ الرهبنة الفرنسيسكانية" كتاب جديد ترجمة بتصرُّف: الأب يعقوب شحاته الفرنسيسكاني
  • معرض الكتاب 2025.. “سلطان المداحين” كتاب جديد لأماني علي
  • كيف فشلت إسرائيل في التصدي للطوفان؟.. قراءة في كتاب
  • «من أرشيف المعرض».. يُعرض يوميًا على «الوثائقية» في 8 مساءً
  • ماذا نعمل؟، ماذا يمكن أن نعمل؟
  • إطلاق الإعلان التشويقي لفيلم «دراما التسعينيات» على الوثائقية
  • كتاب إسرائيليون: سيبقى السابع من أكتوبر جرحا غائرا.. لن تشفيه الحرب