استنكرت الأستاذة رشا عوض – في بوست كتبته على صفحتها في الفيسبوك – بوستا كتبته عن مناصرتنا نحن الثوار للجيش السوداني، رغم عدم استبعاد التنكيل بنا في أعقاب هزيمة الجنجويد. وأضافتني الأستاذة إلى زمرة المغفلين النافعين. ولي الشرف أن أكون بمعية الدكتور معتصم أقرع ورفاقه في القائمة الميمونة.

□ ووصفتني الأستاذة بأنني صرت بوقا للجيش، ولخصتْ موقفي بأنني أرفع شعار (ادفع حياتك ثمنا لاستعادة نظام سياسي برنامجه التنكيل بك).

□ وفي رأيي أن الشعب ليس مقسوما بين مغفلين نافعين يناصرون الجيش، وأذكياء واعين يقفون ضد الحرب أو يتخذون موقف الحياد، إذا استبعدنا الجنجويد المعلنين جنجوتهم، واذا سلمنا جدلا بان المحايدين كلهم محايدون.

□ إن الأمر في جوهره محض مصالح. هذا لا يمنع وجود مغفلين لا يعرفون مصلحتهم، وحالهم كما في الأغنية (انت ما بتعرف صليحك من عدوك) يقدمون مصلحتهم العاجلة على ضررهم الجسيم الآجل.

□ وظني بنفسي أنني لست مغفلا، وإنما اتخذت موقفا لي فيه مصلحة شخصية مباشرة، و(أزعم) انها تتطابق مع المصلحة الوطنية العامة.

□ ولأن جل السياسيين يزعمون ان مواقفهم ليست سوى للمصلحة العامة، يتوجب علينا ان نحلل مصالحهم الشخصية ونفرزها ونميزها في ثنايا الادعاء.
□ سأكون مغفلا إذا اتخذت موقفا محايدا تجاه هذه الميليشيا التي تأذيت منها شخصيا وذاق منها الشعب الأمرين.

□ دافع الجيش عن ولايتنا، وصد مليشيا الجنجويد في منطقة الفاو، وحال دون دخولهم ولاية القضارف. ولو دخلها الجنجويد – لا سمح الله – سيعيثون فيها قتلا واغتصابا ونهبا وتخريبا، مثل ما فعلوا في سائر المناطق التي احتلوها.

□ سأكون مغفلا ونكّارا للجميل، اذا اتخذت موقف الحياد، ولم أناصر الجيش الذي دافع عنا وقدم أرتالا من الشهداء، من أمثال ابن حينا، حي ديم النور، الشهيد ضابط الصف هيثم البشوش، الذي له من اسمه نصيب، والذي لا علاقة له من قريب أو بعيد بحركة إسلامية او غيرها.

□ إن انتصار مليشيا الجنجويد على الجيش السوداني يعني سيادة الفوضى وأفول الدولة، وتفشي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.

□ سأكون مغفلا غير نافع إذا ساويت بين الجيش السوداني وهذه المليشيا الإماراتية، التي بلغ عدد المرتزقة فيها 200,000 مرتزق. أي أن عدد المرتزقة غير السودانيين في المليشيا يفوق عدد منسوبي القوات المسلحة السودانية!

□ إن انتصار الجيش يعني الحفاظ على الدولة – على علاتها – مثل ما هو ماثل الآن في ولاية القضارف، حيث تعمل كل مؤسسات الدولة بغض النظر عن كفاءتها: الأجهزة القضائية تعمل، والخدمة المدنية تعمل، المستشفيات تعمل، والموسم الزراعي يبشر بخير.
□ كما أن التعليم انتظم ويمضي الآن على قدم وساق، إذ انتهت الفترة الأولى من العام الدراسي، وبدأت الفترة الثانية.

□ وإنني شخصيا لي مصلحة في هذا الاستقرار، أعيش آمنا في بيتنا، ويتوفر لي قدر معقول من الخدمات التي تجعل الحياة ممكنة.

□ سأكون مغفلا لو لم أفرح لانتصار الجيش الذي يخدم مصالحي، والتي تتطابق مع المصلحة العامة على حد (زعمي).

□ يتوفر هذا الاستقرار في منطقة سيطرة الجيش في ظل معاناة وضيق اقتصادي وتعقيدات اجتماعية ماثلة.

□ ولكن هذا الحال أفضل مليون مرة، من حال سيادة الفوضى في المناطق التي احتلتها المليشيا.
□ وبحمد الله يحقق الجيش – الآن – تقدما ملحوظا في ولاية الخرطوم وفي دارفور.
□ وأن المناطق التي استعادها الجيش بدأت تدب فيها الحياة بعد ان عشعش فيها موات الجنجويد طويلا.

□ وهذا يدحض ادعاء المحايدين (المنحازين) بأن فرار المواطنين إلى مناطق سيطرة الجيش، ليس لأنها تحت سيطرة الجيش، بل لأن الحرب لم تطأها بعد.

□ وليس لديهم إجابة على السؤال: لماذا تعود الحياة إلى مناطق الحرب التي يحررها الجيش من الجنجويد كما يحدث في ولاية الخرطوم؟

□ إن الجيش السوداني في هذه الحرب يدافع عن الدولة ومليشيا الجنجويد الإماراتية تمثل الفوضى؛ والذي يساوي بينهما لا يكون محايدا وإنما منحازا إلى المليشيا، دع عنك الذي ينحاز بوضوح او في الخفاء.

□ لقد ارتكبت مليشيا الجنجويد في هذه الحرب الإبادة الجماعية ضد المساليت في دارفور، وارتكبت جرائم الاغتصاب وسبي النساء والتهجير القسري والنهب والكثير من المجازر والجرائم ضد الانسانية في دارفور والخرطوم والجزيرة وسنار وكردفان.

□ ورغم ان الجيش السوداني ارتكب جرائم حرب، ظلت مناطق سيطرته هي الملاذ الآمن للمواطنين. لذلك فان الذي يساوي بينهما إنما ينحاز لمليشيا الجنجويد، لانه يساوي بين غير متساويين.

□ كما إنني لا اقف موقف الحياد لانني استمسك بعروة شعار ثورة ديسمبر (العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) فلا يمكن لثائر أن يساوي بين الجيش الذي يطالب الثوار بعودته الى الثكنات، اي ان يتم اصلاحه ويلتزم بمهمته دفاعا عن الارض والشعب، ويخرج من الحياة الاقتصادية والسياسية؛ أما الجنجويد فليس لهم سوى “الحل” كما قالت الثورة وهتف الثوار.

□ وانا اعلم ان الأستاذة رشا عوض لديها راي في هذا الشعار (الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب.. العسكر للثكنات والجنجويد ينحل) حسب حوار دار بيننا عبر تسجيلات الواتساب الصوتية قبل عدة شهور، إذ أنها ترى ان هذا الشعار شعار فرعي، وطالبت بعدم تقديس شعارات ثورة ديسمبر وتناولها بالنقد، وهذا من حقها طبعا.

□ ولكنني استمسك بهذا الشعار الذي لا يساوي بين الجيش والجنجويد، ولا يقف موقف الحياد بينهما، وارى انه احد اهم الشعارات، اذ أنه الشعار الذي تم سكه في خضم الثورة بدماء الشهداء، وظل الشعار السائد لشهور طويلة، في كل المواكب، في جميع انحاء السودان.
□ وهو الآن أكثر شعار تذيل به القوى الثورية بياناتها.
□ فلماذا تقلل الأستاذة رشا من قيمة شعار كهذا؟
□ ذكرت العواقب المتوقعة – في البوست الذي استكرته رشا – حال انتصار الجيش على المليشيا، لأن لقيادة الجيش العليا مصالح سلطوية، رغم أنها تزعم أيضا أنها إنما تعمل لمصلحة الوطن.

□ سيظهر تناقضها مع مصالحنا بوضوح أكبر بعد الانتصار المأمول. مما يعني انني واع بالمخاطر، وهذا يفترض أن يخرجنا من زمرة المغفلين، الذين حالهم مثل “أبو الدقيق” الذي يندفع اندفاعا إلى نار حتفه.

□ فرحت قطاعات كبيرة من جماهير الشعب السوداني عند تقدم الجيش وانتصاره في مناطق الخرطوم وجبل موية. وقد خرجت مواكب عفوية في القضارف فرحة بتقدم الجيش في الخرطوم والانتصار المتخيل في مصفاة الجيلي.

□ هؤلاء ليسوا مخدوعين “معلوفين” او مغفلين – كما تزعم رشا – وانما لهم مصلحة مباشرة وعشم في انتصار الجيش، إذ انهم يريدون الأمن والأمان، وان يعودوا الى منازلهم، وأن ينصلح حالهم في العمل، وأن تتناقص الأعباء الاقتصادية الكبرى التي اثقلت كواهلهم بسبب الجنجويد.

□ كما أن قطاعات منهم – ليس بالضرورة كلهم – يريدون الدولة المدنية الديمقراطية.
□ سأحاول في ما تبقى من فقرات ان افسر سلوك المحايدين وأحلل مصلحتهم في ثنايا هذا الحرب، بمدخل المصلحة وليس بمدخل المغفلين والأذكياء.

إن أبرز هؤلاء المحايدين (افتراضا) هم منسوبَو تنسيقية “تقدم”، الذين يقولون أنهم ينحازون للسلام.
إن منسوبي تقدم يزعمون – كغيرهم – انهم بمواقفهم ينشدون المصلحة الوطنية العليا، لكنهم مثلهم ومثل كل السودانيين لهم مصالح خاصة.

□ إن تنسيقية “تقدم” عقدت كل انشطتها – تقريبا – بتمويل من المنظمات والدول الغربية، وبالتالي فان للتنسيقية مصلحة مباشرة في التماهي مع أطروحة المنظمات الدولية التي تتحدث عن الطرفين وتساوي بينهما. وإن لم تفعل “تقدم” ذلك فلن تجد تمويلا لأنشطتها. وفي ظل هذه التمويلات فإن مصالح شخصية تتحقق للأفراد ايضا.

□ ويبدو ان هذه المصالح تفوق الخسائر الناجمة عن فقدان المنازل والممتلكات لبعض منسوبي “تقدم” في المناطق التي احتلتها مليشيا الجنجويد.

□ كما أن هنالك مصالح سلطوية متوقعة للقيادات في حال تم رسم مستقبل السودان بيد المجتمع الدولي الطولى، الراعي الرسمي لتنسيقية “تقدم”.

وجدير بالتذكير ان رئيس تنسيقية “تقدم” الدكتور عبد الله حمدوك يقيم في دولة الإمارات، ويعمل ويتقاضى راتبا من هذه الدولة، التي تستخدم مليشيا الجنجويد في حربها على الشعب السوداني. وقد عم خبر ولوغ الإمارات في حرب السودان القرى والحضر.

□ ولكن الدكتور عبد الله حمدوك نفى في مقابلة اجرتها معه مجلة إماراتية ضلوع الإمارات في الحرب، وكل قيادة تقدم ومناصريها – بمن فيهم رشا – غضوا الطرف عن هذا التدخل الإماراتي. وهذا لا يستحسن تفسيره بمدخل المغفلين والأذكياء، وإنما يفسر بمدخل المصالح الشخصية المباشرة – مادية كانت أو سطوية – والمصالح المنظماتية والحزبية والتحالفية.

□ فإذا أدانت تنسيقية “تقدم” ولوغ الإمارات في حرب السودان جهرة، فسوف يفقد حمدوك عمله، وسيطرد من دولة الإمارات، وستغلق ابواب “رزق”، وسيجف تمويل منظمات، وجزلان حميدتي سيصير صغيرا!

□ إن مدخل المغفلين والأذكياء الذي تنتهجه الأستاذة رشا، ليس خاطئا تماما؛ إذ أن الذي يسعى إلى تحقيق مصالحه السلطوية؛ أو المادية بالحصول على جنيه الجيش الحرام، أو عملات حميدتي و”جزلانه الكبير”، أو الدرهم الإماراتي الخطير، أو الدولار الأمريكي المثير للعاب – فهو يحقق مصالحه العاجلة، ولكنه يخسر على المدى الطويل، إذ أنه – على أقل تقدير – سيفقد راحة الضمير.

جعفر خضر

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: ملیشیا الجنجوید الجیش السودانی الأستاذة رشا المناطق التی انتصار الجیش یساوی بین

إقرأ أيضاً:

فوز المنتخب السوداني لحظة استجمام من العنف والكراهية

بكري الجاك

رغم استمرار جحيم الحرب فى كل صنوفه، إلا أنه من اللحظات القلائل التي تستجم فيها النفوس من خطابات الكراهية و الاحتفاء بالعنف من شاكلة بل و جغم و غيرها من المفردات، هو أن تزين التايملاين الفرحة من قبل الجميع بفوز منتخبنا الوطني على غانا و قرب تأهله لنهائي أمم أفريقيا وربما نهائيات كأس العالم التي ستقام في الولايات المتحدة و المكسيك و كندا. ليس بالغريب أن توحد كرة القدم على وجه الخصوص، و الرياضة بشكل عام، الوجدان و تدفع الناس إلى التفكير فى أنه بالإمكان التعايش وبناء مجد مشترك لنا كسودانيين متى ما تواضعنا على صيغة تبعدنا من توظيف القبائل والإثنيات في صراعات السلطة و ايقنا بأن المصالح المشتركة هي التي يمكن أن توحدنا و ليس من المستحيل تطوير هذه المشتركات فى مشروع وطني و عقد اجتماعي تترجم فى معادلة سياسية تؤسس لجمهورية ثانية. أكاد أن أرى ذاك من تحت وميض نيران الحرب و فى رماد الخراب و من كبرياء الجروح الوطنية الغائرة.

فى عام 2006 استطاع الفريق الوطني لساحل العاج من توحيد البلاد و من الإسهام فى إنهاء الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2002 على خلفية الصراع بين مسلمي الشمال و مسيحي الجنوب حين شنت مجموعات مسلحة حربا على الحكومة المركزية و حاصرت العاصمة أبيدجان، حيث تأهل فريق ساحل العاج لنهائي كأس العالم لأول مرة، و الغريبة جاء تأهل ساحل العاج بعد فوزه على المنتخب الوطني السوداني 3:1 فى الخرطوم حين كانت الخرطوم ترفل فى مال النفط و تنعم بالسلام، و حينها خاطب النجم المتألق وقتها ديديه دروجبا من داخل غرفة تبديل الملابس قائلا
“Men and women of the Ivory Coast,” he said down the lens, his face stern and sincere. “From the north, south, center and west, we proved today that all Ivorians can coexist and play together with a shared objective: to qualify for the World Cup. We promised you that the celebration would unite the people. Today, we beg you, please – on our knees – forgive. Forgive, forgive.”
“نساء و رجال ساحل العاج ( بوجه مليء بالجدية و الإخلاص) من الشمال و الجنوب و الغرب و الوسط، اثبتنا اننا نحن العاجيون قدرتنا على أن نتعايش مع بعض وأن نلعب مع بعض و ان يكون لنا هدف مشترك ك: أن تتأهل لنهائيات كأس العالم. نوعدكم أن الاحتفال بهذا النصر سيوحد الناس. اليوم نتوسل اليكم.. و نحن على ركابنا .. أغفروا ..أغفرو .. أغفرا”

و قد نجح هذا النداء فى ايقاف الحرب و في رحلة التعافي الوطني..

فهلا غفرنا نحن لكي نبدأ فى رحلة التعافي الوطني، و البداية هي في نبذ خطاب الكراهية و هزيمة خطاب الحرب و عدم الاحتفاء بالموت، فملايين الاطفال تطلب منا أن نعطيهم الحق فى الحياة.

مبروك لصقور الجديان مبروك لكل السودانيين

الوسومبكري الجاك

مقالات مشابهة

  • عاجل : الجيش الأمريكي يعلن عن المواقع التي استهدفها في صنعاء وصعدة ولأول مرة بقاذفات ”بي2”
  • تقرير للخارجية الأمريكية يظهر دعم الإمارات لقوات الدعم السريع وشراء الجيش السوداني مسيرات من إيران
  • بيان سياسي من الحزب الشيوعي السوداني فرع السويد إلى جماهير الشعب السوداني
  • قوات حفظ السلام في خطر.. خريطة توضح مواقع اليونيفيل التي قصفها الجيش الإسرائيلي
  • تجدد الاشتباكات في الخرطوم وسط تقدم الجيش السوداني من3 جسور
  • الجيش السوداني يعرض أدلة جديدة لأسلحة وقناصة إماراتية وبكشف تفاصيلها
  • فوز المنتخب السوداني لحظة استجمام من العنف والكراهية
  • تساءل الكثيرون عن ماهية الخطة (ب) التي أعلنت على لسان حميدتي
  • بعد هجوم حزب الله على قاعدة غولاني.. إليكم القرار الذي اتّخذه الجيش الإسرائيليّ