يجب تحسين الاتصال بين الشريكين وتخصيص وقت للحوار والمشاركة في أنشطة مشتركة

جلسات العلاج المعرفي السلوكي والدعم الاجتماعي ضرورة في بعض الحالات

تبنّي إستراتيجيات علمية لتعزيز التوازن والتدخل لدعم الطفل والأسرة نفسيا

شعور صعب يمرُّ به البعض نتيجة ضغوط نفسية أو صدمات مرّ بها، أو حتى من الروتين اليومي المتعب، وفي وقتنا هذا ومع تسارع نمط الحياة وكثرة التحديات، قد يزيد الإحساس وتجد نفسك غير قادر على التفاعل مع مشاعرك أو مشاعر من حولك، وكأنك تفقد الرابط العاطفي مع الحياة ما يجعل التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم أمرًا أكثر صعوبة.

وفي هذا السياق، يتطلب منّا فهم هذه الحالة وتسليط الضوء على أعراضها، وأسبابها، وتأثيراتها النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى طرق التعامل معها من خلال الدعم النفسي والعلاجي.

الانفصال العاطفي وأسبابه

أوضحت هنية الصبحية، الأخصائية الاجتماعية بمدرسة السيب العالمية، أن الانفصال العاطفي يعد حالة نفسية ومزاجية يعيشها الإنسان إذ ينفصل فيها عن واقعه، متمثلًا في الابتعاد عن التعبير عن المشاعر سواء كانت إيجابية أو سلبية؛ بهدف حماية النفس من التعرّض لأي أذى نفسي داخلي، وقد تكون هناك العديد من الأسباب المؤدّية إلى الانفصال العاطفي وذلك لعوامل متعددة تختلف من شخص لآخر، كالصدمات النفسية أو العاطفية وفقدان أحد الأحبة، أو الانفصال عن علاقة، أو التعرّض لحادثة مؤلمة، كما أن ضغوط الحياة العملية والأسرية قد تؤدي بالفرد إلى تجنّب التعبير عن مشاعره، خاصة إذا كانت بيئة حياته غير صحية وتغلب عليها النزاعات أو العلاقات السامة.

التنشئة الأسرية

وأشارت الصبحية إلى أن التنشئة الأسرية تقوم بدور مهم في تشكيل نمط الانفصال العاطفي، خاصة إذا نشأ الفرد في بيئة أسرية أو عملية يتضمنها العنف أو كبح المشاعر والتي قد ترجع لأبعاد ثقافية أو اجتماعية ينتج عنها الانفصال العاطفي لتجنب الصراع العائلي أو العلاقات غير الصحية، ففي هذه الظروف قد يفضّل الشخص الانطواء والعزلة لتجنّب الأذى النفسي، ومن بين العوامل المؤثرة التعرّض للإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة، ما يجعل الطفل يشعر بالعجز عن التواصل مع الآخرين، وغير قادر على التعبير عن مشاعره فيما بعد مما يسبب له حالات كالاكتئاب والقلق واضطراب في الصحة النفسية.

التأثير على الأطفال والمراهقين

وتضيف الصبحية أن الانفصال العاطفي قد يظهر على الأطفال والمراهقين إذا لم يحصلوا على الدعم الكافي من الوالدين، خاصة في حالات الطلاق أو الفقدان، كما يمكن أن يحدث الانفصال العاطفي بين الشريكين، سواء في بداية العلاقة الزوجية أو في منتصفها، وقد يشعر أحد الشريكين بالفتور العاطفي أو الاغتراب نتيجة الملل أو تراكم الضغوطات الحياتية، موضحةً أن تراكم المشاكل الزوجية قد يؤدي في النهاية إلى فجوة عاطفية بين الزوجين، ما يفاقم حالة الانفصال.

ولفتت الصبحية إلى أن الأعراض التي يمكن أن يعاني منها الأفراد المصابون بالانفصال العاطفي، تتمثل في صعوبة التعبير عن مشاعرهم، والشعور باللامبالاة تجاه من حولهم في المواقف التي تتطلب استجابة عاطفية، كما يبدو عليهم اكتفاء ذاتي مفرط قد يرفضون فيه المساعدة أو الاعتماد على الآخرين في المواقف الصعبة بالإضافة إلى عزلتهم الاجتماعية وعدم مشاركتهم في المناسبات والفعاليات العائلية، كما يمكن لهؤلاء الأفراد أن يعانوا من شعور داخلي بالفراغ وفقدانهم لمعنى الحياة، ما يؤثر على رغبتهم في التواصل مع الآخرين. وأضافت أن الإرهاق الجسدي والنفسي المستمر قد يكون ناتجًا عن كبت المشاعر ومحاولة إنكارها.

وأوضحت أن الأطفال هم أكثر الفئات تأثرًا بانفصال أحد الوالدين عاطفيًّا؛ إذ يشعرون بنقص في الحب والاهتمام ما يؤدي إلى مشاكل في تطوير علاقاتهم الاجتماعية وثقتهم بأنفسهم، مشيرةً إلى أن هذه الفجوة العاطفية قد تتحول إلى مشاكل سلوكية مثل العدوانية أو الانعزال، وقد تؤثر سلبًا على الأداء الأكاديمي، مؤكدةً أن الأمر يستدعي تدخلًا نفسيًّا وأسريًّا لدعم الطفل والأسرة معًا.

الدعم النفسي والأسري

وأكدت الصبحية قائلة: اللجوء إلى الدعم النفسي، سواء من خلال جلسات العلاج المعرفي السلوكي أو الدعم الاجتماعي، قد يكون ضروريًّا في بعض الحالات التي يصعب فيها التعامل مع الانفصال العاطفي، ما يسهم في تمكين الأفراد من التكيف مع حياتهم بشكل أفضل ومواجهة التحديات بصورة صحية.

ودعت الصبحية إلى ضرورة التركيز على بناء أسرة قائمة على المودة والرحمة، كما جاء في المنهج الرباني، مشددة على أهمية تبنّي إستراتيجيات علمية لتعزيز التوازن العاطفي في الأسرة، من خلال الحوار والتواصل بين الأطراف، مع التركيز على تفريغ المشاعر المكبوتة، وتطوير مهارات التواصل العاطفي، مؤكدة على دور الأنشطة الرياضة والفنية في تخفيف الضغوطات النفسية، كما لفتت إلى أهمية كتابة المشاعر المكبوتة وتفريغها في دفتر اليوميات الشخصية ومحاولة الخروج من المأزق، وتحديد ضرورة تعليم الفرد كيفية التعاطف مع الذات سواءً للكبار أو الصغار، بالإضافة إلى تعزيز الجانب الروحي والديني للأفراد.

تأثير التكنولوجيا

وتوضح كلثم المقبالية، أخصائية الإرشاد والتوجيه الأسري أن الانفصال العاطفي ظاهرة ليست جديدة، لكنها ازدادت انتشارًا في العصر الحديث بفعل الضغوط المتزايدة وتغيّر أنماط التواصل الاجتماعي، مشيرةً إلى أن الانشغال بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي وتزايد متطلبات الحياة اليومية أسهما بشكل كبير في انتشار هذه الظاهرة، حيث باتت العلاقات الإنسانية تفتقر في كثير من الأحيان إلى العمق العاطفي والمشاركة الحقيقية.

علامات وأسباب

وأوضحت المقبالية أن الانفصال العاطفي يمكن التعرّف عليه من خلال عدة علامات كضعف التواصل العاطفي بين الشريكين، والشعور بالوحدة رغم وجود الطرف الآخر، وانعدام الاهتمام بالمشاعر أو الاحتياجات، كما أضافت أن من أبرز الأسباب المؤدية إلى هذا الانفصال هي ضغوطات الحياة اليومية، والخلافات المستمرة، أو التغيّرات في القيم والأهداف بين الشريكين، مشيرةً إلى أن الانفصال العاطفي قد يحدث من طرف واحد، حيث يشعر أحد الأطراف بالإهمال أو اللامبالاة، بينما قد يحاول الطرف الآخر الحفاظ على التواصل العاطفي، ومع ذلك يصبح هذا الانفصال أكثر وضوحًا وتأثيرًا عندما يكون متبادلًا بين الطرفين. وتطرقت المقبالية إلى أنواع من الانفصال العاطفي، مثل الانفصال التدريجي الذي يحدث ببطء مع مرور الوقت، أو الانفصال المفاجئ الذي ينتج عن حدث معين، مؤكدةً أن هذا الانفصال قد يؤثر سلبًا على العلاقة من خلال خلق فجوة عاطفية بين الشريكين، ما يضعف التواصل ويزيد من التوتر، كما لفتت إلى أن هذا التأثير يمتد إلى الأبناء؛ إذ يؤدي إلى إشعارهم بعدم الأمان العاطفي وزيادة التوتر في البيئة المنزلية، أما على الصعيد الشخصي فيمكن أن يؤدي الانفصال العاطفي إلى تدهور الصحة النفسية للفرد، ما يجعله عرضة لمشاعر الوحدة والقلق، وربما الاكتئاب؛ نتيجة لافتقاد الدعم العاطفي.

الحوار النفسي والدعم

وأشارت المقبالية إلى أن التعامل مع المشاعر الناتجة عن الانفصال العاطفي يتطلب في كثير من الأحيان الحوار الصريح أو اللجوء إلى الدعم من الأصدقاء أو المختصين النفسيين. واستعرضت المقبالية بعض التقنيات العلاجية التي يمكن أن تساعد في التعافي وإعادة بناء العلاقات، مثل العلاج الزوجي أو العلاج المعرفي السلوكي، حيث تسهم هذه الطرق في بناء الثقة وتعزيز التواصل العاطفي بين الطرفين، مؤكدةً أن تحسين الاتصال بين الشريكين يتطلب اهتماما متبادلا مع تخصيص وقت للحوار المفتوح والمشاركة في أنشطة مشتركة، بالإضافة إلى تعلم كيفية التعبير عن المشاعر بشكل صحي والاستماع إلى الطرف الآخر واحترامه. وأضافت المقبالية أن الاستشارة النفسية تؤدي دورًا حاسمًا في معالجة الانفصال العاطفي، حيث توفر مساحة آمنة للتعبير عن المشاعر وفهم الأسباب الكامنة وراء الانفصال، وشددت على ضرورة اللجوء إلى الاستشارة النفسية في حال عدم القدرة على التعامل مع المشاعر السلبية، أو عندما تؤثر هذه المشاعر بشكل كبير على الحياة اليومية وعلى العلاقة، وأوضحت أن من أهم فوائد الاستشارة النفسية تحسين مهارات التواصل، وفهم العلاقة بعمق، مع محاولة تطوير إستراتيجيات صحية للتعامل مع هذه المشاعر، ما يعزز القدرة على التعافي وإعادة بناء العلاقات مجددا بصورة إيجابية.

العلاقات الأسرية والصداقات

واختتمت المقبالية حديثها بالتأكيد على أن الانفصال العاطفي لا يقتصر على الأزواج فقط، بل يمكن أن يحدث بين الأبناء ووالديهم، وكذلك بين الأصدقاء، موضحة أن الانفصال العاطفي في العلاقات الأسرية قد يحدث عندما يشعر أحد أفراد الأسرة بعدم الفهم أو الدعم، ما يؤدي إلى تباعد عاطفي بينهم، أما في الصداقات، فقد ينتج عن خلافات أو سوء تواصل، ما يضعف الروابط العاطفية بين الأصدقاء، مؤكدة أن هذه الظاهرة يمكن أن تظهر في مختلف العلاقات الإنسانية، وتؤثر سلبًا على التفاعلات والعواطف لدى الأطراف المعنية في العلاقة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التواصل العاطفی بالإضافة إلى التعامل مع التعبیر عن من خلال یمکن أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

صالح الطريقي : مشكلة ماجد عبدالله

صالح الطريقي : مشكلة ماجد عبدالله

مقالات مشابهة

  • زواج أم طلاق؟ أرقام شهر أيلول تكشف عن أزمة العلاقات الأسرية في العراق!
  • بعد الجنوب، دارفور وكردفان على طريق الانفصال..!
  • برلماني :زيارة ولي العهد السعودي لمصر خطوة تاريخية لتعزيز استقرار المنطقة
  • "إعلام أسيوط" ينظم ندوة بعنوان "وسائل التواصل وتأثيرها على العلاقات داخل الأسرة"   
  • نقص الكاز ومشاكل مصفى كربلاء .. تهدد استقرار إمدادات الوقود والكهرباء
  • الجيش الملكي ينفصل عن مدربه
  • حتى بعد الانفصال.. الأذى يلاحقني من طليقي الأناني
  • صالح الطريقي : مشكلة ماجد عبدالله
  • أجرأ صور نادين نسيب مع خطيبها قبل الانفصال