هل شرب الحليب غير المبستر آمن للحوامل؟
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
تشهد وسائل التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" و"إنستغرام" تزايدا في المنشورات التي تحث النساء الحوامل على شرب الحليب غير المعالج حراريا للحصول على فوائده الصحية.
فهل تعتبر هذه النصيحة جيدة للأمهات المقبلات على الولادة؟
الحليب، في النهاية، غني بالبروتين ويحتوي على دهون سهلة الهضم ومجموعة متنوعة من الفيتامينات المغذية.
ورغم أن العديد من المنشورات على الإنترنت تشيد بفوائد الحليب الخام أو غير المبستر للحوامل، فإن الخبراء الصحيين ينصحون بشدة بعدم تناوله.
ويفضل البعض الحليب غير المبستر لما يوصف بأنه "طعم غني ونكهة عطرية مميزة"، وفقا لإحدى الهيئات الألمانية لسلامة الأغذية، لكن خبراء الصحة يحذرون من أن استهلاكه "ليس خاليا من المخاطر".
وتحذر وكالة معايير الغذاء في المملكة المتحدة أيضًا من أن "الحليب الخام أو غير المبستر والقشدة قد تحتوي على بكتيريا ضارة قد تسبب التسمم الغذائي".
عدم تعرضه الحليب الخام للحرارة يعني أن الكائنات الحية الدقيقة الموجودة فيه لا تُقتل ويمكنها التكاثر داخله (غيتي إيميجز) ما الحليب الخام؟الحليب الخام هو الحليب غير المعالج القادم من الأبقار أو الأغنام أو الماعز. لم يتم تسخينه لدرجة حرارة عالية أو إخضاعه لاختبارات ميكروبيولوجية صارمة.
وعدم تعرضه للحرارة يعني أن الكائنات الحية الدقيقة الموجودة فيه لا تُقتل ويمكنها التكاثر داخل الحليب. ولهذا السبب تم إدخال البسترة أو التسخين اللطيف في القرن التاسع عشر للقضاء على هذه الكائنات قبل الاستهلاك.
وكان الهدف آنذاك حماية الناس من أمراض مثل السل، التي يقول خبراء حماية المستهلك إنها يمكن أن تنتقل عبر الحليب. ولتحقيق ذلك، يُسخن الحليب إلى 72 درجة مئوية لمدة 15 ثانية.
ما كان يُستخدم لمكافحة انتشار السل قد يساعد الآن في منع انتقال فيروس إنفلونزا الطيور (H5N1)، الذي يصيب الطيور والثدييات حول العالم، وقد تم اكتشافه مؤخرًا في أبقار الألبان بالولايات المتحدة.
الحليب غير المعالج قد يحتوي أيضا على مسببات أمراض مثل السالمونيلا، الليستيريا، الإشريكية القولونية (شترستوك)ورغم أن خطر انتقال الفيروس إلى البشر منخفض، بحسب منظمة الصحة العالمية، فإنها توصي باستهلاك منتجات الألبان المبسترة فقط وعدم تناول الحليب الخام.
الحليب غير المعالج قد يحتوي أيضا على مسببات أمراض مثل السالمونيلا، الليستيريا، الإشريكية القولونية (EHEC)، وكامبيلوباكتر، التي قد تتسبب في أمراض معدية خطيرة.
وفي دراسة أُجريت قبل عدة سنوات بتكليف من مكتب حماية المستهلك وسلامة الأغذية الألماني (BVL)، وُجدت جراثيم خطرة محتملة في حوالي 5% من 360 عينة حليب خام تم اختبارها. كما تم اكتشاف بكتيريا مقاومة متعددة في حوالي 10% من العينات.
الفئات الضعيفة مثل الأطفال الصغار، كبار السن، الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، والنساء الحوامل يكونون أكثر عرضة للخطر، حيث يمكن للبكتيريا الضارة أو الجراثيم أن تسبب التهابات معوية حادة أو مشكلات في الكلى.
وخلال الحمل، تؤدي التغيرات الهرمونية إلى إضعاف جهاز المناعة لدى المرأة، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابات، وهو ما قد يشكل خطرًا على الجنين.
ينصح خبراء الصحة النساء الحوامل بحماية أنفسهن من داء المقوسات والليستيريا، اللذين ينتقلان عادة عبر الطعام (غيتي إيميجز)وينصح خبراء الصحة النساء الحوامل بحماية أنفسهن من داء المقوسات والليستيريا، اللذين ينتقلان عادة عبر الطعام. ولهذا السبب، يُنصح عمومًا بتجنب المنتجات الحيوانية النيئة، بما في ذلك منتجات الألبان غير المبسترة واللحوم والأسماك النيئة.
إذا كنتِ غير متأكدة، يمكنكِ غلي الحليب. ومع ذلك، فإن الحليب الذي يتم شراؤه من السوبر ماركت آمن عمومًا لأنه تتم معالجته بالحرارة قبل البيع.
أما مَن يشترون الحليب الخام مباشرة من المزارع أو الأسواق، فعليهم غليه في المنزل، بتسخينه إلى 72 درجة مئوية لمدة 20 إلى 30 ثانية حتى يبدأ في الغليان وتكوين رغوة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحلیب الخام
إقرأ أيضاً:
أمراض ثقافـية
يظل الإنسان إنسانًا مهما بلغ من العلم والمعرفة والثقافة وسعة الاطلاع، فهو إنسان بنقائصه قبل الكمال، وإنسان بنزوع نفسه إلى الشر كما نزوعها إلى الخير؛ ولكن كما قال الشاعر، وهو المتنبي «ألزمتَ نفسك شيئا ليس يلزمها»، فالإنسان بخياراته واختياراته فـي هذه الحياة، يُلزِمُ نفسه بأمور لم يلزمه إياها أحد، إنما كانت بمحض إرادته واختياره. ومن تلك الأمور، الثقافة. إن الإنسان العادي يتوقع مِن من يُشار إليه بأن له علاقة بالثقافة أو نال حظا منها، صفات وأخلاقا تدل على ما اكتسبه من ثقافته وجَودةِ ما اكتسبَ. ومن ذلك سعة الصدر، وإيجاد المخارج فـيما له مخرج ومنفذ، وتقبُّل الآراء المختلفة المتضادة المتنوعة، والاستزادة من العلم والمعرفة، وحب الخير، والنقد المنهجي للثوابت التي لم تمر من قبل عبر مصفاة النقد والتمحيص، فأُخِذَت على عواهنها دون رويّةٍ يعرِف بها المرء صوابه من خطئه. لأجل هذا كله، كان المثقف أشمل رؤية وأنفذ بصيرة، وهو قادر على تذليل تلك المعرفة وتطويعها فـي سبيل الخير، أو استعمالها فـي الشر!. كُلٌّ حسب نفسه ومقدرته على كبح جماحها، أو إطلاق العنان لها. لكن، ماذا لو كانت الثقافة مبنيّةً كما تبنى المهن؟ بعبارة أخرى، ماذا لو كانت الثقافة محض ثوب يلبسه المرء حين يريد، وينزعه عن نفسه وفقا للمكان والزمان. فاليوم يكون المثقف الداعي إلى احترام الضعفاء ومساعدتهم والرأفة بهم، وغدا يمسك بسياط الكراهية يضرب بها من شاء وحيث شاء؛ هنا يتوقف المرء لينظر فـي المُدخلات التي جعلت المرء المُتَوَسَّمَ فـيه الخير يكون بهذه الصورة المشوهة والمعاكسة للتصور، واحدة من أمراض الثقافة التي سبق أن تحدثت عنها سابقا، هي الشللية، وليست الشللية سيئة حين تكون بمعناها الحميد المتمثل فـي الجماعات الأدبية أو الفكرية أو الثقافـية التي تتناقش وتتحاور وتفتح آفاقا أخرى جرّاء المطارحات الجادة؛ لكنها سيئة حين يتبنى أفرادها مجموعة من القيم والمفاهيم المريضة، كالحقد والحسد والهمز واللمز. كثيرا ما سمعت عبارة من قبيل «أستطيع أن أفعل هذا لو أردتُ ذلك» أو «إنه أمر سهل يستطيع الجميع فعله». إن هذه العموميات التي يشطب بها شخص ما عمل شخص آخر فـي جلسة تعزيز له ولمن حوله، منبت للضغائن ومنشأ لثوابت لا يدري المرء من أين تسرّبت إلى الأذهان وأصبحت إطارا مُسلَّما بصحته!. من تلك المسلَّمات «يجب أن يكون الشاعر نرجسيا ليكتب الشعر». وهذا معناه، يجب أن يكون مريضا مرضا نفسيا ليكتب الشعر، وإلا لما كتب الشعر!. وهذه حماقة لا يدري المرء من أين تسرّبت إلى الأذهان وصارت مسلّمة لا جدال فـيها. وإذا ما أردنا معرفة المرض معرفةَ علمية، فإن «اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة صحة نفسية تتميز بنمطٍ مستمر من الشعور بالفخامة أو العَظَمة، والحاجة إلى الإعجاب، والافتقار إلى التعاطف». وذلك وفقا لأدلة MSD الإرشادية، التي أوردت بعضا من الأمثلة التي يستطيع المرء إسقاطها على الواقع، وله أن يتفاجأ بتطابق التشخيص والأمثلة فـي بعضها مع كلام أناس محددين وطريقة تعاملهم مع الآخرين. وعلى سبيل المثال، أورد الدليل السابق تشخيصا للمصابين بهذه الحالة، «يبالغ الأشخاصُ المصابون باضطراب الشخصية النرجسية فـي تقدير قدراتهم، ويبالغون فـي مُنْجَزاتهم، ويميلون إلى التقليل من شأن قدرات الآخرين». وللقارئ أن يتأمل!. وما جعلني أفكر فـي هذه الخصلة تحديدا، التفكر فـي أخبار فحول الشعراء والأدباء، فترى الأخبار التي تتحدث عن سؤالِ بعضهم لجرير أو الفرزدق أو الأخطل عن واحد منهم، وأيهم أشعر؛ فـيجيب الآخر بأن فلان أشعر منه إطلاقا أو أشعر منه فـي القول الفلاني أو الصنف الفلاني، مع ما بينهم من الخصومة والتحدي والتسابق فـي صدارة الشعر ورياسته، وانظر إلى الخبر المنسوب إلى المعري -مع حبه وإخلاصه وتعصبه الشديد للمتنبي- حين سئُل عن أبي تمّام والبحتري والمتنبي؛ أيهم أشعر؟ فأجاب، حكيمان والشاعر البحتري. وليس هذا فـي ثقافتنا العربية فحسب، بل هي خصلة حميدة -التواضع والإنصاف- يتصف بها الكبار فـي شتى أنحاء المعمورة. فهذا ميخائيل باختين فـي حواره الطويل مع فـيكتور دوفاكين فـي سياق الحديث عن فـيتشيسلاف إيفانوف، يصفه بادئ الأمر بأنه «شخصية معقدة للغاية» وأورد بعد ذلك بعض الصفات السيئة التي تركها بلا نسبة إلى قائليها، ولكنه استدرك بقوله «..كان بالفعل يتمتع بقدر من العظمة فـي شخصيته، وفـي رأيي أن هذا الجانب كان الجانب الرئيسي فـيه على أي حال». إن قبولنا بالمسلمات فـي الحياة اليومية أو فـي أي مجال آخر، هو شكل آخر من أشكال الركود، ولنا فـي العلوم أنموذج شاهد ودليل. والثقافة جزء من الحياة، فالثقافة أسلوب للتفكير، أسلوب للعيش، للحياة. فبقدر ما يزداد المرء ثقافة، يزداد تواضعا؛ لأنه يعرف أن ما لا يعرفه أكثر مما يعرفه بالفعل.ولا أعتبر أيا من الأمراض مزية يمتاز بها أناس ويرتفعون بها عن البقية، أكانت النرجسية أو ثنائي القطب أو الاكتئاب -تحدثت عن هذا الأمر فـي مقالتي رمنسة البؤس- أو غيرها من الأمراض النفسية الأخرى. إن الثقافة فعلٌ وأعرفُ الفعلَ الجيد من الرديء بعواقبه وما يترتب عليه، والفعل أفضل وأسلم من الركود حتما، أولا يفسد الماء إن كان راكدا لا يتحرك؟. |