انتقد مصطفى الرميد وزير العدل الأسبق، ما نص عليه مشروع قانون المسطرة الجنائية من تقييد لصلاحية النيابة العامة في مجال محاربة الفساد وتحريك الشكايات، وكذا منع المجتمع المدني من وضع شكايات ضد المفسدين.  واعتبر الرميد أن هذه من التراجعات المذمومة « غير مقبولة » في المشروع التي تخالف  المرجعيات المعلنة، وهي الدستور والاتفاقيات الدولية.

وأشار الرميد في وثيقة نشرها تضمنت رأيه في مشروع قانون المسطرة الجنائية، إلى ما تضمنته المادة الثالثة من المشروع من انه لا يمكن إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية الا بطلب من الوكيل العام لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات أو بناء على طلب مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارة أو من الادارات المعنية، أو بناء على احالة من الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، أو كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك، وذلك باستثناء حالة التلبس التي تتيح للنيابة العامة الأمر بإجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية.

وقال إن هذا يعني أن النيابة العامة في عموم المملكة لم تعد لها سلطة المتابعة الا بناء على طلب من الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الذي ايضا لم تعد له سلطة الأمر بالبحث وبالمتابعة الا اذا توصل من المؤسسات المذكورة بتقرير تهم الجرائم المالية. بل اعتبر أنه تشريع لا مسوغ له مطلقا، ولا مبرر له الا التضييق من مداخل المساءلة، وحصرها في أضيق الحدود. وهو تشريع يتناقض مع المبدأ الدستوري الناص على إقران المسؤولية بالمحاسبة. وهو تشريع يتناقض مع ما نص عليه الدستور من اخضاع المرافق العمومية المعايير الجودة والشفافية والمحاسبة. كما اعتبر أنه   تشريع مشجع على الفساد، ومحصن له من سلطة النيابة العامة التي لا مبرر لتقييدها بقيود لا أساس لها.

كما اعتبر أن إقصاء الأفراد والمؤسسات المجتمعية من تقديم شكايات في موضوع الجرائم المالية الا اذا توفرت لها تقارير رسمية، يتناقض مع الدور الدستوري خاصة للجمعيات، خاصة ما نص عليه الفصل 12 الذي ينص على أحقيتها في تقييم قرارات المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، علما أن أن التقييم يرتب واجب التبليغ عن الاخلال المسجل والا فما قيمته واهميته؟

كما  يتناقض هذا التصميم مع الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي نصت في المادة 13 على أن على كل دولة ان تتخذ التدابير المناسبة لتشجيع افراد وجماعات لا ينتسبون إلى القطاع العام، مثل المنظمات غير الحكومية على المشاركة في انشطة منع الفساد ومحاربته.

وبالتالي اعتبر الرميد أن المشروع بناء عليه يسير في الاتجاه المعاكس للاتفاقية المذكورة، ويكرس « نكوصا اتفاقيا سيئا »، لا يليق بالمملكة المغربية، وطموحها، وهو ما يجعلنا تؤكد انه لا يجوز للمملكة، باي حال ان تسقط في هذا المستوى التشريعي البئيس الذي لا مبرر له.

وناشد الرميد العقلاء في الدولة أن يرجعوا الأمور إلى نصابها، واذا كان هناك ما يدعو إلى محاربة الابتزاز الجمعوي الحقوقي المقيت المتستر برداء محاربة الفساد، فان المؤكد ان هذا النص ليس إلا بمثابة « غسل الدم بالدم ». ذلك أنه من المفيد منح النيابة العامة صلاحية التأكد من جدية الشكاية، وذلك من منطلق منها والوثائق والحجج المستند اليها، وبذلك تتم المساواة بين البقاء على حق الأفراد والجماعات في التبليغ عم الفساد المالي، والوقاية من التعسف في الشكايات، وابتزاز الاغيار بها.

كما تأسف الرميد لتقييد حق الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة في الانتصاب طرفا مدنيا بضرورة الحصول على اذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، حسب ضوابط يحددها نص تنظيمي، كما نصت على ذلك المادة 7 من المشروع مع انه كان يمكن الاكتفاء بشروط صفة المنفعة العامة، واقدمية الاربع سنوات، وكون الجريمة محل المتابعة تمس مجال اهتمامها المنصوص عليه في قانونها الاساسي، والذي يبقى للمحكمة المختصة سلطة مراقبته.

واعتبر الرميد أن ذلك  تعسف آخر، وتضييق آخر، يضاف إلى ما سبق، يؤكد انه يراد تكريس الدور التقليدي للجمعيات والذي يقتصر على مجرد إصدار البيانات، وتنظيم الاحتجاجات دون الحق في الاشتغال من خلال المؤسسات.

كلمات دلالية مشروع قانون المسطرة الجنائية مصطفى الرميد

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: مشروع قانون المسطرة الجنائية المسطرة الجنائیة النیابة العامة العامة فی بناء على

إقرأ أيضاً:

الاتصال بمحاميه وذويه.. حقوق المتهم خلال التحقيق وَفق الإجراءات الجنائية

كتب- نشأت علي:

حدَّدَ مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي فتح مجلس النواب مناقشات موسعة حوله، حقوقَ المتهمين خلال عرضهم على النيابة العامة، فوَفقًا لنص المادة 103 من مشروع القانون الذي يستهدف تحقيق العدالة الناجزة، وهو ما يوفر ضمانات أكبر للمتقاضين في عدالة منصفة ومحاكمة عادلة، وضمانات لحق الدفاع، جاءت حقوق المتهم خلال عرضه على النيابة .

ونصت المادة 103 على أنه يجب على عضو النيابة العامة عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق أن يدوِّنَ جميعَ البيانات الخاصة بإثبات شخصيته، ويحيطه بحقوقه كتابةً وبالتهمة المنسوبة إليه.

ويثبت عضو النيابة في المحضر ما قد يبديه المتهم في شأنها من أقوال، وأن يمكنه من الاتصال بذويه ومحاميه، بعد تنبيهه إلى أن من حقه الصمت، وذلك كله، ومراعاة النيابة العامة توفير المساعدة اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقة والمسنين وفقًا للإجراءات المقررة قانونًا.

مجلس النواب قانون الإجراءات الجنائية النيابة العامة

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الخبر التالى: للتعاون في تصنيع السيارات.. رئيس الوزراء يلتقي مسؤول بمجموعة فولفو الأخبار المتعلقة وزير الثقافة يلتقي رئيس لجنة حقوق الإنسان بالنواب لمناقشة تعزيز الحقوق أخبار والدة كارما: ابنتي ليست الضحية الأولى للطالبة المعتدية أخبار قانون الإجراءات الجنائية.. هل يحق لوكيل النيابة مواجهة الشهود ببعضهم؟ أخبار

مقالات مشابهة

  • النيابة تنتدب الأدلة الجنائية لمعاينة موقع حريق محل أجهزة كهربائية بالمرج
  • كوريا الجنوبية: وكالة مكافحة الفساد تنقل التحقيق بفرض الأحكام العرفية للنيابة العامة
  • كوريا الجنوبية.. «مكافحة الفساد» تنقل التحقيق مع رئيس البلاد للنيابة العامة
  • خلص عليه برصاصة.. قرارات النيابة في قتـ ل شاب لجاره بالصف
  • وهبي: مشروع قانون المسطرة الجنائية يسعى لتحقيق الموازنة بين شراسة الجريمة وتهديدها وحماية حقوق الأفراد
  • وهبي يقدم مشروع المسطرة الجنائية أمام البرلمان وسط دعوات لأخذ رأي المؤسسات الدستورية
  • حملة مواقف نافعة للوحات السيارات
  • مشروع المسطرة الجنائية.. تمكين المحامين من حضور التحقيق الأولي مع المتهمين
  • وهبي: مشروع قانون المسطرة الجنائية ورش إصلاحي متكامل له طابع استعجالي
  • الاتصال بمحاميه وذويه.. حقوق المتهم خلال التحقيق وَفق الإجراءات الجنائية