معايير جديدة لسوق العمل بتركيا تستهدف العمال الأجانب
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
أنقرة- لطالما كان الحصول على إذن العمل يمثل معضلة حقيقية للأجانب ولأصحاب الشركات في تركيا، إذ كانت المعايير الصارمة والتعقيدات البيروقراطية تشكل عقبة كبيرة أمام السير في الإجراءات القانونية بسلاسة.
ودفع هذا الوضع كثيرين للقبول بالعمل دون الحصول على إذن رسمي، مما حرمهم من حقوقهم القانونية والاجتماعية مثل التأمين الصحي والحصول على الحد الأدنى للأجور، وتركهم عرضة للاستغلال.
في المقابل، كانت الشركات تواجه مخاطر قانونية وإدارية، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار في سوق العمل وزيادة في القطاع غير الرسمي.
في هذا السياق، جاء إعلان وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية عن تعديلات جوهرية على معايير تقييم تصاريح العمل للأجانب، وفقا للمادة (22) من لائحة تنفيذ قانون العمل الدولي، والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارا من الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
معايير جديدةتضمنت التعديلات تخفيفا لشروط التوظيف والكفاءة المالية، وكان أحد أبرز هذه التعديلات إلغاء شرط توظيف 5 مواطنين أتراك مقابل كل عامل أجنبي في المؤسسات التي تحقق مبيعات سنوية صافية تبلغ 50 مليون ليرة تركية (حوالي 1.47 مليون دولار) أو أكثر، مما منح الشركات الكبيرة مرونة أكبر في توظيف العمالة الأجنبية، خاصة تلك التي تعتمد على المهارات النادرة.
وعدّلت الوزارة معيار الكفاءة المالية ليصبح أكثر مرونة، إذ كانت تشترط أن يكون رأس المال المدفوع للمؤسسات 500 ألف ليرة تركية (حوالي 14 ألف و700 دولار) أو أن تبلغ مبيعاتها السنوية 8 ملايين ليرة (حوالي 235 ألف دولار)، أو أن تحقق صادرات بقيمة 150 ألف دولار سنويا على الأقل لتوظيف عمال أجانب.
بينما ستكتفي التسهيلات الجديدة برأس مال مدفوع بقيمة 100 ألف ليرة تركية (حوالي 2940 دولار) أو مبيعات بقيمة 800 ألف ليرة (حوالي 23 ألف و500 دولار) حتى الأول من يناير/كانون الثاني 2025.
وأعادت الوزارة تحديد الحد الأدنى للأجور للعمال الأجانب، حيث خفضت أجور المديرين التنفيذيين والطيارين من 6.5 أضعاف الحد الأدنى للأجور إلى 5 أضعاف، بينما خفضته للمديرين الآخرين إلى 3 أضعاف.
وبالنسبة للمهن التي تتطلب مهارات خاصة فقد خُفض الأجر إلى ضعفين، بينما خفض إلى الحد الأدنى للعاملين في قطاعات مثل السياحة، وهو ما اعتُبر توجها حكوميا لخفض تكاليف توظيف الأجانب، وتوفير فرص عمل أكثر مرونة.
كما أعفت التعديلات الأجانب المقيمين في تركيا لمدة 3 سنوات على الأقل، في آخر 5 سنوات، باستثناء الطلاب، من معايير التوظيف والكفاءة المالية، بحد أقصى 3 عمال أجانب لكل مكان عمل. ومع ذلك، اشترطت ألا يتجاوز عدد العمال الأجانب عدد العمال الأتراك في المؤسسة، كما ظل السوريون تحت "الحماية المؤقتة" غير مشمولين بهذه الاستثناءات، ومطالبين بالحصول على تصاريح عمل للوظائف المؤمنة.
وقدمت التعديلات تسهيلات كبيرة للعاملين في قطاع التكنولوجيا والمعلوماتية، حيث أعفت المتخصصين في مجالات مثل البرمجيات من معايير التوظيف والكفاءة المالية، بشرط ألا يتجاوز عدد الأجانب اثنين في المؤسسة، أما في الاستثمارات التي تتطلب تكنولوجيا متقدمة فقد تجاهلت الحكومة بعض المعايير العامة للتقييم في حال عدم توفر متخصصين أتراك.
وحددت الوزارة رأس المال المطلوب لتأسيس شركات جديدة بـ500 ألف ليرة تركية (حوالي 14 ألف و700 دولار)، وفي حال امتلاك الشريك الأجنبي لحصة تبلغ 100 ألف دولار أو أكثر، فإنه يُعفى من معايير التوظيف والكفاءة المالية. كما ستكتفي الوزارة حتى الأول من يناير/كانون الثاني 2025 برأس مال قدره 40 ألف ليرة تركية (حوالي 1176 دولار) كحد أدنى للشركاء الأجانب.
التعديلات جرت بعد العديد من اللقاءات مع وزيري الداخلية والعمل التركيين (الأناضول) خطوة إيجابيةمن ناحيته، يرى الباحث القانوني إبراهيم صايجي، في حديثه للجزيرة نت، أن تنمية تركيا والحفاظ على قدرتها التنافسية عالميا تتطلب استقطاب الأجانب الذين يعتبرون قوة عمل مؤهلة أو مستثمرين، بفضل خصائصهم مثل التعليم والخبرة المهنية.
وأشار صايجي إلى أنه من مصلحة البلاد أن تتم إدارة الحركات العمالية الدولية وفق توازن مثالي، من خلال اتخاذ تدابير تيسيرية في بعض المجالات، وتدابير وقائية في مجالات أخرى، وذلك بهدف الحفاظ على استقرار سوق العمل وتعزيز النمو الاقتصادي.
وقال صايجي إن العمال الأجانب وأصحاب الشركات كانوا يعانون، بسبب المعوقات السابقة، من الحصول على تصاريح العمل وتنظيم أوضاعهم القانونية، وجاءت الإجراءات الجديدة بعد العديد من اللقاءات مع كل من وزيري الداخلية علي يرلي كايا والعمل وداد إيشيق هان، حيث تم التوصل إلى حلول تصب في مصلحة العاملين الأجانب والشركات التي تعتمد عليهم في مختلف القطاعات.
إحصاءات العاملينبحسب البيانات الصادرة عن وزارة العمل التركية، تقدم 316 ألف و365 أجنبي بطلبات للحصول على إذن عمل خلال عام 2023، ومن بين هذه الطلبات، وافقت الوزارة على 239 ألف و835 طلبا، مما يعني أن 19.48% من الطلبات تم رفضها لأسباب تتعلق بعدم استيفائها للمعايير المطلوبة.
وتفصيلا، توضح البيانات أن من بين الطلبات المقبولة 66 ألفا و299 امرأة، و173 ألفا و536 رجلا. وتشير الإحصاءات أيضا إلى أن 85 ألفا و975 من المتقدمين المقبولين حاصلون على شهادة الثانوية العامة، في حين أن نحو 54 ألفا منهم يحملون شهادات عليا.
ويتصدر السوريون قائمة الأجانب الحاصلين على تصاريح عمل في تركيا، بعدد 108 آلاف و520 شخصا، وهو ما يعكس الحضور البارز للعمالة السورية في البلاد. في حين تأتي روسيا في المرتبة الثانية بـ17 ألفا و785 شخصا، تليها تركمانستان بـ13 ألفا و128 شخصا، وتشارك إيران في هذا التصنيف بعدد 8 آلاف و521 شخصا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه البيانات تعبر فقط عن العاملين الأجانب الذين يعملون بشكل نظامي في تركيا، أو الذين قدموا طلبات للحصول على إذن عمل رسمي، بينما لا تعكس هذه الأرقام الواقع الكامل لسوق العمل، حيث تشير التقديرات إلى وجود آلاف من الأجانب الذين يعملون بشكل غير نظامي دون الحصول على تصاريح رسمية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ألف لیرة ترکیة الحد الأدنى الحصول على على تصاریح فی ترکیا على إذن
إقرأ أيضاً:
إنجازات «العمل» خفض البطالة ودعم العمال.. 10 سنوات من المساهمة في تنشيط الاقتصاد
عملت الدولة، على مدار 10 سنوات، على خفض معدلات البطالة، ورفع معدلات التشغيل بين الشباب، حيث بدأت معدلات البطالة فى الانخفاض تدريجياً منذ عام 2014 بدعم من الاستقرار الأمنى والسياسى والاقتصادى، وعودة حركة السياحة، وزيادة التدفقات الاستثمارية، وتعزيز وضع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وارتفاع عدد المشروعات القومية، ما أسهم فى تنشيط عجلة النشاط الاقتصادى، وخلق فرص عمل جديدة.
ونفذت وزارة العمل تكليفات الرئيس السيسى فى ملف العمل، على مدار تلك السنوات، والتى تمحورت حول مجموعة من الملفات؛ منها الاستمرار فى خطط وبرامج الحماية والرعاية للعمالة غير المنتظمة، والتأكيد على جميع منشآت القطاع الخاص والقطاع العام وقطاع الأعمال العام بالالتزام بالنسبة المقررة قانوناً «5%» لتشغيل الأشخاص ذوى الإعاقة واستمرار العمل على تنمية مهاراتهم ودمجهم فى سوق العمل.
«الوطن» تستعرض جهود الدولة نحو توفير فرص العمل ومواجهة البطالة، وأهمية تصدير الكوادر والعمالة المصرية المدربة للخارج، حيث تمتلك وزارة العمل خطة للإسهام فى مواجهة الهجرة غير الشرعية، وهو الملف الذى يدخل فى جميع برامج وزارة العمل بمتابعة مباشرة من الوزير.