التلوث في خليج إزمير.. جهود علمية لمعالجة أزمة بيئية مستفحلة
تاريخ النشر: 9th, October 2024 GMT
تعد قضية التلوث في خليج إزمير التركي من القضايا البيئية الملحة التي تهدد النظام البيئي البحري في المنطقة الواقعة في بحر إيجه، والتي انعكست آثارها على عدد من المناطق السكنية الواقعة على ساحل المدينة.
شهد الخليج تفاقما واضحا في مستويات التلوث مؤخرا، مما أدى إلى ظواهر مثل نفوق الأسماك وانبعاث روائح كريهة على طول الساحل، الأمر الذي دفع وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ التركية إلى تشكيل لجنة تعمل حاليا على وضع خطة تحرك طارئة، بالتزامن مع تعاون عدد من العلماء والباحثين من جامعات مختلفة في مشاريع تهدف إلى مواجهة هذه المشكلة البيئية الخطيرة.
وقد تمكن فريق من الباحثين تابع لجامعة مانيسا جلال بايار وجامعة يلدز التقنية من استخدام تقنيات التصوير الفضائي المتقدمة لرسم خريطة للتلوث في خليج إزمير.
وجاءت هذه المبادرة استجابة للحادث المفاجئ الذي وقع في أغسطس/آب الماضي، حين جرفت المياه كميات كبيرة من الأسماك النافقة إلى شاطئ الخليج، مما أدى إلى انبعاث روائح كريهة تضرر منها سكان عدد من المناطق المحيطة، وبالأخص منطقتي بايراكلي وكارشياكا.
واستخدم الباحثون منصة "غوغل إيرث إينجين" لكتابة أكواد لتحليل صور القمر الصناعي "سينتنيل"، بالاعتماد على تقنيات الاستشعار عن بعد، لتصنيف الأشعة الضوئية المنعكسة من سطح البحر، مما يسمح بالكشف السريع عن التغيرات الناجمة عن التلوث ورصد أماكنه بدقة.
وقال الفريق إنه تمكن من مراقبة وجود العوالق النباتية والطحالب من خلال قياس كثافة الكلوروفيل "إي" في المسطحات المائية للخليج، عبر قياس مؤشر التمايز المعياري للكلوروفيل والذي يرمز إليه اختصارا بـ"إن دي سي آي".
شهد خليج إزمير تفاقما في مستويات التلوث ما أدى لظواهر مثل نفوق الأسماك وانبعاث روائح كريهة (الجزيرة)ووفقا لعثمان صالح يلماز، عضو هيئة التدريس في قسم نظم المعلومات الجغرافية بجامعة مانيسا، وأحد أعضاء الفريق العلمي، فإن هذه الطريقة تعتبر وسيلة سريعة لمراقبة جودة المياه، مضيفا أنها تشبه تقنيات التصوير الطبي مثل الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي.
وأوضح يلماز أن زمن تكرار التقاط صور الأقمار الصناعية يبلغ في المتوسط 5 أيام، مما يسمح للفريق بتتبع التغير في مستويات التلوث بانتظام، وقد أظهرت تحليلاتهم أن مستويات التلوث في خليج إزمير ظلت دون المعدلات الحرجة بين عامي 2017 وحتى منتصف العام الحالي 2024.
لكن مؤخرا، يقول يلماز، تم رصد زيادة ملحوظة في مستويات الكلوروفيل "إي"، المرتبطة بتكاثر الطحالب، في معظم مناطق الخليج خلال الأشهر الثلاثة الماضية، خاصة على طول سواحل بايراكلي وكارشياكا ورصيف كوناك وميناء ألسانجاك.
أسباب وتداعياتوعن أسباب تلوث مياه خليج إزمير، يقول إيلجاز فقيه أوغلو، الباحث الأكاديمي وعضو هيئة الصحافة الرقمية بإزمير، إنه من خلال متابعتهم لهذا الملف، فإن التلوث الحاصل يرجع إلى عدد من العوامل، منها سوء إدارة تصريف مياه الصرف الصحي، خاصة أن استمرار تدفق المياه غير المعالجة إلى الخليج يفاقم المشكلة ويهدر الجهود التي يتم بذلها لمواجهتها أو الحد من تداعياتها.
وأشار فقيه أوغلو، في حديثه إلى الجزيرة نت، إلى أنه على الرغم من أهمية المشاريع التي تنفذها الدولة واللجان العلمية التي تنشئها، فإن هناك حاجة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات والتنسيق الأفضل مع الإدارات المحلية من أجل التوصل إلى حل دائم على المدى الطويل.
فقيه أوغلو: هناك حاجة لمضاعفة الجهود التي تقوم بها الدولة لمواجهة الكارثة (الجزيرة)ويضيف الباحث "حتى يمكن التوصل إلى حل جذري لهذه الكارثة البيئية، يجب زيادة قدرة مرافق معالجة مياه الصرف الصحي بشكل عاجل، كما أن هناك ضرورة لاستكمال أنظمة فصل مياه الأمطار، التي تصب في الخليج جالبة معها مخلفات الحقول الزراعية المحيطة به، والمحملة بالأسمدة الكيميائية".
وبالإضافة لما سبق، أشار عدد من الخبراء إلى مسألة تصريف عدد من الأنهار التي تصب في الخليج، بما تحمله مياهها من رواسب وملوثات من المناطق الحضرية والصناعية، وذلك في ضوء حقيقة ضعف سريان المياه بالخليج والضحالة التي تتسم بها.
وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى حدوث ظواهر مثل زيادة الطحالب السامة التي تضر بالبيئة البحرية، حيث تستنفد كميات الأكسجين الموجودة بالمياه فتنفق الأسماك والأحياء البحرية ويسفر عن ذلك انبعاث الروائح الكريهة.
ووفقا لأحدث التقارير، فقد انخفضت مستويات الأكسجين في مياه الخليج إلى أقل من 1.8 ملليغرام لكل لتر في العديد من المواقع، وفي أماكن أخرى وصلت إلى الصفر، مما يشكل تهديدا خطيرا للنظام البيئي البحري به.
ويقع خليج إزمير على الساحل الغربي لتركيا، وهو جزء من بحر إيجه، ويشكل مدخلا مائيا رئيسيا لمدينة إزمير، ثالثة كبرى مدن تركيا، ويمتد الخليج على طول ساحلها الشمالي ويتصل به العديد من الأنهار والوديان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بيئي مستویات التلوث فی مستویات عدد من
إقرأ أيضاً:
وزير الري: نفذنا 3 مشروعات كبرى لمعالجة مياه الصرف ونحتاج 114 مليار متر مكعب سنويا
استعرض الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، الموقف المائي الحالي لمصر، موضحًا في تصريحات صحفية اليوم الاثنين أن احتياجاتها تصل إلى 114 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، في حين تُقدر مواردها المائية بـ59.6 مليار متر مكعب فقط سنويًا. وأضاف أن مصر تعيد استخدام 21 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، كما تستورد محاصيل زراعية من الخارج تعادل استهلاكًا مائيًا يُقدر بحوالي 33 مليار متر مكعب سنويًا.
إطلاق 3 مشروعات كبرى لمعالجة مياه الصرف الزراعيومع وجود فجوة بين الموارد والاحتياجات المائية، حسب سويلم، نفذت الدولة المصرية 3 مشروعات كبرى في مجال معالجة مياه الصرف الزراعي، هي الدلتا الجديدة وبحر البقر والمحسمة، بالإضافة لمنح أولويات لمشروعات التحول إلى نظم الري الحديث، وتطوير منظومة توزيع وإدارة المياه وتأهيل المنشآت المائية والبوابات، بما يسهم في توفير الاحتياجات للمنتفعين كافة، وتحقيق المرونة اللازمة للتعامل مع تحديات تغير المناخ.
تفاصيل الخطة القومية للموارد المائيةوأشار وزير الري إلى «وضع مصر خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037، وجارٍ تحديثها لزيادة المدى الزمني لها ليصل إلى عام 2050»، فيما استعرض ملامح الجيل الثاني لمنظومة الري في مصر، التي تعتمد على 8 محاور رئيسية، الأول خاص بمعالجة المياه والتحلية للإنتاج الكثيف للغذاء، إذ توسعت الدولة المصرية في إعادة استخدام ومعالجة مياه الصرف الزراعي، كأحد الحلول المستقبلية لمواجهة تحديات المياه والغذاء.
أما المحور الثاني من محاور الخطة القومية لتنمية الموارد المائية، حسب سويلم، فتتعلق بالتحول الرقمي، ويتضمن رقمنة بيانات الترع والمصارف والمنشآت المائية، وإعداد قواعد بيانات لعمليات مراقبة الترع والمصارف، واستخدام التصوير بالطائرات دون طيار لمراقبة المجاري المائية والتركيب المحصولي.
حساب زمامات المحاصيل باستخدام صور الأقمار الاصطناعيةوعن المحور الثالث من الخطة، قال سويلم إنها تتعلق بطرق الإدارة الذكية، من خلال نماذج التنبؤ بالأمطار، وحساب زمامات المحاصيل باستخدام صور الأقمار الاصطناعية، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في توزيع المياه، فيما تضمن المحور الرابع تأهيل المنشآت المائية والترع، وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل في السد العالي، وبدء مشروع تأهيل وإحلال المنشآت المائية، وتنفيذ مشروعات إحلال وتأهيل وصيانة المنشآت المائية الكبرى، والتوسع في مشروعات الحماية من السيول، وحماية الشواطئ المصرية.
حصر الممارسات الناجحة والمميزة للمزارعينوأوضح وزير الري أن المحور الخامس في الخطة يتمثل في الحوكمة، ويستهدف التوسع في تشكيل روابط مستخدمي المياه، وحصر الممارسات الناجحة والمميزة للمزارعين بهدف نشرها بينهم، أما المحور السادس فيتعلق بالعمل الخارجي، إذ قادت مصر مسارًا ناجحًا لرفع مكانة المياه ووضعها على رأس أجندة العمل المناخي العالمي من خلال أسابيع القاهرة للمياه، ومؤتمرات المناخ، ومؤتمر الأمم المتحدة للمياه، والمنتدى العالمي العاشر للمياه، بالإضافة لخدمة القارة الإفريقية خلال رئاسة مصر للأمكاو، وإطلاق مبادرة AWARe لخدمة الدول الإفريقية في مجال المياه والتكيف مع تغير المناخ.
ويتضمن المحور السابع «تطوير الموارد البشرية»، والعمل على سد الفجوات في بعض الوظائف، والتدريب وبناء قدرات العاملين بالوزارة، بينما تمثل المحور الثامن في إطلاق حملات التوعية، من خلال الندوات التوعوية والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وإطلاق حملة «على القد» لتوعية المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها.
دعم مصر في الدول الأفريقيةوعن دور مصر في دعم الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل، أوضح سويلم أن مصر تنفذ العديد من المشروعات في مجال المياه لخدمة المواطنين في هذه الدول، مثل تطهير المجاري المائية من الحشائش، وإنشاء سدود لحصاد مياه الأمطار، وحفر آبار جوفية تعمل بالطاقة الشمسية في المناطق النائية، بالإضافة إلى إنشاء مراكز للتنبؤ بالأمطار وقياس نوعية المياه، بتكلفة إجمالية تصل إلى 100 مليون دولار لكافة المشروعات. كما أشار إلى توقيع 25 مذكرة تفاهم وبروتوكول واتفاقية للتعاون الثنائي مع دول حوض النيل، إلى جانب التدريب وبناء القدرات من خلال المركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي (PACWA) ومركز تدريب معهد بحوث الهيدروليكا، بالإضافة للمنح المقدمة للدراسة في الجامعات المصرية.
وأشار إلى أن دول منابع حوض النيل تتمتع بوفرة في مواردها المائية، إذ يصل حجم الأمطار المتساقطة على حوض نهر النيل إلى نحو 1600 مليار متر مكعب سنويًا، بينما يبلغ حجم الأمطار المتساقطة على دول حوض النيل - سواء داخل حوض نهر النيل أو الأحواض الأخرى بهذه الدول نحو 7 آلاف مليار متر مكعب سنويًا، فيما تصل حصة مصر من المياه إلى 55.50 مليار متر مكعب سنويًا، وتعتمد عليها بنسبة 98% في توفير مواردها المائية المتجددة.