من وحي قصيدة: طَلل السودان .. للشاعر محمد المكي إبراهيم
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
خالد محمد فرح
نظم شاعرنا الكبير محمد المكي إبراهيم الذي أحزننا رحيله الفاجع مؤخراً، نظم منذ نحو عشرة أعوام أو أكثر، قصيدة عمودية خليلية، كانت نادرة وفريدة في شعره الذي تغلب عليه الحداثة بصفة عامة، كما هو معروف عنه، كواحد من أساطين شعر الحداثة في السودان. وقد قدم محمد المكي لتلك القصيدة بتوطئة تمثلت في هذه الكلمات: إزاء الخطب الجلل والكارثة الكبرى لتجزئة السودان وبلقنته، وجد الشاعر نفسه عائدا الى تقاليد القصيدة الجاهلية بأوابدها اللغوية ووقوفها الباكي على اطلال الاحباب الراحلين، وفي تقمصه للشاعر الجاهلي اصطنع الشاعر السوداني لغة جزلة قريبة من لغة ذلك العصر.
مهما يكن من أمر، فلقد أعجبتني قصيدة محمد المكي إبراهيم هذه، فانفعلت بها، وجاريتها بقصيدة من ذات البحر والقافية، سيجدها القارئ الكريم بعد قصيدة محمد المكي، وليعذرني القارئ إذا قصر الصدى عن أن يكون مثل الصوت.
على طلل السودان
شعر: محمد المكي إبراهيم
خليليَّ هذا َربْعُ عزِّةَ هــــــــــــذه رســـــومُ مغانيها وهذي ُطلولها
هنا كانتِ الأنسامُ تسري رخِيّةً تقرِّبُ أغصـــــانَ المُني إذْ تميلها
وكانت عشيَّاتُ الحِمى ذاتُ بهجةٍ يُدِلُّ بكاساتِ الســـــرورِ مُديلها
لقد نفذَ المقدورُ فيها فصوَّحــــــتْ بســـــاتينُها وانفضَّ عنها قبِيلُـها
فيا لكَ فيها من قبابٍ كواســــفٍ جرى بينها كالجدولِ الضحلٍ نيلُها
ويا لكَ فيها من حبيبٍ دفنتُه برابيةٍ لا ُيســــتطَاعُ وصولُها
فأصبحَ رســماً دارساً وأضـْـــــــعتُهُ بيهماءَ قَفْرٍ لا يبينُ ســـبيلُها
خليلي هذا ربعُ عَزَّةَ أنزِلا نُخفِفُّ عن هذي القلوبِ حمولها
دعاني أُسرِّي الهمَّ عني بعبرةٍ تبرِّدُ أضلاعي وتشفي غليلـها
بلطمٍ ولثمٍ للترابِ وحثْوِهِ على الرأسِ والاعضــــاءِ فُلُّتْ فلولها
فكيف اصطباري إذ أراها صريعةً ولا قولَ لي في أرْشِها وُذحولها
وكيف هلاكي دونَها حيثُ لم يكـن قتالٌ ولم ينهضْ لحربٍ فحـــولها
لقد أسلموها هاربين وهرولوا وما همَّهم من عُلْوِها أو سُفولها
سلامٌ عليها شدَّما كنتُ أرتجي لأدوائـــــها طِباً رؤوماً يزيلها
فتصبحُ روضاً للإخاءِ وبيعةَ يطيبُ لأيفاعِ اليمـــــامِ نزولها
لحى اللهُ قوماً مزقوها وأبعـــــــــــــدوا شقيقين كانا خُلُّةً وخليلها
على طللِ السودانِ حِلًّ لك البكا وحِلّ لأنهارِ الدموعِ مسيلها
وما الدمعُ والحزنُ العقيمُ بنافعٍ إذا لم تُعبّى للطّراد خيولها
--------------------
على ربى السودان / قصيدة
تسلية للشاعر محمد المكي إبراهيم
تأليف: د. خالد محمد فرح
لعزةَ آثارٌ تلوحُ طلولًها يقربها فوقَ المطايا ذميلُها
بكى الشاعر المكيُّ ولهانَ مشفقاً على عزّ لما أن تراءى رحيلُها
بكى يا لعمري وحُق له البكا مخافةَ أن تفنى ويغتالَ غولُها
رثاها بلاداً ما تزالُ عزيزةً برغم الأعادي قد تنادت فلولُها
وما عزُّ إلا أرضنا وبلادنا بلادٌ حداها للمعالي فحولُها
وعزُّ عروسٌ من حمى النيل زفَّها لأسمى المراقي زينُها وعديلُها
بلادٌ لأصلِ الخير والفضل معدنٌ إلى آخر الأزمان جُرّتْ ذيولُها
وما زالت الفرسان فيها قد اعتلت من الخيل جُرداً قد تعالى صهيلُها
إذا شبّت الهيجاءُ ثار غضنفرٌ وأرعدَ جاموسٌ وأرقلَ فيلُها
وصالَ فتاها في إباءٍ ونخوةٍ وأطربَ شاديها وغنّى خليلُها
وغرد عصفورٌ على فرع بانةٍ فأطربها شجواً فهو زهواً يُميلُها
وهبّ دعاشٌ ينعش الروحَ عرْفُه وجاشتْ سواقيها وأغدق نيلُها
ودوى هزيمُ الرعد في الليل موهناً بسارية سحٍّ تطمُّ سيولُها
بغيثٍ عميمٍ يملأُ الأرضَ وبْلُهُ يهشِّ إليهِ طلحُها وهبيلُها
فأينع نخلٌ في الجروف وحنطةٌ وأزهرَ ليمونٌ ونوّر فولُها
وحنّتْ نياقٌ فاستجاشت لواعجٌ وهيّج شوقاً للحمام هديلُها
فما هي إلا غمرةٌ وستنجلي وينجابُ عنها كلُّ سوءٍ يهولُها
وتعلو بها للعز والمجد رايةٌ فيُكبتُ شانيها ويُكوى عذولُها
وإنّ الذي يسعى ليقهرَ أمتي كساعٍ إلى الشمّ الرواسي يُزيلُها
فما ظنت الأغيارُ في شأنٍ أمةٍ لها اللهُ مولاها ، وطهَ رسولُها
khaldoon90@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: محمد المکی إبراهیم
إقرأ أيضاً:
محمد بن سلمان يستقبل البرهان.. وإنشاء مجلس تنسيق مشترك
استقبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الجمعة، في قصر الصفا بمكة المكرمة، رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق الأول ركن عبدالفتاح البرهان.
وجرى خلال الاستقبال استعراض مستجدات الأوضاع في السودان والجهود المبذولة تجاهها بما يحقق الأمن والاستقرار في السودان، حسب وكالة الأنباء السعودية.
وتم بحث آفاق التعاون بين البلدين، وتم التوافق على إنشاء مجلس تنسيق يُعنى بتعزيز العلاقات الثنائية في شتى المجالات.
ويأتي هذا اللقاء بعد انتصارات حققها الجيش السوداني على قوات الدعم السريع، حيث تمكنت قوات البرهان من استعادة السيطرة على مطار الخرطوم ومناطق في العاصمة.
وتدور معارك منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أدت إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف ونزوح وتهجير الملايين وخسائر فادحة.
ودعت السعودية سابقا “الأطراف السودانية إلى تغليب مصلحة السودان على أي مصالح فئوية، والعمل على تجنيبه مخاطر الانقسام والفوضى”.
وسبق أن رعت السعودية جولات تفاوض عدة في مدينة جدة دون التمكن من دفع الأطراف للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتساب