يقول متطوعون محليون ساعدوا في إطعام أشد الناس فقرا في السودان على مدى 17 شهرا منذ اندلاع الصراع هناك، إن هجمات تستهدفهم يشنها الطرفان المتحاربان تجعل من الصعب تقديم المساعدات الضرورية وسط أكبر أزمة جوع في العالم.

وفرّ كثير من المتطوعين خوفا من تهديدات بالاعتقال‭‭‭ ‬‬‬أو العنف، وتوقفت المطابخ الخيرية (المعروفة في السودان باسم التكايا) التي أقاموها في بعض المناطق الأكثر نكبة عن تقديم الوجبات لأسابيع في كل مرة.

وتشير تقديرات إلى أن مئات الأشخاص يموتون يوميا من الجوع والأمراض المرتبطة بالجوع في السودان.

وتحدثت رويترز مع 24 متطوعا يديرون مطابخ في ولاية الخرطوم بوسط السودان ودارفور في الغرب، وأجزاء من الشرق، حيث فر الملايين من منازلهم وفقدوا سبل عيشهم منذ اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وكثفت منظمات إنسانية دولية دعمها للمتطوعين لأنها لم تتمكن من توصيل المساعدات الغذائية إلى مناطق بالبلاد يحدق بها خطر المجاعة. لكن عشرة من المتطوعين قالوا لرويترز عبر الهاتف إن هذا جعلهم أكثر عرضة للنهب من قبل قوات الدعم السريع.

وقال جهاد صلاح الدين، وهو متطوع غادر مدينة الخرطوم العام الماضي وتحدث من القاهرة "كنا في أمان عندما لم تكن قوات الدعم السريع على علم بالتمويل... ينظرون إلى مطابخنا كمصدر للطعام".

وصرح 12 متطوعا إن كلا من طرفي الصراع هاجم أو احتجز متطوعين للاشتباه في تعاونهم مع الطرف الآخر.

وتحدث معظم المتطوعين شريطة عدم نشر هوياتهم خوفا من الانتقام.

مستشفيات السودان.. تضاؤل مستمر وتراجع في الخدمات وسط الحرب أدى عام ونصف من الحرب في السودان إلى كارثة إنسانية في واحدة من أكبر دول أفريقيا.

وقال متطوع في بحري، وهي مدينة تشكل إلى جانب الخرطوم وأم درمان منطقة العاصمة السودانية الكبرى، إن جنودا يرتدون زي قوات الدعم السريع سرقوا الهاتف الذي كان يستخدمه لتلقي التبرعات عبر تطبيق مصرفي على الهاتف المحمول إلى جانب ثلاثة ملايين جنيه سوداني (1200 دولار) نقدا مخصصة للغذاء في يونيو.

وأضاف أن هذه كانت واحدة من خمس وقائع هذا العام تعرض فيها للهجوم أو المضايقة من قبل القوات شبه العسكرية التي تسيطر على أحياء يشرف فيها على 21 مطبخا تخدم نحو 10 آلاف شخص.

وذكر أنه في وقت لاحق من شهر يونيو اقتحمت قوات منزلا يضم أحد المطابخ في منتصف الليل وسرقت أكياسا من الذرة والفول. وقال المتطوع، الذي كان نائما في ذلك المنزل، إنه تم تقييده وتكميمه وجلده لساعات من قبل القوات للحصول منه على معلومات حول من يمول مجموعة المتطوعين التي ينتمي إليها.

ولم تتمكن رويترز من التحقق من روايته بشكل مستقل، لكن ثلاثة متطوعين آخرين قالوا إنه أبلغ بقية المجموعة بما حدث في ذلك الوقت.

ووفقا لثمانية متطوعين من ولاية الخرطوم، التي تسيطر قوات الدعم السريع على معظمها، ارتفعت وتيرة هذه الحوادث مع زيادة التمويل الدولي للمطابخ الخيرية مع اقتراب فصل الصيف.

وهناك مطابخ كثيرة لا توثق الهجمات، بينما رفض البعض الآخر تقديم التفاصيل خوفا من جذب الانتباه غير المرغوب فيه. ومع ذلك، وصف المتطوعون لرويترز 25 واقعة استهدفت خلالها مطابخهم أو متطوعين في الولاية منذ يوليو تموز، بما في ذلك المزيد من السرقات والضرب واحتجاز ما لا يقل عن 52 شخصا.

وأعلنت مجموعات تدير مطابخ هناك عن مقتل ثلاثة متطوعين على الأقل في هجمات مسلحة، بما في ذلك شخص قالوا إنه قُتل برصاص قوات الدعم السريع في حي الشجرة بالخرطوم في سبتمبر. ولم تتضح هويات المهاجمين الآخرين حتى الآن، ولم تتمكن رويترز من التحقق من الروايات.

أزمة الغذاء في السودان

وقال مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في السودان، إيدي رو "المطابخ المجتمعية في السودان تشكل شريان حياة للأشخاص الذين تقطعت بهم السبل في مناطق تشهد صراعا مستمرا". وأضاف لرويترز "من خلال دعمها، يتمكن برنامج الأغذية العالمي من توصيل الغذاء إلى أيدي مئات الآلاف من الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة، حتى في مواجهة القيود الشديدة على الوصول إلى المساعدات". وذكر أنه يجب ضمان سلامة عمال الإغاثة.

ولم ترد قوات الدعم السريع ولا الجيش السوداني على أسئلة بشأن هذا التقرير. ولكن قوات الدعم السريع نفت في وقت سابق استهداف فرق الإغاثة وقالت إن أي عناصر مارقة تفعل ذلك ستُقدم إلى العدالة.

وقال الجيش أيضا إنه لا يستهدف عمال الإغاثة، لكن أي شخص يتعاون مع قوات الدعم السريع "المتمردة" معرض للاعتقال.

اللاجئون السودانيون في مصر.. صعوبات تعرقل تسجيل أطفالهم بالمدارس أصبح تسجيل الأطفال في المدارس السودانية أو المصرية بالنسبة للعديد من اللاجئين السودانيين في مصر بمثابة كفاح لأسباب اقتصادية وأخرى تتعلق بوثائق الإقامة. عناصر مارقة

يقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن أكثر من نصف سكان السودان، أي 25.6 مليون شخص، يعانون من الجوع الحاد ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة. وفي المناطق الأكثر نكبة لجأ السكان النازحون بسبب القتال أو المحاصرون في منازلهم إلى أكل الحشائش وأوراق الشجر.

وأقام متطوعون محليون مئات المطابخ في بدايات الحرب والتي كانت تقدم مرة أو مرتين في اليوم وجبات ساخنة، تتكون عادة من عصيدة الذرة الرفيعة أو العدس أو الفول. ولكن مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع التبرعات الخاصة، اضطر البعض إلى وقف أو تقليص الخدمات إلى خمس مرات فقط في الشهر.

وفي ولاية شمال دارفور، كان على مجموعة تدير مطابخ في مخيم يؤوي نصف مليون شخص نزحوا بسبب العنف العرقي التوقف عدة مرات عن تقديم الوجبات بسبب عدم كفاية التمويل، حسبما قال أحد المتطوعين هناك.

وفي أغسطس، قالت هيئة عالمية معنية بأزمات الجوع، في أغسطس، إن الصراع والقيود المفروضة على تسليم المساعدات تسببا في مجاعة في مخيم زمزم.

وتدير (غرف الطوارئ)، وهي شبكة واسعة من المجموعات المجتمعية، الكثير من المطابخ الخيرية، وحاولت الحفاظ على استمرار الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء وتوزيع المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

ولا يثق الجيش ولا قوات الدعم السريع في هذه المجموعات، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنها تضم أشخاصا كانوا أعضاء في "لجان المقاومة" التي قادت احتجاجات مؤيدة للديمقراطية خلال الانتفاضة التي أطاحت بعمر البشير في عام 2019. وقال المتطوعون الذين تحدثوا إلى رويترز، إن أهداف غرف الطوارئ إنسانية بحتة.

"اغتصاب وتعذيب واعتقالات قسرية".. اتهامات أممية لطرفي الصراع في السودان أكدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في السودان، الجمعة، أن طرفي الصراع ارتكبا انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، مشددة على أن القوى العالمية إرسال قوات حفظ سلام وتوسيع حظر الأسلحة لحماية المدنيين.

وشارك الجيش وقوات الدعم السريع في انقلاب عسكري بعد عامين من الإطاحة بالبشير، لكن خلافات دبت بينهما لتشعل فتيل حرب مستمرة منذ أبريل نيسان 2023.

وفي المناطق الأكثر تضررا، قال متطوعون محليون إنهم يتعرضون للاستهداف أسبوعيا أو كل بضعة أيام من قبل عناصر مارقة، مقارنة بما يقرب من مرة واحدة في الشهر، في وقت سابق من العام. وبدأ البعض في إخفاء الإمدادات الغذائية في مواقع مختلفة لتجنب خسارتها في هجوم واحد.

وتحدثت رويترز إلى تسعة متطوعين فروا من أجزاء مختلفة من السودان بعد استهدافهم من قبل طرفي الصراع.

وقال المتطوع صلاح الدين "هذه الهجمات لها تأثير سلبي كبير على عملنا. نخسر المتطوعين الذين يخدمون مناطقهم".

وفي مناطق يحتفظ الجيش بالسيطرة عليها، وصف ستة متطوعين الاعتقالات والمراقبة التي قالوا إنها أثنت أشخاصا كانوا يساعدون في إدارة المطابخ عن مواصلة هذه المهمة، مما قلل من قدرتهم على العمل.

وتوصلت بعثة لتقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة إلى أنه من بين 65 قضية نظرتها محاكم شكلها الجيش لمن قال إنهم "قادة وموظفون" يتبعون قوات الدعم السريع حتى يونيو، استهدفت 63 دعوى نشطاء وعاملين في المجال الإنساني. وقالت البعثة في تقريرها إن من بينهم أعضاء في غرف الطوارئ.

ووفقا لموظفي إغاثة، استخدم كلا الجانبين تكتيكات تشبه الحصار لمنع وصول الغذاء والإمدادات الأخرى إلى الجانب الآخر. وأضافوا أن قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها نهبت مراكز المساعدات والمحاصيل.

وتبادل الطرفان المتحاربان الاتهامات بشأن تأخير تسليم مواد الإغاثة الغذائية، في حين نفت قوات الدعم السريع نهب المساعدات.

وقال قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن، عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان، دقلو (حميدتي) في سبتمبر،  إنهما ملتزمان بتسهيل تدفق المساعدات.

 تردد المانحين

قال عبد الله قمر، أحد المنظمين بولاية الخرطوم إنه مع تفشي الجوع أنشأت غرف الطوارئ 419 مطبخا بهدف خدمة أكثر من مليون شخص يوميا في الولاية وحدها. لكن المتطوعين يكابدون لتأمين 1.175 مليون دولار لازمة لذلك كل شهر. وقال قمر لرويترز إنهم تلقوا في سبتمبر  نحو 614 ألف دولار.

وقال قمر إن معظم الدعم كان يأتي في البداية من السودانيين المغتربين، لكن موارد هؤلاء المانحين نضبت.

وأشار موظفو الإغاثة إلى أن كثيرا من المانحين الأجانب ترددوا في تمويل المطابخ لأن المجموعات التي تديرها غير مسجلة لدى الحكومة وتستخدم في الغالب حسابات مصرفية شخصية.

وقالت ماتيلد فو، مسؤولة الشأن السوداني في المجلس النرويجي للاجئين "هناك الكثير من العزوف عن المخاطرة عندما يتعلق الأمر بدعم البرامج غير المسجلة".

وأضافت أن المجلس بدأ في دعم جهات محلية تقدم مساعدات في السودان العام الماضي. وقالت "الآن نرى أن الكثير من المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة والجهات المانحة بدأت تدرك أننا لا نستطيع تقديم أي استجابة إنسانية -أي لا يمكننا إنقاذ الأرواح- بدونهم".

ويعمل بعض المانحين الآن من خلال وسطاء مسجلين للحصول على تمويل للمطابخ الخيرية. على سبيل المثال، بدأ برنامج الأغذية العالمي في الشراكة مع مجموعات المساعدة المحلية في يوليو، لمساعدة حوالي 200 مطبخ في توفير وجبات ساخنة لما يصل إلى 175 ألف شخص يوميا في منطقة الخرطوم الكبرى، حيث أنفق أكثر من مليوني دولار حتى الآن، حسبما قالت المتحدثة باسم البرنامج في السودان ليني كينزلي.

ورحب المتطوعون بالدعم، لكنهم قالوا إن الأمر قد يستغرق أسابيع حتى تصل الأموال إلى المطابخ من خلال الوسطاء. وقالوا إن المتطلبات المرهقة المتعلقة بتقديم التقارير تزيد من التأخير.

بعد عام ونصف على الحرب.. "حاجة طارئة لحماية المدنيين" في السودان بعد نحو عام ونصف على الحرب في السودان، لا تزال المعارك تستعر في المدن بينما يعاني السكان من الجوع والأمراض، حيث يتنافس جنرالان على السلطة، ولا حل يلوح في الأفق.

وقال محمد عبد الله، المتحدث باسم غرفة الطوارئ في جنوب الخرطوم "تعمل المطابخ بشكل متقطع، لا يوجد تمويل ثابت". وقال إن غرفة الطوارئ لا تملك في بعض الأحيان سوى ما يكفي لتوفير وجبات الطعام مرة واحدة في الأسبوع، بما في ذلك في الأحياء المعرضة لخطر المجاعة.

وقال جاستن برادي رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان، إن المانحين يحتاجون إلى ما يضمن استخدام الأموال للغرض المستهدف لكنهم اتخذوا خطوات لتبسيط العملية.

وفي الوقت نفسه، تتزايد الاحتياجات.

وقال المتطوعون إن قدوم موسم الأمطار خلال الصيف تسبب في فيضانات مفاجئة وفاقم خطر الإصابة بأمراض قاتلة، من بينها الكوليرا والملاريا، مما أدى إلى استنزاف الموارد بشكل أكبر.

وانخفضت قيمة الجنيه السوداني 300 بالمئة مقابل الدولار منذ بداية الحرب، كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنفس النسبة تقريبا، وفقا لمسوحات برنامج الأغذية العالمي.

وقالت هند لطيف، المتحدثة باسم المتطوعين في منطقة شرق النيل المجاورة لمدينة بحري،  إن العديد من الناس يموتون من الجوع كل شهر "في أحياء كان لدينا فيها مطبخ واحد، نحتاج الآن إلى ثلاثة مطابخ أخرى... ومع استمرار الحرب، سنرى المزيد من الناس يصلون إلى الحضيض".

وفي أحد أحياء بحري يصطف الناس مرتين في اليوم حاملين أوعية ودلاء لجمع مغارف من العصيدة التي يتم إعدادها على نار في فناء منزل أحد المتطوعين. ويقف بينهم معلمون وتجار وغيرهم ممن انقطعت سبل عيشهم.

وقالت ربة منزل تبلغ من العمر 50 عاما، طلبت عدم نشر اسمها مثل غيرها من الذين أجريت معهم المقابلات لأسباب أمنية "ليس لدينا أي طعام في المنزل لأننا لا نملك المال. نعتمد على المطبخ... ليس لدينا بديل".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: برنامج الأغذیة العالمی قوات الدعم السریع الأمم المتحدة غرف الطوارئ فی السودان قالوا إن من الجوع مطابخ فی من قبل إلى أن فی ذلک

إقرأ أيضاً:

الانقسام السياسي بالسودان في ظل الحرب الراهنة: تحليل مختلف للمشهد السياسي والاجتماعي

تشهد الحالة السودانية منذ اندلاع الحرب الأخيرة في 15 نيسان/ أبريل 2023 انقساما سياسيا حادا يعكس طبيعة الأزمة المستمرة في البلاد منذ سنوات. هذا الانقسام، وإن بدا ظاهرة جديدة بالنسبة للجيل الحالي، إلا أنه يعيد إلى الأذهان تجارب تاريخية مشابهة في دول شهدت صراعات داخلية امتزجت فيها المصالح الإقليمية والدولية.

وبينما يبرر كل فريق موقفه استنادا إلى سرديته الخاصة، يبقى السودان في حالة من الفوضى التي تهدد استقراره الداخلي وتؤثر سلبا على المنطقة بأسرها.

النخب السودانية بين دعم الجيش والدعم السريع

على صعيد النخب السودانية، يمكن تقسيمها إلى فريقين رئيسيين لكل منهما رؤيته وأسلوبه في التعبير عن موقفه.

الفريق الأول: دعم القوات المسلحة السودانية
يؤدي استمرار الحرب إلى انهيار مؤسسات الدولة، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويضع البلاد على حافة التفكك. وقد أدى الانقسام السياسي إلى غياب رؤية موحدة لحل الأزمة، بينما يواجه المواطن السوداني مأساة يومية تتمثل في فقدان الأمن، النزوح الجماعي، والانهيار الاقتصادي
يدافع هذا الفريق عن الجيش السوداني باعتباره مؤسسة وطنية تمثل الدولة السودانية بكل ما تحمله من رمزية. وبرغم الأخطاء المرتكبة، يرى هذا الفريق أن الجيش يمكن إصلاحه وضمان استمراره كعمود فقري للأمن القومي.

- اتهام الدعم السريع بإشعال الحرب: يعتبر هذا الفريق أن مليشيا الدعم السريع هي الطرف الذي أشعل فتيل الحرب بهدف السيطرة على السلطة، مستندة إلى دعم إقليمي ودولي لتحقيق مصالحها.

- إدانة انتهاكات الدعم السريع: يدينون ممارسات الدعم السريع، مثل احتلال المنازل، والسرقة، وانتهاك حقوق المدنيين، وتشريدهم قسرا. وكثير من حوادث الاغتصاب الموثقة دوليا كما حدث في ولايات سنار والجزيرة وغرب دارفور والتي استولت عليها دون قتال وبعد انسحاب القوات المسلحة.

- خروقات الاتفاقيات: يركز هذا الفريق على عدم التزام الدعم السريع باتفاق جدة (أيار/ مايو 2023م) مع القوات المسلحة واتفاق أديس أبابا (كانون الثاني/ يناير 2024) مع تنسيقية تقدم، ما يُظهر عدم جديتهم في إنهاء الصراع.

- الإيمان بانتصار الجيش: يؤمنون أن الجيش قادر على تحقيق النصر، ولو استغرق الأمر وقتا طويلا، ويعتبرون أن هذا الخيار هو السبيل المنطقي والواقعي لإنهاء الحرب في ظل عدم التزام الدعم السريع بالاتفاقيات وفي ظل مهاجمته للمواطن الأعزل.

- رفض شعار "لا للحرب": يرون أن هذا الشعار قاصر وغير عملي في ظل غياب آليات للتنفيذ، واعتباره مجرد أداة انحياز لطرف دون الآخر.

الفريق الثاني: تبني سردية الدعم السريع

في المقابل، يناصر الفريق الآخر قوات الدعم السريع، معتبرا أن الحرب جاءت نتيجة صراعات داخل الجيش نفسه، ولا سيما بسبب وجود ما يسمى بـ"كتائب الظل" المرتبطة بالحركة الإسلامية.

- اتهام الجيش بإشعال الحرب: يرى هذا الفريق أن كتائب الحركة الإسلامية داخل الجيش هي التي أشعلت الحرب بهدف منع التحول الديمقراطي وإعادة السودان إلى ما قبل ثورة 2018.

- الدعم السريع والديمقراطية: يعتقدون أن الدعم السريع أكثر التزاما بالديمقراطية وأنه يسعى لحماية مكتسبات الثورة من عودة النظام السابق.

- دور الحلفاء الخارجيين: يتهمون دولا مثل روسيا، ومصر، توركيا، وقطر بدعم القوات المسلحة السودانية لتمكينها من السيطرة الكاملة على البلاد.

- حظر الطيران: يطالبون المجتمع الدولي بحظر الطيران لحماية المدنيين، مؤكدين أن الضحايا يسقطون جراء قصف الطيران الحربي التابع للجيش.

- رفض انتصار أي طرف: يشددون على أن انتصار أي طرف يعني تأسيس نظام ديكتاتوري جديد.. مع التأكيد المستمر عن عجز وتخلي القوات المسلحة عن دورها في حماية المدنيين

- التقليل من انتهاكات الدعم السريع: يعتبرون أن مأساة الشعب السوداني سببها الحرب بحد ذاتها وليس ممارسات الدعم السريع، التي يرونها مبالغا فيها في الإعلام المؤيد للجيش.

- شرعية الدعم السريع: يبرزون أن الدعم السريع هو مؤسسة قانونية، تم إنشاؤها بإجازة من برلمان ما قبل ثورة 2018.

- المطالبة بتدخل دولي: يدعون إلى تدخل دولي تحت البند السادس أو السابع لحماية المدنيين ووضع حد للصراع.

تأثير الانقسام على السودان والمنطقة

هذا الانقسام السياسي الحاد لا يقتصر تأثيره على السودان فقط، بل يمتد ليشمل منطقة القرن الأفريقي بأكملها، حيث يمثل السودان دولة محورية تاريخيا وجغرافيا.

داخليا: أزمة استقرار وهيكلية الدولة

يؤدي استمرار الحرب إلى انهيار مؤسسات الدولة، ما يفاقم الأزمة الإنسانية ويضع البلاد على حافة التفكك. وقد أدى الانقسام السياسي إلى غياب رؤية موحدة لحل الأزمة، بينما يواجه المواطن السوداني مأساة يومية تتمثل في فقدان الأمن، النزوح الجماعي، والانهيار الاقتصادي.

إقليميا: تأثيرات على الجوار
بينما تتصاعد المعاناة الإنسانية، يبقى الأمل في وعي النخب السياسية بضرورة وضع حد لهذه الحرب المدمرة والعمل معا لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد
يمثل السودان لاعبا رئيسيا في منطقة القرن الأفريقي، وانهياره يهدد استقرار دول الجوار مثل إثيوبيا، وتشاد، وجنوب السودان. كما أن تدفق اللاجئين السودانيين يضيف عبئا إضافيا على الدول المجاورة التي تعاني بالفعل من أزمات داخلية.

دوليا: تدخلات متزايدة وصراع مصالح

مع وجود قوى إقليمية ودولية متورطة في الصراع، يصبح السودان ساحة لتصفية الحسابات. يدعم هذا السيناريو استمرار الحرب، ما يعقد إمكانية الوصول إلى حلول سياسية سلمية.

نحو حل مستدام

لإنهاء هذه الأزمة، يجب أن يكون هناك حوار سياسي شامل يضع مصالح السودان فوق المصالح الفئوية. ويجب أن يتم تعزيز دور المؤسسات المدنية والمجتمع الدولي لتقديم حلول تضمن وقف الحرب وإعادة بناء الدولة السودانية على أسس ديمقراطية ومستدامة.

الخلاصة

الانقسام السياسي في السودان هو انعكاس لأزمة عميقة تتطلب معالجة جذرية تتجاوز الحلول السطحية. وبينما تتصاعد المعاناة الإنسانية، يبقى الأمل في وعي النخب السياسية بضرورة وضع حد لهذه الحرب المدمرة والعمل معا لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.

مقالات مشابهة

  • الانقسام السياسي بالسودان في ظل الحرب الراهنة: تحليل مختلف للمشهد السياسي والاجتماعي
  • 38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب “عنف جنسي”
  • رايتس ووتش تتهم قوات الدعم السريع بارتكاب عنف جنسي في السودان
  • "كلهم اغتصبوني.. كانوا ستة"! شهادات مروعة عن جرائم قوات الدعم السريع في السودان
  • "رايتس ووتش" تتّهم قوات الدعم السريع بارتكاب أعمال عنف جنسي في السودان  
  • 38 قتيلا بالفاشر واتهامات للدعم السريع بارتكاب عنف جنسي
  • هيومن رايتس ...الدعم السريع ارتكب جرائم اغتصاب شملت قاصرات بالسودان
  • القاهرة رفضت محاولات إماراتية للتوسّط وتقريب وجهات النظر مع قائد قوات الدعم السريع
  • مقتل 6 أشخاص في هجوم لقوات الدعم السريع على “القطينة الغربية”
  • مقتل ثلاثة مدنيين في هجوم لقوات الدعم السريع في غرب السودان