لجريدة عمان:
2025-10-18@17:03:16 GMT

خطّ عُمان

تاريخ النشر: 5th, October 2024 GMT

بعض المشاريع الثقافية تُشعِر المرء بالفخر ببلده، والاعتزاز بثقافتها، هذا هو باختصار ما يمكن أن أصف به مشروع «خطّ عُمان»؛ الخطّ الحاسوبي المستلهم من الإرث الثقافي العُماني بعد أن تمعن عدد من الشغوفين بالخطوط في جمالية خط المخطوطات العمانية، و«استشعروا خصوصيته الأسلوبية والسمات البصرية المميِّزة لحروفه» على حد تعبير معدّي الكتاب الموثِّق لهذا الابتكار؛ وهو كتاب «خط عمان: من المخطوطات إلى الرقمنة» الذي تَشَارَكَ في إعداده الباحثون ياسر منجي وسلمان الحجري، وسالم المنظري.

عمل القائمون على مشروع «خط عُمان» في البداية على تحليل عدد كبير من المخطوطات العمانية؛ «بهدف التمهيد لتقعيد أنماط الكتابة وأقلام الخطوط العمانية الأصيلة، المشتقة من أقلام الخط العربي، والمتسلسلة عنها قديما وحديثا عبر التاريخ»، وعملوا على تحليل مجموعة من النماذج الخطية العمانية، المستمدة من مخطوطات عمانية تنتمي لحقب زمنية مختلفة، كما حللوا ما يتصل بدراسة التحولات التاريخية للأنماط الخطية العمانية، وعلاقات المثاقفة التي نشأت بينها وبين تسلسل التطور التاريخي لأنماط الكتابة العربية على امتداد تاريخها. وبعد تحليل نتائج الدراسة «شرع عدد من الخطاطين العمانيين المعاصرين في مرحلة محاكاة رسم المخطوطات بكتابة جميع أشكال الحروف العربية في مختلف مواضعها، مهتدين بالسمات العامة للخط العُماني المستخلصة من الدراسة.

المُبهِج في الأمر أن «خطّ عُمان» هنا لا يقتصر على كونه تطورًا جماليًّا فحسب، بل يمتد ليكون عنصرًا ثقافيًّا يعزز الهوية العُمانية، وهذا ما أكده الدكتور سلمان الحجري، أحد المشاركين في المشروع، في حواره مع هدى حمد لملحق عُمان الثقافي، وهو أن الدافع وراء هذه التجربة «يكمن في ثلاثة أسباب رئيسية: أولًا، المحافظة على التراث الثقافي العُماني، وثانيًا، إبراز جماليات الخط النسخي العُماني للعالم، وثالثًا، تلبية متطلبات العصر الرقمي من خلال توفير خط حاسوبي مبتكر».

عمل مضنٍ بدأ في سبتمبر من عام 2020 (أي في عز جائحة كورونا) واستمرّ حتى عام 2022، عكف خلاله فريق من الخطاطين والمصممين والمبرمجين العُمانيين على دراسة مجموعة كبيرة من المخطوطات العُمانية، بهدف استنباط السمات الخطية المميزة لها. وجرى اختيار أشكال حروف محددة من نماذج خطية تنتمي لحقب زمنية مختلفة، كما تم تحليل التحولات التاريخية لهذه الأنماط، ودراسة تأثير المثاقفة الحضارية على تطور الخط العُماني. وهنا تبرز الخاصيّة الفريدة التي تميّز بها التراث الخطّي العُماني، وتأسس عليها المشروع، وهي - كما يوضّح الباحث ياسر منجي، في الحوار نفسه مع ملحق عُمان الثقافي - خاصيّة تفرد نمط الخط النسخي العُماني بسمات شكلية وأسلوبية تميزه عن غيره من الأنماط الخطية في سائر الأقطار العربية، فالمخطوطات العُمانية تتسم بوضوحها وسهولة قراءتها، وبساطتها التي تعكس بساطة العُماني وفطرته الطبيعية التي اتسم بها عبر التاريخ.

نعلم جيدًا أن الخطّ العربي بشكل عام له مكانة عالمية كبيرة، ولستُ هنا بحاجة للتذكير أن منظمة اليونسكو سجّلتْه ضمن التراث العالمي غير المادي في نهاية عام 2022م، بجهود دول عربية كثيرة من ضمنها سلطنة عُمان. ولذا، فإنه يُمكن عَدُّ «خط عُمان» مساهمة عُمانية في حفظ هذا الخطّ ونشره، خاصةً إذا ما علِمْنا أن هذا المشروع لم يتوقف عند حدود تطوير الخط العربي، بل شمل أيضًا تطوير خط لاتيني مستوحى من جماليات الخط العربي، مما يتيح استخدام «خط عمان» في الكتابة بعدة لغات مثل الفارسية والأوردو، وكذلك اللغات الأوروبية التي تعتمد الأبجدية اللاتينية. هذا التنوع في الاستخدام يعكس قدرة «خط عمان» على الجمع بين الأصالة والتجديد، وتقديم الحلول الرقمية للعالم بشكل يتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية. ولذا، فإن داعمي هذا المشروع يستحقون كل الشكر والتقدير، وأعني هنا تحديدًا «الصندوق الوقفي لمصحف مسقط الإلكتروني» وشركة التقنيات العالمية الصاعدة، اللذين موّلا المشروع، والكتب الصادرة عنه.

وها هو «خط عمان» أصبح الآن جاهزًا للاستخدام في التطبيقات الرقمية المختلفة، ويُمكن اعتماده في مجالات الطباعة والنشر والإعلام الرقمي. وكم سيكون جميلًا لو أن المؤسسات العُمانية تبنت هذا الخط المعبِّر عن هويتنا وثقافتنا في المراسلات الرسمية، والمنشورات الإعلانية، والمواد المطبوعة. كما يمكن له – كما يؤكد القائمون عليه - أن يؤدي دورًا في تعزيز الهوية البصرية لسلطنة عُمان في مختلف المحافل الثقافية والإعلامية، إضافة إلى إمكانية استخدامه في تسويق المنتجات وترويج السياحة الثقافية لعُمان.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المخطوطات الع الع مانیة الع مانی خط عمان ع مانیة

إقرأ أيضاً:

كلمة في يوم المرأة العمانية

يُعد يوم المرأة العُمانية مناسبة وطنية مميزة تحتفي فيها السلطنة بعطاء المرأة ودورها الريادي في بناء المجتمع وتقدّم الوطن. ففي هذا اليوم، تتجدد مشاعر الفخر والاعتزاز بإنجازات المرأة العُمانية التي أثبتت قدرتها على الموازنة بين الأصالة والمعاصرة، وأسهمت بعلمها وجهدها في مسيرة النهضة والتنمية التي تشهدها عُمان. ويجسد هذا اليوم رؤية القيادة الحكيمة التي آمنت بدور المرأة كشريك حقيقي في صناعة المستقبل المزدهر للوطن.

اقرأ ايضاًشعر عن يوم المرأة العمانية

في هذا اليوم المبارك، نحتفي بالمرأة العُمانية التي كانت وما زالت ركيزة أساسية في بناء هذا الوطن الغالي. فقد أثبتت حضورها في كل ميادين العطاء، من التعليم إلى الطب، ومن القيادة إلى الإبداع، مساهمةً بعلمها وجهدها في نهضة عُمان الحديثة التي أرساها القائد الراحل السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه، ويواصل مسيرتها المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه.

إن يوم المرأة العُمانية ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو تأكيد على إيمان الدولة بدور المرأة ومكانتها، وتقدير لعطائها اللامحدود في خدمة المجتمع والوطن. فهي الأم والمعلمة، والقائدة والطموحة، تمضي بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر إشراقاً.

كل عام والمرأة العُمانية رمز فخرٍ وعز، وكل عام وهي شريكة في التنمية وصانعة للأمل.

كلمات دالة:كلمة في يوم المرأة العمانيةيوم المرأة العمانية تابعونا على مواقع التواصل:InstagramFBTwitter

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

نادين طاهر مُحررة قسم صحة وجمال

انضمّتْ إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" عام 2013 كمُحررة قي قسم صحة وجمال بعدَ أن عَملت مُسبقًا كمحُررة في "شركة مكتوب - ياهو". وكان لطاقتها الإيجابية الأثر الأكبر في إثراء الموقع بمحتوى هادف يخدم أسلوب الحياة المتطورة في كل المجالات التي تخص العائلة بشكلٍ عام، والمرأة بشكل خاص، وتعكس مقالاتها نمطاً صحياً من نوع آخر وحياة أكثر إيجابية.

الأحدثترند كلمة في يوم المرأة العمانية عبارات تحفيزية للمرأة في يوم المرأة العمانية أول تعليق روسي على طلب الشرع "تسليمه الأسد" نصائح لديكور مستوحى من التراث العماني يدمج الأصالة مع العصرية أشهر الأكلات العمانية التقليدية بمناسبة يوم المرأة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • 420 مليون ريال عُماني صافي ارباح البنوك المحلية المدرجة ببورصة مسقط
  • أرباح البنوك المحلية ببورصة مسقط تتجاوز 420 مليون ريال عُماني
  • 37 مليون ريال عُماني استثمارات 27 مشروعًا في ختام مختبر الأمن الغذائي
  • عُماني ضمن أبرز المواهب في منتدى الطاقة بلندن
  • بأكثر من 37 مليون ريال عُماني.. مختبر الأمن الغذائي يخرج بـ 27 مشروعًا استثماريًّا
  • باحثون يناقشون آليات فهرسة المخطوطات العمانية
  • من نسخ المخطوطات إلى المنابر الأكاديمية.. المرأة في خدمة العلوم الشرعية
  • كلمة في يوم المرأة العمانية
  • الخميس.. حلقة نقاشية تعزز جهود إعداد "فهرس موحد للمخطوطات العُمانية"
  • ختام برنامج "رحلة مصمم" لتعزيز قدرات الشباب العُماني في مجالي التصميم والعمارة