بين موقفين.. طلاب لبنان يواجهون المجهول
تاريخ النشر: 2nd, October 2024 GMT
لم يكن جو يتوقّع ألا يعود إلى المدرسة ذلك اليوم، لكنّ التصعيد بالحرب المستمرّة بين إسرائيل وحزب الله وتوسيع رقعتها لتطال الضاحية الجنوبية لبيروت منعه من ذلك.
حال جو مثل حال زملائه الذين ينتظرون العودة إلى المدرسة لمتابعة دروسهم في مناطق تعتبر بعيدة عن مناطق الاستهداف، لكنّ قرارًا لوزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي بالتوقّف عن التعليم في المدارس الرسميّة والخاصّة حال دون ذلك لغاية اليوم.
الحلبي أعلن "تعليق الدروس" حتى الاثنين المقبل 7 أكتوبر، لكن هناك مخاوف لدى ذوي الطلاب من تمديد هذا الإجراء حتى عودة الهدوء إلى مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبيّة لمدينة بيروت، والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار.
مطالب التعليم الخاصّمكوّنات العائلة التربويّة في المدارس الخاصّة عقدت أكثر من اجتماع مع الوزير الحلبي لبحث قضية العودة إلى التعليم، إما حضوريًا كما يصرّ معظم المسؤولين في إدارات المدارس الخاصة ونقابة المعلمين ولجان الأهل في المناطق الآمنة، أو عن بعد في حال تعذّرت العودة الحضوريّة إلى المدارس، بسبب الأحداث الأمنيّة والعسكريّة.
المحامية جسيكا فغالي الخوري، نائبة رئيس اتحاد لجان الأهل في مدارس جبيل وكسروان، وهما من الأقضية الآمنة في عمق جبل لبنان، شدّدت في حديث لموقع "الحرة" على أن "مصلحة أولادنا وبخاصّة في مناطق جبيل وكسروان تقتضي انطلاق العام الدراسي حضوريًا في المدارس مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف الأمنية طبعًا، باعتبار أنّ تجربة التعليم من بعد لم تعطِ النتائج المطلوبة في السنوات الماضية، ومن غير المفيد بتاتًا تكرار هذه التجربة، لأنها ستكون كارثيّة على الطلاب".
واعتبرت أنّه "يمكن الأخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني لكلّ مدرسة على حدة، مع ترك القرار لمدير المدرسة الخاصّة بتقدير الظرف واتّخاذ القرار المناسب".
من جهته، طالب رئيس نقابة المعلّمين في المدارس الخاصّة نعمه محفوض، عبر موقع "الحرة" بالعودة إلى التعليم الحضوري في المدارس التي لم تطلها الحرب الاثنين 7 أكتوبر، في حال لم يقع أي طارئ أمني يمنع ذلك، في المتن وبشري والبترون وعكار وغيرها من المناطق البعيدة من الحرب.
ودعا محفوض وزارة التربية إلى تخصيص المدارس الرسميّة، التي لم تستخدم بعد مراكز لإيواء النازحين، من أجل تعليم أبناء النازحين بدوام مسائي، وأيضًا إلى التنسيق مع القطاع الخاص لاعتماد بعض المدارس الخاصة أيضًا من أجل الهدف نفسه، وبهذا الشكل يكون القطاع الخاص متضامنًا مع القطاع الرسمي من أجل تعليم أبناء النازحين والانطلاق بالعام الدراسي.
وأضاف محفوض أنّه يمكن أيضًا اعتماد التعليم المدمج بين التعليم الحضوري والتعليم من بعد، حيث يمكن للمعلّم في الصفّ أن يتواصل مع الطلاب الذين لم يستطيعوا الحضور إلى المدرسة، عبر تقنية الإنترنت.
الموقف نفسه عبّر عنه لموقع "الحرة" أيضًا المنسّق العام لاتّحاد المؤسّسات التربويّة الخاصة، الأمين العام للمدارس الكاثوليكيّة، الأب يوسف نصر الذي شدّد على أولويّة انطلاق العام الدراسي ولو بأشكال مختلفة وفق الظروف المتوافرة في كلّ منطقة، إما عبر التعليم الحضوري أو عبر التعليم المدمج أو عبر التعليم من بعد.
وتابع أنّ "التعليم من بعد ليس من أولوياتنا في هذه الفترة وتشوبه عيوب كثيرة، لكنّه يبقى أحد الحلول المطروحة في المناطق التي لا تسمح فيها الظروف بحضور الطلاب إلى المدرسة، وهو كان الوسيلة المعتمدة العام الماضي في مدارس المناطق الحدوديّة حيث تعذّر حضور الطلاب إلى المدارس."
وشدد الأب نصر على الحاجة إلى الاستقرار الأمني و"أنّ المدرسة لا تهتم فقط بالناحية التعليميّة للطلاب، إنما تعنى بتأمين الأجواء النفسيّة الملائمة لهم وبخاصّة في هذه الظروف الصعبة، وذلك من خلال برامج خاصّة توفّر لهم البيئة التربويّة المناسبة."
وأكّد أنّ "هناك مسؤولية على المدارس الخاصة تجاه 55 ألف أستاذ يعملون في القطاع الخاص لا يمكن تركهم من دون ما يكفيهم لتأمين أدنى حدود مقومات العيش الكريم، خصوصًا أنّ المدارس الخاصة ليس لديها فائض مالي لدفع الرواتب والأجور في حال لم تفتح أبوابها في الفترة المقبلة."
وأكّد أنّ "القطاع التربوي من القطاعات الأساسيّة الحيويّة، واستمرارها أمر ضروري وحيوي كالقطاعات الأخرى التي تستمرّ بالعمل في المناطق البعيدة من الحرب".
وختم أننا "ننتظر خطة متكاملة وشاملة من وزارة التربية لاستيعاب أبناء النازحين، ونحن سنضع إمكانات المدارس الخاصة بتصرّف المدرسة الرسمية لكي لا يكون هناك أي تفاوت أو تمييز أو تفرقة، ولكن في الوقت نفسه يجب دعم القطاع التربوي وتخصيص جزء من المساعدات التي تصل إلى الهيئات والجمعيات لدعم هذا القطاع لأن التعليم حاجة أساسية كسائر القطاعات الأخرى".
موقف معاكس للقطاع الرسميمن جهتها، تعارض روابط الأساتذة في القطاع الرسمي قرار العودة إلى التعليم بجميع أساليبه سواء كان عبر التعليم الحضوري أو التعليم من بعد، مطالبة باحترام مشاعر الأساتذة والطلاب في المناطق التي تعيش ظروف الحرب، خاصّة في الجنوب، مؤكّدة رفضها رفضًا قاطعًا لجوء القطاع الخاص إلى التعليم في مناطق محدّدة فيما باقي الطلاب من الرسمي والخاص في مناطق الحرب قد "أصبحوا في الشارع".
وفي حديث لموقع "الحرة" أكّد رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد أنّ "جميع المدارس الرسمية تحوّلت إلى مراكز لإيواء النازحين الذين يفوق عددهم، وفق تعبيره، المليون ونصف المليون مواطن، وجميعهم يعانون من ظروف اجتماعيّة صعبة في ظل عدم توافر مستلزمات العيش الكريم، وغياب الإنترنت."
واعتبر جواد أنّ "خيار تأجيل انطلاق العام الدراسي لمدة شهر أمر طبيعي في ظل هذه الظروف حتى تتّضح الصورة أكثر فأكثر مع تأكيد الحرص على العام الدراسي، ولكن أيضًا هناك حرص على سلامة المعلّمين وسلامة الطلاب الذين تشتّتوا ولا توجد معلومات أو بيانات واضحة عن الوجهة التي اعتمدوها لحماية أنفسهم، وبالتالي فلا يمكن، الدخول إلى المدارس يوم 7 أكتوبر".
وشدّد على رفض فتح المدارس الخاصة في بعض المناطق، متسائلا: أين التضامن الإنساني بين الطلاب؟ أن التضامن الإنساني بين إنسان وآخر؟ وتابع أنّ هذا الأمر يأخذنا إلى ما سمّاه فدراليّة التربية، أي أن تفتح المدارس الخاصة وهي لا تتعدّى الـ 20% فيما تقفل معظم المدارس الأخرى.
لموقف نفسه عبّر عنه لموقع "الحرة" مدير التعليم الثانوي في وزارة التربية اللبنانية خالد فايد معتبرًا أنّه "من غير المنطقي الحديث عن التعليم في هذه الفترة التي تستمر فيها الحرب ويستمر فيها القتال وقبل بلوغ وقف إطلاق النار، وبعدها نضع الخطط اللازمة للعام الدراسي الحالي."
أرقام وزارة التربيةوكان وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي عقد اجتماعًا للهيئة العليا لإدارة التعليم في حالات الطوارئ والأزمات والكوارث، بهدف وضع خطة استجابة لحاجات التعليم في ظل الأزمة القائمة. وبعدما عرضت كلّ مديريّة خطتها لإيصال التعليم الورقي والرقمي، تبيّن أن هناك نحو 620 مركز إيواء للنازحين من بينها 505 مدارس رسمية و54 مدرسة مهنية رسمية يضاف إليها عدد من مباني الجامعة اللبنانية، وأكثر من 50 مدرسة خاصة.
وأكد الوزير في بيان أنّه حتى الآن نزح 18792 معلمًا من أساتذة المدارس الرسمية، و16798 معلمًا من أساتذة المدارس الخاصة بالإضافة إلى عدد من أساتذة التعليم العالي والجامعة اللبنانية، مشيرًا إلى أن الموقف الرسمي من اعتماد أيّ نوع من أنواع التعليم سوف يتم إعلانه في نهاية المشاورات مع القطاع التربوي بكلّ مكوّناته، ومع المعنيّين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: التعلیم الحضوری المدارس الرسمی المدارس الخاصة التعلیم من بعد العام الدراسی المدارس الخاص وزارة التربیة القطاع الخاص إلى التعلیم عبر التعلیم إلى المدرسة فی المناطق التعلیم فی العودة إلى فی المدارس ة التربیة فی مناطق الخاص ة فی حال
إقرأ أيضاً:
«المدرسة الإماراتية».. من التعليم التقليدي إلى الذكاء الاصطناعي
دينا جوني (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتمكنت الإمارات من إرساء اسم «المدرسة الإماراتية» كتجربة بارزة في قطاع التعليم في المنطقة والعالم، والتي تعكس التزام القيادة الرشيدة والمسؤولين في الدولة بتطوير التعليم كنهج ثابت منذ تأسيس الدولة.
ومع تخصيص يوم 28 فبراير من كل عام للاحتفال بـ«اليوم الإماراتي للتعليم»، فهو إعلان واضح وتعهّد جديد بأن الدولة لا تسعى فقط لمواكبة العالم في مجال التعليم والطرق الحديثة في بناء مناهج تعليمية ترفع من مخرجات الطلاب، بل تطمح للريادة وإلهام الدول الأخرى في بناء أنظمة تعليمية ذكية ومتطورة.
وفي الوقت الذي سارت المدرسة الإماراتية على نهج تقليدي في التعليم لسنوات طويلة، تمكنت في فترة قياسية من إحداث نقلة نوعية مع إطلاق مشروع محمد بن راشد للتعلّم الذكي الذي أصبح مطبقاً في جميع مدارس الدولة من دون استثناء، والذي أحدث فارقاً كبيراً في الحفاظ على أيام التعلّم، خلال جائحة كورونا، الأمر الذي وضع الإمارات في أعلى قائمة الدول التي قلصت من تأثيرات الأزمة على قطاع التعليم.
المدرسة الإماراتية
ويقوم نموذج المدرسة الإماراتية على 4 ركائز أساسية تهدف إلى تحقيق تكامل تعليمي شامل يواكب تطورات العصر، ويلبي متطلبات المستقبل.
تتمثل الركيزة الأولى في مواءمة النظم التعليمية للتعليم الخاص في الدولة مع منظومة المدرسة الإماراتية، وذلك لضمان تحقيق سمات الخريج، وفق أعلى المعايير الأكاديمية والمهنية. كما تسعى هذه المنظومة إلى مواكبة متطلبات سوق العمل المستقبلية، من خلال وضع إطار واضح يدمج بين المسارات المهنية والأكاديمية، ما يمنح الطلبة فرصاً متعددة للاختيار بين التعليم الجامعي أو المهني، وفق قدراتهم واهتماماتهم.
أما الركيزة الثالثة فتتمثل في تعزيز كفاءة البيانات التعليمية في وزارة التربية والتعليم، ما يسهم في تحليل ورصد أداء الطلبة، وتوفير حلول تعليمية مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، لتحقيق أعلى مستويات الجودة التعليمية.
الركيزة الرابعة تركز على اكتشاف وتنمية الطلبة الموهوبين، من خلال وضع إطار عام ينظم جميع الجهود والموارد المخصصة لدعم الموهبة، وذلك لضمان توفير بيئة محفزة للإبداع والابتكار، بما يعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي للتميز التعليمي.
الحداثة والتفرد
وشهدت المنظومة التعليمية في الإمارات تطورات جعلتها تتسم بالحداثة والتفرد، وذلك بفضل دعم القيادة الرشيدة وتوجيهاتها المستمرة، إضافة إلى التحولات الجوهرية التي تتماشى مع الأجندة الوطنية ورؤية الإمارات المئوية، والتي تهدف إلى ترسيخ مكانة الدولة كمركز ريادي عالمي في قطاع التعليم.
وللارتقاء بمقومات قطاع التعليم في المستقبل، سخّرت الوزارة التربية أبرز التقنيات الحديثة في العملية التعليمية مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، وترسيخ ثقافة الابتكار ضمن المنظومة التعليمية، فضلاً عن توفير خيارات وموارد تعليمية رقمية تلبي احتياجات جميع الطلبة.
10 محاور
وضعت وزارة التربية والتعليم استراتيجية من 10 محاور أساسية تستعرض فيها تأثير استخدامات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، وكذلك العملية الإدارية للمدارس، وكيف يمكن لهذه التقنيات أن تعين مختلف أطراف العملية التعليمية في إنجاز مهامهم.
وشهد قطاع التعليم في الإمارات نقلة نوعية مع إدخال تقنية المعلم الافتراضي، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة تعليمية متقدمة. ويأتي هذا التطور ضمن جهود وزارة التربية والتعليم لتبني أحدث الحلول التكنولوجية في العملية التعليمية، بما يسهم في تعزيز جودة التعليم ومواكبة متطلبات المستقبل.
المعلم الافتراضي
يعتمد المعلم الافتراضي على الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما يتيح له تقديم شروحات تفاعلية، والإجابة على استفسارات الطلبة، وتوفير محتوى تعليمي مخصص وفق احتياجات كل طالب. كما يمكنه تحليل البيانات التعليمية لدعم المعلمين في تقييم أداء الطلاب، وتحديد نقاط القوة والضعف لديهم.
وتمثل هذه التقنية مرحلة جديدة في تكامل الأدوار بين المعلم البشري والذكاء الاصطناعي، حيث يعمل المعلم الروبوت كأداة داعمة تساعد في تقديم تجربة تعليمية أكثر مرونة وشمولية. ومن خلال تطوير منصة تعليمية موحدة، سيتمكن ملايين الطلاب من الوصول إلى موارد تعليمية ذكية تتكيف مع مستوياتهم المختلفة.
ويعكس هذا التوجه التزام وزارة التربية والتعليم بتبني التقنيات الحديثة لتحسين مخرجات التعلم، بما يتماشى مع رؤية الإمارات في بناء نظام تعليمي متطور يرتقي بمستوى الطلبة، ويؤهلهم للمستقبل.
كما تطبق وزارة التربية حلول الذكاء الاصطناعي في عمليات الرقابة على المدارس الحكومية في الدولة. وتعمل منصة «الرقابة الذكية» على توفير لوحة تحكم مخصصة تعرض المخالفات المسجلة في المدارس، ما يسهل متابعة الأداء وتحليل عدد المخالفات والتحديات التي تواجه المؤسسات؛ وهي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لاستشراف وتحليل المخاطر، ما يمكّن المراقبين من التنبؤ بالمشاكل ومعالجتها قبل وقوعها.