موقع 24:
2024-10-01@18:31:42 GMT

مقتل نصر الله وتناقض المثقفين

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

مقتل نصر الله وتناقض المثقفين

بعد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، مؤخراً على يد الجيش الإسرائيلي، أثارت ردود الفعل في العالم العربي حول مقتله جدلاً واسعًا. الكثير من العرب، ممن عانوا من جرائمه في سوريا ولبنان، احتفلوا بمقتله باعتباره عقابًا إلهياً على ما ارتكبه من فظائع في حق شعوب المنطقة، فقد رأوا في نصر الله شخصية إجرامية لا تختلف عن أي زعيم ميليشيا أخرى، ولا يعكس إلا جانباً مظلماً من الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، جاء موقف بعض المثقفين العرب ليعبّروا عن استنكارهم لتلك الفرحة، مبررين ذلك بأن نصر الله كان مدافعًا عن القضية الفلسطينية، ونصيراً للمقاومة. هذا التناقض في الموقف يثير تساؤلات حول ماهية الثقافة والوعي، ودور المثقفين في تفسير الأحداث المعقّدة في السياقات السياسية والاجتماعية.
إن هذا التباين بين الفرح بمقتل نصر الله ورفضه من قبل بعض المثقفين يعكس بوضوح مفهوم "ازدواجية المعايير"، حيث يتم تقييم الأفراد أو الأحداث بناءً على معايير متناقضة حسب السياق الذي يخدم مصالح معينة. فالمثقف الذي يبرر أفعال نصر الله الإجرامية بحجة دعمه للقضية الفلسطينية، يتجاهل بشكل سافر ومتعمّد تورطه في نزاعات إقليمية وجرائم بحق الشعبين السوري واللبناني، ناهيك عن تورّطه في دعم وتدريب الحوثيين في حربهم ضد المملكة العربية السعودية. هذا النوع من التفكير يُظهر كيف أن الأيديولوجيات السياسية قد تغلب على الحكم الأخلاقي، مما يؤدي إلى تبني مواقف غير متّسقة.
من الأسباب التي قد تدفع بعض المثقفين إلى هذا التناقض، الانتماء الأيديولوجي الذي يُعمي الأفراد عن رؤية الحقائق بشكل كامل. فعندما يكون المثقف ملتزمًا بأيديولوجية معينة، سواء كانت قومية أو دينية، فإنه يميل إلى الدفاع عن شخصيات تنتمي إلى تلك الأيديولوجية، حتى وإن كانت تصرفاتها تتعارض مع المبادئ الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان، وهو ما يجعل المثقف يتجاهل، أو يتعامى عن الجوانب السلبية لتلك الشخصيات ويدافع عنها بشكل غير متوازن.
كما أن هناك تعقيدًا عاطفيًا يُحيط بالقضية الفلسطينية يجعل بعض المثقفين غير قادرين على فصل الشخصيات التي تدّعي دعم هذه القضية عن أفعالها الأخرى. القضية الفلسطينية لها أهمية خاصة في الوعي العربي والإسلامي، بعد تاريخ طويل من النضال من أجل الاستقلال. ولكن هذا التعقيد العاطفي لا يجب أن يكون سبباً لتبرير الجرائم التي تُرتكب باسم المقاومة. كما قال الفيلسوف برتراند راسل: "إن أكثر ما يخيفني هو أن المثقفين يتحدثون بلهجة لا تنبع من عقلانية ناضجة، بل من عواطف جماعية مضطربة". هذا القول يعكس بوضوح كيف يمكن أن تؤثر العواطف الجماعية على قدرة المثقفين على التفكير النقدي والتحليلي.
كما أنّ الضغط الاجتماعي والسياسي يلعب دورًا أيضًا في تشكيل مواقف بعض المثقفين الذين يعيشون في مجتمعات لديها توقعات معينة، وغالبًا ما يجدون أنفسهم مضطرين لتبني مواقف تتماشى مع الرأي العام أو مع التيار السياسي السائد. انتقاد شخصية مثل نصر الله، الذي يعتبره البعض رمزًا للمقاومة، قد يُعرّض المثقف لهجوم واسع من الجمهور أو الجهات السياسية المؤيدة له. وبالتالي، قد يلجأ هذا المثقف إلى تبني مواقف وسطية أو متناقضة لتجنب الوقوع في صدام مع المجتمع.
الفرق بين المثقف والإنسان الواعي يظهر بوضوح في مثل هذه المواقف. المثقف هو الذي يمتلك المعرفة والمعلومات، ولكنه قد يكون أسيرًا للأيديولوجيات أو المصالح الشخصية التي تجعله غير قادر على رؤية الصورة الكاملة. بينما الإنسان الواعي هو الذي يمتلك القدرة على التحليل النقدي، والتفكير المتوازن، والتفاعل مع الأحداث بشكل يتجاوز الأيديولوجيات الضيقة. الإنسان الواعي لا يسمح للعواطف أو الضغوط الخارجية بأن تُملي عليه مواقفه، بل يتبنى مواقف أخلاقية مبنية على المبادئ الأساسية للعدالة والإنصاف. ومن هنا، يتضح أن الوعي الحقيقي يتجاوز مجرد الثقافة أو المعرفة، فهو يتطلب الحكمة والقدرة على التمييز بين الحق والباطل، بغض النظر عن الأيديولوجيات أو الضغوط الاجتماعية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية حسن نصر الله نصر الله إسرائيل وحزب الله حسن نصرالله تفجيرات البيجر في لبنان بعض المثقفین نصر الله الذی ی

إقرأ أيضاً:

رفع أجرة مواقف السيارات في باريس إلى 20 دولارا في الساعة.. ما أغلى مدن العالم؟

من المنتظر أن ترفع رسوم المواقف العامة في باريس على أصحاب السيارات الرياضية المتعددة الأغراض (SUV) بشكل كبير ابتداءً من أكتوبر/تشرين الأول 2024، لتصل تكلفة الساعة الواحدة إلى 18 يورو (20 دولارًا)، بينما ستصل تكلفة 6 ساعات إلى 225 يورو (250 دولارًا).

أما خارج منطقة وسط المدينة، فستكون الرسوم أقل قليلا، على أن يُعفى سكان العاصمة وأصحاب المهن والحرفيون وذوو الاحتياجات الخاصة من القوانين الجديدة.

وفي استفتاء عام أُجري في فبراير/شباط الماضي، شارك فيه أقل من 6% من مجموع الناخبين، صوّت 54.5% لصالح زيادة رسوم الوقوف.

ومن المنتظر أن تنطبق الرسوم الجديدة على السيارات التي تعمل بالاحتراق، والمركبات الهجينة التي تزن 1.6 طن أو أكثر، وكذلك على السيارات الكهربائية التي تزن 2 طن أو أكثر.

وترجع بلدية العاصمة الفرنسية هذا الارتفاع إلى مساهمة السيارات الثقيلة في زيادة التلوث، وشغلها مساحة كبيرة من الأماكن العامة، وتشكيلها خطرًا على السلامة المرورية.

وكانت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو أغلقت منذ سنوات عدة طرق على ضفاف نهر السين أمام السيارات، وجعلتها مخصصة للمشاة. كما تعمل على توسيع شبكة مسارات الدراجات الهوائية، مما يقلل من عدد ممرات السيارات وأماكن الوقوف.

وحتى بعد رفع أجرة مواقف السيارات الرياضية المتعددة الأغراض في العاصمة الفرنسية، لم تصبح باريس أغلى دول العالم في أجرة مواقف السيارات. فبحسب أرقام العام 2023، تحتل نيويورك الصدارة، حيث تصل تكلفة الوقوف في مناطق مثل مانهاتن إلى 50 دولارًا في الساعة، فيما متوسط أجرة المواقف في المدينة 19 دولارا.

في المقابل، تعتبر أجرة الوقوف في العاصمة الهندية مومباي من بين الأرخص عالميًا، حيث تبلغ رسوم الوقوف حوالي 100 روبية (1.19 دولار).

مقالات مشابهة

  • رفع أجرة مواقف السيارات في باريس إلى 20 دولارا في الساعة.. ما أغلى مدن العالم؟
  • مواقف مشرّفة
  • إدانات دولية للهجوم الإرهابي في مقديشو الذي أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصًا
  • حسن نصر الله الذي غيّر الإقليم حيا وميتا
  • “جاسوس”.. من الذي استهدف نصر الله؟
  • جاسوس.. من الذي استهدف نصرالله؟
  • “صناعة الأديب المثقف ” .. أمسية ثقافية في تبوك
  • مواقف وتسريبات أميركية بعد اغتيال نصر الله
  • شاهد // أبرز مواقف الشهيد القائد السيد حسن نصر الله من العدوان على اليمن