موقع 24:
2024-11-17@12:47:39 GMT

مقتل نصر الله وتناقض المثقفين

تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT

مقتل نصر الله وتناقض المثقفين

بعد مقتل حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، مؤخراً على يد الجيش الإسرائيلي، أثارت ردود الفعل في العالم العربي حول مقتله جدلاً واسعًا. الكثير من العرب، ممن عانوا من جرائمه في سوريا ولبنان، احتفلوا بمقتله باعتباره عقابًا إلهياً على ما ارتكبه من فظائع في حق شعوب المنطقة، فقد رأوا في نصر الله شخصية إجرامية لا تختلف عن أي زعيم ميليشيا أخرى، ولا يعكس إلا جانباً مظلماً من الصراعات الإقليمية في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، جاء موقف بعض المثقفين العرب ليعبّروا عن استنكارهم لتلك الفرحة، مبررين ذلك بأن نصر الله كان مدافعًا عن القضية الفلسطينية، ونصيراً للمقاومة. هذا التناقض في الموقف يثير تساؤلات حول ماهية الثقافة والوعي، ودور المثقفين في تفسير الأحداث المعقّدة في السياقات السياسية والاجتماعية.
إن هذا التباين بين الفرح بمقتل نصر الله ورفضه من قبل بعض المثقفين يعكس بوضوح مفهوم "ازدواجية المعايير"، حيث يتم تقييم الأفراد أو الأحداث بناءً على معايير متناقضة حسب السياق الذي يخدم مصالح معينة. فالمثقف الذي يبرر أفعال نصر الله الإجرامية بحجة دعمه للقضية الفلسطينية، يتجاهل بشكل سافر ومتعمّد تورطه في نزاعات إقليمية وجرائم بحق الشعبين السوري واللبناني، ناهيك عن تورّطه في دعم وتدريب الحوثيين في حربهم ضد المملكة العربية السعودية. هذا النوع من التفكير يُظهر كيف أن الأيديولوجيات السياسية قد تغلب على الحكم الأخلاقي، مما يؤدي إلى تبني مواقف غير متّسقة.
من الأسباب التي قد تدفع بعض المثقفين إلى هذا التناقض، الانتماء الأيديولوجي الذي يُعمي الأفراد عن رؤية الحقائق بشكل كامل. فعندما يكون المثقف ملتزمًا بأيديولوجية معينة، سواء كانت قومية أو دينية، فإنه يميل إلى الدفاع عن شخصيات تنتمي إلى تلك الأيديولوجية، حتى وإن كانت تصرفاتها تتعارض مع المبادئ الأساسية للعدالة وحقوق الإنسان، وهو ما يجعل المثقف يتجاهل، أو يتعامى عن الجوانب السلبية لتلك الشخصيات ويدافع عنها بشكل غير متوازن.
كما أن هناك تعقيدًا عاطفيًا يُحيط بالقضية الفلسطينية يجعل بعض المثقفين غير قادرين على فصل الشخصيات التي تدّعي دعم هذه القضية عن أفعالها الأخرى. القضية الفلسطينية لها أهمية خاصة في الوعي العربي والإسلامي، بعد تاريخ طويل من النضال من أجل الاستقلال. ولكن هذا التعقيد العاطفي لا يجب أن يكون سبباً لتبرير الجرائم التي تُرتكب باسم المقاومة. كما قال الفيلسوف برتراند راسل: "إن أكثر ما يخيفني هو أن المثقفين يتحدثون بلهجة لا تنبع من عقلانية ناضجة، بل من عواطف جماعية مضطربة". هذا القول يعكس بوضوح كيف يمكن أن تؤثر العواطف الجماعية على قدرة المثقفين على التفكير النقدي والتحليلي.
كما أنّ الضغط الاجتماعي والسياسي يلعب دورًا أيضًا في تشكيل مواقف بعض المثقفين الذين يعيشون في مجتمعات لديها توقعات معينة، وغالبًا ما يجدون أنفسهم مضطرين لتبني مواقف تتماشى مع الرأي العام أو مع التيار السياسي السائد. انتقاد شخصية مثل نصر الله، الذي يعتبره البعض رمزًا للمقاومة، قد يُعرّض المثقف لهجوم واسع من الجمهور أو الجهات السياسية المؤيدة له. وبالتالي، قد يلجأ هذا المثقف إلى تبني مواقف وسطية أو متناقضة لتجنب الوقوع في صدام مع المجتمع.
الفرق بين المثقف والإنسان الواعي يظهر بوضوح في مثل هذه المواقف. المثقف هو الذي يمتلك المعرفة والمعلومات، ولكنه قد يكون أسيرًا للأيديولوجيات أو المصالح الشخصية التي تجعله غير قادر على رؤية الصورة الكاملة. بينما الإنسان الواعي هو الذي يمتلك القدرة على التحليل النقدي، والتفكير المتوازن، والتفاعل مع الأحداث بشكل يتجاوز الأيديولوجيات الضيقة. الإنسان الواعي لا يسمح للعواطف أو الضغوط الخارجية بأن تُملي عليه مواقفه، بل يتبنى مواقف أخلاقية مبنية على المبادئ الأساسية للعدالة والإنصاف. ومن هنا، يتضح أن الوعي الحقيقي يتجاوز مجرد الثقافة أو المعرفة، فهو يتطلب الحكمة والقدرة على التمييز بين الحق والباطل، بغض النظر عن الأيديولوجيات أو الضغوط الاجتماعية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: إسرائيل وحزب الله تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية حسن نصر الله نصر الله إسرائيل وحزب الله حسن نصرالله تفجيرات البيجر في لبنان بعض المثقفین نصر الله الذی ی

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل جندي أصيب في معركة بلبنان

قالت دانا أبو شمسية مراسلة قناة القاهرة الإخبارية من القدس المحتلة، إن هناك معارك ضارية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وعناصر حزب الله في الجنوب اللبناني، وبالأمس أعلن جيش الاحتلال عن مقتل جندي إسرائيلي متأثرًا بجراحه.
 

كنا بنحلم بعودتها..رئيس الوزراء: النصر للسيارات واحدة من قلاع مصر الصناعية رئيس الوزراء: احتياجات السوق المحلى من السيارات تصل لنحو نصف مليون سيارة بعد عودة النصر للسيارات للإنتاج.. الحكومة: الدولة لا تفرط في قلاعها الصناعية

وأضافت «أبو شمسية» خلال مداخلة هاتفية بقناة «القاهرة الإخبارية»، أنه في 26 أكتوبر الماضي أصيب ذلك الجندي رفقة 5 من جنود الاحتلال أعلن جميعاً عن مقلتهم في معركة جرت في  جنوب لبنان تحديداً قرية عيترون الحدودية، مشيرة إلى أن  جنود الاحتلال لقوا مصرعهم على أيدي 3 عناصر من حزب الله فقط، لافتة إلى أن عناصر الحزب واجهوا قوات الاحتلال من منزل لعدة ساعات تم خلالها إطلاق النار وإلقاء قنابل، وظل الاحتلال يحاول إجلاء المصابين لساعات.
 

وأوضحت أن ذلك الحادث كان بالنسبة للإسرائيليين ضربة موجعة جداً، لا سيما وأنه وقع قتلى كثيريين لجنود جيش الاحتلال على أيدي ثلاثة فقط من عناصر حزب الله.
 

مقالات مشابهة

  • مقتل محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله بغارة إسرائيلية في بيروت
  • من هو المعاجز الذي توعد الله له بسوء الخاتمة ؟.. علي جمعة يوضحه
  • رئيس جامعة الأزهر: الحوار الحضاري ليس فيه "حق الفيتو" الذي يستحل دماء الدول المستضعفة
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن مقتل جندي أصيب في معركة بلبنان
  • إسرائيل نشرت فيديو للغارات على الضاحية الجنوبية.. ما الذي زعمت أنّها استهدفته؟
  • تفاصيل مقتل رجل أعمال يمني على يد إبن أخيه الذي استدعاه للعمل معه في السعودية ( الاسماء)
  • 40 عاما في السجن.. من هو جورج عبد الله الذي أفرجت عنه فرنسا رغما عن أمريكا؟
  • بشأن جورج عبدالله.. ما الذي قرّرته محكمة فرنسيّة؟
  • بيان البرهان الذي تتوقعه الجماهير
  • فيديو نشرته إسرائيل لقصف الضاحية الجنوبية... ما الذي زعمت أنّها استهدفته؟