محمد المكي إبراهيم شاعر وأديب سوداني وُلد عام 1939 بمدينة الأبيض بشمال كردفان، ودرس فيها مراحله الأولية، ثم التحق بمدرسة خور طقت الثانوية، واستكمل دراسته العليا في جامعة الخرطوم في كلية القانون، وواصل تعليمه في العاصمة الفرنسية باريس.

عُرف محمد المكي بلقب "شاعر الأكتوبريات" نظرا لمشاركته في الحركة الشعرية التي تأثرت بثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964.

وكان من أبرز مؤسسي تيار "الغابة والصحراء"، الذي سعى إلى التعبير عن الهوية السودانية.

ألّف عدة دواوين شعرية، منها "أمتي" و"بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت"، وأصبحت قصائده جزءا من الذاكرة الثقافية والسياسية في السودان، وترجم بعضها إلى الإنجليزية والفرنسية. توفي يوم 29 سبتمبر/أيلول 2024 عن عمر ناهز 85 عاما.

مولد محمد المكي ونشأته

ولد محمد المكي إبراهيم -المعروف أيضا بـ"ود المكي"- عام 1939 في مدينة الأُبيض بولاية شمال كردفان وسط السودان لعائلة بسيطة، وعمل في أثناء نشأته مع والده في الزراعة.

بدأ كتابة الشعر في مرحلة دراسته المتوسطة، وكان يشارك ما كتب في الجمعية الأدبية التي تقيمها المدرسة كل أسبوع.

بعد التحاقه بالثانوية، أحرق محمد المكي ما كتبه لأنه رأى أنه غير مجد، وسعى لكتابة الأفضل.

محمد المكي إبراهيم ألّف عددا من القصائد والمقالات عرفت بـ"الأكتوبريات"، أبرزها "أكتوبر الأخضر" (الصحافة الأجنبية) الدراسة والتكوين العلمي

تلقى محمد المكي تعليمه الأولي في الأبيض، ثم درس الثانوية في مدرسة خور طقت، ثالث أهم الثانويات في السودان في عهده.

التحق عام 1959 بكلية القانون في جامعة الخرطوم قبل أن يغادر إلى ألمانيا في أبريل/نيسان 1962 إثر تعرضه لمضايقات سياسية في الجامعة، وعاد بعد عام ليكمل دراسته الجامعية.

كما درس اللغة الفرنسية وماجستير العلوم الدبلوماسية بجامعة السوربون في العاصمة الفرنسية باريس.

التجربة الشعرية لمحمد المكي

عقب تخرجه عمل محاميا لمدة عام قبل أن ينضم إلى وزارة الخارجية السودانية عام 1966، وتدرج في وظائفها متنقلا بين العديد من الدول.

فقد عمل ممثلا للسودان في منظمة التعاون الإسلامي في جدة، وتشيكوسلوفاكيا وباكستان، كما عمل مسؤولا في الدائرة الأفريقية بالوزارة.

تقدم محمد المكي باستقالته عقب اندلاع ثورة الإنقاذ الوطني المحسوبة على التيار الإسلامي، وانتقل بعدها للعيش في الولايات المتحدة الأميركية، وهناك واصل عمله الأدبي الذي ذاع صيته في النصف الأول من ستينيات القرن العشرين.

محمد المكي عرفت أشعاره بنضارة الأسلوب ونقاء الخيال وجمال الصورة (الصحافة الأجنبية) شاعر الأكتوبريات

خلال زيارة محمد المكي لألمانيا برفقة زميله الشاعر النور عثمان أبكر، تأثر بالحياة هناك وتغيرت وجهة نظره تجاه الثقافة والأدب، وتبلورت لديهما فكرة تأسيس اتجاه جديد في الشعر السوداني والتعريف بالهوية السودانية، وأطلقا ما عُرف بتيار "الغابة والصحراء"، الذي ساهم في تأسيسه أيضا الشاعران محمد عبد الحي ويوسف عايدابي.

عقب اندلاع ثورة 21 أكتوبر/تشرين الأول 1964 التي أطاحت بنظام الرئيس الفريق إبراهيم عبود، ألّف محمد المكي عددا من القصائد والمقالات عرفت بـ"الأكتوبريات"، وأبرزها قصيدة "أكتوبر الأخضر" التي تغنى بها الفنان السوداني الراحل محمد وردي.

رأى محمد المكي أن ثورة أكتوبر كانت حدثا كبيرا أبدع فيه المبدعون، إلا أن منجزها السياسي لم يكن بحجم التضحيات والتطلعات، "بل كان بائسا"، حسب قوله.

أما بشأن ثورة ديسمبر/كانون الأول 2018 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق عمر البشير، فقد قال محمد المكي إنها امتداد لثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964، وإنها استعادت أغنياتها وأشعارها.

وقال محمد المكي خلال جلسة حوارية بالعاصمة السودانية الخرطوم "أنا مؤرخ معاناة الشعب السوداني وضمن قلة قليلة تعرف متى بدأت هذه المعاناة، ومثل الجميع لا أدري متى تضع أوزارها".

محمد المكي إبراهيم نال وسام الآداب والفنون عام 1977 (الصحافة الأجنبية) مؤلفاته وإنجازاته

ألّف محمد المكي -وهو أحد أبرز الشعراء السودانيين في العصر الحديث- مجموعة من القصائد والكتب التي تجسد رؤيته الاجتماعية والسياسية، كما كتب العديد من المقالات، وعرفت أشعاره بنضارة الأسلوب ونقاء الخيال وجمال الصورة. ومن أبرز أعماله الشعرية أربعة دواوين هي:

أُمتي (1968). بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت (1972). يختبئ البستان في الوردة (1984). لا خباء للعامرية (1988).

ومن الكتب التي ألفها أيضا:

الفكر السوداني.. أصوله وتطوره. ظلال وأفيال. في ذكرى الغابة والصحراء.

نال محمد المكي وسام الآداب والفنون عام 1977، واختارته لجنة المحكمين بالاتحاد العالمي للشعراء شاعرا للسودان لعام 2024، كما رشح لجائزة شاعر العرب.

محمد المكي ألّف عددا من الكتب منها "الفكر السوداني" و"ظلال وأفيال" و"في ذكرى الغابة والصحراء" (الصحافة الأجنبية) وفاته

توفي الشاعر محمد المكي إبراهيم يوم 29 سبتمبر/أيلول 2024 بأحد مستشفيات مدينة الشيخ زايد غرب العاصمة المصرية القاهرة، عن عمر يناهز 85 عاما، بعد صراع طويل مع المرض.

ونعته شخصيات أدبية وسياسية منها رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي وصفه بـ"رائد القصيدة الثورية"، إضافة إلى أحزاب عدة من بينها حزب المؤتمر السوداني والتجمع الاتحادي والأمة القومي السوداني.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات محمد المکی إبراهیم الصحافة الأجنبیة

إقرأ أيضاً:

سيبقى شعر محمد المكي إبراهيم الناضح بالحكمة والجمال ما بقيت أمتنا!

فضيلي جماع

أبت هذه السنة كبيسة الأحزان إلا أن تفجعنا في رحيل شاعر الأمة محمد المكي إبراهيم. وبرحيله تصدق مقولته في رثائه لأستاذه وصديقه محمد المهدي المجذوب – برحيله ينفصل الصندل عن الجمر. جاءني الخبر في أكثر من رسالة.. لكني مثل غيري تعلّقتُ بالأمل الكذوب أن يكون الخبر عكس ما جاءني. فزعت إلى الأمل أن ينفيه الكذب – كما جاء في رثائية المتنبي: طَوَى الجزيرةَ حتّى جاءني خَبرٌ * *فزِعْتُ فيه بآمالي إلى الكَذِبِ حتى إذا لمْ يَدَعْ لي صِدْقُهُ أملاً * *شرِقْتُ بالدّمْع حتّى كادَ يَشْرَقُ بي!  لكني قلت لنفسي ما يقوله عامة الناس في بلادنا: (لا يغلى فلان على الله)! وبرحيل محمد المكي إبراهيم تفقد أمتنا صوتاً إنسانياً ووطنياً حرّاً سيظل صداه ما بقيت الأمة السودانية في هذا الكوكب. وقد صدق حين قال لأمته (بعضُ الرحيقِ أنا والبرتقالةُ أنتِ)!  ستبقى بذرة هذا الشعر الناضح بالحكمة والوطنية والجمال زاداً لأمتنا في ابتلاءاتها التي طالت. وسيبقى اسم شاعر (أمتي) وساماً على صدر هذه الأمة ما بقي رحمها الولود. اللهم أقبل في ملكوتك محمد المكي إبراهيم علي، وأسكنه فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وامنح برد الصبر لأسرته الصغيرة المكلومة. والعزاء للملايين من محبيه في الوطن الذي عاش ومات عاشقاً لساكنيه وترابه. رحل فارس من فرسان هذا الوطن. رحل الأديب والدبلوماسي والشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم.. وفوق أولاء جميعا رحل محمد المكي إبراهيم لترحل معه أنبل معاني الإنسان: الأدب واحترام الآخر والبسمة التي يتلقاك بها، ويودعك وهي على شفتيه! “لكننا لا نقول إلا ما يرضي الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”. الوسومفضيلي جماع

مقالات مشابهة

  • رحل الشاعر محمد المكي إبراهيم (1939-2024) الموت في زمن الشتات
  • في رثاء ود المكي
  • من هو محمد المكي إبراهيم الذي تصدر جوجل بخبر وفاته؟
  • الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم|معلومات عن رائد القصيدة العربية
  • وفاة الشاعر السوداني محمد المكي إبراهيم.. الموت في زمن الشتات ورحيل هرم شعري ناطق
  • محمد المكي إبراهيم .. زاد (الأكتوبريات) وخيار ( الخلاسية)
  • سيبقى شعر محمد المكي إبراهيم الناضح بالحكمة والجمال ما بقيت أمتنا!
  • السودان يودع محمد المكي إبراهيم
  • الموت يغيب الشاعر السوداني الكبير محمد المكي إبراهيم