اتفاق إيراني أمريكي لتبادل السجناء يخفف التوتر لكن لا تفاهم نوويا

كلا الجانبين له مصلحة في استخدام هذه الاتفاقية الأولية بوابة للعودة إلى الحوار ولكن ليس بالضرورة إلى اتفاق.

أي اتفاق جوهري مع إيران يتطلب تخفيفا كبيرا للعقوبات وهو ما سيكون مثيرا للجدل السياسي بشكل كبير في الولايات المتحدة.

سياق خفض التصعيد موجود بالفعل لكن ثمة شك في إن رغبة إدارة بايدن بالتوصل لاتفاق نووي جديد مع اقتراب موعد الانتخابات.

يؤذن الاتفاق الحساس بتخفيف التوتر بين الخصمين، وقد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للرد على مخاوف منها ما يتعلق بالنشاط النووي لإيران.

اتفاق تبادل السجناء منفصل عن الملف النووي لكنه الدبلوماسية أظهرت فعالية في خفض التوتر مع إيران، ولا تزال هدنة اليمن صامدة منذ أكثر من عام.

يبدو أيضا أن هجمات فصائل شيعية مرتبطة بإيران على القوات الأمريكية تراجعت في العراق، رغم أن "التوتر لا يزال قائما لكن الحكومتين تتواصلان وهذا يحدث فارقا".

مع قرب الانتخابات الأمريكية ليس منطقيا لإيران استراتيجيا التخلي عن نقاط قوّتها بدون معرفة الرئيس الأمريكي المقبل إذ يُحتمل أن يقوم ترامب أو غيره بإلغاء أي اتفاق جديد.

* * *

واشنطن: بعد عامين ونصف عام على تولي جو بايدن الرئاسة في الولايات المتحدة ودبلوماسية حثيثة مع القيادة في إيران، توصلت إدارته لأول اتفاق معها هو الإفراج عن خمسة سجناء أمريكيين.

يؤذن الاتفاق الحساس بتخفيف حدة التوتر بين الخصمين، ويعتقد خبراء ودبلوماسيون إنه قد يفضي إلى مزيد من الجهود الهادئة للرد على مخاوف منها ما يتعلق بالنشاط النووي لإيران.

غير أن عددا قليلا من الأشخاص يتوقعون اتفاقات كبرى وشيكة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 2024.

وقال علي فايز مدير مشروع إيران لدى مجموعة الأزمات الدولية التي تسعى لحلول للنزاعات “أعتقد أن كلا الجانبين لهما مصلحة في استخدام هذه الاتفاقية الأولية بوابة للعودة إلى الحوار ولكن ليس بالضرورة إلى اتفاق”.

انهارت محادثات برعاية الاتحاد الأوروبي العام الماضي لإحياء الاتفاق النووي المبرم في 2015 والذي فرض قيودا على برنامج إيران النووي مقابل وعود بتخفيف العقوبات لكن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب منه.

وبايدن نفسه شوهد في تسجيلات مصورة خلال حملة انتخابية أواخر العام الماضي يقول إن الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني “في حكم الميت”، في وقت كانت الجمهورية الإسلامية تسعى لإخماد احتجاجات عارمة تتقدمها نساء.

نزع فتيل التصعيد

قال مصدر قريب من المفاوضات إن الاتفاق بشأن السجناء منفصل عن الملف النووي. لكنه قال أيضا إن الدبلوماسية أظهرت فعالية في خفض التوتر مع إيران، مشيرا إلى هدنة لا تزال صامدة منذ أكثر من عام في اليمن الذي يشهد نزاعا وحيث تدعم إيران المسلحين الحوثيين.

ويبدو أيضا أن هجمات فصائل شيعية مرتبطة بإيران على القوات الأمريكية تراجعت في العراق، كما يشير دبلوماسي من دولة حليفة للولايات المتحدة.

وقال الدبلوماسي إن “التوتر لا يزال قائما لكن الحكومتين تتواصلان وهذا يحدث فارقا”.

استأنف مسؤولون أمريكيون وإيرانيون الجهود الدبلوماسية في أيار/ مايو على شكل اجتماعات غير مباشرة قامت بالترتيب لها سلطنة عُمان، مع محادثات تستطلع إجراءات للحد من البرنامج النووي لإيران بدون العودة كليا للاتفاق النووي، وفق دبلوماسيين.

وقال فايز الذي ساهم في جهود من الخارج لتقريب وجهات النظر لإبرام اتفاق 2015 “أعتقد أن سياق خفض التصعيد موجود بالفعل”.

غير أنه شكك في إن يكون لدى إدارة بايدن الرغبة في التوصل لاتفاق نووي جديد مع اقتراب موعد الانتخابات.

ورأى أن “أي اتفاق جوهري مع إيران يتطلب تخفيفا كبيرا للعقوبات وهو ما سيكون مثيرا للجدل السياسي بشكل كبير في الولايات المتحدة”.

وتابع “في الجانب الإيراني، ومع قرب موعد الانتخابات الأمريكية ليس من المنطقي بالنسبة لهم استراتيجيا التخلي عن معظم نقاط قوّتهم بدون معرفة من هو الرئيس الأمريكي المقبل” إذ من المحتمل أن يقوم ترامب أو أي جمهوري آخر بإلغاء أي اتفاق جديد.

انتقد جمهوريون اتفاق تبادل السجناء واتهموا بايدن بتقوية نظام معاد.

وبموجب اتفاق يؤكد مسؤولو إدارة بايدن إنه ليس نهائيا، ستقوم كوريا الجنوبية بتحويل ستة مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة على حساب خاص في قطر يمكن لطهران استخدامه لشراء سلع إنسانية مثل الغذاء والدواء.

وفي خطوة أولى، نقلت إيران خمسة أمريكيين، أحدهم اعتقل قبل نحو ثمانية سنوات بتهم تجسس ينفيها بشدة، من سجن إلى فندق يحظى بحراسة.

إشارة سيئة للمتظاهرين في إيران؟

تقول هولي داغريس، الزميلة غير المقيمة في معهد أتلانتيك كاونسل إن الاتفاق المتعلق بالسجناء هو بمثابة “إجراء لبناء الثقة ويمكن أن يحيي المحادثات بشأن برنامج إيران النووي”.

وتضيف “لكنه أيضا مؤشر لطهران الى أن بإمكانها الاستفادة من نموذج احتجاز رهائن، ما قد يدفعها إلى مواصلة الوضع الراهن بالنظر إلى أنها تستطيع أيضا بيع النفط بسبب ضعف تطبيق العقوبات المفروضة”.

وطرحت أيضا تساؤلات بشأن توقيت الاتفاق. فتاريخ 16 أيلول/ سبتمبر يصادف مرور عام على وفاة الشابة مهسا أميني عقب توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس.

وأشعلت وفاتها تظاهرات حاشدة مثّلت أحد أكبر التحديات للجمهورية الإسلامية التي قامت بعد إطاحة شاه إيران الموالي للغرب في 1979.

وقالت داغريس إن “إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة في فترة حساسة كهذه، هو في جوهره، بمثابة القول للمتظاهرين إن واشنطن غير مهتمة بمحنتهم”.

المصدر | (أ ف ب)

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران أمريكا الدبلوماسية تخفيف التوتر تبادل السجناء خفض التصعيد برنامج إيران النووي الولایات المتحدة موعد الانتخابات أی اتفاق مع إیران

إقرأ أيضاً:

“أكسيوس” يكشف تطورات وتفاصيل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة

الولايات المتحدة – كشف موقع “أكسيوس” الإخباري عن تطورات وتفاصيل المفاوضات التي عقدت بين وزير خارجية إيران عباس عراقجي والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف يوم السبت الماضي، بشأن التوصل لاتفاق نووي جديد.

وفي التفاصيل، أبلغ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف، خلال المحادثات النووية يوم السبت الماضي في روما، أنه قد لا يكون من الممكن التوصل إلى اتفاق نووي نهائي وفق الجدول الزمني الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب، وتساءل عما إذا كان ينبغي على الجانبين التفاوض أولا على اتفاق مؤقت، وفقا لما ذكره مصدران مطلعان على المسألة لموقع “أكسيوس”.

الرئيس ترامب كان قد حدد مهلة شهرين للمفاوضات مع إيران، وأمر بتعزيز القوات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط تحسبا لفشل الدبلوماسية. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، قد يأمر ترامب بشن ضربة عسكرية أمريكية على المنشآت النووية الإيرانية أو يدعم هجوما إسرائيليا عليها، حسب “أكسيوس”.

وأفاد مصدران لـ”أكسيوس” بأن عراقجي طرح اقتراح الاتفاق المؤقت، فيما نفت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة ذلك في بيان لها: “هذا ببساطة غير صحيح ولا دقيق”. ورفضت وزارة الخارجية التعليق.

وكان “أكسيوس” قد ذكر سابقا أن الإيرانيين يدرسون اقتراح اتفاق مؤقت.

وأورد “أكسيوس” أن عراقجي أبلغ ويتكوف أنه بالنظر إلى الطبيعة التقنية التفصيلية لأي اتفاق نووي، سيكون من الصعب للغاية إتمام المفاوضات خلال 60 يومًا.

في حين رد ويتكوف أنه لا يريد مناقشة اتفاق مؤقت في الوقت الحالي، وبدلا من ذلك، يريد التركيز على التوصل إلى اتفاق شامل خلال 60 يوما.

وصرح ويتكوف، وفقا للمصدرين، بأنه إذا رأى الطرفان أن هناك حاجة إلى مزيد من الوقت مع اقتراب الموعد النهائي، فيمكنهما إعادة النظر في فكرة الاتفاق المؤقت.

وأضاف المصدران أن عراقجي وويتكوف عقدا محادثات غير مباشرة في روما، توسط فيها وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، كما التقيا بشكل مباشر.

جدير بالذكر أن  ترامب لم يحدد موعد انتهاء مهلة الستين يوما، لكن المسؤولين الأمريكيين يصرون على أن الوقت يمر بسرعة.

وقال مسؤول أمريكي كبير لـ”أكسيوس” إن ويتكوف وعراقجي “حققا تقدما جيدا للغاية” خلال محادثات روما.

من جهته، صرح عراقجي يوم الأربعاء خلال زيارته لبكين أن إيران والولايات المتحدة توصلتا إلى تفاهم أفضل حول مبادئ اتفاق محتمل، وأن هناك الآن “فرصة لإحراز تقدم”.

وأعلنت وزارة الخارجية العمانية في بيان لها عقب المحادثات أن الطرفين اتفقا على “الدخول في المرحلة التالية” من المفاوضات.

ووفقا للبيان العماني، اتفقت إيران والولايات المتحدة على العمل على “اتفاق عادل ودائم وملزم يضمن خلو إيران تمامًا من الأسلحة النووية والعقوبات، ويحافظ على قدرتها على تطوير الطاقة النووية السلمية”.

وسيجتمع المفاوضون الأمريكيون والإيرانيون على مستوى العمل مجددا يوم السبت في عُمان لإجراء جولة أولى من المفاوضات الفنية. وستكون هذه هي المرة الأولى التي يناقش فيها الطرفان القيود الفعلية التي ترغب الولايات المتحدة في فرضها على البرنامج النووي الإيراني، وخاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.

ويقول مسؤولون أمريكيون إن مايكل أنطون، كبير مسؤولي تخطيط السياسات في وزارة الخارجية، سيقود الفريق الأمريكي.

وأفادت مصادر لـ”أكسيوس” بأن ويتكوف وعراقجي قد يلتقيان في عُمان نهاية هذا الأسبوع بعد انتهاء المحادثات الفنية.

وصرح مسؤول أمريكي بأن ويتكوف التقى يوم الأربعاء في واشنطن بالمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وكان هذا ثاني اجتماع لهما في أقل من أسبوع. ومن المرجح أن تقود الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي عمليات مراقبة وتحقق للمنشآت النووية الإيرانية في حال التوصل إلى اتفاق.

وصرح غروسي، الذي زار طهران الأسبوع الماضي، للصحفيين في واشنطن يوم الأربعاء بأن انطباعه هو أن إيران تريد التوصل إلى اتفاق، وأنه شجع كلا من ويتكوف وعراقجي على مواصلة المحادثات المباشرة مضيفا: “المحادثات جادة… نحن في لحظة حاسمة”.

كما أن فريقا فنيا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيسافر إلى طهران قريبا لمناقشة إعادة تركيب الكاميرات وقضايا المراقبة الأخرى.

وأوضح غروسي قائلا: “الأمر ليس مرتبطا، ولكنه متعلق” بالمحادثات، مضيفا أنه غير متأكد من أن إيران كانت ستسمح لفريقه بالدخول لو لم تكن المحادثات قائمة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وهو من الأكثر تشددا داخل إدارة ترامب، لباري وايس في بودكاستها يوم الثلاثاء الماضي: “نحن بعيدون كل البعد عن أي نوع من الاتفاق مع إيران”.

في حين أكد روبيو على التزام ترامب بمحاولة التوصل إلى اتفاق لأنه “يفضل ألا تكون هناك حاجة للجوء إلى القوة العسكرية”.

وأضاف روبيو أن الولايات المتحدة ستوافق على احتفاظ إيران ببرنامج نووي مدني، ولكن بشرط ألا “تصرّ” إيران على تخصيب اليورانيوم محليا.

كما أوضح روبيو أن العمل العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني سيكون أكثر تعقيدا مما كان عليه قبل خمس أو عشر سنوات، لأن البرنامج النووي الإيراني وقدرات إيران العسكرية أكثر تطورا.

 

المصدر: “أكسيوس”

مقالات مشابهة

  • "مفاوضات مسقط": حرص إيراني أمريكي على تقليص الخلافات بعد مفاوضات فنية "صعبة ومعقدة وجادة"
  • جولة جديدة من المفاوضات بين إيران وأمريكا.. وترامب متفائل بإبرام اتفاق
  • جولة جديدة من المفاوضات بين إيران وأمريكا.. وترامب متفائل بشأن إبرام اتفاق
  • جولة ثالثة من محادثات الملف النووي بين إيران والولايات المتحدة بسلطنة عمان
  • تصاعد التوتر النووي بين الهند وباكستان: هل يقترب جنوب آسيا من حافة الانفجار؟
  • ترامب يخفف حدة تصريحاته تجاه بكين.. فرصة كبيرة لعقد اتفاق تجاري
  • “أكسيوس” يكشف تطورات وتفاصيل المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة
  • الوقت يداهم محادثات النووي.. عراقجي يطالب بـ"اتفاق مؤقت"
  • واشنطن وطهران.. مقارنة بين اتفاق 2015 ومطالب 2025 وموقف إسرائيل
  • روبيو يعرض إمكانية امتلاك إيران برنامجا نوويا مدنيا وعراقجي يؤكد التوصل لتفاهمات