فضيلي جماع

أبت هذه السنة كبيسة الأحزان إلا أن تفجعنا في رحيل شاعر الأمة محمد المكي إبراهيم. وبرحيله تصدق مقولته في رثائه لأستاذه وصديقه محمد المهدي المجذوب – برحيله ينفصل الصندل عن الجمر. جاءني الخبر في أكثر من رسالة.. لكني مثل غيري تعلّقتُ بالأمل الكذوب أن يكون الخبر عكس ما جاءني. فزعت إلى الأمل أن ينفيه الكذب – كما جاء في رثائية المتنبي: طَوَى الجزيرةَ حتّى جاءني خَبرٌ * *فزِعْتُ فيه بآمالي إلى الكَذِبِ حتى إذا لمْ يَدَعْ لي صِدْقُهُ أملاً * *شرِقْتُ بالدّمْع حتّى كادَ يَشْرَقُ بي!  لكني قلت لنفسي ما يقوله عامة الناس في بلادنا: (لا يغلى فلان على الله)! وبرحيل محمد المكي إبراهيم تفقد أمتنا صوتاً إنسانياً ووطنياً حرّاً سيظل صداه ما بقيت الأمة السودانية في هذا الكوكب.

وقد صدق حين قال لأمته (بعضُ الرحيقِ أنا والبرتقالةُ أنتِ)!  ستبقى بذرة هذا الشعر الناضح بالحكمة والوطنية والجمال زاداً لأمتنا في ابتلاءاتها التي طالت. وسيبقى اسم شاعر (أمتي) وساماً على صدر هذه الأمة ما بقي رحمها الولود. اللهم أقبل في ملكوتك محمد المكي إبراهيم علي، وأسكنه فسيح جناتك مع الشهداء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. وامنح برد الصبر لأسرته الصغيرة المكلومة. والعزاء للملايين من محبيه في الوطن الذي عاش ومات عاشقاً لساكنيه وترابه. رحل فارس من فرسان هذا الوطن. رحل الأديب والدبلوماسي والشاعر الكبير محمد المكي إبراهيم.. وفوق أولاء جميعا رحل محمد المكي إبراهيم لترحل معه أنبل معاني الإنسان: الأدب واحترام الآخر والبسمة التي يتلقاك بها، ويودعك وهي على شفتيه! “لكننا لا نقول إلا ما يرضي الله. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”. الوسومفضيلي جماع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: محمد المکی إبراهیم

إقرأ أيضاً:

وتبقى الأمنيات

يمانيون ـ  إيناس عبدالوهاب الشهاري*

طرقت يومًا في صغري باب الأمنيات، ووضعت بداخل صندوقه كل ما أحسست به يغلف روحي ويداعب وجداني ويحاكي آمالي،
لأختم على أوراقه المقفلة بدموعي الحارة ومشاعري الحزينة..
وتبقى الأمنيات تعلوها أتربة وغبار السنوات، حتى أتت الرياح لتنثر كل ما حاولت أن أنساه أو أتجاهله، ووضعته أمامي من جديد، فأمنياتي التي لم تتحقق يومًا تعود لتذكرني بأني في كل مرة أعيد رسم الملامح الجميلة لوطني وشعبي العربي الكبير.
أتنقل بين مُدنه دون استئذان يذلني، ولا تذكرة للعبور تقسم ظهري، ولا فيزة للسماح بالدخول عبر الحدود الوهمية تلوي ذراعي .

فهم لم يعرفوا أنّي منذ طفولتي قد فرغّت له زاوية في مخيلتي، لأعيش العزة في وحدة المبدأ، وأتنفس الحرية في امتلاك القرار، وأحتضن الكرامة في الإحساس بالإنسانية، وأتمتع بالمحبة على أرضه الموحدة .

فقد تعلمت في طفولتي عن القيّم الإنسانية وقيمة الأمة العربية، ليتكرر سؤالي المتجدد عن الأمة !

فما هي الأمة ان لم تتوحد في أعرافها وثقافاتها ودينها، فما هي الأمة إن لم تفتح ذراعيها لأبنائها!
فما هي الأمة أن لم تتداعى لأوجاع بعضها وتتألم وتسهر لأنين جزء منها.. فما هي الأمة أن لم تحارب من أجل بقائها حرة أبية !

وأعود لطيّ أوراقي المتناثرة لأضعها من جديد في صندوق الأمنيات كما كل مرة، على أمل أن تتحقق يومًا..

وبينما أقوم بطيّ الأوراق المتناثرة لأضعها من جديد في صندوق الأمنيات،
فإذا بالصندوق لم يعد كما عهدته، فقد تلطخ بالدماء، ورائحة الموت تفوح منه ، وصور لأشلاء ممزقة وبيوت مدمرة تفيض من داخله، وصراخ لأطفال وأناس يبكون بألم تتعالى من كل جوانبه، والأشباح المخيفة تدور حوله، فيصيبني الفزع وتعلو ملامح وجهي الحزن والحسرة الشديدة، فتعود تساؤلاتي من جديد !
أيبقى لأمنياتي مكان ؟
إلى أن سقط ضوء من السماء فاحتضنته الأرض المليئة بالأحزان، والمطعونة من ابنها الذي تنكر وتحوّل إلى شيطان، الموجوعة من خذلان الإنسان لأخيه الإنسان، انه ضوء إمام الزمان،
ليتعالى صوته المتحدي لمن تحول إلى غول بشكل إنسان،
فيطرق مسامع من بقي في قلبه الإيمان وعرف معنى معاني القرآن،
انه صوت السيد القائد وعباراته المجلجلة وإيمانه وثقته بالله المتوسلة لبارئها أن يمده بالعون هو ومن يعتلون مركبه،
ليجذفوا هم وقائدهم في بحر الأمنيات بالعمل والمثابرة فيصنعوا المستحيل، ويحققوا ما لم يستطيع أحد أن يحققه إلى الآن،
أجل إنه اليمني هو الوحيد من يعرف ماذا تعني له الأمة ليكون هو من يمثل أمة بأكملها، مستعد أن يواجه أعتى الجبابرة والمتكبرين وألعن الشياطين المتلبسين في هيئة آدميين، وعنده كامل الجهوزية للدفاع عن
المظلومين ونصرة المستضعفين،
ليرفع راية الله نصب عينيه فيسقيها بدمه ويغذيها من روحه،
وكأنه يقول لي فلترفعي من سقف مطالبكِ الحقّة فتحقيقها أصبح بالإمكان.

• المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب

مقالات مشابهة

  • خالد بن محمد بن زايد يحضر حفل استقبال بمناسبة زفاف منصور إبراهيم ناصر العلوي
  • هل سيبقى الجيش الإسرائيليّ في لبنان؟.. هذا ما كشفه مصدر أمنيّ
  • اعلام عبري يكشف المدة التي سيبقى فيها جيش الاحتلال بجنين وطولكرم
  • قناة اسرائيلية تكشف المدة التي سيبقى فيها الجيش الاسرائيلي بجنين وطولكرم
  • كيف حارب الشيخ محمد رشيد رضا انحطاط الأمة الإسلامية؟
  • محمد إبراهيم نقد في ندوة: نصيب الفرد من أموال البترول (..)
  • وتبقى الأمنيات
  • محمد ممدوح: الشعب المصري اصطف اليوم لرفض الظلم والذود عن كرامة الأمة
  • استشهاد الفلسطينية «أمانة إبراهيم محمد يعقوب» برصاص الاحتلال قرب سلفيت
  • الأمم المتحدة: وضع سوريا وعضويتها بالأمم المتحدة سيبقى دون تغيير رغم قرار واشنطن