أهداف وحصاد التدخل الدولي في السودان
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
بقلم: تاج السر عثمان
١
مازالت نيران الحرب مشتعلة في السودان كما هو الحال في القصف الجاري في نيالا و الفاشر والخرطوم. الخ، و ارتكاب المزيد من جرائم الحرب كما في قصف المدنيين من طرفي الحرب، و ارتكاب جريمة الاختطاف مقابل الفدية، وحالات الاغتصاب والعنف الجنسي،، اضافة لكوارث السيول والامطار، وقطع خدمات المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت، ولتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية وانتشار أمراض مثل :الكوليرا والملاريا وحمى الضنك التي تحصد الناس حصدا مع النقص في الأدوية وارتفاع أسعارها ان وجدت، وانتهاكات حقوق الانسان كما في حملات الاعتقالات والتعذيب الوحشي للمعتقلين حتى الموت في سجون طرفي الحرب،
وتجد الحرب تغذية من المحاور الاقليمية والدولية كما اشارت صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ : الخميس ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤ : "أنه تم تغذية الحرب في السودان، الغنية بالذهب والتي يبلغ طول ساحلها على البحر الأحمر حوالي 500 ميل، من قبل مجموعة كبيرة من الدول الأجنبية، مثل إيران وروسيا، وكذلك الإمارات التي تتولى مهمة إمداد الأطراف المتحاربة بالسلاح، على أمل ترجيح كفة الميزان لصالح الربح أو المكاسب الاستراتيجية الخاصة بها".
وحرب السودان لا تنفصل عن الحروب الاقليمية والدولية الجارية مثل : حرب غزة والابادة الجماعية وتهجير للشعب الفلسطيني الذي تقوم به اسرائيل، بدعم عسكري أمريكي بلغ مقداره أكثر من ١٤ مليار دولار منذ اندلاع الحرب في ٧ أكتوبر الماضي، مما يتطلب تكثيف الجهود والضغوط لوقف الحرب وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم ومدنهم، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وكذلك الحرب الروسية - الاوكرانية التي تدعم فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الاطلنطي اوكرانيا بالأسلحة التي تقدر بمليارات الدولارات على حساب دافع الضرائب المواطن الأمريكي والاوربي، كل ذلك بهدف أضعاف ومحاصرة روسيا والصين في الصراع الدولي علي الموارد.
وتهدف تلك الحروب الي نهب موارد المنطقة وتمزيق وحدة شعوبها على اساس ديني وعرقي، اضافة إلى مليشيات الإسلامويين الإرهابية،ومليشيات"فاغنر"الروسية، و دور إيران ومليشياتها العسكرية الموازية لجيوش بلدان لبنان والعراق وسوريا واليمن. الخ التي تهدد تلك البلدان جراء خطر توسع الحرب التي تقوم بها إسرائيل في تلك البلدان، مما يهدد استقرارها ووحدتها. مما يستوجب حل تلك المليشيات وقيام الجيوش الوطنية المهنية باعتبارها القادرة على مواجهة العدوان الصهيوني ، وقف التدخل في شؤون الدول الأخري واحترام سيادتها الوطنية ، ووقف القصف الاسرائيلي على المدنيين وعدم توسيع نطاق الحرب لتشمل المنطقة باسرها،بوقف الحرب.
٢
اوضحنا سابقا أن الحرب اللعينة جاءت بدعم خارجي، بهدف الصراع على السلطة والثروة بين وكلاء المحاور الاقليمية والدولية الممثلة في الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية في قيادة الجيش وفي الدعم السريع، اضافة لتصفية الثورة ، كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان الخرطوم وبقية الولايات في دارفور والجزيرة وكردفان والنيل الأزرق. الخ ، وتدمير المصانع ومراكز الخدمات والبنية التحتية، والنهب الكبير للاسواق والبنوك ولممتلكات المواطنين ومنازلهم وعرباتهم، وفشل الموسم الزراعي بسبب الحرب وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، مما يهدد أكثر من ٢٥ مليون سوداني بنقص الغذاء والمجاعة، ومحاولات محو آثار البلاد الثقافية ونهبها وتهريبها لبيعها ، واضعاف البلاد وقوى الثورة الحية.
اضافة لخطر تحول الحرب الي أهلية وعرقية واثنية بعد دعوات طرفي الحرب المواطنين للاستنفار للحرب، مما يهدد أمن المنطقة ويهدد بتمزيق وحدة البلاد، ويشعل نار الحرب فيها بحكم التداخل القبلي ونسف السلام الاقليمي والدولي، ووجدت الدعوة للتسليح رفضا واسعا من المواطنين ، فلا بديل لوقف الحرب واسترداد الثورة ، والسماح بمرور الاغاثة والدواء للمتضررين ، وخروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد ومن المدن.
٣
انفجرت الحرب اللعينة بعد تصاعد المقاومة لانقلاب 25 أكتوبر، ومجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخري ، وبعد أن اصبحت سلطة اتقلاب 25 أكتوبر قاب قوسين أو أدني من السقوط ، وعقب الصراع الذي انفجر في الاتفاق الإطاري حول الاصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع حول مدة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة.
هذا إضافة للتدخل الدولي والاقليمي في الشأن الداخلي السوداني الذي عقد الأزمة كما في التدخل الدولي والاقليمي بعد انفجار الحرب بشكل اوسع بعد انقلاب الانقاذ في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ الذي وسع نطاق الحرب بعد التوصل لحل سلمي لمشكلة الجنوب بعد اتفاق ( الميرغني - قرنق) ، مما أدي لاتفاق نيفاشا بتدخل خارجي، وكان الحصاد بعد مقتل الآلاف ونزوح الملايين فصل الجنوب.
إضافة لفرض الوثيقة الدستورية بعد ثورة ديسمبر 2018 بتدخل إقليمي و دولي التى كان حصادها تكريس الشراكة مع العسكر وتقنين الدعم السريع دستوريا، وتم اتفاق جوبا بتدخل خارجي الذي تعلو بنوده على الوثيقة الدستورية، وحتى الوثيقة الدستورية (المعيبة) لم يتم الالتزام بها، وتم الانقلاب العسكري عليها في ٢٥ أكتوبر 2021.
بعدها جاء الاتفاق الإطاري ايضا بتدخل إقليمي ودولي الذي كرس الشراكة مع العسكر والدعم السريع واتفاق جوبا، والذي قاد كما اشرنا سابقا الى الخلاف حول دمج الدعم السريع في الجيش وانفجار الحرب الجارية حاليا.
كما جاء التدخل الخارجي بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 بهدف نهب موارد البلاد وإيجاد موطيء قدم على البحر الأحمر، الذي وجد مقاومة من الحركة الجماهيرية، كما في مقاومة جماهير الشرق لميناء “ابوعمامة" لصالح الإمارات الذي يهدد السيادة الوطنية ويقضي علي ميناء بورتسودان في ظل حكومة انقلابية غير شرعية مرتهنة للخارج، ومقاومة القبائل القاطنة في ولايات مشروع “الهواد” الزراعي لنهب اراضيهم وتمليكها للامارات ، ورفض الجماهير في مناطق البترول والتعدين لنهب ثرواتهم من الذهب وتدمير البيئة ، وحقوقهم في تنمية مناطقهم بنسبة محددة ، واعادة النظر في العقود الجائرة التي تنهب بموجبها الشركات الذهب وبقية المعادن، ورفض تهريب ثروات البلاد للخارج ، والتفريط في السيادة الوطنية، والتدخل في الشأن الداخلي بشكل غير مسبوق، وكانت أحداث مروي القشة التي قصمت ظهر البعير وأدت لانفجار الحرب.
اضافة لرفض أن يكون السودان في مرمي نيران الصراع الدولي لنهب الموارد والموانئ بين أمريكا وحلفائها وايران والإمارات ومصر وروسيا والصين الخ .
٤
اوضحت الحرب اللعينة الأتي :
– خطر المليشيات ( الدعم السريع ، الكيزان ، الحركات) على وحدة واستقرار البلاد وأمنها وسيادتها الوطنية، فكان من شعارات ثورة ديسمبر ” حرية سلام وعدالة – الثورة خيار الشعب” ، و”السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”.
– كما أكدت التجربة خطل الاتفاقات الهشة بتدخل دولي واقليمي لقطع الطريق أمام الثورة ، فضلا عن تكريسها للمليشيات وجيوش الحركات كما في الوثيقة الدستورية 2019 التي انقلب عليها تحالف اللجنة الأمنية ومليشيات الكيزان والدعم السريع وجيوش حركات جوبا، في 25 أكتوبر 2021 الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، ووجد مقاومة باسلة ، وجاء الاتفاق الإطارى ليكرر خطأ “الوثيقة الدستورية” الذي كرّس وجود الدعم السريع واتفاق جوبا، وهيمنة العسكر ، مما أدي لانفجار الأوضاع في البلاد والحرب ، وهو في جوهره صراع على السلطة ونهب ثروات البلاد كما اشرنا سابقا ، وانعكاس لصراع المحاور الاقليمية والدولية في السودان، والتدخل الدولي الكثيف فيه.
– بعد هذه التجربة المريرة ووقف الحرب يصبح من العبث تكرار التسوية بعودة للاتفاقات الهشة لتقاسم السلطة التي تعيد إنتاج الحرب بشكل اوسع كما في مشروع اتفاق "المنامة" ، وتهدد استقرار ووحدة البلاد ، كما في الدعوات الجارية للعودة للاتفاق الإطارى بعد وقف الحرب.
فلا بديل غير الحل الداخلي الذي للسودانيين فيه تجربة كبيرة كما في الإجماع حول الاستقلال ١٩٥٦، وثورة أكتوبر ١٩٦٤، وانتفاضة مارس - أبريل ١٩٨٥، وثورة ديسمبر ٢٠١٨، مع الاستفادة من دروس انتكاسة تلك التجارب بوقف الحلقة الشريرة من الانقلابات العسكرية، وبترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وحل كل المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات) وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية، ومحاسبة مجرمي الحرب والجرائم ضد الانسانية، وقيام المؤتمر الدستوري الذي يتم فيه الاتفاق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية.
٥
أخيرا، لا بديل غير اوسع نهوض جماهيري وجبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة، ومقاومة جماهير المدن للتهجير والنزوح، ومواصلة المطالبة بالعودة لمنازلهم وقراهم ،عدم ترك اراضيهم وممتلكاتهم لمليشيات الدعم السريع و”الكيزان”.
– مواصلة الوجود والمقاومة الجماهيرية في الشارع في الداخل والخارج بمختلف الأشكال (مذكرات، مواكب، وقفات احتجاجية، اضرابات واعتصامات. الخ) ، من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة، وتحسين الاوضاع المعيشية والصحية والأمنية التي تدهورت بشكل لامثيل له في الآونة الاخيرة، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.
alsirbabo@yahoo.co.uk
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الاقلیمیة والدولیة الوثیقة الدستوریة الدعم السریع فی السودان کما فی
إقرأ أيضاً:
مجموعة السبع تندد بهجمات ميليشيات الدعم السريع ضد المدنيين في السودان
أصدر وزراء خارجية مجموعة السبع مساء أمس الثلاثاء بيانًا دعوا فيه إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في السودان، وأدانوا هجمات ميليشيات الدعم السريع.
ذكرى اندلاع الحرب في السودانوقال وزراء خارجية "السبع" في بيان مشترك "نحن، وزراء خارجية مجموعة السبع (كندا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية)، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي، ندين بشدة استمرار الصراع والفظائع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السودان، في الوقت الذي يُحيي فيه العالم ذكرى مرور عامين على بدء الحرب المدمرة بين القوات المسلحة السودانية وميليشيات الدعم السريع".
وأضاف البيان أنه "نتيجةً مباشرة لأعمال القوات المسلحة السودانية والدعم السريع، يعاني شعب السودان، وخاصة النساء والأطفال، من أكبر أزمات النزوح والأزمات الإنسانية في العالم، واستمرار الفظائع، بما في ذلك العنف الجنسي واسع النطاق المرتبط بالنزاعات، والهجمات ذات الدوافع العرقية، وعمليات القتل الانتقامية، يجب وضع حدٍّ لهذه الأعمال فورًا".
هجمات الدعم السريع في الفاشروأدانت مجموعة السبع بشدة هجمات ميليشيات الدعم السريع في الفاشر ومحيطها على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين داخليًا، والتي تسببت في سقوط العديد من الضحايا، بمن فيهم العاملون في المجال الإنساني، مطالبة بحماية المدنيين والسماح لهم بالمرور الآمن.
المجاعة في السودانوأشار البيان إلى أنه مع استمرار انتشار المجاعة في السودان، يشعر أعضاء مجموعة الدول السبع بالقلق إزاء التقارير التي تفيد باستخدام تجويع المدنيين كأسلوب حرب، ويؤكدون مجددًا أن مثل هذه الأعمال محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
ودعا البيان الأطراف المتحاربة إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والتزاماتها بموجب إعلان جدة، والتي تشمل المسؤولية الحاسمة عن التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.
معابر السودانوطالب جميع أطراف النزاع إلى رفع العوائق أمام تقديم المساعدة الإنسانية الفعالة عبر خطوط التماس، وتوفير ضمانات السلامة والأمن للجهات الإنسانية المحلية والدولية، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية عبر جميع المعابر الحدودية إلى السودان، بما في ذلك جنوب السودان وتشاد.
وتابع "نُدرك الدور الهام لغرف الطوارئ في توفير الحماية للمدنيين، وندعو إلى حمايتهم كما ندعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن شنّ هجمات على البنية التحتية الحيوية التي يعتمد عليها المدنيون، بما في ذلك السدود وأنظمة الاتصالات".
ودعا بيان مجموعة السبع إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وحثّ كلاً من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الانخراط بشكل هادف في مفاوضات جادة وبناءة، ويجب على جميع الجهات الخارجية الفاعلة وقف أي دعم من شأنه أن يزيد من تأجيج الصراع، وذلك وفقاً لإعلان المبادئ المُعتمد في المؤتمر الإنساني الدولي للسودان ودول الجوار في باريس عام ٢٠٢٤، وحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على دارفور.