سودانايل:
2025-03-15@07:54:14 GMT

أهداف وحصاد التدخل الدولي في السودان

تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT

بقلم: تاج السر عثمان

١
مازالت نيران الحرب مشتعلة في السودان كما هو الحال في القصف الجاري في نيالا و الفاشر والخرطوم. الخ، و ارتكاب المزيد من جرائم الحرب كما في قصف المدنيين من طرفي الحرب، و ارتكاب جريمة الاختطاف مقابل الفدية، وحالات الاغتصاب والعنف الجنسي،، اضافة لكوارث السيول والامطار، وقطع خدمات المياه والكهرباء والاتصالات والإنترنت، ولتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية وانتشار أمراض مثل :الكوليرا والملاريا وحمى الضنك التي تحصد الناس حصدا مع النقص في الأدوية وارتفاع أسعارها ان وجدت، وانتهاكات حقوق الانسان كما في حملات الاعتقالات والتعذيب الوحشي للمعتقلين حتى الموت في سجون طرفي الحرب،
وتجد الحرب تغذية من المحاور الاقليمية والدولية كما اشارت صحيفة "نيويورك تايمز" بتاريخ : الخميس ٢١ سبتمبر ٢٠٢٤ : "أنه تم تغذية الحرب في السودان، الغنية بالذهب والتي يبلغ طول ساحلها على البحر الأحمر حوالي 500 ميل، من قبل مجموعة كبيرة من الدول الأجنبية، مثل إيران وروسيا، وكذلك الإمارات التي تتولى مهمة إمداد الأطراف المتحاربة بالسلاح، على أمل ترجيح كفة الميزان لصالح الربح أو المكاسب الاستراتيجية الخاصة بها".


وحرب السودان لا تنفصل عن الحروب الاقليمية والدولية الجارية مثل : حرب غزة والابادة الجماعية وتهجير للشعب الفلسطيني الذي تقوم به اسرائيل، بدعم عسكري أمريكي بلغ مقداره أكثر من ١٤ مليار دولار منذ اندلاع الحرب في ٧ أكتوبر الماضي، مما يتطلب تكثيف الجهود والضغوط لوقف الحرب وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم ومدنهم، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وكذلك الحرب الروسية - الاوكرانية التي تدعم فيها الولايات المتحدة الأمريكية ودول حلف الاطلنطي اوكرانيا بالأسلحة التي تقدر بمليارات الدولارات على حساب دافع الضرائب المواطن الأمريكي والاوربي، كل ذلك بهدف أضعاف ومحاصرة روسيا والصين في الصراع الدولي علي الموارد.
وتهدف تلك الحروب الي نهب موارد المنطقة وتمزيق وحدة شعوبها على اساس ديني وعرقي، اضافة إلى مليشيات الإسلامويين الإرهابية،ومليشيات"فاغنر"الروسية، و دور إيران ومليشياتها العسكرية الموازية لجيوش بلدان لبنان والعراق وسوريا واليمن. الخ التي تهدد تلك البلدان جراء خطر توسع الحرب التي تقوم بها إسرائيل في تلك البلدان، مما يهدد استقرارها ووحدتها. مما يستوجب حل تلك المليشيات وقيام الجيوش الوطنية المهنية باعتبارها القادرة على مواجهة العدوان الصهيوني ، وقف التدخل في شؤون الدول الأخري واحترام سيادتها الوطنية ، ووقف القصف الاسرائيلي على المدنيين وعدم توسيع نطاق الحرب لتشمل المنطقة باسرها،بوقف الحرب.
٢
اوضحنا سابقا أن الحرب اللعينة جاءت بدعم خارجي، بهدف الصراع على السلطة والثروة بين وكلاء المحاور الاقليمية والدولية الممثلة في الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية في قيادة الجيش وفي الدعم السريع، اضافة لتصفية الثورة ، كما في التهجير والنزوح الواسع الجاري لسكان الخرطوم وبقية الولايات في دارفور والجزيرة وكردفان والنيل الأزرق. الخ ، وتدمير المصانع ومراكز الخدمات والبنية التحتية، والنهب الكبير للاسواق والبنوك ولممتلكات المواطنين ومنازلهم وعرباتهم، وفشل الموسم الزراعي بسبب الحرب وارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، مما يهدد أكثر من ٢٥ مليون سوداني بنقص الغذاء والمجاعة، ومحاولات محو آثار البلاد الثقافية ونهبها وتهريبها لبيعها ، واضعاف البلاد وقوى الثورة الحية.
اضافة لخطر تحول الحرب الي أهلية وعرقية واثنية بعد دعوات طرفي الحرب المواطنين للاستنفار للحرب، مما يهدد أمن المنطقة ويهدد بتمزيق وحدة البلاد، ويشعل نار الحرب فيها بحكم التداخل القبلي ونسف السلام الاقليمي والدولي، ووجدت الدعوة للتسليح رفضا واسعا من المواطنين ، فلا بديل لوقف الحرب واسترداد الثورة ، والسماح بمرور الاغاثة والدواء للمتضررين ، وخروج الدعم السريع والجيش من السياسة والاقتصاد ومن المدن.
٣
انفجرت الحرب اللعينة بعد تصاعد المقاومة لانقلاب 25 أكتوبر، ومجازر دارفور والمناطق الطرفية الأخري ، وبعد أن اصبحت سلطة اتقلاب 25 أكتوبر قاب قوسين أو أدني من السقوط ، وعقب الصراع الذي انفجر في الاتفاق الإطاري حول الاصلاح الأمني والعسكري في قضية الدعم السريع حول مدة دمج الدعم السريع في القوات المسلحة.
هذا إضافة للتدخل الدولي والاقليمي في الشأن الداخلي السوداني الذي عقد الأزمة كما في التدخل الدولي والاقليمي بعد انفجار الحرب بشكل اوسع بعد انقلاب الانقاذ في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ الذي وسع نطاق الحرب بعد التوصل لحل سلمي لمشكلة الجنوب بعد اتفاق ( الميرغني - قرنق) ، مما أدي لاتفاق نيفاشا بتدخل خارجي، وكان الحصاد بعد مقتل الآلاف ونزوح الملايين فصل الجنوب.
إضافة لفرض الوثيقة الدستورية بعد ثورة ديسمبر 2018 بتدخل إقليمي و دولي التى كان حصادها تكريس الشراكة مع العسكر وتقنين الدعم السريع دستوريا، وتم اتفاق جوبا بتدخل خارجي الذي تعلو بنوده على الوثيقة الدستورية، وحتى الوثيقة الدستورية (المعيبة) لم يتم الالتزام بها، وتم الانقلاب العسكري عليها في ٢٥ أكتوبر 2021.
بعدها جاء الاتفاق الإطاري ايضا بتدخل إقليمي ودولي الذي كرس الشراكة مع العسكر والدعم السريع واتفاق جوبا، والذي قاد كما اشرنا سابقا الى الخلاف حول دمج الدعم السريع في الجيش وانفجار الحرب الجارية حاليا.
كما جاء التدخل الخارجي بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 بهدف نهب موارد البلاد وإيجاد موطيء قدم على البحر الأحمر، الذي وجد مقاومة من الحركة الجماهيرية، كما في مقاومة جماهير الشرق لميناء “ابوعمامة" لصالح الإمارات الذي يهدد السيادة الوطنية ويقضي علي ميناء بورتسودان في ظل حكومة انقلابية غير شرعية مرتهنة للخارج، ومقاومة القبائل القاطنة في ولايات مشروع “الهواد” الزراعي لنهب اراضيهم وتمليكها للامارات ، ورفض الجماهير في مناطق البترول والتعدين لنهب ثرواتهم من الذهب وتدمير البيئة ، وحقوقهم في تنمية مناطقهم بنسبة محددة ، واعادة النظر في العقود الجائرة التي تنهب بموجبها الشركات الذهب وبقية المعادن، ورفض تهريب ثروات البلاد للخارج ، والتفريط في السيادة الوطنية، والتدخل في الشأن الداخلي بشكل غير مسبوق، وكانت أحداث مروي القشة التي قصمت ظهر البعير وأدت لانفجار الحرب.
اضافة لرفض أن يكون السودان في مرمي نيران الصراع الدولي لنهب الموارد والموانئ بين أمريكا وحلفائها وايران والإمارات ومصر وروسيا والصين الخ .
٤
اوضحت الحرب اللعينة الأتي :
– خطر المليشيات ( الدعم السريع ، الكيزان ، الحركات) على وحدة واستقرار البلاد وأمنها وسيادتها الوطنية، فكان من شعارات ثورة ديسمبر ” حرية سلام وعدالة – الثورة خيار الشعب” ، و”السلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”.
– كما أكدت التجربة خطل الاتفاقات الهشة بتدخل دولي واقليمي لقطع الطريق أمام الثورة ، فضلا عن تكريسها للمليشيات وجيوش الحركات كما في الوثيقة الدستورية 2019 التي انقلب عليها تحالف اللجنة الأمنية ومليشيات الكيزان والدعم السريع وجيوش حركات جوبا، في 25 أكتوبر 2021 الذي تدهورت بعده الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية، ووجد مقاومة باسلة ، وجاء الاتفاق الإطارى ليكرر خطأ “الوثيقة الدستورية” الذي كرّس وجود الدعم السريع واتفاق جوبا، وهيمنة العسكر ، مما أدي لانفجار الأوضاع في البلاد والحرب ، وهو في جوهره صراع على السلطة ونهب ثروات البلاد كما اشرنا سابقا ، وانعكاس لصراع المحاور الاقليمية والدولية في السودان، والتدخل الدولي الكثيف فيه.
– بعد هذه التجربة المريرة ووقف الحرب يصبح من العبث تكرار التسوية بعودة للاتفاقات الهشة لتقاسم السلطة التي تعيد إنتاج الحرب بشكل اوسع كما في مشروع اتفاق "المنامة" ، وتهدد استقرار ووحدة البلاد ، كما في الدعوات الجارية للعودة للاتفاق الإطارى بعد وقف الحرب.
فلا بديل غير الحل الداخلي الذي للسودانيين فيه تجربة كبيرة كما في الإجماع حول الاستقلال ١٩٥٦، وثورة أكتوبر ١٩٦٤، وانتفاضة مارس - أبريل ١٩٨٥، وثورة ديسمبر ٢٠١٨، مع الاستفادة من دروس انتكاسة تلك التجارب بوقف الحلقة الشريرة من الانقلابات العسكرية، وبترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وحل كل المليشيات (دعم سريع ومليشيات الكيزان وجيوش الحركات) وقيام الجيش القومي المهني الموحد تحت إشراف الحكومة المدنية، ومحاسبة مجرمي الحرب والجرائم ضد الانسانية، وقيام المؤتمر الدستوري الذي يتم فيه الاتفاق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات ديمقراطي يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية.
٥
أخيرا، لا بديل غير اوسع نهوض جماهيري وجبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة، ومقاومة جماهير المدن للتهجير والنزوح، ومواصلة المطالبة بالعودة لمنازلهم وقراهم ،عدم ترك اراضيهم وممتلكاتهم لمليشيات الدعم السريع و”الكيزان”.
– مواصلة الوجود والمقاومة الجماهيرية في الشارع في الداخل والخارج بمختلف الأشكال (مذكرات، مواكب، وقفات احتجاجية، اضرابات واعتصامات. الخ) ، من أجل وقف الحرب واسترداد الثورة، وتحسين الاوضاع المعيشية والصحية والأمنية التي تدهورت بشكل لامثيل له في الآونة الاخيرة، ومواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها ومهام الفترة الانتقالية.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الاقلیمیة والدولیة الوثیقة الدستوریة الدعم السریع فی السودان کما فی

إقرأ أيضاً:

تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع

يوسف عزت مستشار حميدتي السابق..
????
*تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع*
*إعداد: يوسف عزت*

*مقدمة:*
يواجه السودان مرحلة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث تعكس المواجهة المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني صراعًا أكثر تعقيدًا من كونه نزاعًا عسكريًا. فعلى الرغم من النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع في بداية النزاع، إلا أنها تعاني حاليًا من تراجع ملحوظ على الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية.
يهدف هذا التحليل إلى دراسة الأسباب الجوهرية لهذا التراجع، مع التركيز على العوامل البنيوية، والسياسية، والقيادية. كما يسعى للإجابة على السؤال المركزي:
هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات وضمان بقائها وسط هذا التصعيد؟
*أولاً: غياب الانضباط والانفلات الأمني*
تعدّ السيطرة على الأمن والنظام أحد العناصر الأساسية للحفاظ على الشرعية والقبول الشعبي. غير أن الواقع في مناطق نفوذ قوات الدعم السريع يُظهر اختلالًا أمنيًا خطيرًا انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين. ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين:
1. فقدان التأييد الشعبي:
• أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بقوات الدعم السريع، خاصةً في المناطق الحضرية التي كانت أكثر تضررًا من عمليات النهب والاعتداءات.
• انعكست هذه الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية.
2. تعزيز الفوضى وانعدام السيطرة:
• أدى غياب المحاسبة الداخلية إلى بروز مجموعات منفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام.
*الخلاصة:*
أضعف الانفلات الأمني قدرة الدعم السريع على تقديم نفسه كفاعل منظم ومشروع، وخلق حالة من الاستقطاب السلبي ضده داخل المجتمعات المحلية.

*ثانياً: تراجع الرؤية السياسية وانعدام المصداقية*
بدأت قوات الدعم السريع مسارها السياسي بعد اندلاع الحرب عبر طرح رؤية الحل الشامل دات النقاط العشر، والتي لاقت قبولًا داخليًا وخارجيًا باعتبارها محاولة لصياغة مشروع سياسي مدني. إلا أن هذا الزخم تلاشى بسبب تضارب الخطاب السياسي مع الواقع الميداني.
1. التناقض في الخطاب السياسي:
• اعتمدت القيادة خطابًا يركز على مواجهة الإسلاميين (“الكيزان”)، مما أكسبها دعمًا مؤقتًا من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق.
• غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوف الدعم السريع قوّض مصداقية هذا الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات.
2. تأثير الحرب على الأولويات السياسية:
• فرضت الحرب أولويات جديدة على قيادة الدعم السريع، حيث أصبح الحشد القبلي والاجتماعي أولوية تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية.
*الخلاصة:*
غياب خطاب سياسي متماسك يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي والانكشاف أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني.

*ثالثاً: ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار*
تعاني قوات الدعم السريع من أزمة قيادية بنيوية تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتظهر هذه الإشكالية في النقاط التالية:
1. تعدد دوائر صنع القرار:
• يشكل التداخل بين القائد الأول (محمد حمدان دقلو – حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم دقلو) مصدرًا لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث.
• تسهم تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة.
2. غياب التخطيط طويل الأمد:
• تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية.
*الخلاصة:*
انعكس غياب القيادة المركزية الموحدة على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للدعم السريع.

*رابعاً: أزمة التحالفات السياسية والعسكرية*
تورطت قيادة الدعم السريع في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، خلال السنوات الماضية آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”. لكن هذه التحالفات تعاني من تناقضات بنيوية واضحة:
1. التناقض مع التركيبة الاسرية والاجتماعية للدعم السريع:
• يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة الدعم السريع كمؤسسة قومية ديمقراطية، في حين أن بنيته القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية.
2. الطابع التكتيكي للتحالفات:
• تتعامل قيادة الدعم السريع مع التحالفات كأدوات مرحلية فرضتها ظروف الحرب، دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات.
*الخلاصة:*
غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل الدعم السريع يبدو كفاعل انتهازي، مما يهدد استمرارية هذه التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة.
*خامساً: الصدام مع الدولة المركزية وتأثيره على الاصطفاف القبلي*
أدى الصدام المباشر بين قوات الدعم السريع والدولة المركزية إلى إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية في السودان بصورة غير مسبوقة فللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش أو الدعم السريع، مما أدى إلى حالة استقطاب حاد والدخول في حرب اهلية مباشرة.
• دفع هذا الاستقطاب المجتمعات إلى تسليح نفسها بشكل مستقل، مما حول الحرب لحرب أهلية واسعة النطاق ذات قوى متعددة.
*الخلاصة:*
ساهم الصدام مع الدولة المركزية في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية واعاد المكونات العربية في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت تستخدم هذه المجتمعات لقمعها ،كأداة لسلطة المركز .
يمكن تطوير هذا التحول لحل صراع المركز والهامش بتبني مشروع دولة خدمية بدلا من التعريف التقليدي للصراع بأن المركز هو عروبي إسلامي والهامش إفريقي زنجي وهو تعريف غير صحيح كرست له سلطة الحركة الإسلامية وعمقتها وتبنتها كسياسات حتى الان ، وكنتيجة لذلك انفجر الصراع بهذه الصورة التي نشهدها الان ، ولكن يمكن وفق المعادلات الراهنة الوصول لحلول لصالح جميع السودانيين من خلال التفكير الواقعي والاعتراف بالأزمة وحلها حلا جذريا وذلك يحتاج لعقول تنظر إلى ابعد من مصالحها.
*الإجابة على السؤال الجوهري:*
هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟
بناءً على التحليل السابق، لا تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية:
1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي.
2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات.
3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات.
4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة.
5-عدم القدرة هلى التخلص من ارث الماضي والتكيف مع التحولات التي تستدعي اعادة تشكيل القيادة وصياغة مشروع وطني يمثل مصالح قطاعات واسعة تتبناه وتشارك في تنفيذه.
*توصيات*
1. إعادة هيكلة القيادة: إنشاء مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية.
2. ضبط الأمن: فرض انضباط صارم على القوات ومحاسبة المتجاوزين.
3. صياغة رؤية سياسية متماسكة: تطوير مشروع وطني يعكس المصالح الحقيقية لجميع الفئات.
4. تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك الكفاءات المحلية في صنع القرار.
5. تبني استراتيجية طويلة الأمد: التركيز على حلول مستدامة تربط بين الأمن والسياسة والتنمية.
*خاتمة*
يتضح أن قيادة الدعم السريع تواجه تحديات بنيوية تهدد بقاءها كفاعل سياسي وعسكري مؤثر. إن غياب التفكير الاستراتيجي والارتباك في الخطاب والممارسة يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على إصلاح هذه الاختلالات واعتماد رؤية متماسكة ومستدامة.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • مقتل طبيب داخل مركز احتجاز الدعم السريع 
  • الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»
  • السودان: مجلس السلم الإفريقي يؤكد الرفض الدولي لمؤامرة “الدعم السريع”
  • مجلس السلم الإفريقي يؤكد الرفض الدولي لمؤامرة الدعم السريع في السودان
  • السودان: مجلس السلم الإفريقي يؤكد الرفض الدولي لمؤامرة “الدعم السريع”
  • إعلان للدعم السريع يقلق الاتحاد الأفريقي.. والأخير يحذر من خطر تقسيم السودان
  • التصدي للتغول على مشروع الجزيرة ونهب ثروات البلاد