بقلم :عبد الحكيم العياط

التلقيح أو الاستمطار السحابي، الذي يُعتبر في الأساس تقنية لتعزيز الهطول المطري في المناطق الجافة، أصبح محل جدل أكبر مؤخرًا بسبب دراسات جديدة تشير إلى أن له تأثيرات محتملة على الأنماط المناخية بشكل غير متوقع. هذه الدراسات، التي تم إجراؤها في مراكز بحثية متقدمة مثل المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا ومركز الأبحاث المناخية في جامعة كولورادو، تُظهر أن التلقيح السحابي قد يسبب تغييرات غير متوقعة في المناخ، بل وحتى أحداث مناخية حادة مثل الجفاف الشديد أو زيادة احتمالية الأعاصير.

التلقيح السحابي في المغرب :بين الأمل والمخاطر

التلقيح أو الاستمطار السحابي في المغرب هو جزء من الجهود الوطنية لمواجهة تحديات الجفاف وندرة المياه. منذ إطلاق مشروع "غيث" في عام 1984، أصبح المغرب أحد الدول الرائدة في استخدام تقنيات التلقيح السحابي لتعزيز الهطول المطري، حيث يتم تطبيق تقنية الاستمطار السحابي في المغرب من خلال رش مواد مثل يوديد الفضة في السحب التي تحتوي على كميات كافية من الرطوبة لتحفيزها على تكوين أمطار. ووفقًا للتقارير الرسمية، ساهمت هذه التقنية في زيادة الهطول المطري في بعض المناطق بنسبة تتراوح بين 10% و15%. لكن، إلى جانب هذه النجاحات المعلنة، هناك قلق متزايد بناءً على الدراسات الحديثة التي تُظهر أن التلقيح السحابي قد لا يكون دائمًا حلاً مستدامًا، بل قد يسهم في إحداث اضطرابات مناخية غير متوقعة.

في السياق المغربي، يعترف البعض أن تأثير الاستمطار قد يكون محدودًا ويصعب عزله عن الهطول الطبيعي للسحب. وهذا يطرح تساؤلات حول مدى مصداقية الأرقام المعلنة ومدى اعتماد هذا المشروع على التغيرات المناخية العادية التي تشهدها البلاد. من هنا، يبدو أن نجاح الاستمطار السحابي يعتمد بشكل كبير على العوامل الجوية المتغيرة، مما يقلل من كونه حلًا دائمًا ومضمونًا لمشكلة الجفاف.

تأثيرات تلقيح سحب على الأنماط المناخية

تُظهر هذه الدراسات أن التعديل الصناعي للسحب من خلال رش المواد الكيميائية مثل يوديد الفضة يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في توزيع الرطوبة على مستوى الإقليم بأكمله. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تحفيز الأمطار في منطقة معينة إلى نقص الرطوبة في مناطق أخرى مجاورة، مما يسبب جفافًا شديدًا في تلك المناطق. هذا التأثير تم توثيقه بشكل خاص في تجارب أُجريت في الولايات المتحدة والصين، حيث لاحظ الباحثون أن عمليات التلقيح السحابي قد تؤدي إلى تحولات في الأنماط المناخية الإقليمية، ما يؤدي إلى جفاف أطول وأكثر شدة في المناطق التي لم تكن مستهدفة بالعملية.

علاوة على ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن التعديلات الصناعية في المناخ من خلال الاستمطار قد تساهم في تزايد عدم الاستقرار الجوي، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة في شدة العواصف والأعاصير في بعض الحالات. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجرتها جامعة كولورادو أن التغيير الصناعي في ديناميكية الغلاف الجوي يمكن أن يزيد من تذبذب الضغط الجوي والرطوبة، وهو ما قد يؤدي إلى تفاقم الأحداث المناخية الحادة مثل الأعاصير.

هل التلقيح السحابي مسؤول عن الكوارث المناخية؟

بينما لم يتم إثبات هذه النتائج بشكل قاطع على المستوى العالمي، إلا أن هناك أدلة متزايدة على أن تقنيات التلقيح السحابي قد تسهم في إحداث تأثيرات سلبية غير متوقعة. إحدى المخاوف الرئيسية التي أثيرت في دراسة للمعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا، تتعلق بإمكانية أن تؤدي هذه التقنية إلى "تفكيك" الأنماط الطبيعية للدورة المائية، مما يؤدي إلى جفاف أكثر حدة في بعض المناطق وهطول مفرط في مناطق أخرى، مما يزيد من احتمال حدوث فيضانات أو انهيارات أرضية.

الدراسة السويسرية أشارت أيضًا إلى أن التأثيرات على الغلاف الجوي يمكن أن تتجاوز المناطق المستهدفة، مما يعني أن الدول التي لا تطبق هذه التقنية قد تكون معرضة أيضًا للتأثيرات السلبية. وهذا يزيد من تعقيد النقاش حول استدامة هذه التقنية ويطرح تساؤلات جديدة حول التدخل الصناعي في المناخ.

بالإضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بيئية تُثار بشأن المواد الكيميائية المستخدمة في الاستمطار. على الرغم من تأكيدات الجهات الرسمية أن يوديد الفضة يُعتبر آمنًا، فإن بعض الدراسات تشير إلى أن الاستخدام المتكرر لهذه المواد قد يؤدي إلى تراكمها في التربة والمياه الجوفية، مما قد يسبب أضرارًا بيئية على المدى الطويل. هذا القلق لم يقتصر على المغرب فقط، بل هو جزء من نقاش عالمي حول المخاطر المحتملة لهذه التقنية. وحتى إن لم تكن هناك أدلة قاطعة على الضرر البيئي المباشر في الوقت الحالي، فإن التوسع في استخدامها قد يؤدي إلى مشكلات بيئية غير متوقعة في المستقبل.

على الرغم من الجدل حول فعالية الاستمطار السحابي وتأثيراته البيئية، فإن هناك دائمًا أطرافًا قد ترى في استمرار هذا المشروع مصلحة مادية تتجاوز الأهداف المعلنة. فالاستمطار، كغيره من المشاريع الكبرى، يتطلب موارد تقنية وبشرية مكثفة، مما يفتح الباب أمام عقود وطلبيات قد يستفيد منها بعض الفاعلين في القطاعين العام والخاص. من توريد المواد الكيميائية المستخدمة إلى تشغيل الطائرات والفرق المتخصصة، توفر هذه العمليات فرصًا اقتصادية مُربحة قد تجعل بعض الجهات تفضل استمرارها بغض النظر عن المخاوف المتعلقة بالآثار المناخية الطويلة الأمد.

بناءً على هذه الدراسات الجديدة، يجب على المغرب وأي دولة أخرى تعتمد على هذه التقنية أن تأخذ في الاعتبار الآثار البيئية والمناخية طويلة الأمد لهذه العملية. إذا لم تُدرس هذه العوامل بعناية، قد ينتهي الأمر بتحويل حلول قصيرة الأمد إلى أزمات مناخية طويلة الأمد قد يكون من الصعب معالجتها.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: هذه التقنیة غیر متوقعة یؤدی إلى یمکن أن إلى أن التی ت

إقرأ أيضاً:

ماذا يحدث للجسم عند تقلبات الطقس؟.. احذر نتائج غير متوقعة

حالة من التقلبات الجوية تشهدها البلاد بالتزامن مع دخول فصل الخريف، المعروف بتقلباته الجوية بين ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة يقابله انخفاضا وصقيع في أوقات أخرى، وهو الطقس الذي يؤثر بشكل سلبي على الجهاز التنفسي، فضلًا عن أنه يُحدث العديد من التغيرات في الجسم ولا يعرفها الكثير من الناس، إذا لم يجري اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وهو ما دفعهم للتساؤل ماذا يحدث للجسم عند تقلبات الطقس؟.

ماذا يحدث للجسم عند تقلبات الطقس؟

تحدث تغيرات مفاجئة في الطقس من درجات الحرارة والرطوبة والتلوث والأتربة، ومن الناحية الجسدية تؤدي هذه التقلبات إلى تهيج الجهاز التنفسي والتأثير على الرئتين والجيوب الأنفية، كما أنها تؤثر على الأذن الوسطي للاختلاف الشديد بين البرودة والحرارة، وبحسب الدكتور محمود البنتاوي، أخصائي الأمراض الصدرية، فإن التغيرات الجوية تؤثر على جسم الإنسان بطرق مختلفة أولها التأثير الشديد على الرئة الذي يسبب ألما في العضلات والمفاصل.

كما أن أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن والأطفال، أكثر الفئات التي تعاني من مضاعفات شديدة بسبب موجات الطقس المتقلب، بسبب تعرض الإنسان للهواء الملوث بالغبار والجسيمات الدقيقة، بالإضافة إلى مصابي الربو والتهاب الشعب الهوائية، لذا يجب اتخاذ الإجراءات الاحترازية، بحسب ما أوضح «البنتاوي»، خلال حديثه لـ«الوطن».

التعامل مع الطقس المتقلب

فيما يخص بالتعامل مع الطقس المتقلب، قدم أخصائي الأمراض الصدرية عدة طرق ونصائح لمواجهته، بعد معرفة ماذا يحدث للجسم عند تقلبات الطقس:

لتجنب مخاطر الطقس المتقلب، يجب ارتداء الملابس المناسبة وإضافة قطعة زيادة إلى الملابس آلان. الحفاظ على رطوبة الجسم وشرب الماء بشكل منتظم، لتقليل تراكم الأتربة في الممرات التنفسية بالجسم. على مرضى الحساسية والربو مراعاة تطبيق كل التدابير الوقائية اللازمة للوقاية من الفيروسات التنفسية. قبل لمس الأنف والفم والعين، يجب غسل الأيدى بالماء والصابون جيدًا. غسل الأنف بمحلول ملحي. استخدام البخاخات لتقليل الإفرازات الأنفية بسبب تقلبات الطقس. التخلص من مسببات التهيج والحساسية. استخدام الكمادات الدافئة على الوجه لتخفيف الألم. تناول الوجبات الغنية بالبروتينات والأطعمة الغنية بالفيتامينات لزيادة حرارة الجسم. الحرص على شرب كميات كافية من الماء بشكل يومي. الحرص على تناول البرتقال وفيتامين سي. تناول الأطعمة الغنية بأوميجا 3 والفيتامينات التي تؤثر على صحة الجهاز التنفسي. تجنب الخروج من المنزل في ظل العواصف الترابية. ضرورة إغلاق نوافذ المنازل جيدًا، لمنع دخول الأتربة والغبار إلى الغرف. الاهتمام بنظافة أرضيات المنزل وجميع الأسطح، للحد من تأثيرات تقلبات الطقس على الصحة.

ماذا يحدث للجسم عند تقلبات الطقس من الناحية النفسية؟ 

يؤدي التغير في المناخ والطقس المتقلب إلى تعطيل توازن مستوى الميلاتونين في الجسم، والذي يلعب دورًا في أنماط المزاج، وبحسب حديث إيناس علي، أخصائي الصحة النفسية والإرشاد الأسري، لـ«الوطن»، فإن تقلبات الطقس تؤثر على الصحة النفسية للفرد، مّا يؤدي إلى التالي:

زيادة مستويات التوتر. زيادة مستويات القلق. الشعور بالاكتئاب الشديد. الشعور بالضغط النفسي.

مقالات مشابهة

  • ديالى.. حادث سير مروّع يؤدي بحياة سائق وامرأة وإصابة 3 آخرين
  • فوائد غير متوقعة لسم نحل العسل
  • ماذا يحدث عند إضافة التوابل إلى اللبن؟.. نتائج غير متوقعة
  • «علوم الاستمطار» يناقش استراتيجيات إدارة المياه المستدامة
  • "الإمارات لبحوث علوم الاستمطار" يناقش استراتيجيات إدارة المياه المستدامة
  • من أمطار الهند لأعصار أمريكا.. تغيرات مناخية تهدد حياة الملايين
  • شجار دامٍ في مخيم مهاجرين بأبين يؤدي إلى مقتل وإصابة إثيوبيين
  • ماذا يحدث للجسم عند تقلبات الطقس؟.. احذر نتائج غير متوقعة
  • 4 أشياء غير متوقعة تسبب الأرق