تُعد الأنشطة التربوية اللاصفية نبض العملية التعليمية، وجوهرها المتجدد الذي يضفي حيوية ويكسر قيود الرتابة التي قد تُثقل كاهل الحصص الدراسية التقليدية، فهي ليست مجرد فسحة زمنية تُضاف إلى اليوم الدراسي، بل هي فضاء رحب يتيح للطلبة فرصة الانطلاق خارج أسوار الكتب والنظريات، ليختبروا بأنفسهم المعارف ويغمسوا أيديهم في بحر التجربة والتطبيق.

وحول دور الأنشطة في صقل شخصية الطالب أشارت تركية اليافعية من محافظة ظفار إلى أن الأنشطة اللاصفية تتيح للطلبة الفرصة لإبراز إبداعاتهم وابتكاراتهم ومهاراتهم، كما تعد الأساس في العملية التعليمية؛ لأنها تظهر جوانب الهدف التعليمي السامي سواء في الجانب الثقافي أو الاجتماعي، لذا كان من المهم إبراز دورها في مهارات الطلبة. ومن وجه نظري فالأنشطة المدرسية تحقق الأهداف التربوية داخل المدرسة، كالشعور بالانتماء للوطن من خلال الأعمال التطوعية التي تقام داخل المدرسة وخارجها، بالإضافة إلى خلق روح التنافس الشريف بين الجماعات، والاهتمام بتحقيق نتائج إيجابية مثرية. وتعد الأنشطة كسرا لروتين الطلبة من خلال التفاعل مع زملاء ومعلمين من فئات عمرية مختلفة، فيتم التعارف والتآلف واكتساب مهارات قيادية مختلفة لمختلف الأعمار والفئات المدرسية، كما عبرت الطالبة الزهراء الرحبية، عضوة في البرلمان العربي للطفل ممثلة سلطنة عمان أن الأنشطة التربوية تؤدي دورا مهما في تعزيز التحصيل الدراسي والتفكير الإبداعي والناقد لدى الطلبة. وأوضحت أن هذه الأنشطة تشمل مجموعة واسعة من التجارب التعليمية، بدءا من الأنشطة الصفية التقليدية إلى الأنشطة الخارجية والمشاريع البحثية، فمن حيث التفاعل العلمي فإن الأنشطة التربوية تتيح للطلبة الفرصة للتفاعل العملي مع المفاهيم التعليمية، مما يعزز فهمهم ويسهم في تحقيق نتائج أكاديمية أفضل، أما فيما يتعلق بالتحفيز فالأنشطة المتنوعة تزيد من تحفيز الطلبة وتقلل من الملل، مما ينعكس إيجابيا على مستوى تحصيلهم الدراسي، أما من ناحية التفكير الإبداعي فإن الأنشطة التي تتطلب من الطلبة حل المشكلات تعزز قدرتهم على التفكير بطرق غير تقليدية والابتكار، ثانيا التعبير الفني فالأنشطة الفنية مثل الرسم والموسيقى تسهم في تطوير مهارات التفكير الإبداعي لدى الطلبة.

وقال إسحاق المفرجي، معلم أول لغة عربية من محافظة الداخلية إن الميدان المدرسي أثبت فاعلية الأنشطة التربوية في صقل مهارات الطلبة المخبوءة؛ الأمر الذي ساعد الطلبة على تعزيز الوعي والإدراك في مواجهة المواقف المختلفة، والتواصل مع الجمهور، ورفع مستوى التفكير الناقد، بيدَ أنه أسهم في تحفيزهم على الاهتمام بالتحصيل الدراسي وتحقيق مستويات أعلى، ساعدتهم في ذلك ثقتهم بأنفسهم وبما يستطيعون تقديمه.

كما عبَّرت الطالبة عائشة الروشدية من محافظة البريمي قائلة: إن متعة التعلم وفاعليته وتحقيق أهدافه لا تتم إلا بوجود الأنشطة التربوية الهادفة وفق رؤية واضحة ومحددة وحركة ذات انسيابية وواقعية، وما نكتسبه نحن كمتعلمين من خبرات وفوائد وآداب وأخلاق تصقل شخصياتنا وأنشطة متنوعة تلبي احتياجاتنا وتنمي اهتماماتنا، إضافة إلى تأثيرها المباشر أو غير المباشر في التحصيل الدراسي.

ويضيف الطالب ناصر الهطالي من محافظة الداخلية أن النشاط الفني يسهم في تنمية التفكير الإيجابي والإبداع لدى الطالب، كما أنه يعزز العمل اليدوي، وينمّي الثقافة الفنية والقدرة على التذوق الفني، كما يسهم في تنمية الإحساس العميق بقدرة الخالق عن طريق التفكير والتأمل في قدراته وتنمية روح التعاون والعمل الجماعي، كما أنه يسهم في زيادة الثقة بالنفس لدى الطلبة وبالتالي يتحسن المستوى الدراسي.

ويعد الطالب هشام اليحيائي من محافظة الداخلية أن متعة التعلم تقترن بنشاط تربوي يخرج الطالب من الصف إلى رحابة الحياة والنشاط المدرسي مما يضيف إلى التعلم حيوية وحركة وحرية وواقعية، ويُكسب المتعلم خبرات وفوائد وآدابا وأخلاقا تشبع رغباته وتلبي احتياجاته وتنمّي اهتماماته إضافة إلى تأثيره المباشر أو غير المباشر في التحصيل الدراسي.

ويقول عبدالله الهاشمي، معلم كيمياء من محافظة الداخلية إن الأنشطة التربوي لها دور في تعزيز الفهم والاستيعاب للمفاهيم والمبادئ بشكل أوسع وأعمق وزيادة الدافعية والاهتمام نحو الدراسة والبحث والتقصي وتنويع أساليب التعلم من خلال التجربة والاكتشاف وتشجيع الخيال والإبداع من خلال تطوير العمل إلى أفكار جديدة ومبتكرة، وتنمية القدرة على حل المشكلات وإيجاد حلول مبتكرة لها وتوسيع آفاق التفكير من خلال الاستكشاف والتجربة.

وبيَّن الطالب أسامة الشحي من محافظة مسندم بقوله إن الأنشطة لها أثر فعال وإيجابي على الطالب؛ فهي تصقل شخصيته بسبب كثرة مشاركته بالفعاليات والأنشطة التي تقام في المدارس أو خارج نطاق المدرسة فأثرها واضح على الطالب من خلال زيادة ثقته بنفسه وتعزيز ذاته والشعور بالفخر لما يحققه من إنجازات وصقل لمواهبه الشخصية وتوسيع فكره، أما من الناحية العلمية فأثرها يتجلى من خلال تفوقه وتميزه الدراسي والتحصيل العلمي وبعض الأنشطة تساعد على اكتساب المعلومات وإيجاد الحلول والمشاركة بها وطرح الأفكار ومناقشتها.

ويعبِّر الطالب أحمد الكثيري من محافظة ظفار بقوله: الأنشطة هي "الأكاديمية المصغرة" لكل مدرسة؛ فمن خلالها يجد الطالب شغفه ويبرز إمكانياته وقدراته ويتطلع لتجويد مهارته وميوله ولا يخلو المنهج التعليمي من الأنشطة المنهجية الصفية ولا يزدان إلا بالتجارب والأفكار الإبداعية لتخرج لنا برامج عامة وخاصة خارج الصندوق وحدود الصف وأحيانا إلى المستوى المحلي والدولي عبر مسار المسابقات والمشاركات وإلى سماء الموهبة والإبداع وبالتالي ترتفع السمات الشخصية للطالب وترتقي إلى الإنجاز والإجادة وتزيد الدافعية نحو التعلم وإلى آفاق التعليم وتكمن نقاط القوة في نتائج تحصيلية وخبرات إضافية ومستويات من العطاء والجد وحب التعلم والتطلع إلى الأفضل.

ويضيف الطالب عمار الصخبوري من تعليمية الظاهرة أن الأنشطة التي تتطلب حلولا إبداعية أو مشاريع مبتكرة تحفّز على التفكير خارج الصندوق مثل الفن والموسيقى والألعاب التعليمية، التي تسهم في توسيع خيال الطلاب وتشجيعهم على التفكير بطرق جديدة، والأنشطة التي تتطلب تحليل ونقد المعلومات تساعد الطلاب على تطوير مهارات التفكير الناقد ومن خلال النقاشات والحوارات التربوية، ويتعلم الطلبة كيفية تقييم الحجج والأدلة بشكل نقدي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من محافظة الداخلیة الأنشطة التربویة التفکیر الإبداعی التحصیل الدراسی الأنشطة التی من خلال

إقرأ أيضاً:

التفكير خارج الصندوق.. سرّك الجديد للتعامل مع الضغوط النفسية

يقوم التوتر بدور كبير في تقليص قدرة العقل على الإبداع واتخاذ قرارات ذكية وغير تقليدية. وفي المقابل، يمكن للتفكير الإبداعي أن يسهم في التخفيف من التوتر والقلق؛ معادلة معقدة: هل يمكن تجاوز الضغوط النفسية والدخول في حالة إبداعية؟ هذا ما حاولت عدة دراسات الإجابة عنه.

من ينتصر.. الإبداع أم التوتر؟

يُعرّف الإبداع بأنه القدرة على إنتاج أفكار جديدة ومبتكرة، ولا يقتصر على الفنون فقط، بل يشمل أيضًا حل المشكلات وتطوير الأعمال، ويتطلب شرارة داخلية تدفع للتجديد.

في حين تشير بعض الدراسات إلى دور الإبداع في تقليل التوتر، أظهرت دراسة صينية عكس ذلك، إذ أوضحت أن الضغوط الحادة تضعف التفكير الإبداعي وتقلل الفروق بين الأفراد من حيث قدراتهم الخلّاقة.

أما دراسة أخرى من جامعة تورنتو، فقد بيّنت أن التوتر المزمن يؤثر سلبًا على وظائف الدماغ والجهاز العصبي والمناعي، ويضعف القدرات الإدراكية، خصوصًا التفكير الإبداعي، مشيرة إلى أن هذه التغيرات قد تكون طويلة الأمد.

في النهاية، يبدو أن العلاقة بين التوتر والإبداع أشبه بصراع مستمر، تُحسم نتائجه بحسب الظروف النفسية والدعم المحيط بكل فرد.

الضغوط الحادة تضعف التفكير الإبداعي وتقلل الفروق بين الأفراد من حيث قدراتهم الخلّاقة (بيكسلز) كلمة السر في "برامج التفكير الإبداعي"

حتى في أبسط أشكاله، يشكل التوتر عائقًا أمام طلاقة التفكير ومحاولات الإبداع. ففي دراسة أُجريت عام 2009 على 60 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عامًا، تبين أن الأطفال الذين عانوا من صعوبة الاندماج والتأقلم في المدرسة تراجعت لديهم قدرات التفكير الإبداعي، والعكس صحيح.

إعلان

من هذا المنطلق، سعت الباحثة المصرية منى لملوم إلى تقديم نهج مختلفة، فخلال إعدادها رسالة الدكتوراه بعنوان "فعالية برنامج قائم على التفكير الإبداعي لخفض مستوى الضغوط النفسية لدى عينة من طالبات مدارس STEM للعلوم والتكنولوجيا"، توصلت إلى نتائج لافتة حول قدرة الإبداع على تخفيف التوتر.

الباحثة منى لملموم: يعاني الطلاب في سن المراهقة من ضغوط متعددة، أبرزها المنافسة، والامتحانات، وكثافة الواجبات (الجزيرة)

وتوضح لملوم في حديثها مع الجزيرة نت: "يعاني الطلاب في سن المراهقة من ضغوط متعددة، أبرزها المنافسة، والامتحانات، وكثافة الواجبات، والقلق بشأن المستقبل الأكاديمي والمهني، مما يؤدي في كثير من الحالات إلى مشاكل نفسية كالاكتئاب والقلق، وينعكس سلبًا على التحصيل الدراسي". ومن هنا تساءلت: "هل يمكن لبرنامج تدريبي قائم على التفكير الإبداعي أن يخفف من هذه الضغوط النفسية؟"، وكانت الإجابة، وفق نتائج بحثها، إيجابية ومبشرة.

وتابعت: "قدمت في دراستي برنامجا للتفكير الإبداعي استند إلى أسس نظرية متنوعة، مثل التعلم المعرفي باندورا، والتكيف المعرفي، والتنظيم الذاتي، وأنشطة تطبيقية وتفاعلية مثل العلاج بالدراما وتمثيل الأدوار، مما أتاح للطالبات تجربة المواقف الضاغطة في بيئة آمنة وتعلم أساليب تكيف أكثر فعالية، كما قدمت أداة جديدة لقياس الضغوط النفسية، مما عزز دقة القياس، بالإضافة إلى أدوات عملية للمعلمين والاختصاصيين النفسيين لتقييم الضغوط النفسية لدى الطالبات بشكل علمي ودقيق".

وحسب لملوم، فإن دمج برنامج للتفكير الإبداعي في الروتين اليومي للطالبات، بما يشمله من تمارين اليقظة العقلية، وتمارين التقبل والالتزام، حوّله مع الوقت إلى جزء من إستراتيجية الطالبات الشخصية في التعامل مع الضغوط في حياتهن اليومية، حيث استمر انخفاض الضغوط النفسية حتى بعد مرور شهرين، وأضافت: "تلك هي كلمة السر في برامج التفكير الإبداعي الناجحة، أن تكون مستدامة وعملية".

 

أبرز طرق ممارسة التفكير الإبداعي

تلعب الفنون دورا كبيرا في حماية الصحة العقلية والجسدية، وتشير مزيد من الأدلة إلى الطريقة التي يساهم بها الإبداع في تحسين الصحة النفسية وإدارة الضغوط، ربما لهذا تم استخدام العلاج بالفن في الحد من المعاناة التي تسببها اضطرابات مثل الاكتئاب والقلق وضعف الإدراك والخرف وألزهايمر والفصام، كما تساعد الأنشطة الإبداعية في تعزيز المعرفة والسلوكيات الإيجابية لدى الأطفال والشباب عبر أنشطة مثل:

إعلان الرسم النحت الطبخ الحياكة الخياطة الكتابة الغناء العزف الرقص العلاقة بين القلق والتفكير الإبداعي تبدو معقدة للغاية (بيكسلز)

ووفقا لموقع مينتال هيلث ريسرتش، فإن هناك طرقا للبدء في الانخراط الفعلي بالأنشطة الإبداعية لمن لم يسبق لهم المشاركة في أمر مماثل وذلك عبر 7 خطوات رئيسة:

الوعي بدور الأنشطة الإبداعية في تعزيز الوعي الذهني وتقليل مستويات التوتر. استخدام الأنشطة الإبداعية وسيلة تشتيت صحية بعيدا عن الضغوط والهموم. الانغماس التام في الحاضر وممارسة اليقظة الذهنية عبر الانخراط الكلي والكامل في الأنشطة الإبداعية. التعبير عن المشاعر باستخدام الفن كأداة علاجية في الانفتاح على المشاعر. التعامل مع الأنشطة الإبداعية كشكل من أشكال العناية بالنفس وتقدير الذات. دمج المشاريع الفنية ضمن جدول يومي واضح للمساهمة في تنظيم أفضل للوقت. مشاركة الأنشطة الإبداعية في الدوائر القريبة لتعزيز التواصل الاجتماعي وتقليل الشعور بالعزلة والوحدة. نتائج مذهلة في أوقات قياسية

تبدو العلاقة بين القلق والتفكير الإبداعي معقدة للغاية، فلا يبدد أحدهما الآخر وحسب، ولكن الأمور تذهب إلى أبعد من ذلك حيث يتسبب التفكير الإبداعي ذاته أحيانا في الإصابة بـ"قلق الإبداع"، وذلك بسبب الجهد المبذول في أثناء إنجاز المهام الإبداعية، لكن المفاجأة كشفتها دراسة أجريت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعنوان "التحقيق في الروابط بين قلق الإبداع والأداء الإبداعي"، فعلى الرغم مما يعرف بـ"قلق الإبداع"، فإن الغلبة في النهاية تبقى للتفكير الإبداعي، بمجرد الانخراط في أداء المهام الإبداعية يمكن للمرء التغلب على القلق والتوتر بسهولة، ويمكن استخدام التفكير الإبداعي عبر عدة طرق أشهرها:

الخرائط العقلية للعصف الذهني، عبر الانخراط في جلسات جماعية لتبادل الأفكار، يمكن بعدها البدء بالمفهوم الرئيسي ثم التفرع في مواضيع فرعية وتقسيمها إلى أفكار أصغر وهكذا. التفكير العكسي، فبدلا من التفكير في كيفية حل مشكلة ما، فكر فيما سببها من البداية. دمج المفاهيم غير المرتبطة، وذلك عبر دمج فكرتين غير مرتبطتين لخلق شيء جديد مميز. تبادل الأدوار عبر وضع نفسك مكان شخص آخر لاكتساب منظور مختلف.

مقالات مشابهة

  • التفكير خارج الصندوق.. سرّك الجديد للتعامل مع الضغوط النفسية
  • فرحة العيد بمراكز شباب الغربية.. إقبال كثيف وفعاليات مبهجة
  • إضراب طلبة طب الأسنان الدارالبيضاء عن التداريب يصل اليوم العشرين
  • مراكز الشباب في الشرقية تواصل استقبال المواطنين خلال إجازة عيد الفطر
  • صور.. مبادرات لرفع وعي الشباب بخطورة التعاطي وأضرار التدخين طوال عيد الفطر
  • القضاء الأمريكي يرفض نقل قضية الطالب محمود خليل إلى لويزيانا
  • قاضٍ أميركي يرفض نقل قضية الطالب محمود خليل إلى لويزيانا
  • تقرير برلماني: مخرجات مؤسسات التعليم العالي لا تواكب سوق العمل
  • 6769 ندوة إرشادية خلال مارس.. الزراعة تعزز مفهوم الصحة الواحدة
  • «التربية» تعلن موعد امتحانات طلبة الــ12 في التعليم المستمر المتكامل