أوصى المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي «المفهوم والتجربة عربيًا»، الذي استضافته سلطنة عمان بالتعاون مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ومؤسسة وثيقة وطن بالجمهورية العربية السورية، في بيان ألقاه الدكتور محمد سعيد الطاغوس، عضو اللجنة الرئيسية للمؤتمر، في ختام أعمال المؤتمر اليوم في فندق ميلينيوم مسقط، بعدة توصيات حيث دعا المؤتمر إلى دعم إجراء المزيد من الأبحاث والدراسات المعمقة في المنهجيات والتقنيات اللازمة لتوثيق الرواية الشفوية، مع التأكيد على أهمية استمرار إقامة المؤتمرات الدولية لتعزيز هذا المجال، كما أوصى المشاركون باستثمار موضوعات ومنهجيات التاريخ الشفوي في تمكين ثقافة التاريخ الشفوي من خلال إدخاله في الدراسات الجامعية المخصصة في الإنسانيات والمناهج الدراسية في التعليم العام، ومن التوصيات الأخرى، إنشاء مركز متخصص في التاريخ الشفوي يتضمن برامج تدريبية لرفد هذا المجال بالكوادر المؤهلة وتطوير المهارات والقدرات، كما تم التأكيد على تعزيز جهود هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع مؤسسة وثيقة وطن، لتشمل جهات عربية أخرى.

إضافة إلى ذلك، أوصى المؤتمر بإصدار دليل علمي للتقنيات والمهارات اللازمة للتاريخ الشفوي، وإقامة فعاليات وأنشطة ثقافية وعلمية تُعنى بالتأريخ الشفوي لتعريف الجمهور بأهمية توثيق الرواية الشفوية، كما تم التأكيد على تعزيز برامج التبادل الأكاديمي والتعاون، ونقل الخبرات والمعرفة، وإنشاء شراكات بين المؤسسات البحثية في العالم العربي. بالإضافة إلى ذلك، تم اقتراح إصدار مجلة سنوية تعنى بالدراسات والأبحاث والترجمة في مجال التاريخ الشفوي، واستثمار الوثائق الشفوية في دعم الصناعات الإبداعية ونشر الأفلام الوثائقية المتعلقة بالتاريخ الشفوي.

كما دعا المشاركون إلى الانفتاح على التكنولوجيا الرقمية في التاريخ الشفوي، وتطوير المنصات الرقمية، واستخدام أدوات التحليل الرقمي في جميع مراحل التاريخ الشفوي.

وفي ختام أعمال المؤتمر، أوصى المشاركون بنشر البحوث والتجارب العلمية التي قُدمت في المؤتمر الدولي في سلسلة البحوث والدراسات التي تصدرها الهيئة بالتعاون مع مؤسسة وثيقة وطن.

وقد ألقى الأستاذ الدكتور مأمون وجيه كلمة نيابة عن المشاركين أشار فيها إلى أهمية المشاركات العلمية التي شهدها المؤتمر، حيث أبدى المشاركون من مختلف أنحاء العالم إسهاماتهم القيمة من خلال دراساتهم وأبحاثهم، ولفت إلى أن هذه البحوث كانت بمثابة مراجعة للتاريخ، تستدرك ما سقط من أحداث وتلتقط ما دفن من مرويات، مما يعكس التزام الباحثين بإبراز الحقائق والوقائع.

وأكد «وجيه» على دور الباحثين فـي إثراء الحوار الأكاديمي، مشيرًا إلى أهمية العلم كمنارة تهدي الناس فـي مسيرتهم نحو المعرفة، كما أشار إلى الفخر الذي يشعر به الجميع بوجود مثل هذه الكوكبة من الباحثين، الذين يسهمون فـي تعزيز الفهم التاريخي والثقافـي. وفـي ختام كلمته، دعا للاستمرار فـي البحث والنقاش العلمي، معبرًا عن أمله فـي أن تظل مثل هذه المؤتمرات منصة للتبادل الفكري والمعرفـي.

تكريم المشاركين

شهد ختام الحفل بحضور سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ومعالي الأستاذة الدكتورة بثينة شعبان، المستشارة الخاصة فـي رئاسة الجمهورية العربية السورية ومؤسسة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة وثيقة وطن، تكريم مديري جلسات المؤتمر والمشاركين فيه تقديرًا لإسهاماتهم القيمة فـي إنجاح المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي والذي أنعقد لثلاثة أيام فـي مسقط.

التراث الشفوي بصفته مصدرا

وكان قد شهدت جلسات اليوم الختامي اليوم تناول «المحور المستقبلي: آفاق التجربة العربية فـي التأريخ الشفوي» حيث شهدت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور عبدالعزيز بن هلال الخروصي تقديم ورقة أولى بعنوان «التاريخ الشفوي كمصدر معلومات فـي الدراسات التاريخية مع وضع نموذج لاستحداث برنامج ماجستير تأهيل وتخصص فـي جامعة دمشق» للأستاذ الدكتور عيسى العسافين وهو أستاذ دكتور علم المكتبات والمعلومات ورئيس جمعية المكتبات والوثائق السورية، جامعة دمشق، بالجمهورية العربية السورية، تطرقت الورقة إلى مدى استخدام التاريخ الشفوي مصدر معلومات فـي قسم التاريخ بجامعة دمشق، من وجهة نظر أساتذة القسم. وهدف الباحث إلى التعرف على الصعوبات والمعوقات التي تعرقل استخدام التاريخ الشفوي، حيث قدم صورة واقعية للمسؤولين فـي الجامعة حول مدى تفاعل هذا التاريخ فـي العملية التعليمية. تناولت الدراسة أربعة محاور رئيسية: الأول، العلاقة بين التاريخ الشفوي والهوية الثقافية وتأصيلها؛ الثاني، مدى استخدام التاريخ الشفوي كمصدر معلومات أثناء إلقاء المحاضرات؛ الثالث، معايير وضوابط المقابلة الشخصية فـي الرواية الشفوية؛ وأخيرًا، وضع نموذج لاستحداث برنامج ماجستير فـي التاريخ الشفوي بجامعة دمشق، كما اعتمدت الدراسة على استبانة تتكون من حوالي ستين سؤالًا، حيث تم تحليل البيانات باستخدام أسلوب الإحصاء الوصفي. وأظهرت النتائج الحاجة الملحة إلى إدماج التاريخ الشفوي فـي المناهج التعليمية وتعزيز برامج تأهيلية متخصصة فـي هذا المجال.

التراث الشعبي فـي التخصص

بعدها تحدثت الأستاذة الدكتورة أمل دكاك، أستاذة بقسم علم الاجتماع فـي جامعة دمشق، عن «تجربة درجة الماجستير فـي التأهيل والتخصص فـي التراث الشعبي»، وهدفت ورقة العمل إلى مناقشة تجربة القسم فـي رصد ماجستير التأهيل والتخصص فـي التراث الشعبي، من خلال استخدام اللقاءات الشفهية كأداة أساسية لجمع وتحليل المعلومات، تناولت الورقة رسائل التخرج التي يقدمها الطلاب بإشراف متخصصين فـي علم التراث الشعبي، حيث سلطت الضوء على ملامح التغيير الاجتماعي فـي المجتمع السوري، خصوصًا فيما يتعلق بالعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية والثقافية.

قدمت ورقة العمل تحليلاً لمشاريع التخرج المعتمدة على المقابلات الشفهية، مما جعل هذه المقابلات أساسًا لإنتاج بحث علمي يتعلق بالتراث الشعبي وعادات الأسر، بالإضافة إلى السلوك الاجتماعي المعاصر فـي سوريا.

تناولت الورقة ثلاثة موضوعات أساسية مرتبطة بالتراث الشعبي: الأول، قضايا الأسرة بما يتضمنه من عادات وتقاليد تتعلق بالزواج والطلاق والاحتفالات؛ الثاني، المهن اليدوية والتسويق والإنتاج؛ والثالث، القضايا الشعبية والثقافية وارتباطها بالأدب والشعر والفن الشعبي. واختتمت الورقة بملخص شامل للنتائج ذات الصلة، مما يعكس أهمية هذا المجال فـي فهم التغيرات الاجتماعية والثقافية فـي المجتمع السوري.

فكرة إصدار مجلة عربية

تلا ذلك ورقة عمل حول «إصدار مجلة عربية فـي التأريخ الشفوي، تأليفاً وترجمة» قدمها موسى الخوري مدير المشاريع مؤسسة وثيقة وطن، الجمهورية العربية السورية تركز على ثلاث نقاط أساسية: الأولى حول الدور الذي تملؤه مجلة مختصة بالتأريخ الشفوي عربيًا من حيث التعريف بالتأريخ الشفوي وتوطين المعارف ونقلها ونشر البحوث والترجمات ذات الصلة وإيجاد منبر للباحثين فـي هذا المجال، والثانية تتعلق بأهمية تبادل الخبرات والتجارب والإسهام فـي توحيد المنهجيات والمصطلحات، والثالثة تناقش المجالات والأبواب التي ستتناولها المجلة، خاصة أبواب الدراسات، والأبحاث المترجمة، والتعريف بمشاريع ومؤسسات التأريخ الشفوي فـي العالم العربي.

الرؤى المستقبلية

وفي الجلسة الثانية التي ترأستها المكرمة الدكتورة عائشة بنت حمد الدرمكية قدّم سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، ومعالي الأستاذة الدكتورة بثينة شعبان، المستشارة الخاصة فـي رئاسة الجمهورية العربية السورية ومؤسسة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة وثيقة وطن، عددًا من الأطروحات والاستشرافات تحت عنوان «الرؤى المستقبلية فـي التجربة العربية». تناولت الأطروحات أهمية توثيق التجارب العربية فـي مختلف المجالات، بما فـي ذلك الثقافة والتراث والذاكرة التاريخية، مشيرين إلى الدور الحيوي الذي تلعبه المؤسسات المعنية فـي الحفاظ على الهوية العربية، كما ناقش المتحدثان مستقبل التعاون بين الدول العربية فـي مجال الوثائق والمحفوظات، مؤكدين على ضرورة تبادل المعرفة والخبرات لتعزيز الذاكرة الجماعية العربية. مؤكدين على أهمية تطوير استراتيجيات مستدامة تضمن الحفاظ على التاريخ العربي وتوثيقه للأجيال القادمة، داعين إلى المزيد من التعاون بين المؤسسات العربية لتحقيق هذه الأهداف.

تجدر الإشارة إلى أن تنظيم هذا المؤتمر يأتي تتويجًا لتلاقي الرؤى فـي حفظ الهوية والتراث الوطني بين هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بسلطنة عمان ومؤسسة وثيقة وطن بالجمهورية العربية السورية، وخلال الأيام الثلاثة للمؤتمر المنعقد فـي مسقط، تم تقديم إحدى وعشرين ورقة علمية تناولت تجارب عشر دول فـي مجال توثيق الرواية الشفوية. وقد توزعت الأوراق على ثلاثة محاور رئيسية: المحور النظري الذي تناول مفهوم التاريخ الشفوي عربيًا، المحور العلمي الذي استعرض التجارب العربية الإقليمية والعالمية (المنهج والمنتج)، والمحور المستقبلي الذي بحث آفاق التجربة العربية فـي التاريخ الشفوي. وشارك فـي المؤتمر مجموعة من الأكاديميين والباحثين من مختلف دول العالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هیئة الوثائق والمحفوظات الوطنیة العربیة السوریة مؤسسة وثیقة وطن التاریخ الشفوی المؤتمر الدولی التراث الشعبی العربیة فـی هذا المجال

إقرأ أيضاً:

الصين تكشف كذب الرواية الأمريكية بشأن غرق أهم سفنها في البحر العربي وهذه هي الحقيقة

الجديد برس/

شككت الصين، الأربعاء، بالرواية الامريكية حول غرق اهم سفن الامداد العسكري في الخليج.

ونشرت صفحة “الصين بالعربية” التابعة للخارجية الصينية صور ولقطات لسفينة نقل النفط الامريكية  “يو اس ان اس بيغ هورن” تظهر اثار قصف على متنها.

وتسائلت الصفحة حول ما اذا كانت القوات اليمنية استهدفت السفينة المتخصصة بتزويد الوقود لأسطول حاملة الطائرات الامريكية “يو اس ابراهام لينكولن”.

وكانت وسائل اعلام أمريكية اكدت جنوح السفينة الامريكية ، زاعمة اصطدامها بجسم غريب في البحر العربي .

ومع أن اليمن لم تتبنى العملية رسميا الا ان قواتها شنت خلال الأشهر الأخيرة العديد من العمليات في البحر العربي والمحيط الهندي وصولا إلى البحر المتوسط ضمن عمليات بدأتها في نوفمبر الماضي من البحر الأحمر.

ونجحت القوات اليمنية مؤخرا من اغراق عدة سفن بريطانية في بحر العرب  مع إدخالها صواريخ جديدة وبعيدة المدى في العمليات التي تمت هناك اثارت قلق واشنطن.

وحاملة الطائرات لينكولن واحدة من اسطولين أعلنت واشنطن نشرهما في الخليج مع تصاعد العمليات اليمنية وكان يتوقع ان يتم نشر الاسطول الجديد في البحر الأحمر  كبديل للأسطول “ايزنهاور” الذي تم سحبه قبل اشهر على واقع هجمات يمنية متصاعدة ضد  البارجة “ايزنهاور” تحدثت تقارير عن اصابتها.

مقالات مشابهة

  • الصين تكشف كذب الرواية الأمريكية بشأن غرق أهم سفنها في البحر العربي وهذه هي الحقيقة
  • توصيات بإنشاء مركز متخصص في توثيق الرواية الشفوية بختام "المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي" في مسقط
  • إصدار مجلة سنوية وإنشاء مركز متخصص… تعرف على أبرز توصيات المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي
  • المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي يستعرض غداً آفاق التجربة العربية في التاريخ الشفوي في ختام أعماله
  • تسليط الضوء على التجربة العمانية ضمن "المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي".. واليوم ختام الفعاليات
  • استعراض التجارب العربية والعالمية في انطلاق أعمال "المؤتمر الدولي للتأريخ الشفوي"
  • خبراء يستعرضون تجارب توثيق الذاكرة الجماعية بين التاريخ الشفوي والمكتوب • تجارب عربية ودولية تُبرز دور الرواية الشفوية في الحفاظ على الهوية الثقافية د.حمد الضوياني: التاريخ الشفوي أضحى مصدرًا من مصادر الذاكرة التي تحظى بمنزلة خاصة د. بثينة شعبان: توثيق ال
  • «المؤتمر»: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتمويل خطوة مهمة لتحقيق رؤية مصر 2030
  • “ألف للتعليم”: “مقياس الضاد” يعيّن مديراً عاماً لتعزيز مهارات القراءة باللغة العربية على مستوى العالم العربي