بوابة الوفد:
2024-12-18@08:06:12 GMT

الخيميائى وطاقة الشر (٤)

تاريخ النشر: 24th, September 2024 GMT

قد لا نصدق أن أبشع البشر وأكثرهم خطرا وشرا فى الحياة هم هؤلاء الخائفون الذين تربوا على الخوف وترسب الخوف بأعماقهم ومخزونهم الذهنى وصار هو المحرك لهم، هؤلاء يصبحون أكثر الناس شراسة وعنفا ولصوصية وفسادا ونفاقا، من منطلق ايجاد دروع خاصة بهم تحميهم من الآخرين، حتى لو كان الآخرون لا يسعون إلى إيذائهم أو المساس بحقوقهم وحياتهم، ضربات الإنسان الخائف قاتلة لأنها تتوزع فى عشوائية للهجوم قبل الدفاع عن أنفسهم، مكتسباتهم فى الحياة مهما كانت صغيرة، ويحاولون تضخيم هذه المكتسبات على حساب الاخرين خوفا من فقدها.

ليس بالضرورة أن تظهر معالم الخوف على وجوه هؤلاء أو فى ارتعاش ايديهم وانكماشهم فى زوايا الحياة، بل يظهر خوفهم فى محاولاتهم الدائمة التعملق والعلو والغلو والهجوم بلا مبرر وايذاء كل من حولهم، ليصبح هؤلاء رموزًا للشر المستطير، ولو حقق أى منهم نجاحًا ما فى الحياة فإن خوفه سيجعله يحارب كل من حوله حروبا غير شريفة للحفاظ على نجاحه، ولو حقق ثروة، سيرتكب كل موبقات العالم للحفاظ عليها وزيادتها لخوفه من فقدها.

الزعيم الألمانى النازى ادولف هتلر الذى روع العالم بجرائمة واشعل الحرب العالمية الثانية ودمر بلده قبل بلدان العالم، نشأ طفلًا خائفًا مرعوبًا من كل شيء، كان والده قاسيًا يضربه بالسوط هو ووالدته، ونشأ خائفًا أيضًا من الفقر بسبب ظروف أسرته التى كانت تنتقل من مكان لآخر بأحياء فقيرة، كان خائفًا من الموت بعد أن مات أربعة اشقاء له وهم أطفال بأمراض مختلفة، خائف من المرض خاصة السرطان لأن والدته أصيبت به وماتت، خائفا من سخرية الناس منه لقامته القصيرة، ترجم كل مخاوفه فى عملقة نفسه، التفرد بالقرار فى ديكتاتورية مطلقة وفاشية بشعة، ومارس القتل للمرضى والمعاقين حتى لا يبقى فى تصوره جنسا بشريا قويا يسود العالم بلا أمراض وكأنه ينتقم لأخوته الاربعة الذين قتلتهم الأمراض، لقد كان الخوف هو المحرك له فى كل تصرفاته وقراراته السياسية والعسكرية المضطربة وهو يحاول أن يشق طريقه حتى وصل إلى سدة الحكم فكان ديكتاتوريا فاشيا وقاتلا متوحشا.

ليس هتلر فقط، هناك موسيلينى الذى لم تكن طفولته سوية ايضا مع والده غير المتعلم، وفى الحرب العالمية الثانية كان متوحشا حيث أمر الإيطاليين الفاشيين بضرب مستشفى الصليب الأحمر وقتل كل من بها وأمر بتنفيذ العديد من المذابح، وهو من أبشع الشخصيات التى عرفها العالم، وتم قتل أكثر من مائتى ألف شخص فى فترة حكمه.

ولو دفعنا فضول المعرفة لقراءة تاريخ الطفولة لكل قادة وزعماء العالم من الديكتاتوريين الفاشيين المتوحشين وايضا اشهر المجرمين وعتاة السفاحين، سنجدهم بلا استثناء عاشوا طفولة بائسة معقدة مليئة بالخوف والتخويف أو حتى الاعتداء الجنسي، مثل المجرم والسفاح الشهير جيفرى آدمز، المجرم العالمى آدم لانزا الذى قتل أمه ثم اتجه إلى إحدى المدارس وأطلق النار عشوائيا على كل من اعترض طريقه، والمجرم السفاح تيد باندى وغيرهم كثيرون.

نادرون من يكسرون أسوار الخوف ويغادرون سجنه ويعالجون أنفسهم لينطلقوا إلى الحياة بسلام نفسى لتنجو منهم الحياة ومن شرورهم، قليلون جدا من توصلوا إلى الطاقة الإيجابية التى بداخلهم وتمكنوا من تفعيلها واستخدامها لتسير حياتهم بصورة طيبة حتى لا يتسببوا فى إيذاء الآخرين، الكاتب والمفكر باولو كويلو مؤلف كتاب الخيميائى نجح ولو بعد حين فى التخلص من الخوف والترهيب الذى تعرض له منذ طفولته والذى كان منه إدخاله إلى مصحة عقلية بمعرفة والديه فى سن المراهقة، بعد تعرضه فى شبابه للسجن بسبب معارضته لنظام الحكم والتمرد عليه، قرر أن يهزم خوفه الذى يدمر حياته، فكانت الكتابة هى المتنفس الذى أفرغ فيها كل الطاقات المحتبسة بداخله، الإيجابى منها والسلبي، فى شخوص رواياته كان هو الطيب والشرير، كان الراهب الذى عرف طريقه إلى الله والتائه الضائع الذى يبحث له عن هدف فى الحياة، عن كنزه، ذاته الحقيقية، ولقد فعل هذا بحنكة وعبقرية تحسب له فى روايته الخيميائي، وللحديث بقية 

 

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الخيميائى وطاقة الشر ٤ فكرية أحمد فى الحیاة

إقرأ أيضاً:

جدعون ليفي: إسرائيل تجرع شعبها الخوف مع حليب أمهاتهم

قال الكاتب الإسرائيلي اليساري جدعون ليفي، بمقال رأي كتبه لصحيفة هآرتس، إن الخوف يسكن شريان كل إسرائيلي منذ ولادته وحتى مماته، بسبب حملات الترهيب الممنهجة التي تشنها الحكومة الإسرائيلية على شعبها لإقناعهم بأن العالم كله يريد قتلهم، وبأن الخطر يكمن في كل زاوية.

وأضاف: "لقد تجرعنا الخوف مع حليب أمهاتنا"، مؤكدا أن التخويف جزء من إستراتيجية الحكومة لتشكيل المجتمع الإسرائيلي وفق صورة معينة، وتعبئته وتوحيده ضد خطر مشترك، وصرف الانتباه عن قضايا أخرى مهمة، واستخلاص الدعم لصالح المؤسسة الأمنية وتبرير المبالغ الضخمة لتمويلها.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2رسالة إلى بسمة قضماني: الدكتاتور فر مكرها في منتصف الليلlist 2 of 2موندويس: المؤسسات الأميركية الطبية تهمل واجبها بشأن جرائم الحرب في غزةend of list

ومضى إلى القول إن تاريخ إسرائيل عنوانه الخوف من كل ما يتحرك (أو ما لا يتحرك) في الشرق الأوسط، وفي كل مرة تتلاشى فيها حملات التخويف لتكشف حقيقة أن المسؤولين الإسرائيليين عظموا المخاطر وأكثروا التحذيرات بلا سبب وجيه، ولكن في كل مرة يتغلغل الخوف أعمق وأعمق في قلب كل إسرائيلي.

ووفقا للمقال، ركزت الحكومة على رسم صورة مرعبة لأهل فلسطين وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فأصبح صاحب كل زورق صغير في غزة "قائدا بالفرع البحري لحماس"، وكل من أمسك بطائرة ورقية "قائدا للأسطول الجوي".

ولفت الكاتب إلى تخويف إسرائيل شعبها من خطر سوريا، التي تبيّن بعد سقوط حكومة حزب البعث أن جيشها ليس إلا "نمر من ورق"، واتضح أن شبكة مواقعه العسكرية المهجورة حاليا على طول الحدود كانت عبارة عن مجموعة من الأكواخ المثيرة للشفقة.

إعلان

واستعرض الكاتب في المقال أبرز حملات الترهيب على مدى السنوات الماضية، وتهويل الحكومة الإسرائيلية المخاطر المحيطة بالإسرائيليين لتبرير عملياتها العسكرية.

تاريخ من الترهيب

عند حرب النكسة 1967، حين وسّعت إسرائيل استيطانها لفلسطين بمساحة قدرت تقريبا بـ3 أضعاف ما احتلته في حرب 1948، قال الكاتب إن الإسرائيليين أمروا بتحصين أنفسهم في بيوتهم، وحفرت الحكومة مقابر جماعية على طول الواجهة البحرية في تل أبيب تأهبا، ولم يكن مضى على المحرقة النازية 25 عاما، فاحتل الرعب قلوب الناس وحفر في عقولهم.

وتابع ليفي مشيرا إلى حرب الخليج عام 1991، حين صدرت تعليمات للإسرائيليين باتخاذ تدابير تحسبا لهجوم كيميائي مزعوم من قبل صدام حسين، وطُلب منهم وضع خرق مبللة تحت أبوابهم ووضع أقنعة واقية من الغاز، وبدا الأمر وكأن هناك محرقة ثانية في الأفق، ولكن لم تكن لدى العراق أي أسلحة كيميائية.

كما أرعب تواتر التقارير عن القوة الصاروخية الهائلة لحزب الله اللبناني كل إسرائيلي، ووضع الجميع في حالة ما قبل الصدمة، وفق المقال، وأطل الرعب برأسه من جديد بعد إجماع الخبراء على احتمال هجمة كبيرة بالصواريخ الدقيقة على إسرائيل وسقوط آلاف القتلى، و"رأينا جميعا كيف انتهت هذه القصة الخاطئة"، حسب تعبير ليفي.

وبرأي الكاتب، فإن عملية طوفان الأقصى، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لم تكن دليلا على تفوق حماس بل على فشل الجيش الإسرائيلي.

ورغم الخوف الذي شعر به الإسرائيليون، حسب تعبير الكاتب، فإن الحقيقة هي أن حماس نفذت عملياتها على متن دراجات وشاحنات نقل صغيرة، وبجانب الأنفاق التي بنتها الحركة، لم يتم اكتشاف أي مؤشرات على وجود قوة عسكرية يمكن أن تتغلب على الجيش الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة.

وخلص ليفي إلى أن أقوال الحكومة الإسرائيلية والواقع الذي يتبين لاحقا مختلفان، وأكد أن "إسرائيل قوة عسكرية إقليمية من دون أية منافسة حقيقية"، وحث الإسرائيليين على "التحرر" من أوهام الخوف والترهيب وإلا فسيحكمهم الرعب حتى مماتهم.

إعلان

مقالات مشابهة

  • القليل من الخوف يمكنه أن يخفض مستويات الالتهاب المرتفعة
  • خطوات سهلة تساعدك في السيطرة على الخوف من المستقبل
  • آيات قرآنية تحفظك من الخوف والهم وتزيد الرزق.. إمام الدعاة نصح بها
  • بين الخوف والنزوح والموت.. قصص مأساوية لأصحاب الأمراض المزمنة في السودان
  • د. حسن البراري يكتب .. الطغاة يجلبون الغزاة
  • احذر.. هذه العادة في استخدام الهاتف تزيد القلق
  • جدعون ليفي: إسرائيل تجرع شعبها الخوف مع حليب أمهاتهم
  • "رانيا محمود ياسين تُشيد بفيلم الهنا اللي فيه: عودة قوية لأفلام الزمن الجميل ببهجة وطاقة إيجابية"
  • شعرها وقف من الخوف.. موقف مرعب لـ نانسي عجرم على المسرح
  • أسباب الكذب وأضراره وعقوبته في الدنيا