موقع 24:
2025-04-23@21:09:24 GMT

الثّقافة الرّوحيّة في مواجهة التّحديات الرّاهنة

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

الثّقافة الرّوحيّة في مواجهة التّحديات الرّاهنة

يتقاطع جفاف الخطاب المتشدّد مع كلّ الاعتبارات الرّوحيّة والأخلاقيّة


 كان الجانب الرّوحيّ أكثر ما يبهر الغرب والشّرق في الإسلام، لكنّ المجتمعات العربيّة المعاصرة أضحت تفتقر إلى الرّوحانيّة، وما يحدث من انتهاك لحقوق الإنسان داخل منظومة ديننا، شاهد على المأساة الحاصلة من العنف والقتل والدّمار، لأنّ ديننا المعاصر ابتعد عن قيم الحبّ والرّحمة والسّلام وقبول الآخر، والدّفع بالّتي هي أحسن، ونبذ الكراهية، وأصبح عالمنا المأزوم من الصّراعات، بحاجة إلى جرعات من الثّقافة الرّوحيّة العاجلة، جرعاتٍ من السّكينة والأمان والسّلام الدّاخليّ، فالرّوح وعاء الفطرة السّليمة، فيها كلّ مرادفات الخير والحقّ والجمال، وترنو بالنّفس إلى المعاني الإنسانيّة الخالدة، قال تعالى: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي).


هناك الكثير من الدّلالات الرّمزيّة من أجل الاحتفاء بالجانب الآخر من الثّقافة العربيّة الرّوحيّة، الّتي حاول أهل الغلوّ والتّزمّت تهميشها؛ بل إلغاءها، من أولياء الله العارفين، ومن العلماء العاملين، وقد اتّفقوا على أنّهم نهلوا في كلّ فنّ من فنون المعرفة، وأزهد أهل زمانهم، وألزمهم للسّنّة، وأعظمهم مجاهدة في العبادات، انغمسوا في أنوار الكشف العرفانيّ والإلهام الرّوحانيّ، وكانت حياتهم مشوارًا طويلًا محفوفًا بالمخاطر، من أجل البحث المتواصل عما يحقّق الكمال لتلك الحاجات الفطريّة، حتّى ظفروا بأكبر قدر ممكن من الأسرار الرّوحيّة، وتعدّ كتبهم- عمومًا- من النّصوص الموغلة في التّعمّق، ولغتهم رمزيّة فيها إشارات إلهيّة، كانت- في أغلبها- منزوعة عن سياقها. ونُقل عن ابن عربي أنّه قال إنّ "من فسّر ألفاظه بالطّريقة الصّحيحة فهم ما يقصد من مؤلَّفاته"، وقد حذّر من تداول الكتب بين الجهلاء، ومن سلّم بظاهر تلك الألفاظ دون علم بمعانيها.
ويتقاطع جفاف الخطاب المتشدّد مع كلّ الاعتبارات الرّوحيّة والأخلاقيّة؛ فقد سلب العبادات أسراراها، وجعل الشّرائع والشّعائر أشبه بالحركات الخاوية، دون الالتفات إلى الحكمة من الجوهر الرّوحيّ، وتطبيق القيم والتّعاليم الإسلاميّة، والتزام المبادئ الأخلاقيّة، وسلّط الضّوء على ما هو حرام، فالتّشدّد- إذن- هو تلك الحالة الّتي تعتري الإنسان فتبعده عن الله سبحانه وتعالى، وتُوجِد بينه وبين الله حاجزًا يسلبه حلاوة الإيمان، ولذّة العبادة والمناجاة.
استوعب ديننا- في الماضي- القوميّات والأعراق، دون أن يلغي فواصلها أو خصائصها وفضائلها؛ بل عززها واستفاد منها، فأصبحت الثّقافة العربيّة الإسلاميّة- عمومًا- مزيجًا متوازنًا من ثقافات الشّعوب الأخرى، وكان الإسلام الرّوحيّ في ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة- على سبيل المثال- أرضًا خصبة للمشروع الحضاريّ المدنيّ، فنمت داخل تلك الشّعوب ثقافة الإسلام الحضاريّ، وتمازجت فيه مفاهيم العدالة، والحرّيّة، والدّيمقراطيّة، والتّنمية.
تكمن الخطورة الحقيقيّة في التّنظيمات الإيديولوجيّة المتشدِّدة، بل مازالت ثقافته فاعلة، وقدرته على جذب المؤيّدين مستمرّة، وتحريضه على العنف يلقى صدىً واسعًا، حتّى عند المسلمين في بعض الدّول المتحضّرة، وهذا ما يصعّب عمليّة الحرب على التّنظيم، فنهاية خلافة  داعش المزعومة، لا تعني- بالضّرورة-  نهاية الحرب أو بداية السّلام، وإن لم نكافح هذه الثّقافة فإنّ مقاومة الإرهاب ستصبح ضربًا من ضروب المستحيل، فلا بدّ من كبح جماح هذا الفكر، ومواجهة الفكر الظّلاميّ ومحاسبته، لتزييفه ثقافتنا التّراثية والفقهيّة وتضليله الشّباب وحرمانهم من الاستفادة من ميراثهم المعرفيّ الّذي صودر وهُمِّش واجتُزِئ، وتفعيل دور الثّقافة الرّوحيّة في مواجهة التّحديات الرّاهنة، وإبرازها للجميع، دون الخوف من عرضها على الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، لأنّها تحتلّ مكانة متميّزة- حقًّا- في التّراث الإسلاميّ. كما أنّها تُعنى بقضايا السّلوك وتربية النّفوس، وتُشكّل تيّارًا حاضرًا في العالم وفي التّاريخ الإسلاميّ، والأهمّ من ذلك، خلق المثقّف الحقيقيّ الّذي يأخذ بيد البشريّة إلى المعاني الإنسانيّة الخالدة، وانتقاء الكتب الغنيّة بالمعرفة الرّوحيّة، وإبرازها للشّباب، إضافةً إلى التّوجيه السّديد والقيادة الواعية المستنيرة. ونطلعهم على مكنونات التّراث وقيمه العرفانيّة؛ فهي معين صافٍ من الثّقافة الإسلاميّة الرّفيعة.
نحن في مرحلة مخاض عسير، فقد سقطت أقنعة المتحايلين، وظهرت رغباتهم وتوجّهاتهم السّياسيّة، ومحاولة نشر ثقافة الإنسانيّة وقيم المحبة والتّعايش والسّلام، لا يتأتّى إلا بإثراء المكتبات العربيّة بكلّ أطياف الفكر المتسامح، ذات الأبعاد العرفانيّة والرّوحانيّة، والاستفادة القصوى من الموروث المهمّش الّذي حاول السّلفيّون تكفيره وتزييفه، ونكران فضله، والحفاظ على الإسلام من أهل الأهواء والمصالح.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الإسلامی ة العربی ة الث قافة الس لام فی الت

إقرأ أيضاً:

مذكرة تفاهم بين بنك نزوى و"عُمان المعرفة" لتعزيز الوعي بالتمويل الإسلامي

 

 

مسقط- الرؤية

وقع بنك نزوى- البنك الإسلامي الرائد والأكثر موثوقية في سلطنة عمان- مذكرة تفاهم مع "عمان المعرفة"، بهدف توفير فرص تدريبية متخصصة في مجال التمويل الإسلامي، إلى جانب دعم المبادرات الرئيسة التي تديرها عمان المعرفة. وقع المذكرة خالد الكايد الرئيس التنفيذي لبنك نزوى، وطارق البراوني رئيس مجلس إدارة عمان المعرفة، مؤكدين رؤيتهما المشتركة في تمكين الأفراد عبر التعليم، والتثقيف المالي، والمسؤولية الاجتماعية.

وقال خالد الكايد: "نحن ندرك تمامًا أنَّ المعرفة تشكل ركيزة أساسية لتحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي، وهذه الشراكة مع عُمان المعرفة تعكس التزامنا الراسخ بتعزيز ثقافة التعلم وتمكين الأفراد ماليًا، خاصة في مجال التمويل الإسلامي، ومن خلال تبادل خبراتنا ومواردنا، نسعى إلى توفير فرص تدريبية متميزة تسهم في تعميق فهم الأفراد والمؤسسات للحلول المالية المتوافقة مع الشريعة، وسنواصل دعم المبادرات ذات التأثير الاجتماعي الفعّال، ومن خلال هذه الشراكة، نطمح إلى بناء مجتمع أكثر وعيًا ماليًا، مما يسهل على الأفراد اتخاذ قرارات مالية مدروسة ومسؤولة، ويسهم في التنمية المستدامة للسلطنة".

وذكر طارق البراوني: "إنه لشرف لنا أن نتعاون مع بنك نزوى، حيث ندرك تمامًا الإمكانيات الكبيرة التي يحملها هذا التعاون والأثر الجماعي الذي يمكننا تحقيقه من خلال المبادرات التعليمية التي تهدف إلى زيادة الوعي بمبادئ التمويل المتوافق مع الشريعة، ومن خلال هذا التعاون، نسعى إلى تعزيز المهارات وتنمية الممارسات المالية المسؤولة، ونحن متحمسون للعمل مع البنك في جهود المسؤولية الاجتماعية، كما نؤمن أنه من خلال رؤيتنا المشتركة لتمكين المجتمعات وتعزيز الشمولية الوطنية، يمكننا بناء مجتمعات قوية ودفع التقدم الحقيقي نحو مستقبل مشرق ومبشّر".

وتسهم مذكرة التفاهم هذه في وضع الأسس لعدد من المبادرات المؤثرة التي تجمع بين ريادة بنك نزوى ونهجه المبتكر في مجال التمويل الإسلامي، إلى جانب الشبكة الواسعة لـ"عمان المعرفة" وسجلها المتميز في تعزيز التميز الأكاديمي.

وفي إطار الاتفاقية، سيتيح بنك نزوى للأفراد من عمان المعرفة فرصة الاستفادة من مرافقه التدريبية، مما يوفر بيئة مثالية لتطوير الخبرات في التمويل الإسلامي ودعم النمو المهني، حيث تعكس هذه الشراكة التزام البنك بتعزيز بيئة تعليمية فعّالة تسهم في تعزيز المعرفة المالية والنمو الصناعي المستدام.

وإلى جانب التدريب والتعليم، تتوسع الشراكة لتشمل مبادرات مجتمعية ذات تأثير ملموس، وفي هذا السياق، تعاون بنك نزوى مع عمان المعرفة في توزيع حزم رمضان، وسيواصل البنك المشاركة في مشاريع مجتمعية مستقبلية، مما يعكس التزامه بتقديم الدعم الاجتماعي المستدام.

ومن خلال مذكرة التفاهم هذه، يعزز بنك نزوى ريادته في قطاع التمويل الإسلامي، متبنيًا نهجًا مبتكرًا يسهم في تطوير المجتمع، إذ تمثل الشراكة مع عمان المعرفة نموذجًا متقدمًا يجمع بين الخبرة المالية والمبادرات المجتمعية الهادفة، مما يمهد الطريق لتحقيق رفاهية مستدامة وتقدم طويل المدى.

مقالات مشابهة

  • 1.7 مليار درهم أرباح «أبوظبي الإسلامي» بنمو 18% خلال الربع الأول
  • رئيس وزراء جمهورية قيرغيزستان يلتقي رئيس البنك الإسلامي للتنمية
  • "صحار الإسلامي" يرعى "معرض الحج والعمرة"
  • حرب من نوع آخر.. التحالف الإسلامي يواجه تمويل الإرهاب من نيروبي
  • الأردن.. حزب جبهة العمل الإسلامي يجمد عضوية مُتهمين في خلية تصنيع الصواريخ
  • الحكومة السورية الجديدة تعتقل مسؤولين بحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بدمشق
  • حكومة السورية الجديدة تعتقل مسؤولين بحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بدمشق
  • أمين عام رابطة العالم الإسلامي يعزّي الفاتيكان في وفاة البابا فرانسيس
  • حساب "الأمين للاستثمار" من "ظفار الإسلامي" يُساهم في نمو ثروات العملاء
  • مذكرة تفاهم بين بنك نزوى و"عُمان المعرفة" لتعزيز الوعي بالتمويل الإسلامي