موقع 24:
2025-03-18@00:26:56 GMT

الثّقافة الرّوحيّة في مواجهة التّحديات الرّاهنة

تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT

الثّقافة الرّوحيّة في مواجهة التّحديات الرّاهنة

يتقاطع جفاف الخطاب المتشدّد مع كلّ الاعتبارات الرّوحيّة والأخلاقيّة


 كان الجانب الرّوحيّ أكثر ما يبهر الغرب والشّرق في الإسلام، لكنّ المجتمعات العربيّة المعاصرة أضحت تفتقر إلى الرّوحانيّة، وما يحدث من انتهاك لحقوق الإنسان داخل منظومة ديننا، شاهد على المأساة الحاصلة من العنف والقتل والدّمار، لأنّ ديننا المعاصر ابتعد عن قيم الحبّ والرّحمة والسّلام وقبول الآخر، والدّفع بالّتي هي أحسن، ونبذ الكراهية، وأصبح عالمنا المأزوم من الصّراعات، بحاجة إلى جرعات من الثّقافة الرّوحيّة العاجلة، جرعاتٍ من السّكينة والأمان والسّلام الدّاخليّ، فالرّوح وعاء الفطرة السّليمة، فيها كلّ مرادفات الخير والحقّ والجمال، وترنو بالنّفس إلى المعاني الإنسانيّة الخالدة، قال تعالى: (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي).


هناك الكثير من الدّلالات الرّمزيّة من أجل الاحتفاء بالجانب الآخر من الثّقافة العربيّة الرّوحيّة، الّتي حاول أهل الغلوّ والتّزمّت تهميشها؛ بل إلغاءها، من أولياء الله العارفين، ومن العلماء العاملين، وقد اتّفقوا على أنّهم نهلوا في كلّ فنّ من فنون المعرفة، وأزهد أهل زمانهم، وألزمهم للسّنّة، وأعظمهم مجاهدة في العبادات، انغمسوا في أنوار الكشف العرفانيّ والإلهام الرّوحانيّ، وكانت حياتهم مشوارًا طويلًا محفوفًا بالمخاطر، من أجل البحث المتواصل عما يحقّق الكمال لتلك الحاجات الفطريّة، حتّى ظفروا بأكبر قدر ممكن من الأسرار الرّوحيّة، وتعدّ كتبهم- عمومًا- من النّصوص الموغلة في التّعمّق، ولغتهم رمزيّة فيها إشارات إلهيّة، كانت- في أغلبها- منزوعة عن سياقها. ونُقل عن ابن عربي أنّه قال إنّ "من فسّر ألفاظه بالطّريقة الصّحيحة فهم ما يقصد من مؤلَّفاته"، وقد حذّر من تداول الكتب بين الجهلاء، ومن سلّم بظاهر تلك الألفاظ دون علم بمعانيها.
ويتقاطع جفاف الخطاب المتشدّد مع كلّ الاعتبارات الرّوحيّة والأخلاقيّة؛ فقد سلب العبادات أسراراها، وجعل الشّرائع والشّعائر أشبه بالحركات الخاوية، دون الالتفات إلى الحكمة من الجوهر الرّوحيّ، وتطبيق القيم والتّعاليم الإسلاميّة، والتزام المبادئ الأخلاقيّة، وسلّط الضّوء على ما هو حرام، فالتّشدّد- إذن- هو تلك الحالة الّتي تعتري الإنسان فتبعده عن الله سبحانه وتعالى، وتُوجِد بينه وبين الله حاجزًا يسلبه حلاوة الإيمان، ولذّة العبادة والمناجاة.
استوعب ديننا- في الماضي- القوميّات والأعراق، دون أن يلغي فواصلها أو خصائصها وفضائلها؛ بل عززها واستفاد منها، فأصبحت الثّقافة العربيّة الإسلاميّة- عمومًا- مزيجًا متوازنًا من ثقافات الشّعوب الأخرى، وكان الإسلام الرّوحيّ في ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة- على سبيل المثال- أرضًا خصبة للمشروع الحضاريّ المدنيّ، فنمت داخل تلك الشّعوب ثقافة الإسلام الحضاريّ، وتمازجت فيه مفاهيم العدالة، والحرّيّة، والدّيمقراطيّة، والتّنمية.
تكمن الخطورة الحقيقيّة في التّنظيمات الإيديولوجيّة المتشدِّدة، بل مازالت ثقافته فاعلة، وقدرته على جذب المؤيّدين مستمرّة، وتحريضه على العنف يلقى صدىً واسعًا، حتّى عند المسلمين في بعض الدّول المتحضّرة، وهذا ما يصعّب عمليّة الحرب على التّنظيم، فنهاية خلافة  داعش المزعومة، لا تعني- بالضّرورة-  نهاية الحرب أو بداية السّلام، وإن لم نكافح هذه الثّقافة فإنّ مقاومة الإرهاب ستصبح ضربًا من ضروب المستحيل، فلا بدّ من كبح جماح هذا الفكر، ومواجهة الفكر الظّلاميّ ومحاسبته، لتزييفه ثقافتنا التّراثية والفقهيّة وتضليله الشّباب وحرمانهم من الاستفادة من ميراثهم المعرفيّ الّذي صودر وهُمِّش واجتُزِئ، وتفعيل دور الثّقافة الرّوحيّة في مواجهة التّحديات الرّاهنة، وإبرازها للجميع، دون الخوف من عرضها على الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، لأنّها تحتلّ مكانة متميّزة- حقًّا- في التّراث الإسلاميّ. كما أنّها تُعنى بقضايا السّلوك وتربية النّفوس، وتُشكّل تيّارًا حاضرًا في العالم وفي التّاريخ الإسلاميّ، والأهمّ من ذلك، خلق المثقّف الحقيقيّ الّذي يأخذ بيد البشريّة إلى المعاني الإنسانيّة الخالدة، وانتقاء الكتب الغنيّة بالمعرفة الرّوحيّة، وإبرازها للشّباب، إضافةً إلى التّوجيه السّديد والقيادة الواعية المستنيرة. ونطلعهم على مكنونات التّراث وقيمه العرفانيّة؛ فهي معين صافٍ من الثّقافة الإسلاميّة الرّفيعة.
نحن في مرحلة مخاض عسير، فقد سقطت أقنعة المتحايلين، وظهرت رغباتهم وتوجّهاتهم السّياسيّة، ومحاولة نشر ثقافة الإنسانيّة وقيم المحبة والتّعايش والسّلام، لا يتأتّى إلا بإثراء المكتبات العربيّة بكلّ أطياف الفكر المتسامح، ذات الأبعاد العرفانيّة والرّوحانيّة، والاستفادة القصوى من الموروث المهمّش الّذي حاول السّلفيّون تكفيره وتزييفه، ونكران فضله، والحفاظ على الإسلام من أهل الأهواء والمصالح.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الإمارات الإسلامی ة العربی ة الث قافة الس لام فی الت

إقرأ أيضاً:

الجزيرة الأقوى هجوماً في كأس «أبوظبي الإسلامي» بـ217 هدفاً

 
معتز الشامي (أبوظبي) 

أخبار ذات صلة «ملقب» يتألق في «اللقاء الأخير» لـ«كرنفال دبي» حمدان بن زايد: أطفالنا هم الثروة الحقيقية لمستقبل الإمارات


تخوض فرق نصف نهائي «كأس مصرف أبوظبي الإسلامي»، الوصل، الجزيرة، الشارقة، وشباب الأهلي، صراعاً شرساً مدعوماً بالعديد من الأرقام الاستثنائية.
وتذخر البطولة الاستثنائية بأرقام مثيرة، يمكن وصفها بأنها تعطي مؤشرات ربما تكون كاشفة لمسار المنافسة المرتقبة على اللقب، والذي لم يسبق أن تُوج به الوصل على الإطلاق، بينما حصل شباب الأهلي على 5 ألقاب، ليكون أكثر الفرق تتويجاً، كما سبق وأن توج الشارقة مرة وكذلك الجزيرة.
أقيمت في مسيرة البطولة منذ النسخة الأولى 726 مباراة، شهدت تسجيل 2179 هدفاً، وحققت الأندية 541 فوزاً، كما شهدت 185 تعادلاً، أما أهداف فرق نصف النهائي تاريخياً في مسيرتها، فتشهد رقماً متميزاً للجزيرة صاحب أعلى أداء هجومي في تاريخ البطولة حتى الآن بـ217 هدفاً، يليه شباب الأهلي «205 هدف»، ويملك الوصل «182 هدفاً»، فيما أحرز الشارقة «146 هدفاً». 

مقالات مشابهة

  • حركة التوحيد الإسلامي والمركز الوطني في لبنان يدينان العدوان الأمريكي السافر على اليمن
  • خيمينيز يقرب الوصل من نهائي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي
  • البطاقات الائتمانية من ظفار الإسلامي تقدم مزايا متنوعة
  • الشارقة مع شباب الأهلي في نصف نهائي كأس مصرف أبوظبي الإسلامي الثلاثاء
  • الوصل والجزيرة.. خطوة نحو نهائي "كأس أبوظبي الإسلامي"
  • حركة الجهاد الإسلامي تدين العدوان الأمريكي على اليمن
  • "التعاون الإسلامي" ترحب بترسيم الحدود بين طاجيكستان وقرغيزستان
  • الشارقة على أعتاب المئوية في كأس "أبوظبي الإسلامي"
  • مشوار الوصل والجزيرة في كأس "أبوظبي الإسلامي"
  • الجزيرة الأقوى هجوماً في كأس «أبوظبي الإسلامي» بـ217 هدفاً