الشهيد النعمان وسط زملائه ومعارفه وجرحى العمليات
كتبه لواء (م) أحمد أبوزيد عثمان
بمشفى الأمل على شارع السودان في القاهرة كان اللقاء على غير موعد، وما أطيب اللقيا بلا ميعاد. ذهبت إلى هناك لزيارة المجاهد الدكتور محمد ابن زميلنا عبد الحق الذي أصيب بالمدرعات وظل داخلها بجرحه النازف لأشهر. كنت أتابع حالته قبل وصوله للقاهرة من أحد المرافقين.


في مصعد المشفى وأنا أهم بالصعود دخل أحدهم مسرعًا ومعتذرًا، وإذا بي أتفاجأ بهذا الداخل… إنه القائد عمر النعمان… يا الله! تعانقنا وأكملنا السلام عند بوابة غرفة الجريح، ودخلنا عليه وهو لم يسترح بعد من وعثاء الرحلة. ودون أن نشعر بدأنا نستعدله وكأننا نريد إخلاءه ساعة الإصابة. عشنا لحظات مع الدعاء للجريح بحميمية قائده وابن منطقته الذي قام مقام الوالد والذي تأخر عن المرافقة لتكملة بعض الإجراءات.
ظل النعمان واقفا فوق الجريح يداعبه ويؤانسه، وكنت مطلعًا على تقرير الطبيب الذي استقبل الحالة وأجرى العملية… كنت قلقا ولكن كلمات المداعبة والانسجام من النعمان والتفاعل طمأنتني على الجريح وعلى السودان وعلى وقائع الحرب إذ ترسم وسائل التواصل لوحة غامضة عنها.
عادت لي سريعا ذكريات مع والد الشاب المصاب محمد. في بداية التسعينيات وصلت إلى كسلا حيث كانت تشهد اختراقات من قوات التحالف. كان والد الجريح قادمًا من همشكوريب منفردا وضل طريقه، وظللنا نبحث عنه حتى وجدناه بعد تعب.
واستعدت ذكريات مع عمر النعمان أيضًا حين صادفته في عمق الصحراء وهو قادم إلى دنقلا عند (كرب التوم). يجوبون الفيافي والصحاري يحملون هم الوطن. الأب والعم والابن؛ ذرية بعضها من بعض. هذا ما يملأ النفس تفاؤلا وأملا… على الرغم مما جرى خلال السنوات الأخيرة، ما يزال أبناؤنا على العهد بذات الحماس والتدافع، يبذلون الدماء في الدفاع عن الوطن ويذودون عن حياضه. إنها محمدة، أن يتواصل المشوار.
لم يكن الشهيد النعمان شخصًا عاديًا، التقيته في المكان الذي اعتدت أن أراه فيه، وسط زملائه ومعارفه وجرحى العمليات. طمأنني على الموقف العملياتي ثم انصرف لموعد، وبقيت في حضرة البطل الجريح استرجع معه بطولات قومه في المدرعات، ووجدته رغم الألم يجد متعة الحديث.
بعد أسابيع كان لقاءٌ آخر مع عمر النعمان في القاهرة، اتخذنا ركنًا قصيًا وجلسنا، عرفت أنه قدم من بورت سودان في يوم لقائنا بالمشفى، وأنه يغادر صبيحة اليوم التالي. وقد وجدت الفرصة لأنقل له ما كان في مكنون نفسي، فقلت له بالحرف الواحد: يا أخي عمر النعمان لعل الله تعالى يدخرك للنصر، فقد تخطتك الشهادة منذ أن كنت في رتبة الملازم أول. ورجائي ألا تضع نفسك في موضع تهور. وأنا أعرف ما في رأسك من خبرات وعلاقات تفيد الناس كثيرًا. و”اللي في راسك دا ما حقك”، قلت له ذلك وكنت منفعلا. وقبل أن أكمل رجائي له أقبل علينا أحد قادتنا السابقين وبدأ التحية بحماس شديد مع عمر وكأنهما دفعة واحدة، ورغم فارق السن. وتفرقنا بعد جلسة امتدت لمنتصف الليل. وكان ذلك آخر عهدي به قبل أقل من ثلاثة أشهر.
كان كلما مر بدنقلا وأنا في الخدمة، يطلعني على مشاريعه الاجتماعية في موطنه الصغير؛ مستوصف سلقي بالقولد وكيفية استمرار الخدمة في مراكز غسيل الكلى لرجل البر المغفور له عبد الله يدي والتواصل مع أبنائه.
يوم وصل خبر استشهاده إلى قريته، خفَّ الجميع إلى هناك، فكان الحضور متميزا كما تداولت ذلك وسائل التواصل. اتصلت بزملاء عمر في دنقلا معزيا، قالوا إنهم مع ذويه بالقولد. لم يتخلف أحد من القيادات السابقة عن المشاركة والمؤازرة لأسرته الصغيرة المكلومة. هاتفنا أحبابه وزملاءه ومعارفه من شتي بقاع السودان. كانوا حضورا ولسان حالهم يردد أن استشهاد خيرة الشباب من علامات النصر المبين.
تقبل الله شهيدنا البطل عمر النعمان الذي مضي في سبيله بعد سلسلة متواصلة من البطولات امتدت من قمة جبل مرَّة بأقاصي دارفور مرورًا بصحاري الولاية الشمالية عند “كرب التوم” ورمال “سيوف المردي” إلى وسط السودان.
هنيئا لك النعمان ابن السودان.
(الصورة في القاهرة تجمع عمر النعمان وأحمد أبوزيد ومحمد عبد الحق)

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: عمر النعمان مع عمر

إقرأ أيضاً:

شهداء وجرحى بينهم عناصر من اليونيفيل بغارة إسرائيلية على صيدا.. وحزب الله يصعد عملياته

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية العنيفة على مناطق متفرقة من لبنان ما أسفر عن استشهاد 3 مواطنين وإصابة 7 آخرين بينهم عسكريين من الجيش اللبناني وعناصر من قوة الأمم المتحدة المؤقتة "اليونيفيل"، في حين أطلق حزب الله عدد من الرشقات الصاروخية على مواقع إسرائيلية.

وأفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بشن الاحتلال الإسرائيلي غارة استهدفت مركبة عند مدخل مدينة صيدا جنوبي البلاد، ما أسفر عن استشهاد 3 أشخاص وإصابة آخرين بجروح مختلفة، بينهم عناصر من "اليونيفيل".

من جهته، قال الجيش اللبناني إن "العدو الإسرائيلي، استهدف سيارة أثناء مرورها عند حاجز الأولي، صيدا، ما أدى إلى استشهاد 3 مواطنين كانوا بداخلها".

استهدف العدو الإسرائيلي سيارة أثناء مرورها عند حاجز الأولي - صيدا ما أدى إلى استشهاد ٣ مواطنين كانوا بداخلها، إضافة إلى إصابة ٣ عسكريين من عناصر الحاجز و٤ من عناصر الوحدة الماليزية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل، وذلك أثناء مرور آليات تابعة للوحدة عند… pic.twitter.com/SITTmnVrYu — الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) November 7, 2024
وأضاف في بيان عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أن الغارة الإسرائيلية أسفرت أيضا عن "إصابة 3 عسكريين من عناصر الحاجز و4 من عناصر الوحدة الماليزية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل، وذلك أثناء مرور آليات تابعة للوحدة عند الحاجز المذكور".

ووفقا للوكالة اللبنانية، فإن إصابات عناصر قوة حفظ السلام "اليونيفيل" طفيفة وجرى علاجهم ميدانيا، فيما عمل الدفاع المدني على إطفاء الحريق الذي اندلع في السيارة المستهدفة قرب حاجز الجيش اللبناني.


في المقابل، أعلن حزب الله عن سلسلة من العمليات ضد مواقع متفرقة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في إطار رده على العدوان الوحشي المتواصل على لبنان.

وقال الحزب في بيانات منفصلة، إن مقاتليه استهدفوا بعدد من الرشقات الصاروخية تجمعات لقوات جيش ‏الاحتلال الإسرائيلي الإسرائيلي في مستوطنة ساعر شمال مدينة نهاريا، وعند بوابة موقع هرمون، وفي مستوطنة ليمان، وفي مستوطنة حانيتا.

وأضاف أن مقاتليه استهدفوا أيضا ‏"الكريوت" شمالي مدينة حيفا بصلية صاروخية، مشيرا إلى أن العمليات المذكورة جاءت "دعما لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسنادا لمقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌والشريفة، ودفاعا عن لبنان ‏وشعبه".

في غضون ذلك، أفادت القناة "12" العبرية بدوي صفارات الإنذار في مدينة حيفا وبلدات قريبة، مشيرة إلى أن عشرات القذائف أطلقت من لبنان باتجاه الجليل الغربي وخليج حيفا.

وكشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن رصد إطلاق 40 صاروخا من لبنان تجاه بلدات قريبة من الحدود الشمالية للبلاد، حسب ما نقلته صحيفة "هآرتس" العبرية.

وفي السياق، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الغارات الجوية على بلدات في جنوب لبنان بينها بلدة خربة سلم وحي النبعة في بلدة جبشيت والمنطقة الواقعة بين المروانية وزفتا، حسب ما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.


وأشارت الوكالة اللبنانية إلى استمرار مسيرات الاحتلال الإسرائيلي في التحليق على علو منخفض جدا  فوق الضاحية الجنوبية لبيروت.

ومنذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة وغير مسبوقة على مواقع متفرقة من لبنان، ما أسفر عن سقوط الآلاف بين شهيد وجريح، فضلا عن نزوح ما يزيد على الـ1.2 مليون، وفقا للبيانات الرسمية.

في المقابل، يواصل حزب الله عملياته ضد الاحتلال الإسرائيلي موسّعا نطاق استهدافاته؛ ردا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في لبنان، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد الأراضي اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • حزب الله يوقع قتلى وجرحى بقوة للاحتلال جنوب لبنان
  • شهداء وجرحى بينهم عناصر من اليونيفيل بغارة إسرائيلية على صيدا.. وحزب الله يصعد عملياته
  • شهداء وجرحى بغارة إسرائيلية على صيدا جنوب لبنان.. وحزب الله يصعد عملياته
  • رئيس أركان جيش الاحتلال: يجب مواصلة وتوسيع العمليات البرية في لبنان
  • المداني يرأس اجتماعاً لمناقشة التحضيرات لإحياء ذكرى سنوية الشهيد
  • من اليمن إلى لبنان في أربعينية الشهيد الأقدس: نصر الله آت
  • قتلى وجرحى في صفوف الجيش الإسرائيليّ... إليكم ما كشفه حزب الله
  • فعالية في مغرب عنس بذمار بذكرى سنوية الشهيد
  • ما قصة المثل العربي القائل: أتتك بحائن رجلاه؟
  • بصواريخ نوعيّة... ما الهدق الإسرائيليّ الذي قصفه حزب الله؟