أكد نخبة من الأكاديميين الأوروبيين أن الاهتمام باللغة العربية يزداد نتيجة العولمة والتبادل الثقافي، وأن تدريس الأدب العربي للطلاب غير الناطقين بالعربية يسهم في إثراء التراث الثقافي الأوروبي، مشيرين إلى أهمية توفير الخبراء المتخصصين وتحديث الموارد التعليمية، ودمج الطلاب الأجانب مع المجتمع العربي لتعزيز تعلمهم للغة وفهمهم للثقافة.


جاء ذلك خلال فعاليات اليوم الختامي من مؤتمر الشارقة الدولي الثاني للدراسات العربية في أوروبا، الذي نظمه مجمع اللغة العربية بالشارقة في دارة الدكتور سلطان القاسمي، يومي 21-22 سبتمبر الجاري، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين في عدد من الجامعات ومراكز البحث الأوروبية، قدّموا 23 دراسة وبحثاً أكاديمياً حول سبعة محاور للمؤتمر، وهي “تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها: تجارب وآفاق”، و”الحكايات العربية في الغرب: ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، جحا، وغيرها”، و”الترجمة والتواصل الحضاري”، و”ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية: الواقع والآفاق”، صورة العربي في أدب الرحلات وكتب الجغرافيين الأوروبيين” و”اللغة العربية والتكنولوجيا المعاصرة”، و”المخطوطات العربية في أوروبا”.
وعكست قائمة المتحدثين وأصحاب الدراسات والأبحاث المشارِكة في المؤتمر جهود الشارقة في توحيد الجهود العالمية لخدمة اللغة العربية ومناقشة تحديات انتشارها وتعليمها في العالم؛ حيث ضمَّت قائمة الدول المشاركة كلاً من روسيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وتركيا. كما كانت كازاخستان ورومانيا وصربيا والدنمارك من بين المشاركين، بالإضافة إلى إسبانيا وبولندا والنرويج، ومن الدول المشاركة أيضاً كرواتيا واليونان.

تجارب وآفاق تدريس العربية للناطقين بغيرها
وتناولت الجلسة الأولى من جلسات اليوم الثاني محور “تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها: تجارب وآفاق”، شارك فيها كل من الأساتذة الجامعيين الدكتورة إليزابيث فوتيه، الأستاذة الجامعية في جامعة ليون الثالثة بفرنسا، والدكتور سيباستيان مايزال، أستاذ اللغة العربية والترجمة، مدير معهد الدراسات الشرقية بجامعة لايبسيك، والدكتور مولودي أرسلاني، نائب المفتي ورئيس المشيخة في جمهورية كرواتيا، والدكتورة لاورا غاغو، أستاذة الدراسات العربية في جامعة سلامنكا بإسبانيا، والدكتور اختيار بالتوري، مدير قسم العلوم والإبداع بالجامعة المصرية للثقافة الإسلامية في كازاخستان، وأدارها الدكتور وائل فاروق، مدير المعهد الثقافي العربي أستاذ اللغة والأدب العربي في جامعة القلب المقدس الكاثوليكية في ميلانو.
وتحت عنوان “رهانات تدريس الأدب العربي للطلاب غير الناطقين بالعربية في التعليم الجامعي”، ركزت الدكتورة إليزابيث فوتيه على الرهانات والصعوبات التي يواجهها المدرس حين يلقي دروساً عن الأدب للطلاب المبتدئين، مبينة أن الأدب العربي ساهم في إثراء التراث الثقافي لأوروبا. أما الدكتور سيباستيان مايزال، فأكد من خلال ورقة بحثية بعنوان “جهود فريق لايبسيك في الاختبارات الإلكترونية بناء على منهج محوسب لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها واختبار الكفاءة فيها”، أن هذا النوع من الاختبارات يسهّل تعليم المهارات اللغوية.
اللغة واقع اجتماعي
بدوره، أوضح الدكتور مولودي أرسلاني، في مداخلة بعنوان “وضع اللغة العربية في كرواتيا وتحدياتها” أن الاهتمام باللغة العربية في كرواتيا يكتسي أهمية دينية وثقافية واقتصادية وسياسية، كما أوضح أن أهم مشكلة تواجه تعليم العربية في كرواتيا هي نقص الخبراء المتخصصين بتدريسها. من ناحيتها، أضاءت الدكتورة لاورا غاغو، من خلال حديثها حول بحثها “الدراسات العربية في جامعات إسبانيا: من الاقتصار إلى الاجتهاد في موقف التعاون” على تاريخ حضور العربية في جامعات إسبانيا، والتي ترجع إلى عام 1311 للميلاد، مشددة على أن أفضل الحلول لمعالجة تحديات تعليم اللغة العربية هو أن يعيشها الطلاب في واقعهم.
وفي مشاركته التي أخذت عنوان “قضايا معاصرة في تدريس اللغة العربية في الجامعات الكازاخستانية”، كشف الأستاذ الدكتور اختيار بالتوري عن أن اللغة العربية لها مكانة خاصة في جمهورية كازاخستان، نظراً لكونها لغة أجدادهم الذين دوّنوا بها تراثهم العلمي والمعرفي، مشيراً إلى أن أهم ما يواجه تعليم العربية هو قلة الموارد التعليمية والحاجة إلى تدريب المدرسين.
الحكايات العربية في الغرب
وتناول المحور الثاني من جلسات اليوم الثاني “الحكايات العربية في الغرب: ألف ليلة وليلة، كليلة ودمنة، جحا وغيرها”، وشارك فيها كل من الأساتذة الدكتور جورج غريغوري، الأستاذ الجامعي في قسم اللغة العربية بجامعة بوخارست، والدكتورة سمال توليوبايغا، بروفيسورة بقسم الدراسات الشرقية بجامعة أوراسيا الوطنية بكازاخستان، والدكتور وائل فاروق، والدكتور لويس بلين، والدكتورة فرانشيسكا كوراو، أستاذة اللغة العربية وآدابها بجامعة لويس بروما، بإدارة الدكتور الأخضر الأخضري.
وتحدث الدكتور جورج غريغوري حول ورقته البحثية التي قدمها للمؤتمر، والتي جاءت تحت عنوان “كليلة ودمنة ودوره في نشأة وصقل آداب العالم، مبيّناً أنه “عمل جبّار، تخطّى أطر الزمان وحدود المكان، واستمتع بقراءته الأطفال، واستنبط منه الكبار دلالات لا تحصى”. أما الدكتورة سمال توليوبايفا، فتحدثت عن بحثها “مسيرة ألف ليلة وليلة في كازاخستان، مبينة أنه واحد من روائع الأدب العربي والشرقي، وجزء لا يتجزأ من الأدب العالمي والقازاني على وجه الخصوص.
أما الدكتور وائل فاروق، فتناول في بحث موسع “آلية البناء السردي في حكاية “شكاية الحيوان في جور الإنسان أمام ملك الجن” موضحاً أن هذا السرد الذي أبدعه إخوان الصفا نص فريد يمتاز بالتنوع المعرفي الزاخر، والغموض الذي أكسب الثقافة العربية القدرة على بناء عالمها الخاص. بدوره، اختار الدكتور ليوس بلين كتاب “حكايات من الجزيرة العربية، للفرنسي ألكسندر دوما، مشيراً إلى أنه يقدم مصدراً لمعلومات تاريخية ودينية حول منطقة الجزيرة العربية.
الترجمة والتواصل الحضاري
وضمن محور “الترجمة والتواصل الحضاري”، نظم المؤتمر جلسة جمعت كلاً من الأساتذة: الدكتورة لاورا سيتارو، أستاذة مشاركة في القسم العربي بجامعة بوخارست برومانيا، والدكتورة ماريانا ماسا، المترجمة والباحثة بالجامعة الكاثوليكية في ميلانو بإيطاليا، والدكتور محمد حقي صوتشن، أستاذ في قسم تدريس اللغة العربية بجامعة غازي بأنقرة في تركيا، والدكتور سوتريس روسوس، أستاذ العلاقات الدولية والدين في الشرق الأوسط بجامعة البيلوبونيز ف اليونان
وأكدت الدكتورة لاورا سيتارو في بحثها الذي حمل عنوان: “الترجمة ودورها في هدم الصور النمطية والتعاطف بين الثقافات”، أن الثقافات غير الحافلة بالترجمة هي فقيرة إلى المعرفة والعلم والتواصل مع الآخر، وأن ترجمة الأدب العربي إلى اللغة الرومانية مكّنت الرومانيين من التعرف على تفاصيل دقيقة في العالم العربي. بدورها، أضاءت الدكتورة ماريانا ماسا على بحثها “نماذج لآثار حركة الترجمة من الفرنسية على اللغة العربية المعاصرة في القرن التاسع عشر”، حيث أوضحت أهمية علم اللغة التاريخي في كونه يوثق تأثير احتكاك اللغات بعضها ببعض. أما الدكتور محمد حقي صوتشن فأشار في مداخلته حول دراسته “المتنبي: شاعريته في الشعر التركي” أن البحث يناقش تطور اهتمامه بالمتنبي، مستعرضاً الارتباط بين حياته وشعره.
من ناحيته، أكد الدكتور سوتريس روسوس أن ورقته البحثية “محطات في التاريخ المشترك بين العرب واليونانيين” تتناول ثلاث لحظات محورية تقاطعت فيها المسارات التاريخية للعرب واليونانيين، مما أدى إلى تحولات كبيرة ليس فقط لمنطقة البحر الأبيض المتوسط بل وللعالم أجمع. أما الدكتورة فرانشيسكا كوراو، فتحدثت حول مشاركتها في المنتدى بورقة بحثية بعنوان “جحا/ جيوفا بطل المغامرات”، والتي استعرضت فيها الأثر الثقافي والترفيهي لشخصية “جحا” التي حفرت في ذاكرة أبناء صقلية، مشيرة إلى كتاب إيطاليين استلهموا منها قصص الصقلي “جيوفا”، للإشارة إلى شخص معروف بالحماقة والحيلة.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: العربیة للناطقین بغیرها تدریس اللغة العربیة الأدب العربی أما الدکتور العربیة فی

إقرأ أيضاً:

فتح باب التسجيل لجائزة مجمع الملك سلمان للغة العربية

البلاد ــ الرياض
أعلن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية فتح باب التسجيل في الدورة الرابعة من (جائزة مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية)، التي تعد من أبرز الجوائز المخصصة؛ لتكريم الجهود الرائدة في خدمة اللغة العربية، وتحفيز الابتكار في مجالاتها المختلفة، على نحو يعزز حضورها في القطاعات العلمية، والتقنية، والتعليمية، والمجتمعية.
تأتي هذه الجائزة استمرارًا لجهود المجمع في دعم المبادرات النوعية، التي تحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030، بتحفيز المشاريع التي تثري المحتوى العربي، وتعزز الهوية اللغوية، وتسهم في نشر اللغة العربية عالميًّا؛ إذ تستهدف ذوي الإسهامات البارزة من الأفراد والمؤسسات لخدمة اللغة العربية، وتطويرها، وتعليمها، ونشرها بأحدث الوسائل.
وأكد الأمين العام للمجمع الدكتور عبدالله بن صالح الوشمي، أن الدورة الرابعة تسعى إلى توسيع دائرة تكريم المبادرات والمشاريع، التي تسهم في تطوير اللغة العربية في مجالات التعليم، والحوسبة، والبحث العلمي، والمبادرات المجتمعية، مضيفًا أن الجائزة شهدت في دوراتها السابقة إقبالًا واسعًا من الأفراد والمؤسسات من شتى دول العالم؛ وهو ما يعكس مكانتها؛ بوصفها إحدى الجوائز الدولية البارزة في دعم الابتكار اللغوي.
وتشمل الجائزة (4) فروعٍ رئيسة، يختص الأول منها بتعليم اللغة العربية وتعلمها، ويركز على تطوير أساليب تدريسها ودعم المبادرات، التي تسهم في تحسين طرق تعلمها، فيما يُعنى الفرع الثاني بحوسبة اللغة العربية والتقنيات اللغوية، مستهدفًا المشروعات التي توظف التقنية لتعزيز استخدام العربية في المجال الرقمي والتقني، أما الفرع الثالث فهو مخصص للأبحاث اللغوية والدراسات العلمية؛ إذ يكرم الأبحاث التي تثري المحتوى الأكاديمي للغة العربية وتسهم في تطويرها، في حين يركز الفرع الرابع على نشر الوعي اللغوي، وتعزيز المبادرات المجتمعية التي تسهم في انتشار اللغة العربية في المجتمعات المحلية والعالمية.
وأوضح المجمع أن الجائزة تستقبل الترشيحات من الأفراد والمؤسسات من جميع دول العالم، وتخضع جميع الأعمال المقدمة إلى عملية تحكيم دقيقة تعتمد على معايير الإبداع، والتأثير، والتميز، والشمولية؛ لضمان تكريم الجهود الأكثر فاعلية في خدمة اللغة العربية.
وشهدت الدورة السابقة للجائزة مشاركة واسعة؛ إذ بلغ عدد المسجلين في منصة الجائزة أكثر من (370) مُسجلًا من الأفراد والمؤسسات.

مقالات مشابهة

  • عمّان.. خفر السواحل اليمني يختتم ورشة مؤتمر شراكة الأمن البحري
  • ريال مدريد يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة أتليتكو في أبطال أوروبا
  • الدكتورة غادة جبارة تدشن إذاعة أكاديمية الفنون في خطوة رائدة لدعم الإبداع الفني
  • «الثقافي العربي» يناقش الرؤية الفكرية في أدب الطفل
  • مؤتمر علمي بجامعة حلوان يناقش الجوانب القانونية لاستخدام الروبوت الذكي في المؤسسات الحكومية
  • «الجوانب القانونية لاستخدام الروبوت الذكي داخل المؤسسات الحكومية» في مؤتمر علمي بجامعة حلوان
  • دراسة تكشف تأثير الروائح العطرية على الحالة المزاجية والأداء
  • فتح باب التسجيل لجائزة مجمع الملك سلمان للغة العربية
  • دعوة 196 دولة للمشاركة في مؤتمر دولي حول فلسطين بسويسرا
  • 196 دولة مدعوة للمشاركة في مؤتمر دولي حول فلسطين في سويسرا