حينما تقع في دائرة الاكتئاب والتوتر، تعيش أوقاتًا لا تعلم فيها أي يوم تعيشه، ولا حتى الساعة التي تمر عليك، ربما حتى تواريخ الأيام لا تعرفها، قد تسوقك صدمة للوقوع في الاكتئاب، وقد يصيبك عرض أو مرض نفسي يجعلك أسيرًا لأفكار سوداوية، ربما تسوقك للاقتراب من عقيدتك، وكثيرًا ما تبعدك تمامًا عن الدين.

وبين هذا وذاك يكون التعافي النفسي بالروحانيات، «قشة» يتمسك بها الغريق، الروحانيات الدينية، أو حتى التأملية والنفسية، ولـ«كل مكتئب وسيلة».

ومن جانبها، أطلقت «الوطن» حملة الهوية الدينية المصرية.. الطريق إلى الله، ونقدم في التقرير التالي، كيف يؤدي القلق والاكتئاب إلى البُعد عن الدين، وكيف كانت تجارب البعض العلاجية للتعافي النفسي بالروحانيات. 

التأمل ساعد أمًا فقدت ابنتها

اللجوء للتأمل، من رياضات «اليوجا» و«الميديتيشن» واحدة من الحلول التي قد يلجأ لها المرء حين يتملكه الاكتئاب، قصص طويلة تشهدها جدران صالة اليوجا، وربما المساحات الخضراء الواسعة، تتحدث عنها مدربة اليوجا، روزا صلاح: «من 27 سنة حبيت أتعلم رياضة، كنت وقتها كبرت شوية وكل الرياضات رفضتني، طبعًا وقتها زعلت جدًا، وقتها قرأت عن اليوجا، وإن الهنود بيمارسوها من آلاف السنين، ده كمان قدماء المصريين نقشوها على المعابد، حبيتها وقررت اتدرب يوجا». 

27 عامًا، مارسته خلالها «روزا» وتعيش مع قصص المشاركين معها، ومن تدربها: «اليوجا رياضة فعلًا بتعالج الاكتئاب، بتحسن هرمون الالندروفين وبتكوني مبسوطة، فعلًا، وأنا فاكرة سيدة ألمانية كانت معايا فقدت بنتها صغيرة، واليوجا والتأمل ساعدوها فعلًا لتخطي الاكتئاب».

هند لجأت للعمرة لمواجهة الاكتئاب.. الروحانيات أولًا 

كانت أشهر ثقيلة على قلب «هند عادل» الذي هاجم السرطان والدها خلال الأشهر الماضية، في مرحلة متأخرة، لتجد نفسها أمام قرار مصيري، كيف تبلغه بالأمر، وكيف تتخذ قرار علاجه، خاصة وإنها أول أبنائه، ليصيبها نوبات من اليأس والاكتئاب كادت تعتقد أنها لم تخرج منها مُطلقًا: «اكتشفت في فبراير إن بابا في مرحلة رابعة من سرطان القولون وأنا الكبيرة ولازم أنا اللي أواجه وأدعم، كان منتشر وفجأة الدكاترة قالولي ده قرارك، فجأة بقيت مسؤولة عن حياة شخص وبقيت مش عارفة أعمل ايه». 

لجأت «عادل» إلى تخبر والدها إن الأمر مُجرد «خُراج» بالقولون ولابد من خضوعه لعملية جراحية: «قولتله ده خراج وقولت لاخواتي لازم نكون أقوياء وناخد قرار، لكن كل مرة كان اليأس بيتملك مني».

لحظة انهيار أعقبتها قرار مصيري تعرضت إليها «هند»: «انهارت لما الدكتور قال إنه مقدرش يعمل العملية، مقدرش يستأصل لانه كبير وبقى خطر جدًا انهارت اكتئاب وحزن، وصدمة نزلت الشارع بعيط عياط هيستيري، خاصة إنه وقتها اتعمله تحويل مسار، وبقيت لازم أعرفه الحقيقة». 

اللجوء للروحانيات، كانت أول ما فكرت فيه السيدة، إذ شعرت وكأن بيت الله الحرام يناديها: «فجأة قررت أعمل عمرة وأرمي كل حاجة ورا ضهري، جريت على الكعبة وبكيت واعتمرت ليا ولوالدي، كان معايا كل يوم فيديو بشاركه اللي بيحصل، ورجعت بعد 5 أيام وأنا مودعة الاكتئاب والقلق». 

شعور كبير بالراحة تملك من السيدة بعد زيارة الكعبة على حد قولها، إذ وجدت روحها متعلقة بالروحانيات الدينية: «رجعت وبدأت حالة بابا شوية تستقر وشوية لاء، وفجأة بقى مطلوب منه إنه يخضع للكيماوي، منهارتش تاني بالعكس بقيت أهدى حتى لو الاستجابة 1% وبقنع نفسي إن اللي بيحصل منح وابتلاء من ربنا وعاوزنا نشكره على النعم اللي عندنا، وحقيقي فرقت جدًا معايا»

كيف يؤدي القلق والاكتئاب إلى البُعد عن الدين؟

في هذا الصدد، شرحت الدكتورة صفاء حمودة، أستاذ الطب النفسي، بجامعة الأزهر، لـ «الوطن» كيف يؤدي القلق والاكتئاب إلى البُعد عن الدين؟ مؤكدة أن الموضوع ذو حدين، فالبعض قد تساعدهم المعاناة من الاكتئاب والتوتر للتقرب من الله، فضلًا عن العلاج المناسب للحالة، بينما قد يلعب الاكتئاب في أحيان كثيرة دور في رفض الدين، في بعض الحالات التي تعترض أو ترفض قضاء ربنا وأقداره.

وتابعت: «لأننا للأسف أحيانًا من الصدمة والحزن بنرفض القضاء والقدر، وده بسبب الفهم الخاطئ للدين والاستجابة، واعتقاد البعض إن لازم ربنا يستجيب لدعواتي بالمللي، رغم إن الفهم الصحيح بيقول إن ربنا بيستجيب بطرق مختلفة، ممكن باستبدال الدعوة، أو بتأخيرها، أو إبعادها عني فعلًا لأنها مش خير ليا ووحده اللي عالم بالغيب».

تحول العبد للغضب من تأخير استجابة الله تعالى لدعواته، أو عدم تحقيقها وفقًا لرؤيته، تزيد من رفضه لقضاء الله تعالى، وهو ما يبعده دومًا عن الدين بسبب تغلب الاكتئاب والحزن منه: «بيكون غضبان، ومعندوش رضا وقبول ولا تسليم لله، لأنه للأسف في دماغه إنه بيعبد ربنا بشرط، بمعنى لو مدتنيش اللي عاوزه هبطل اعبدك، وهنا بيبعد عن ربنا».

العبادات الروحية واجبة على العباد، وليست مشروطة، بهذه الكلمة حاولت الاستشاري النفسي، توجيه الأهالي عند تنشئة أبنائهم، بإن العبادة هي فرض، وغير مشروطة بتحقيق الله لأمانينا: «العبادات بتأثر علينا نفسيًا لما بتنواصل مع الخالق وعقيدتنا إنه سامعنا وهيختار لينا الخير، لكن الاعتقاد إنها مشروطة، بيوصل لاكتئاب وبعد تمامًا عن الدين».

فقدان الشغف هو السبب الآخر الذي يعاني منه بعض المكتئبين، وتسليمهم لدائرة الحزن، بحسب ما ذكرت «حمودة»: «المرضى غصب عنهم بيفقدوا الشغف، حتى الشغف للعبادات، وقتها بيبطلوا الخشوع في العبادات، وكتير بيحسوا إن الصلاة مبقتش مقبولة بسبب فقدان الشغف، وده تأثير نفسي بيبعده عن ربنا، وعن اداء الفروض».  

أما عن السبب الأخير، الذي يبعد الكثير ممن يعانون من الاكتئاب عن العبادات، هو تحول الأمر للمعاناة من الوسواس القهري: «للأسف كتير من اللي بيعانوا من الوسواس القهري، بيكون عنده وسوسة في نية الصلاة، ويا ترى صح ولا لأ، يا ترى مقبولة ولا لأ، وهنا بيبدأ ينقطع عن العبادة والذكر واحدة واحدة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حملة الوطن الاکتئاب إلى عن الدین کیف یؤدی

إقرأ أيضاً:

وكيل خارجية النواب: اتفاقية مصر والإمارات بشأن نقل المحكوم تراعي البعد الإنساني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلن النائب طارق الخولي وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، على قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 570 لسنة 2024 بشأن الموافقة على اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك مع التحفظ بشرط التصديق.
وأكد الخولي، خلال كلمته بالجلسة العامة بمجلس النواب برئاسة المستشار حنفي جبالي، هذه الاتفاقية تتماشي مع نصوص الدستور والقوانين ذات الصلة بالإضافة للمواثيق الدولية، كما أنها تأتي كأحد نتائج التعاون الدائم والمستمر بين كلا من مصر والإمارات في مختلف المجالات ومعبره عن عمق العلاقات بين البلدين.
وأشار إلي أنه هذه الاتفاقية تمثل مراعاة للبعد الإنساني للمحكوم عليهم بنقلهم لتنفيذ الحكم القضائي في الوطن الأصلي بما يسهم في الاستقرار الاجتماعي للمحكوم عليه وإصلاحه وإعادة اندماجه في المجتمع، بالإضافة إلى أن هذه الاتفاقية بتعكس مساندة كلا من مصر والإمارات للتعاون الدولي في مجال العدالة الجنائية بما يضمن مجابهة الأنشطة الإجرامية والقائمين عليها.
 

مقالات مشابهة

  • ليس التفاح.. أطباء يكشفون فاكهة تبقيك بعيدا عن الاكتئاب
  • وكيل خارجية النواب: اتفاقية مصر والإمارات بشأن نقل المحكوم تراعي البعد الإنساني
  • هل تساعد اليوجا على إنقاص الوزن؟.. اكتشف
  • شريف عامر لـ«كلم ربنا»: «أنا متأكد أن الله يحبني جدًا»
  • شريف عامر لـ«كلم ربنا»: بقول لأصدقائى أنا هدخل الجنة وحتى إن تجاوزت ربى هيقابل ذلك بالسماح
  • عبدالرحيم علي لـ "كلم ربنا": "بعتبر نفسي زرعة ربانية"
  • عبد الرحيم علي: تعرضت أكتر من مرة لموت محقق.. لكن الله كان له تدبير آخر
  • عبد الرحيم علي: بكيت عند فوز الإخوان في الانتخابات الرئاسية 2012.. لكن ربنا كان له ترتيبات أخرى
  • دعاء قبل المغرب المستجاب.. بـ10 أدعية تقضي جميع حوائج وتصب عليك الخير صبا
  • الواعظ الإنجيلي عزت شاكر لـ"كلم ربنا": "ربنا رجعّلي ابنى من الموت"