منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، يوم فتح "حزب الله" جبهة جنوب لبنان إسنادًا لقطاع غزة في وجه الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في أعقاب "طوفان الأقصى"، تبدو هذه الجبهة أبعد ما يكون عن "الثبات"، فهي تسخن حينًا، سواء على المستوى العسكري وفي الميدان، أو على المستوى السياسي، ولا سيما النفسي، لتعود وتبرد بعد ذلك، من دون أن يُفهَم سبب السخونة، ولا أن يُفَكّ لغز البرودة الطارئة بعد ذلك.


 
هكذا، توتّرت الأوضاع على الجبهة في الأيام القليلة الماضية، بصورة مفاجئة، بعد هدوء نسبيّ شهدته منذ ردّ "حزب الله" على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، وولّد انطباعًا بأنّ الأمور انتهت، وأنّ الخطر زال، لتنقلب الأمور رأسًا على عقب بعد ذلك، ومن دون أيّ مقدّمات، فتتصاعد التهديدات الإسرائيلية بصورة غير مسبوقة، وصولاً إلى حدّ التلويح بعملية عسكرية واسعة، أو بغزو برّي، اتخذ صفة "المحدود والسريع".
 
وفي الساعات القليلة الماضية، بلغ الاستنفار الإسرائيلي أوجه، بالتزامن مع زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكستين إلى تل أبيب، حيث تكثّفت التسريبات في الصحافة الإسرائيلية عن انعدام الآمال بالوصول إلى اتفاق، حتى قيل إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعتزم إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت بذريعة عرقلته توسيع الهجوم في لبنان تحديدًا، فهل هي طبول الحرب التي قُرِعت، وما مدّى جدّيتها هذه المرّة؟
 
استنفار غير مسبوق
 
قد لا تكون المرّة الأولى التي يُظهِر فيها العدو الإسرائيلي استنفارًا إزاء الجبهة اللبنانية منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، باعتبار أنّ الجبهة شهدت العديد من جولات الصعود والهبوط، لعلّ أقواها كانت في المرحلة الفاصلة ما بين ضربة الضاحية الجنوبية لبيروت وردّ "حزب الله" عليها، لكن على الرغم من ذلك، فإنّ طبيعة الاستنفار الإسرائيلي هذه المرّة تكاد تكون غير مسبوقة، وتصل لحدّ قرع طبول الحرب بأتمّ معنى الكلمة.
 
يتجلّى هذا الاستنفار بشكل أساسي بالحديث العلني عن عملية برّية في جنوب لبنان، بعدما كان التركيز منصبًّا طيلة الأشهر الماضية على القصف والغارات، فضلاً عن تكتيك الاغتيالات الذي يبدو أنّ مفعوله تراجع في الآونة الأخيرة، مع اتخاذ "حزب الله" لإجراءات وتدابير احترازية، بل إنّ المعطيات أشارت إلى "مقترح جدّي" تقدم به قائد لواء الشمال في جلسة تقييمية مغلقة للقيام بعملية برية سريعة، قال إنّ ظروفها باتت أسهل.
 
وفي حين استند هذا المقترح إلى أنّ الجيش الإسرائيلي تمكن من اغتيال غالبية مقاتلي فرقة الرضوان، إضافة إلى نزوح معظم سكان البلدات الحدودية، فإنّ انفجار الخلافات في إسرائيل، تحديدًا بين نتنياهو وغالانت، جاءت لتعزّز أجواء الاستنفار، ولا سيما أنّ غالانت يصنَّف على أنّه العائق الأكبر أمام توسيع الحرب ضدّ لبنان، بل إنّه يكاد يكون الشخصية الوحيدة التي تواجه نتنياهو، ولذلك فُهِم الحديث عن إقالته تمهيدًا لاتخاذ مثل هذا القرار.
 
الحرب "مستبعَدة" لبنانيًا
 
كلّ شيء في إسرائيل يوحي إذاً أنّ قرع طبول الحرب هذه المرّة يختلف عن كلّ المرّات السابقة، وأنّ القرار بالتصعيد قد اتُخِذ عمليًا، ولا ينتظر سوى الخروج لدائرة الضوء، وهو مدفوع أيضًا بالضغط الداخلي من جانب المستوطنين غير القادرين على العودة إلى منازلهم التي هُجّروا منها قسرًا، علمًا أنّ زيارة هوكستين إلى تل أبيب حصرًا، فُهِمت أيضًا في سياق محاولة احتواء التصعيد، وثني تل أبيب عن المضيّ قدمًا في مخططاتها.
 
لكن، رغم كلّ ذلك، لا يبدو أنّ سيناريو التصعيد الواسع يجد صداه في الداخل اللبناني، وتحديدًا بالنسبة لـ"حزب الله" الذي يقول العارفون بأدبيّاته، إنّ الحرب بالمعنى الواسعة لا تزال "مُستبعَدة" بالنسبة إليه، ولو أنّ الإسرائيلي يحاول الهروب إلى الأمام بتهديداته المتصاعدة، ويشيرون إلى أنّه يدرك جيّدًا أنّ المعركة البرية التي يلوّح بها لن تكون في صالحه، وأنّ فكرة احتلال أراضٍ لبنانية ستفتح عليه أبواب جهنّم، إن جاز التعبير، وهو ما اختبره سابقًا.
 
وفيما يبدو هؤلاء مقتنعين بأنّ كلّ ما يجري من تهويل من الجانب الإسرائيلي يبقى في خانة الحرب النفسية ليس إلا، باعتبار أنّ العدو ليس جاهزًا للذهاب إلى حرب يمكن أن تفجّر صراعًا إقليميًا، خلافًا لكلّ ما يدّعيه، إلا أنّهم يؤكدون أنّ المعادلة بالنسبة إلى "حزب الله" لا تزال ثابتة في كلّ الأحوال، فهو لا يريد الحرب ولا يسعى إليها، لكنّه جاهزٌ لها إذا ما فُرِضت عليه، وسيقاتل فيها متحرّرًا من كلّ الضوابط والسقوف، كما قال أمينه العام في أحد خطاباته.
 
برأي كثيرين، فإنّ التصعيد الإسرائيلي هذه المرّة لا يشبه غيره، وأنّ طبول الحرب التي تُقرَع هذه المرّة تستند إلى وقائع ملموسة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، باعتبار أنّ الإسرائيليين اقتنعوا بأنّ فرص التوصل إلى اتفاق بالدبلوماسية تتعثّر، وأنّ جرّ "حزب الله" لفكّ الارتباط بين لبنان وغزة "شبه مستحيل". لكن، هل تترجم إسرائيل تهديداتها بالفعل، أم أنّ ضابط الإيقاع الأميركي سينجح في احتواء الموقف، ولو إلى حين؟!  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: طبول الحرب هذه المر ة حزب الله

إقرأ أيضاً:

العراق ينفذ أول عملية نقل برية تاريخية دولية

العراق ينفذ أول عملية نقل برية تاريخية دولية

مقالات مشابهة

  • استنفار سياسي درزي لمواجهة الفتنة والفوضى والتقسيم
  • سر الاستقواء الأمريكي – الإسرائيلي
  • سياسي أنصار الله: إغلاق العدو الإسرائيلي معابر غزة تصعيد خطير
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • لحظة مقتل إسرائيلي بعملية طعن في حيفا واستشهاد المنفذ(فيديو)
  • فيديو من جنوب لبنان... طائرة إسرائيليّة بثّت تسجيلاً صوتيّاً هذا ما تضمّنه
  • في جنوب لبنان... توغل إسرائيليّ واعتقال مزارع
  • عاجل. مقتل إسرائيلي وإصابة آخرين بعملية طعن في حيفا
  • العراق ينفذ أول عملية نقل برية تاريخية دولية