الأحزاب الشيوعية في إفريقيا- قراءة في التحولات الفكرية والإيديولوجية المعاصرة
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
زهير عثمان
شهدت الأحزاب الشيوعية في إفريقيا تحولات كبيرة منذ الاستقلال وحتى الوقت الحاضر، بدءًا من ارتباطها بالفكر الثوري المناهض للاستعمار مرورًا بتأثيرات انهيار الاتحاد السوفييتي وصولًا إلى التحديات الراهنة في طرحها الإيديولوجي. هذا المقال يهدف إلى تحليل الوضعية الفكرية الحالية لهذه الأحزاب في القارة الإفريقية، واستكشاف كيفية تكيّفها مع المتغيرات السياسية والاجتماعية في إطار العولمة والتغيرات الإقليمية.
إرث الفكر الشيوعي في إفريقيا: من النضال التحرري إلى الارتباك الإيديولوجي
يمكن استعراض الإرث الذي تركته الأحزاب الشيوعية في إفريقيا خلال فترة النضال ضد الاستعمار، وكيفية اعتمادها على الفكر الماركسي كأداة للتحرر الوطني. هذا الجزء سيتناول كيف تحوّل هذا الإرث من كونه محرّكًا أساسيًا لمقاومة الاستعمار إلى حالة من الارتباك الإيديولوجي بعد الاستقلال.
التركيز هنا سيكون على فترة ما بعد الاستقلال، حيث واجهت الأحزاب الشيوعية تحديات كبيرة في تكييف الفكر الماركسي مع الواقع السياسي والاجتماعي في إفريقيا، مع ظهور التناقضات بين الأفكار الماركسية والتقاليد المحلية.
الأزمة الفكرية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي: غياب الدعم وظهور النيوليبرالية
بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، فقدت الأحزاب الشيوعية في إفريقيا دعمًا ماديًا وفكريًا كان له دور حاسم في استمرارها. هنا يمكن تحليل تأثير هذا الانهيار على البنية الفكرية للأحزاب الشيوعية، وكيف أدى ذلك إلى تحوّل بعض الأحزاب نحو السياسات النيوليبرالية أو التخلي عن الإيديولوجيا الشيوعية.
التركيز على دور العولمة في تعميق هذه الأزمة، حيث أصبح من الصعب على الأحزاب الشيوعية تقديم بدائل اقتصادية واجتماعية مقنعة لمواجهة الرأسمالية المعولمة.
التحديات الإيديولوجية المعاصرة: بين الحفاظ على الماركسية والتكيف مع التحولات العالمية
هذه الفقرة ستتناول كيفية مواجهة الأحزاب الشيوعية للتحديات الفكرية الحالية. يمكن تحليل محاولات بعض الأحزاب للحفاظ على الصبغة الماركسية التقليدية في مقابل أحزاب أخرى اختارت التكيف مع الواقع الجديد عبر إدخال أفكار اشتراكية ديمقراطية أو التحالف مع التيارات اليسارية غير الشيوعية.
التركيز على التناقضات التي تواجهها هذه الأحزاب بين الحفاظ على هويتها الإيديولوجية وتلبية متطلبات التحولات السياسية والاجتماعية في القارة.
الطرح الفكري الجديد: هل يمكن للشيوعية أن تكون جزءًا من الحلول المعاصرة؟
هنا يمكن طرح السؤال حول ما إذا كان الفكر الشيوعي يمكنه تقديم حلول للقضايا المعاصرة مثل الفقر، التهميش، وأزمات الحكم في إفريقيا. يمكن تحليل كيف يمكن للأحزاب الشيوعية إعادة تجديد خطابها الفكري لتلبية احتياجات الشباب الذين يواجهون مستقبلًا مليئًا بالتحديات.
التركيز على دور التعليم السياسي والتعبئة الفكرية في مواجهة التغيرات الكبيرة التي تمر بها المجتمعات الإفريقية، مثل الهجرة، والتحول الرقمي، وازدياد أهمية الحركات الاجتماعية.
النخب الشيوعية الإفريقية: بين التأثير والمقاومة
في هذا الجزء يمكن تحليل دور النخب المثقفة التي نشأت في كنف الأحزاب الشيوعية، وكيف تلعب هذه النخب دورًا في صياغة الفكر السياسي الحالي. يمكن تناول تأثيرهم في المؤسسات الأكاديمية والنقابية، وكيف يساهمون في الحفاظ على الفكر الشيوعي أو تحديثه.
من المهم التركيز على الأثر الفكري لبعض الشخصيات الشيوعية البارزة في إفريقيا مثل أميلكار كابرال، سامورا ميشيل، وتوماس سانكارا، وكيف أن فكرهم لا يزال مصدر إلهام في الحركات السياسية المعاصرة.
في النهاية، يمكن أن تقدم الخاتمة تأملًا في مستقبل الأحزاب الشيوعية في إفريقيا، وهل يمكن أن تجد تلك الأحزاب مساحة جديدة في الساحة السياسية من خلال إعادة بناء خطابها الإيديولوجي لمواكبة التحديات المعاصرة. يمكن أيضًا مناقشة دور العوامل الإقليمية والدولية في تحديد ملامح هذا المستقبل، مثل تأثير القوى الغربية والصين على التطورات السياسية في القارة.
zuhair.osman@aol.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الترکیز على یمکن تحلیل
إقرأ أيضاً:
قراءة في حالة الترابط الاجتماعي للعمانيين
قبل أشهر نشر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات استطلاعًا مهمًا في (موضوعه)، حاول من خلاله بناء مؤشر للترابط الاجتماعي بين العُمانيين، ولعل النتائج في عمومها تشير إلى حالة من ترابط المجتمع في مختلف مستوياته، سواء كان على مستوى الأسرة، أو الأقارب، أو أفراد المجتمع ككل. حيث تشير أهم النتائج إلى أن 81% من العمانيين يرون أن هناك ترابطا اجتماعيا في المجتمع العُماني عام 2023، وأن 87.4% من العُمانيين يشعرون بالترابط الأسري داخل المنزل، وأن 79.4% نسبة العُمانيين الذين يلجأون إلى فرد من أفراد الأسرة عند مواجهة مشكلة ما. الاستطلاع كـ (مؤشر أولي) يعتبر إطارًا جيدًا لفهم حالة تحرك الفرد والروابط التي يخلقها في حركته الاجتماعية في سياق الأسرة (المنزل الواحد)، وفي سياق الأقارب (المنزل الأوسع)، وفي سياق المجتمع عمومًا. وكما أشرنا أنه كنتائج (كمية) يمكن القول إن الفرد في المجتمع العُماني يتحرك ضمن منظومة مترابطة إلى حد بعيد، يعتمد عليها ويتبادل معها (رأس المال الاجتماعي)، وتوفر له في المقابل الحماية المجتمعية والمعنوية التي يحتاج إليها ضمن إطار حركته الاجتماعية.
وإن كان الأمر يقتضي مزيدًا من الدراسة (الكيفية)، والفهم للتفاوتات عبر آليات منهجية متعددة، فإن النتائج المتاحة حاليًا توفر نقطة جيدة للبدء، حيث ركز الاستطلاع على وضع أسئلة (غير مباشرة) لقياس مستويات الترابط، وهذا مهم على المستوى المنهجي، فقد سأل عن موضوعات من قبيل لجوء الفرد إلى الأسرة والجيران في حالة مواجهته مشكلة ما، ومن قبيل مستوى انخراط الفرد في الأعمال الخيرية والتطوعية في مجتمعه، ومن قبيل مدى مشاركته في العناية بالأفراد الذين يحتاجون عناية خاصة داخل الأسرة ككبار السن، وكلها تعطي دلالات لحالة الترابط الاجتماعي المنشودة، يبقى دور البحث الأكاديمي والتنقيب المعرفي في التوسع بفهم حالة الترابط الاجتماعي عبر 3 أولويات في تقديرنا:
- علاقة مستويات الترابط الاجتماعي بعوامل التحضر (مكان السكن و«مستويات التعليم» والحالة المهنية) وهل تؤثر مثل هذه العوامل على قدرة الفرد والأسرة والمجتمع عمومًا على الترابط الاجتماعي. قد ينشأ عن البحث في مثل هذه الأولوية نتائج مهمة، فهل على سبيل المثال انتقال الأسرة من منطقة ريفية إلى منطقة حضرية يقلل مستويات ترابطها الاجتماعي؟ وهل مستويات التعليم العالية تدفع الفرد إلى مستويات أضعف من الترابط في محيطه الاجتماعي؟ هذه أسئلة مهمة لتطوير الموانع الاجتماعية لاحقًا، وهي المحكات والآليات والمبادرات التي يمكن أن تقودها الدولة والمجتمع لاستدامة حالة الترابط الاجتماعي المنشودة.
- الأولوية الأخرى هي في دراسة المؤثرات التي تهدد الترابط الاجتماعي، سواء كانت هذا المؤثرات طارئة عرضية على المجتمع، أو أنها ناشئة بحكم تطور الحالة الاجتماعية والتغير الاجتماعي، فهل انتشار الجريمة في محيط اجتماعي ما يؤثر على حالة الترابط الاجتماعي؟ وهل انخراط الأفراد في شبكة واسعة من العلاقات الافتراضية يقلل لجوءهم لأسر ومحيطهم الاجتماعي عمومًا، وبالتالي يؤثر على حالة الترابط الاجتماعي لديهم؟
- الأولوية الثالثة في تقديرنا هي في توسيع فهم ومفهوم الترابط الاجتماعي ليشمل علاقة الأفراد بالمؤسسات الاجتماعية، ونقصد بها تلك المؤسسات التي تنخرط في أداء شكل من أشكال التنشئة أو التكوين أو إشباع الاحتياجات الاجتماعية، كعلاقة الأفراد بالمسجد كمؤسسة اجتماعية أكثر من كونها مكان عبادة، وعلاقتهم بالمجلس العام أو الشعبي، وعلاقتهم بالأندية الاجتماعية باختلافها سواء أندية رياضية أو ثقافية أو مجتمعية. تشكل المؤسسات الاجتماعية بمضمونها وأعمالها وممارساتها وسيلة مباشرة وغير مباشرة لزيادة مستويات الترابط الاجتماعي في أي مجتمع، ومتى ما كانت هناك سياسات وبرامج داعمة لاستدامة هذه المؤسسات وتقوية حضورها متى ما أسهمت في تعميق علاقة الأفراد بمختلف مكونات مجتمعاتهم.
على الجانب الآخر هناك بعض الأفكار والرؤى التي من شأنها تعزيز حالة الترابط الاجتماعي، ونعتقد أن حوكمة منظومة العمل الأهلي (الجمعيات الأهلية و«الأندية الرياضية» وأنشطة التطوع و«اللجان الشبابية» والمبادرات الأهلية) وقيادتها عبر الحوكمة الصحيحة إلى أفق يتسق مع متغيرات المجتمع والمستقبل، وتحديد الأدوار والممارسات وربطها بمؤشرات أداء، وتعزيز أنماط الاستدامة، والتوسع في بناء قدرات الممارسين للعمل الأهلي من قادة وتنفيذيين يعتبر أولوية قصوى اليوم، وذلك للدور المشهود الذي يلعبه العمل الأهلي في تمكين اندماج الفرد بالحالة القصوى في مجتمع، وفي انسجامه مع حركة المجتمع، في حالة الازدهار، أو في مواجهة الصعاب، في حالات الرخاء، أو في مواجهة الشدائد. كما أن التوسع في بناء المجالس العامة وربطها بمكاتب المحافظين بمجموعة من الأنشطة المجتمعية والثقافية (الدورية) والمجدولة وفق ثيمات محددة، وموضوعات مثرية يمكن أن يسهم بتطوير حالة الترابط المجتمعي في مستوياته . كما أن توفير الحوافز الحكومية للأسر التي تسهم في رعاية الأفراد من ذوي الاحتياجات القصوى ككبار السن، وحالات الإعاقة، وتشجيعها وتحفيز التنافس لديها لتقديم أفضل رعاية منزلية ممكنة وصديقة لهم يشكل ضرورة مرحلية، أولها لتعزيز حالة الترابط الاجتماعي من ناحية، وثانيها للتوافق مع متغيرات السياسات التي تؤكد أن أنماط الرعاية داخل الأسرة لمثل هذه الحالات تعتبر في كثير من الأحيان ممارسات فضلى على ما سواها من سياسات. اشتغلت الكثير من المحافظات في السنوات الأخيرة على توفير مساحات اجتماعية وترفيهية في القرى والمدن، ونشطت هذه الجهود الحالة الاجتماعية فأصبحنا نشاهد مبادرات مجتمعية لتصميم مسارات للمشي والتنزه، ومبادرات للماراثون، ومبادرات لتطوير الحالة السياحية في بعض القرى، وتشجيع هذه الجهود والتركيز عليها كمحدد وإطار ضمن سياسات تنمية الإدارة المحلية في تقديرنا يعتبر كذلك عنصرًا مهمًا في ترقية حالة الترابط الاجتماعي في بعدها الرمزي والممارس. إن الترابط الاجتماعي رافعة مهمة للعمل التنموي أيما كان، ومتى ما كانت السياسات العامة بما فيها السياسات الاجتماعية تضع في محوريتها دعم حالة الترابط المجتمعي متى ما قد سعى ذلك المجتمع لمزيد من الاستقرار والتماسك الداعم للتنمية.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان